عين الذكاء الاصطناعي تلاحق المحادثات السرية.. الصين تكشف أدوات مراقبة تستهدف VPN وتليجرام

شكرا لقرائتكم خبر عن عين الذكاء الاصطناعي تلاحق المحادثات السرية.. الصين تكشف أدوات مراقبة تستهدف VPN وتليجرام والان نبدء بالتفاصيل

أبو ظبي - بواسطة نهى اسماعيل - في مشهد يُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمراقبة، اختُتم مؤخرًا المعرض الدولي الثاني عشر لمعدات الشرطة في العاصمة الصينية بكين، كاشفًا عن جيل جديد من أدوات المراقبة والتحقيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. المعرض، الذي يُعد الأضخم من نوعه في البلاد، قدّم نظرة معمّقة على كيفية استخدام الصين للتقنيات الحديثة في تعزيز القبضة الأمنية على الأفراد، وخصوصًا مستخدمي الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) وتطبيقات التراسل المشفّر مثل «تليجرام».

عين الذكاء الاصطناعي تلاحق المحادثات السرية

أحد أبرز الابتكارات المعروضة كان أداة طوّرها معهد الأبحاث الثالث التابع لوزارة الأمن العام الصينية، وتهدف لمراقبة مستخدمي تليغرام الصينيين الذين يعتمدون على أرقام هواتف محلية. الأداة، بحسب العرض الترويجي، تمكنت من تتبّع أكثر من 70 مليون حساب، و30 مليار رسالة، بالإضافة إلى مراقبة 390 ألف قناة ومجموعة عامة.

الفيديو الترويجي للأداة أظهر قدرتها على تسجيل الدخول لحسابات باستخدام أرقام صينية مخترقة، والتعرّف على نشاطات تتعلق ببيع المخدرات، أو نقاشات سياسية حساسة تخص هونغ كونغ، في تطبيق طالما مثّل ملاذًا آمنًا للمعارضين.

الذكاء الاصطناعى - صورة أرشيفية

تتبّع الـVPN.. من الخفاء إلى المراقبة

لم تقتصر قدرات الأجهزة المعروضة على تتبّع تليغرام فحسب، بل امتدت إلى كشف استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، والتي يلجأ إليها المواطنون لكسر الجدار الناري الصيني والدخول إلى الإنترنت العالمي. إحدى الشركات من مدينة نانجينغ الشرقية كشفت عن أداة قادرة على رصد الاتصالات المشبوهة المرتبطة باستخدام الـVPN، ما يجعل من الرقابة أداة استباقية تتجاوز الاكتشاف إلى التعقب.

تحليل الشخصية.. واستجواب بـ«الذكاء»

أدوات الذكاء الاصطناعي لم تُستخدم فقط في المراقبة، بل امتدت إلى تقنيات «التحليل النفسي الفوري»، حيث أعلنت شركة مقرها بكين أن منتجها قادر على إجراء اختبارات نفسية للمشتبه بهم في لحظتها، بهدف تسهيل ما سمّته بـ«الاستجواب الذكي» و«اختراق الدفاعات النفسية بسرعة». هذه النقلة في استخدام الذكاء الاصطناعي تُمهّد لتحوّل جذري في أساليب التحقيق الجنائي التقليدية.

مراقبة الشرطة.. من الخارج إلى الداخل

في مفارقة لافتة، عرضت إحدى الشركات أداة مخصصة لمراقبة استخدام رجال الشرطة أنفسهم للإنترنت. الأداة تتيح للجهات الأمنية رصد أي «نقل أو تخزين أو معالجة غير قانونية للمعلومات السرية»، بما يضمن أمن أسرار الدولة ومنع أي تسريبات محتملة من داخل المنظومة الشرطية ذاتها.

الذكاء الاصطناعي - صورة أرشيفية

نموذج «الذئب المنفرد».. الأمن قبل أن يحدث التهديد

في ضوء الهجمات الفردية التي هزت المجتمع الصيني، مثل هجوم نوفمبر 2024 في مدينة تشوهاي، سلّط المعرض الضوء على نموذج ذكاء اصطناعي قادر على رصد السلوك المتطرف الفردي. النموذج يعتمد على تحليل سجلات الشراء والبحث ومنشورات التواصل الاجتماعي لتحديد الأفراد الأكثر عرضة للانخراط في أعمال عنف. ويؤكد المعهد أن هذه التقنية جزء من استراتيجية التحذير المبكر قبل وقوع الحدث، استجابة لتوجيهات القيادة بالحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

بدون أمن سيبراني، لا يوجد أمن وطني

بينما ملأ شعار «بدون أمن سيبراني، لا يوجد أمن وطني» جدران المعرض، ظهر جليًا أن التوجه الصيني لا يقتصر على محاربة الجرائم الإلكترونية أو حماية البيانات فحسب، بل يتعداها إلى بناء بنية مراقبة وطنية شاملة. من تتبع المحادثات في تليغرام إلى تحليل مشاعر وسلوك الأفراد، تبدو الصين وكأنها تُعيد هندسة الأمن الداخلي على أسس تكنولوجية عميقة.

شركات خاصة وتكنولوجيا عملاقة في خدمة الدولة

من الملاحظ أن العديد من أدوات المراقبة تم تطويرها بالشراكة بين معاهد بحثية حكومية وشركات تكنولوجيا خاصة، منها هواوي، iFlytek، وهيكفيجن. وأشارت لوائح حكومية جديدة، دخلت حيز التنفيذ في سبتمبر 2024، إلى مكافآت تُمنح للأفراد والمؤسسات التي تساهم في ابتكار هذه الأدوات الأمنية، في خطوة تعكس شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص في صناعة المراقبة.

النهاية المفتوحة.. هل من خصوصية بعد اليوم؟

ما كشفت عنه أروقة المعرض لا يُظهر فقط الإمكانات التقنية الهائلة، بل يعيد طرح سؤال محوري: إلى أي مدى يمكن أن يتوسع نطاق المراقبة قبل أن تُفقد الخصوصية تمامًا؟ وبينما تُستخدم الذكاء الاصطناعي في خدمة الأمن، فإن الحدود بين حماية المجتمع وفرض السيطرة عليه تبدو أكثر ضبابية من أي وقت مضى.