اليابان | استقالة رئيس الوزراء الياباني تفتح السباق على الزعامة.. من هو المرشح الأبرز؟

يرى العديد من المحللين السياسيين أن رئيس الوزراء إيشيبا شيغيرو رسّخ نهجًا غير مسبوق داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي، من خلال تشبثه بالبقاء في منصبه رغم سلسلة الهزائم الانتخابية التي مُني بها الحزب. ومع ذلك، وكما جرت العادة في المشهد السياسي الياباني حيث لا يصح إلا الصحيح، وجد إيشيبا نفسه مضطرًا في النهاية إلى إعلان الاستقالة حفاظًا على وحدة الحزب ومنعًا لأي انقسام داخلي. ويبقى السؤال المطروح الآن: من هو المرشح الأوفر حظًا لقيادة الحزب وخلافته في رئاسة الحكومة؟

استقالة متأخرة

في السابع من سبتمبر/أيلول، أعلن رئيس الوزراء إيشيبا شيغيرو استقالته، قبيل صدور نتائج مداولات أعضاء حزبه الليبرالي الديمقراطي الحاكم بشأن ما إذا كان ينبغي إجراء انتخابات مبكرة لاختيار زعيم جديد. ومع تأييد أغلبية نواب الحزب الليبرالي الديمقراطي وفروعه في المحافظات لإجراء انتخابات مبكرة، أدرك أنه إما أن يتنحّى طوعًا أو سيتم إبعاده. فبتمسكه بمنصبه بعد هزيمة في انتخابات مجلس المستشارين في يوليو/تموز، وبعد أداء ضعيف مماثل في انتخابات مجلس النواب في أكتوبر/تشرين الأول 2024، خالف إيشيبا التفكير التقليدي السائد في الحزب الليبرالي الديمقراطي، كاشفًا عن التوترات التي نشأت تحت قيادة رجل قضى جزءًا كبيرًا من مسيرته على هامش الحزب كقوة معارضة داخلية. يصادف هذا العام الذكرى السبعين لتأسيس الحزب الليبرالي الديمقراطي في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1955. وقد كان هاتوياما إيتشيرو أول رئيس له، بينما يُعتبر إيشيبا الرئيس الثامن والعشرين، مع احتساب شينزو آبي مرتين عن فترتين منفصلتين قضاهما في قيادة الحزب.

من النادر أن يتنحى قادة الحزب الليبرالي الديمقراطي طواعيةً عند انتهاء فتراتهم، كما حدث مع ناكاسوني ياسوهيرو وكويزومي جونئيتشيرو. فغالبية القادة يتركون مناصبهم على مضض وتحت ظروف متنوعة، مثل الأسباب الصحية كما في حالة شينزو آبي، أو بعد فضيحة ما مثل تاناكا كاكويه، أو من خلال الانسحاب من منافسة مقررة على القيادة قبل إجرائها مثل كيشيدا فوميئو. ويُعد إيشيبا واحدًا من هؤلاء الذين اضطروا إلى التنحي على غير رغبته.

هزائم سياسية متكررة

كان هناك 49 يومًا بين خسارة تحالف الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب كوميتو أغلبيته في انتخابات مجلس الشيوخ في 20 يوليو/تموز واستقالة إيشيبا في النهاية في 7 سبتمبر/أيلول. وكان التحالف قد فقد أغلبيته في مجلس النواب في أكتوبر/تشرين الأول، بعد وقت قصير من توليه رئاسة الحزب. وعلى الرغم من هذه النكسات المتتالية، أظهر إيشيبا قدرًا غير معتاد من المثابرة، مقارنةً بالمعايير المعتادة للحزب الليبرالي الديمقراطي، في تمسّكه بمنصبه.

