عاجل .. «التعليم مالوش سن».. أب وابنته يلتحقان بنفس الكلية رغم فارق العمر

القاهرة - سمر حسين - علاقات و مجتمع

بعد أن تخرج من كلية التجارة بجامعة المنصورة بتقدير عام جيد جدًّا، وحصل على المرتبة الثانية في شعبة الاقتصاد التي كان الجميع يهرب منها لصعوبتها، إلا أن خالد أبو ليلة، ابن محافظة الدقهلية، كان متحديًا الصعاب منذ صغره، محبًا للمغامرات، لاغيًا من قاموس حياته كلمة مستحيل، ليعمل بعدها باحثًا داخل الجامعة لتفوقه، لكن كان طموحه أكبر وشغفه لم ينته، سافر إلى العديد من الدول خارج مصر ليكتسب خبرات أكثر.

وعاد خالد إلى أرض الوطن ليربي أطفاله الصغار بعد وفاة والدتهم وشريكة عمره بعد صراع طويل مع المرض، وبدأ مرحلة جديدة في حياته، لم يسمح للحزن أن يتسلل داخل منزلهم الصغير، صار أبًا وأمًا وصديقًا لأولاده، كان يذهب إلى عمله في الصباح الباكر، منتظرًا عودة أطفاله من المدرسة ليقوم بتحضير وطهي الطعام، وبعد الانتهاء من وجبة الغداء، كان يبدأ في سؤالهم عن أحوالهم في الدراسة، وكيف مضى يومهم، ومراجعة المواد الدراسية، ظل الأب ملتزمًا وصبورًا في تربية أبنائه، لتمر السنوات ويكبر الأطفال حتى اعتمدوا على أنفسهم، وكلٌّ منهم التحق بكليته، يقول خالد لـ«الوطن» في تصريحات خاصة.

بينما كان خالد منغمسًا في عمله، متلذذًا بفنجان من القهوة، وبسبب طبيعة وظيفته الرقابية التي تحتاج إلى تطبيق القانون، خطر على باله أن يلتحق برفقة ابنته الصغيرة رنيم بكلية الحقوق بجامعة المنصورة، قائلًا: «أنا بنتي هتدخل حقوق، إيه المانع أدخل معاها ونذاكر سوا، وأنا بحاجة لدراسة القانون بشكل تفصيلي وواسع، ومنها أنفع ابنتي وأشجعها على المذاكرة عشان تجيب تقدير»، وبالفعل، تقدم الأب بأوراقه، وتم قبوله كطالب في الكلية.

بجانب عمله، كان الأب يذاكر مع ابنته وزميلته بنفس الوقت، وسهر الليالي ليثبت بأن النجاح ليس عاديًا، وأن الإصرار والعزيمة لا يعرفان عمرًا أو ظروفًا، لتمر السنوات، وينجح الأب والابنة بتقدير عام جيد جدًّا، ويصبحان في السنة الرابعة، على بعد خطوات بسيطة من التخرج.

«فخورة بيك يا بابا، وأنت أحلى أب في الدنيا».. هكذا بدأت ابنته رنيم خالد كلماتها لـ«الوطن»، وعيناها تمتلئان بالفخر والإعجاب، أشعر بسعادة كبيرة لا توصف، ووالدي يرافقني إلى الجامعة، وندخل سويًّا اللجنة لأداء الامتحان، وخاصةً أنه زميلي الآن في المنزل؛ كلٌّ يذاكر في غرفته الخاصة، وعندما أجد صعوبة ما، ألجأ إليه كي يشرح لي النقطة غير المفهومة، وتشتد المنافسة بيني وبين والدي: مين هيجيب تقدير أكبر؟ وباقي على الحلو تكتير، ونتخرج إحنا الاثنين سوا في نفس السنة.

                         

يخرج خالد من الامتحان منتظرًا ابنته، داعيًا لها بالتوفيق، ويستقبلها بالأحضان، ويبدآن بالمراجعة سويًّا، ويطمئن بعضهما الآخر، وكأنهما زملاء وليس أبٌّ مع ابنته، يسألها كيف كان الامتحان، وتبادله ابنته ذات السؤال بعد الإجابة على سؤال والدها، فيصبحان حديث الجامعة بكل فخر وقدوة ملهمة للشباب وكبار السن، وأن التعليم لا يعرف عمرًا، وأن السن مجرد رقم.