القاهرة - سمر حسين - صحة
في الآونة الأخيرة، لاحظ الأطباء تزايد حالات ظهور ما يُعرف طبيًا بـ«وجه الكورتيزول» أو «وجه القمر»، وهما مصطلحان يُستخدمان لوصف تغيّرات شكلية واضحة في الوجه ترتبط بارتفاع هرمون الكورتيزول في الجسم، وعلى الرغم من أن البعض قد يراها مجرد أعراض شكلية، فإنها في الحقيقة تنذر بوجود اختلالات هرمونية عميقة تستدعي التشخيص السريع والعلاج المنظم لتفادي مضاعفات صحية خطيرة.
الوجه لا يكذب.. لكنه يُنذر
وفي هذا السياق، قال الدكتور حسام عبدالغني، استشاري الغدد الصماء، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إن «وجه الكورتيزول» أو ما يُعرف بـ«وجه القمر» ليس مجرد تغيّر شكلي، بل هو إنذار مبكر من الجسم يشير إلى خلل في هرمون الكورتيزول، الذي تُفرزه الغدة الكظرية، فالإفراط في إفرازه أو تناوله خارجيًا يؤدي إلى تراكم الدهون في الوجه وانتفاخه بشكل ملحوظ، مع احمرار في الخدين واستدارة غير طبيعية في الملامح.
حين يتحول الدواء إلى وسيلة تجميل
وحذّر «عبدالغني» من لجوء بعض الشباب والنساء إلى تعاطي الكورتيزون بجرعات غير طبية لتسمين الوجه أو زيادة الوزن لأغراض تجميلية، قائلًا: للأسف، هناك فئة من الناس تستخدم أدوية الكورتيزون، سواء على شكل أقراص أو حقن، بهدف التجميل السريع، دون إدراك للعواقب الوخيمة التي قد تطال الجسم بالكامل، بداية من ارتفاع ضغط الدم، مرورًا بضعف العضلات، وصولًا إلى هشاشة العظام واضطراب وظائف الغدة الكظرية.
«وجه القمر» عرض وليس تشخيصا
وأوضح أن «وجه القمر» هو أحد أبرز أعراض متلازمة كوشينج، وهي حالة مرضية تحدث بسبب فرط إفراز الكورتيزول أو نتيجة لتناول الكورتيزون لفترات طويلة، وتشمل أعراضها:
- سمنة غير متناسقة تتركز في الوجه والبطن
- ضعف شديد في الأطراف
- كدمات تظهر بسهولة على الجلد
- ارتفاع ضغط الدم وسكر الدم
- اضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء
- تقلبات مزاجية واكتئاب
- ترقق الجلد وتأخر شفاء الجروح
ويضيف أنه قد لا يربط الشخص بين الشكل الخارجي وهذه الأعراض، لكن الطبيب يدرك أن الوجه المنتفخ والجلد الرقيق دليل على خلل هرموني داخلي خطير.
تشخيص دقيق يبدأ بالتحاليل
أشار عبدالغني إلى أن التشخيص يتم عبر اختبارات دم وبول لقياس مستوى الكورتيزول خلال 24 ساعة، بالإضافة إلى اختبار كبت الديكساميثازون، وفي بعض الحالات، تُستخدم أشعة الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية لتحديد مصدر الاضطراب، سواء كان من الغدة الكظرية أو الغدة النخامية.
العلاج يبدأ من الجذور
وبحسب استشاري الغدد الصماء، يعتمد العلاج، على نوع السبب:
- إذا كان السبب دوائيًا: يتم تقليل جرعة الكورتيزون تدريجيًا تحت إشراف طبي، حتى يتمكن الجسم من استعادة توازنه الطبيعي
- إذا كان السبب ورمًا: فيتم إزالته جراحيًا أو علاجه بالأشعة أو بالأدوية المثبطة لإفراز الكورتيزول
- وحذر من التوقف المفاجئ عن تناول الكورتيزون، فالتوقف المفاجئ عن الكورتيزون قد يسبب فشلًا حادًا في الغدة الكظرية، ما قد يؤدي إلى انخفاض شديد في ضغط الدم ومضاعفات خطيرة على الحياة
كيف نحمي أنفسنا؟
قدم عبدالغني نصائح وقائية مهمة:
- لا تتناول أي دواء يحتوي على الكورتيزون إلا بوصفة طبية
- راقب أي تغيرات في شكل وجهك أو زيادة غير مبررة في الوزن
- اطلب استشارة الطبيب فورًا إذا لاحظت أعراضًا غير معتادة
- تجنب الخضوع لنصائح العيادات غير المرخصة أو "الترندات" التجميلية على الإنترنت