طوال تاريخ الحزب، لم يكن هناك زعيم لم يستقل بعد الهزائم في الانتخابات الوطنية لا سيما إذا كانت تلك الهزائم تشمل خسائر كبيرة في المقاعد. فقد تنحى ميكي تاكيو عن منصبه في عام 1976 بعد أن فقد الحزب الليبرالي الديمقراطي أغلبيته في مجلس النواب لأول مرة، واستقال ميازاوا كييتشي في عام 1993 بعد هزيمة مهدت الطريق أمام ائتلاف من ثمانية أحزاب بقيادة هوسوكاوا موريهيرو لإزاحة الحزب الليبرالي الديمقراطي من السلطة لأول مرة منذ 38 عامًا. كما استقال آسو تارو أيضًا بعد هزيمة تاريخية في مجلس النواب في عام 2009 أدت إلى قيام الحزب الديمقراطي الياباني بتشكيل حكومة. حتى مع وجود أغلبية في مجلس النواب، كان للهزائم الساحقة في مجلس الشيوخ نفس التأثير. كذلك، غادر أونو سوسوكي الحزب عندما حقق الحزب الاشتراكي الياباني مكاسب كبيرة عام 1989، بينما سقط هاشيموتو ريوتارو بعد نتيجة مخيبة للآمال عام 1998. ورغم أن آبي شينزو بذل قصارى جهده للتمسك بالحكم بعد خسارته السيطرة على مجلس الشيوخ عام 2007، إلا أنه استسلم في النهاية بعد شهر ونصف.

داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي، بات من القواعد غير المكتوبة أن يتنحى القادة طواعيةً لتحمل مسؤولية الهزائم الانتخابية، أو بالأحرى أصبحت ثقافة حزبية تقريبًا.

تنص مقدمة ميثاق حكم الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي صيغ في مايو/أيار 2022، على أن الحكم داخل الأحزاب السياسية يقوم أساسًا على حكم المواطنين من خلال الانتخابات. ومن البديهي أن يُفهم هذا على أنه بيان يشير إلى أن القادة لا خيار أمامهم سوى الاستقالة إذا أدى حكم قاسٍ في صناديق الاقتراع إلى فقدانهم سلطتهم. ويهيمن على الحزب الليبرالي الديمقراطي فكرة أن القادة يكتسبون الشرعية من خلال نتائج انتخاباتهم، لذا كان من البديهي أن الرئيس الذي يحصل على تأييد ضعيف من الناخبين سيواجه صعوبة في الحكم، ولهذا السبب - باستثناء آبي - يختار الكثيرون الاستقالة فورًا، رغم أن ذلك غالبًا ما يكون بعد إقناع من المستشارين.

قال لي أحد رؤساء الوزراء السابقين: ” حتى لو لم تكن المسؤولية على عاتق الشخص، فإن تحمل المسؤولية الكاملة من خلال الاستقالة يحيي الحزب من جديد. وهذا هو معنى أن يُكنّ رئيس الحزب الفخر والحب للحزب الليبرالي الديمقراطي“.

اعتماد مفرط على الدعم الشعبي

لكن إيشيبا لم يلتزم بهذه الطريقة في التفكير، واستمرت الفوضى حتى أجبرته الحركة المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة لاختيار زعيم جديد على ذلك.

في مؤتمر صحفي عُقد في 21 يوليو/تموز، أي في اليوم التالي لتصويت مجلس المستشارين، أعلن إيشيبا عن نيته البقاء رئيسًا للوزراء، مُشيرًا إلى أن على الحزب الأكبر الوفاء بمسؤولياته تجاه الأمة والشعب لتجنب الركود السياسي. ونظرًا لأنها كانت المرة الأولى التي يحكم فيها الحزب الليبرالي الديمقراطي وهو يتمتع بأقلية في كلا المجلسين، فقد عمّت حالة من الدهشة داخل الحزب لعدم ذكر إيشيبا أي نية للاستقالة. وتساءل رئيس أحد الفصائل السابقة عما إذا كان ينتظر التوقيت المناسب، في ظل مفاوضات التعريفات الجمركية مع الولايات المتحدة وجدول أعمال دبلوماسي مزدحم، ولكن حتى في اجتماع له مع ثلاثة رؤساء وزراء سابقين في 23 يوليو/تموز، لم يكن هناك أي حديث عن التنحي.

