هل يبدأ طفلي بتعلُم لغة جديدة مبكراً أم أن ذلك يضعف لغته الأم العربية؟


كتبت: ياسمين عمرو في الأحد 21 سبتمبر 2025 09:58 صباحاً - السؤال يقلق الأمهات والآباء ويتردد في بيوت كثيرة في عالمنا العربي، فما بين تعلم لغة أجنبية في سن مبكرة، فتصبح اللغتان نافذة أوسع على العالم، وبين الخوف من الربكة وضعف اللغة العربية الأم، تختلف الآراء.
نعم الخليج 365، بين الحماس لفوائد التعدد اللغوي والخوف من ضياع العربية، يقف الكثير من الآباء في قلق وحيرة، لكن الأكيد لم تعد اللغة الثانية ترفاً، بل أصبحت جزءاً من مستقبل أبنائنا في عصرنا المفتوح على كل الثقافات.
هنا يؤكد الدكتور عاصم محيي الدين رئيس قسم اللغات أن اللغة الثانية في سن مبكرة تشبه نافذة إضافية، تمنح الطفل منظراً أوسع على العالم، لكنها لا تلغي النافذة الأصلية التي هي لغته الأم، والتحدي الحقيقي هو أن نحافظ على هويتنا العربية، وفي الوقت نفسه نمنح أبناءنا الأدوات التي يحتاجونها ليصنعوا مستقبلاً أكثر إشراقاً لهم.

أفكار تهمك

أم تدعم طفلتها في عمل الواجب المدرسي
  • القدرة على التحدث بأكثر من لغة واحدة ميزة يتطلع إليها العديد من الأشخاص، خاصة وأن التحدث بلغتين أو أكثر قد يمنحهم مزايا اجتماعية واقتصادية وفكرية.
  • في عالم أصبح التنوع والتقارب الثقافي فيه أكثر أهمية من أي وقت مضى، لذلك يسعى الكثير من الأهالي إلى اعتماد طرق عديدة لتعليم أطفالهم أكثر من لغة منذ سن مبكرة.
  • الثنائية اللغوية تعني قدرة الطفل على استخدام لغتين في سياقات لغوية متعددة وبشكل دوري، والعملية معقدة حتى يصل الطفل لمرحلة القدرة على التحدث بلغتين بشكل سليم، حيث يمر الطفل بالعديد من المراحل.
  • الأطفال الصغار يمكنهم بالفعل اكتساب لغتين في وقت واحد، والدليل على ذلك أن العديد من الأطفال ينشأون في مجتمعات يعد فيها التحدث بلغتين هو الأمر الطبيعي والسائد.
  • ولكن هناك عوامل تؤثر على نمو اللغتين والتي من شأنها أن تساهم في مدى تمّكن الأطفال من اللغة، ومنها كم وجودة اللغة التي يتعرض لها الطفل بالإضافة إلى استخدامه لها.
  • ومعدل نمو اللغة يتأثر بعدد المرات التي يتحدث فيها المعلم إلى الأطفال وعدد الأقوال أو عدد الكلمات التي يستخدمها عند الحديث معهم، بجانب التنوع في المفردات وتراكيب الجمل.

ماذا تضيف اللغة الثانية للطفل؟

التركيز يزداد مع تعلم الطفل اللغة جديدة


عقول أكثر مرونة وذكاء:
الأطفال الذين يتعرضون للغات متعددة منذ سنواتهم الأولى، يكتسبون قدرة أعلى على التركيز وحل المشكلات، فالدماغ في هذه المرحلة العمرية يتمتع بمرونة مذهلة، تسمح له بامتصاص الأصوات الجديدة بسهولة.
كما تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الأطفال الذين يتعلمون لغة ثانية قبل سن العاشرة، هم أكثر عرضة للتمكن الكامل منها، وبمعدل يقارب الضعف مقارنة بمن يبدأون لاحقاً، وهذا يعني أن السنوات الذهبية من عمر الطفل يمكن أن تصنع فارقاً كبيراً.
جواز سفر نحو المستقبل:
اللغة الأجنبية ليست مجرد كلمات جديدة، بل هي مفتاح إلى فرص أوسع، في منطقتنا العربية، ما زالت الجامعات المرموقة، والبعثات الدراسية، وحتى الكثير من الوظائف، تشترط إتقان الإنجليزية أو الفرنسية.
حين يبدأ الطفل مبكراً، فإن رحلته التعليمية تصبح أسهل، وتزداد ثقته بنفسه كلما تقدم في سنوات الدراسة، بل إن بعض الأمهات يلاحظن أن أبناءهن يبدون أكثر شجاعة في طرح الأسئلة، والتعبير عن أفكارهم حين يملكون وسيلة تواصل إضافية.

