أجمل ما قرأت: الطفل الذي حول هزيمته إلى انتصارات

كتبت: ياسمين عمرو في الخميس 21 أغسطس 2025 06:59 صباحاً - هذه المرة لم تتحير الأم كثيراً عند اختيار موضوع حكايتها لطفلها قبل النوم، فمن قبل كانت تحدد قيمة أخلاقية أو سلوكاً جيداً وتحيطه بحكاية؛ حتى يحتذي طفلها أو أطفالها فيقلدوه، وربما استقت القصة من مشاهدتها لسلوكيات غير لائقة بين أطفالها، فأرادت التنبيه والتذكير، اليوم جعلت "طارق" ابن جارتها 9 سنوات هو الحدث، العبرة التي منها يتعلم الأطفال؛ فجاءت أجمل ما قرأت: حكاية تمثل بحق "الطفل الذي حول هزيمته إلى انتصارات" وليس انتصاراً واحداً.

البداية

طفل يحب الكرة


مجموعة من الأفكار طرحتها الأم على أطفالها في شكل أسئلة -قبل قص الحكاية- وهي تقصدها: هل يعلمنا المرض شيئاً؟ وهل يمكن أن يتحول السقوط إلى نجاح، المحنة تصبح منحة وانتصار وخطوات موفقة للأمام؟! ثم بدأت حكايتها عن طارق الطفل الرياضي المحب لكرة القدم.
المنظر: في ساحة المدرسة المليئة بالهتاف، كان “طارق” يركض بالملعب بكل قوته نحو الكرة، لحظات تمتلئ بالحماس، سرعة قصوى، ثم -فجأة- سقوط مفاجئ، صرخة ألم تبعها صمت ثقيل، ولم تكن لحظة عابرة، بل كانت بداية لرحلة طويلة مع الألم، توقف فيها طارق عن كل حركة، وكان الانتظار والصمود سبيله الوحيد للتعافي والشفاء.
القصة يا أبنائي لم تكن مجرد إصابة، بل درس عميق عن كيف يمكن للطفل أن يتعلم الحفاظ على صحته الجسدية والنفسية، وكيف يمكن للأسرة أن تحول الإصابة والتوقف المفاجئ لطفلها إلى قوة؟!

إصابة طارق الطفل الرياضي

طفل مريض


إصابة طارق لم تكن مجرد كدمة أو خدش، بل كانت صدمة لطفل أصبحت رياضته جزءاً من شخصيته، وفجأة توقف كل شيء؛ الركض، المباريات، التمتع بلحظات الانتصار الصغيرة التي كان يعيشها ويسعد بتحقيقها، للعلم يا صغاري ما حدث لطارق لم يكن غريباً؛ هناك ما يقارب ثلاثة من كل عشرة أطفال رياضيين، يتعرضون لإصابات توقفهم مؤقتاً عن ممارسة نشاطهم.
ما يهم: كان السقوط بالنسبة لطارق نتيجته قاسية؛ المدرسة لم تعُد ممتعة، الحصص أصبحت مؤلمة نفسياً، زملاؤه يركضون أمامه بينما يجلس هو على الهامش! لم يكن الألم الجسدي هو العائق الوحيد؛ انما الانقطاع المفاجئ عن قد ترك أثراً نفسياً عميقاً في طارق؛ فبدأ يشعر بالعزلة والحزن، بل فقد الحماس تجاه المدرسة والدراسة.
كان يذهب للمدرسة فقط وقت المباريات؛ ليراقبها من بعيد، وقلبه يشتعل شوقاً للاشتراك بها، لم يكن يبكي أمام الآخرين، لكنه كان يسأل نفسه في صمت: هل سأعود يوماً كما كنت؟ وسط هذا الظلام، كانت أم طارق هي النور هي القلب الداعم؛ لم تتركه يغرق في حزنه، بل مدت له يداً ثابتةراغبة بشدة في تقديم العطاء، كانت تهمس له: أنت أقوى من إصابتك، ستعود، ستعود، لا تيأس.
كانت تشاركه ألعاباً مرتبطة بالرياضة في المنزل؛ ليشعر أنه ما زال لاعباً، شجعته على حضور تدريبات فريقه، وكانت تلازمه حتى لو لم يستطع المشاركة، حقيقة لقد قدمت أم طارق لولدها دعماً عاطفياً خلال إصابته، ولم يكن الدعم مجرد كلمات، بل كان علاجاً حقيقياً وفرصة للتعافي بشكل أسرع.