هنا نشأت حركة للإطاحة بإيشيبا. لكن حقيقة أنها كانت بقيادة أعضاء من فصيلي آبي وموتيجي السابقين، اللذين تعرضا كلاهما لانتقادات بسبب فضيحة الرشاوى في الحزب، لابد أن تكون أشعلت روح القتال لدى إيشبا. فقد رأى أن فصيل آبي هو الأكثر مسؤولية عن الهزائم الانتخابية وبالتالي رفض الخضوع لضغوطهم.

ومما شجعه على البقاء في منصبه، المظاهرات التي دعته إلى عدم الاستقالة وغيرها من الرسائل الداعمة، فضلاً عن نسبة التأييد المتزايدة لحكومته في استطلاعات الرأي مع مرور الأيام والتي تشير إلى أن عدد الذين يريدون استمراره في منصبه يفوق عدد الذين لا يريدون ذلك. كان إيشيبا يحتل بانتظام مراكز متقدمة في الاستطلاعات العامة حول من ينبغي أن يكون رئيس الوزراء المقبل، وقد استخدم هذا الدعم الشعبي ليعوّض به عن ضعف قاعدته داخل المؤسسة السياسية، فكان هذا عاملًا دفعه للتشبث بالسلطة.

بالإضافة إلى ذلك، كان يفتخر أيضًا بتمرير الميزانية والتشريعات الإضافية خلال الدورة العادية للبرلمان، على الرغم من قيادته لحكومة أقلية. وقد لوحظ بين كبار المسؤولين الأربعة في الحزب أن حالة عدم اليقين التي ستسيطر على الحزب الليبرالي الديمقراطي بعد رحيل إيشيبا، وغياب إطار حكم جديد، كانت عوامل شجعت رئيس الوزراء على الاستمرار في طريقه.

ومع ذلك، في سبتمبر/أيلول، قدّم الأمين العام للحزب الليبرالي الديمقراطي، مورياما هيروشي، أحد ركائز الإدارة، إلى جانب ثلاثة من كبار المسؤولين الآخرين في الحزب استقالاتهم عقب تقييم داخلي لنتائج انتخابات يوليو/تموز. تُرك القرار بشأن قبول استقالاتهم لإيشيبا، وبينما تردد في اتخاذ القرار، توقفت وظائف الحزب التنفيذية تمامًا.

أما في أواخر أغسطس/آب، وبينما كان العديد من أعضاء الحزب الليبرالي الديمقراطي يطالبون بتسريع اختيار الزعيم القادم للحزب، أثارت التصريحات القوية من إيشيبا وأنصاره بأن هذا الأمر سيتم عبر مسابقة كتابية تُنشر فيها كل الأصوات علنًا، ردود فعل عنيفة. وتفاقم الوضع أكثر عندما انتشرت الأنباء بأن إيشيبا يعتزم حل مجلس النواب لطلب تفويض شعبي إذا تقرر إجراء انتخابات مبكرة. في النهاية، أدت محاولة رئيس الوزراء وقف الحركة بالقوة إلى نتائج عكسية، مما مهد لنهاية ولايته.

لنا في التاريخ عبرة

لم يكن من الممكن أبدًا أن يتمكن إيشيبا من الاستمرار في منصبه. فما هو إذًا، السياق أو الخلفية وراء هذا الوضع الاستثنائي الذي أدى إلى انقسام أعضاء الحزب حول مسألة الإطاحة برئيسهم؟

يُقال إن إيشيبا، الذي ترك الحزب الليبرالي الديمقراطي لفترة في التسعينيات، ليس من أشد المتحمسين لتقاليد حزبه، ويتميز بتردده في اتخاذ القرارات. وبغض النظر عن ذلك، ربما كانت السنوات الطويلة التي قضاها في عزلة سياسية حتى بعد عودته إلى الحزب، أثناء سيطرة آبي على الحكومة، عاملًا محفزًا.