هل العربية في خطر؟

من أكثر المخاوف شيوعاً لدى الأهل أن اللغة الأجنبية قد تضعف العربية، والحقيقة أن هذا القلق مشروع؛ فالطفل الصغير قد يخلط بين المفردات، أو يستخدم كلمات أجنبية في حديثه اليومي، لكن الدراسات تشير إلى أن هذه الظاهرة مؤقتة، وأن الطفل الذي يتلقى دعماً قوياً في لغته الأم يستعيد توازنه سريعاً.
والحل يكمن في التوازن؛ بقراءة قصص عربية في البيت، تشجيع الأبناء على كتابة يوميات قصيرة بالعربية، ومناقشة مواضيع حياتية بلغة واضحة وسهلة، بهذه الطريقة تبقى اللغة العربية قوية، بينما يزدهر تعلم اللغة الثانية جنباً إلى جنب.

معرض ثمانية وعشرون يحتفي بأحرف اللغة العربية تعرفي إلى التفاصيل بالتقرير.

فجوة بين المدارس

طلبة وطالبات ينصتون باهتمام للدرس


ليست كل المدارس في العالم العربي تقدم فرصاً متساوية لتعلم اللغات، في بعض المدن والمدارس الخاصة، يبدأ الأطفال الإنجليزية أو الفرنسية منذ رياض الأطفال، بينما في المناطق الأقل حظاً، قد يقتصر الأمر على حصص متواضعة أو معلمين غير مدرَّبين جيداً.
هذه الفجوة تجعل أبناء بعض الأسر أكثر استعداداً للمستقبل، بينما يظل الآخرون في موقع أضعف، وهنا تبرز أهمية دور الأهل؛ فحتى لو لم تكن المدرسة قوية في تعليم اللغة، يمكن للأسرة أن تدعم الطفل من خلال القصص المصورة، البرامج التعليمية البسيطة، أو حتى التفاعل عبر ألعاب لغوية.

البنات واللغة خطوة نحو التمكين

أم تعلم طفلتها الحروف الإنجليزية
  • اللغة الأجنبية تصبح أكثر من مجرد مهارة، بل وسيلة تمكين، حالة سفر الفتيات لاستكمال الدراسة في الخارج.
  • إتقان الإنجليزية أو الفرنسية يفتح للبنات أبواب التعلم عن بُعد، والتواصل مع ثقافات جديدة، والاطّلاع إلى مصادر معرفية واسعة.
  • اللغة الثانية تمنح الفتيات ثقة أكبر بأنفسهن، ويجعل أصواتهن مسموعة في مساحات قد تكون مغلقة لولا هذه الأداة، اللغة الثانية.
  • وليس غريباً أن نسمع من أمهات أن بناتهن اللواتي تعلمن لغة ثانية، أصبحن أكثر جرأة في الحلم بمستقبل مختلف.

نصائح عملية للأهل

طفل يتعلم لغة ثانية على الجهاز اللوحي


إليكم بعض الأفكار البسيطة التي تساعد على جعل تجربة تعلم اللغة الثانية رحلة ممتعة وآمنة:
الأمر يحتاج إلى صبر وتدرج: وأن الهدف ليس تخريج طفل يتحدث بطلاقة في سنواته الأولى فقط، بل بناء أساس متين ينمو مع الزمن، المهم أن تكون التجربة ممتعة، خالية من الضغط الزائد، ومبنية على التشجيع المستمر.
ابدأوا بالقصص والأغاني: الأطفال يتعلمون بسرعة عبر الحكايات والألحان، خصصوا وقتاً أسبوعياً لقراءة قصة بلغة أجنبية أو سماع أغنية قصيرة.
حافظوا على العربية قوية: اجعلوا العربية لغة الحوار اليومي في البيت، واللغة الأساسية للقراءة والكتابة.
حوّلوا التعلم إلى لعبة: استخدموا تطبيقات أو بطاقات ملونة، وتجنبوا أسلوب "الحفظ القسري" الذي قد ينفر الطفل.
كونوا أنتم القدوة: أظهروا اهتمامكم بتعلم كلمات جديدة مع أبنائكم، فذلك يشجعهم على الاستمرار.
لا تركزوا على الكمال: الهدف ليس أن يتحدث الطفل بلا أخطاء منذ البداية، بل أن يكتسب الجرأة للتجربة والمحاولة.

أخبار متعلقة :