تجربتي في إقناع طفلي بممارسة الرياضة والنشاط هل تودين التعرف إليها؟

عودة تدريجية نحو الشفاء

الأب وابنه يشجعان من المدرجات


لقد عرفت الأم بغريزتها الطيبة الحانية؛ أن السر ليس في استعجال العودة، بل في تقسيم الطريق إلى خطوات صغيرة حتى الوصول للهدف؛ أول يوم كان إنجازاً حين حاول تحريك قدمه المصابة، والأسبوع الأول كان تحدياً حين سار بضع خطوات من دون مساعدة.
في الشهر الأول كان الانتصار حين عاد فعلياً إلى مقاعد الدراسة، وبعد أشهر، جاء اليوم المنتظر: أول تمرين خفيف مع الفريق، كل خطوة صغيرة كانت بطولة بالنسبة لطارق وأم طارق الداعمة بشدة لولدها. هذا الأسلوب جعل رحلته أقل قسوة، وأكثر أملاً؛ فالأهداف الصغيرة هي الطريق الأكبر لأي تعافٍ ناجح.

الانتماء طوق نجاة لم ينكسر

وتستكمل أم طارق الحكاية فتقول: على الرغم من ابتعاده عن اللعب، لم يشعر طارق يوماً أنه خارج الفريق، كان -قبل التعافي الكامل- يجلس بجانب المدرب، يشارك في النقاشات ويصفق لأصدقائه، هذا الانتماء كان طوق النجاة الذي أبقاه متماسكاً.
الطفل يا صغاري الذي يشعر أنه ما زال جزءاً من المجموعة يحافظ على ثقته بنفسه، حتى لو لم يشارك معهم بدنياً، وهذا ما أبقى طارق لاعباً حتى في فترة توقفه.

طارق بعد العودة

أطفال يستعدون للعب كرة القدم


حين عاد طارق إلى الملعب، لم يكن الطفل نفسه؛ نعم لقد استعاد لياقته، لكنه استعاد معها شيئاً أثمن وهو: النضج النفسي؛ صار يتعاطف مع زملاء الذين أُصيبوا بعده، بدأ يشجع الآخرين ويمنحهم الأمل، أصبح يرددها بصوت مسموع: الإصابة لم تكسرني، بل جعلتني أرى الرياضة بمعنى أوسع.
وأقولها لكم: المحنة التي مررتُ بها، ولَّدت داخلي قوة جديدة، القوة يا أصدقائي لا تأتي من العضلات فقط، بل من التجربة والمرونة.
في الختام وصية وسلام:

  • قصة طارق ليست مجرد حكاية طفل تعرض لإصابة رياضية، إنها درس في كيف يمكن للمحنة أن تتحول إلى منحة.
  • كلمات الآباء والأمهات وكل قريب محب قد تكون الدواء الأقوى، والتوقف ليس نهاية، بل بداية جديدة، وفرصة لرؤية النفس والعالم من زاوية أكثر قوة.
  • الرياضة ليست مجرد لعب وفوز، بل رحلة تعلمنا أن السقوط جزء من اللعبة، والعودة بعده هي أعظم انتصار.

العبرة المستفادة من القصة

  1. قصة طارق تحمل رسائل واضحة لكل أسرة ولكل شاب أو شابة يمرون بتجربة مشابهة،سقوط ونجاح غير متوقع.
  2. الدعم النفسي هو أساس الشفاء، الإصابات لا تعالج بالأدوية وحدها، بل بالكلمة الطيبة والصبر.
  3. الأسرة هي الدعم وخط الدفاع الأول؛ حضور الأم أو الأب في حياة الطفل في أثناء المرض يضاعف فرص التعافي ويسرعها.
  4. قسم الطريق -الهدف- إلى خطوات صغيرة، ولا تستعجل العودة؛ فكل خطوة صغيرة هي نصر.
  5. حافظ على خيوط الانتماء إلى ما تحبه، الطفل يحتاج أن يشعر أنه ما زال جزءاً من فريقه أو مدرسته.
  6. المرونة أكبر هدية، والأزمات والمحن والسقوط، تصنع أطفالاً أكثر قوة وإصراراً على المضي في طريق النجاح.

أخبار متعلقة :