إذ أنه لا يوجد سياسي أكثر تمسكًا بالسلطة من ذلك الذي ظل بعيدًا عنها لفترة. وإذا نظرنا إلى تاريخ الحزب الليبرالي الديمقراطي، سنجد أوجه شبه مع الوضع الحالي في الطريقة التي تصرّف بها ميكي تاكيو عندما واجه دعوات للتنحي في عام 1976، بعد أن صعد إلى رئاسة الوزراء من فصيل صغير في ظل فراغ في السلطة أعقب سقوط تاناكا كاكويه بسبب فضيحة لوكهيد. وقد نال ميكي دعمًا شعبيًا كبيرًا بسبب تركيزه على التحقيق في الفضيحة، واستمر في هذا المسعى رغم محاولات من فصائل أخرى داخل الحزب للإطاحة بحكومته.

كويزومي شينجيرو الأوفر حظاً

بعد تقديم إيشيبا استقالته، يتجه الحزب الليبرالي الديمقراطي الآن نحو خوض سباقه القادم على قيادة الحزب. ويبدو أن كويزومي شينجيرو، الذي حلّ ثالثًا في انتخابات رئاسة الحزب العام الماضي ويشغل حاليًا منصب وزير الزراعة، هو المرشح الأبرز لخلافته. ففي مساء 6 سبتمبر/أيلول، زار كويزومي رئيس الوزراء إيشيبا في مقر رئاسة الوزراء برفقة نائب رئيس الحزب سوغا يوشيهيدي، حيث حثّاه على إعلان استقالته قبل الموعد النهائي للانتخابات المبكرة في 8 سبتمبر/ أيلول، لتفادي حدوث انقسام داخل الحزب.

وبالإضافة إلى شعبيته، تكمن قوة كويزومي في قدرته على تشكيل فريق شاب، وربما يتمكن من التعاون مع حزب استعادة اليابان لتحقيق الأهداف التشريعية للحزب الليبرالي الديمقراطي.

أما تاكائيتشي ساناي، التي فازت بالجولة الأولى من انتخابات رئاسة الحزب العام الماضي قبل أن تخسر في الجولة الثانية أمام إيشيبا، فقد أعربت أيضًا عن اهتمامها بالترشح. ومع ذلك، فقد خسر العديد من أعضاء البرلمان العشرين الذين رشحوها سابقًا – وهو الحد الأدنى المطلوب لتقديم الترشيح – مقاعدهم في الانتخابات الأخيرة في كلا المجلسين. وبالتالي، ستكون مهمتها الأولى تأمين 20 مؤيدًا لترشيحها.

كما يُنظر إلى أمين عام مجلس الوزراء هاياشي يوشيماسا (الذي جاء في المركز الرابع عام 2024) كخيار يوفّر الاستقرار السياسي، لكنه يفتقر إلى الجاذبية المتجددة. كما يخطط زعيم الفصيل السابق موتيجي توشيميتسو للترشح مجددًا، في حين من المتوقع أن يعلن كوباياشي تاكايوكي ترشحه بدعم من مشرعين شباب.

من الضروري أن يختار الحزب الليبرالي الديمقراطي قائدًا جديدًا في أسرع وقت ممكن، لتحقيق الاستقرار السياسي، وإرساء إطار عمل جديد لتعزيز السياسات التي تحتاجها الأمة. وبدون ذلك، لا تتوقع اليابان سوى مزيد من التراجع في وضعها الاقتصادي.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2025، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان الرئيسي: رئيس الوزراء إيشيبا شيغيرو في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه استقالته في طوكيو في 7 سبتمبر/ أيلول 2025، © كيودو نيوز)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | استقالة رئيس الوزراء الياباني تفتح السباق على الزعامة.. من هو المرشح الأبرز؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :