ابوظبي - سيف اليزيد - حوار: سامي عبد الرؤوف
أعلنت مؤسسة الإمارات للدواء أن الإمارات أول دولة في العالم تمنح الموافقة وتعتمد عقار «تولبروتينيب» المبتكر، وهو أول علاج فموي في العالم لعلاج التصلب المتعدد الثانوي غير الانتكاسي، كاشفة عن تطبيق استراتيجية وطنية لترسيخ مكانة الإمارات في تسريع الاعتماد والتسجيل الدوائي والاستخدام الآمن للأدوية.
وقالت الدكتورة فاطمة الكعبي، المدير العام لمؤسسة الإمارات للدواء، في أول حوار لها مع صحيفة محلية منذ توليها هذا المنصب: إن «اعتماد عقار «تولبروتينيب» يعكس مكانة الدولة كوجهة رائدة عالمياً في تسريع إتاحة العلاجات المبتكرة، ويجسد التزام الدولة بتوفير حلول علاجية متقدمة تستند إلى أحدث ما توصل إليه العلم، بما يعزز جودة حياة المرضى ويواكب تطورات الرعاية الصحية العالمية». وأضافت: «كما يجسد هذا الإنجاز النجاح في تطوير حلول مبتكرة والدخول في شراكات استراتيجية تُسهم في تعزيز مكانة الدولة مركزاً عالمياً للابتكار الدوائي».
مميزات الدواء
وأشارت الدكتورة فاطمة الكعبي إلى أن عقار «تولبروتينيب»، يُعد العلاج الوحيد الذي يستهدف بشكل مباشر تراكم الإعاقة بغض النظر عن الانتكاسات، لافتة إلى أن اعتماد هذا العقار يأتي في إطار دعم اتخاذ قرارات تنظيمية مبنية على الأدلة، وتعزيز جودة الرعاية الصحية لمرضى التصلب المتعدد في دولة الإمارات.
وذكرت أنه تم تطوير «تولبروتينيب» كمثبط فموي يستهدف خلايا مناعية محددة داخل الجهاز العصبي المركزي، وهي الخلايا البائية والخلايا الدبقية الصغيرة، التي يُعتقد أنها تلعب دوراً رئيساً في تقدم المرض.
وأفادت أنه من خلال استهداف الالتهاب العصبي المزمن الكامن، يقدم العقار نهجاً علاجياً جديداً لمعالجة السبب الجذري لتراكم الإعاقة بشكل مستقل عن الانتكاسات، وهو ما لم تحققه العلاجات السابقة.
وأوضحت أن هذا الدواء من الأدوية القادرة على تعدي حاجز الدماغ والدم، فتساعد الحالات المتقدمة من التصلب المتعدد أن تخفف الالتهابات والأعراض المصاحبة لها، ومنها الإعاقة الحركية».
وأفادت أنه تم إجراء مراجعة دقيقة وشاملة لكافة البيانات السريرية والدراسات العلمية، الخاصة بهذا العقار، بالتعاون الوثيق مع الشركاء المحليين والخبراء، ومن بينهم الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد التي تمت الاستعانة بها والاستفادة من خبراتها.
وقالت: إن «مؤسسة الإمارات للدواء تجسد رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة في جعل الإمارات مركزاً إقليمياً رائداً للتصنيع والابتكار الدوائي، كما تسعى المؤسسة إلى ترسيخ مكانة الدولة كوجهة رائدة في تسريع الاعتماد للأدوية الجديدة، وتنظيم العلاجات المبتكرة، وضمان الاستخدام الآمن والمسؤول عن الأدوية التي تدخل الدولة».
ومن أجل ذلك تعكف المؤسسة على وضع السياسات الوطنية والاستراتيجيات والتشريعات المرتبطة بالدواء، وتعزيز السوق الدوائي المحلي، وكلها محاور تركز على التنسيق مع الجهات الاتحادية والمحلية سواء الصحية والاقتصادية والجمركية.
ابرز النتائج
وحول أبرز مخرجات عامي 2024–2025، في مجال الأمن الدوائي، أفادت الكعبي أن العام الماضي والفترة المنصرمة من العام الحالي شهدت مجموعة من المخرجات البارزة بالنسبة لمؤسسة الإمارات للدواء، حيث عززت هذه المخرجات المنظومة الأمن الدوائي، ونجحنا في تسجيل واعتماد عدد من الأدوية المبتكرة عالمياً».
وأكدت أن هذه المخرجات مكنت المرضى من الحصول المبكر على هذه الأدوية وفق أعلى معايير السلامة والفعالية العلاجية.
التصنيع المحلي
وكشفت المدير العام لمؤسسة الإمارات للدواء عن ارتفاع كبير في التصنيع الدوائي المحلي مع تعزيز المأمونية والسلامة الدوائية، من خلال تعزيز الابتكار والاستدامة في الصناعات الطبية والدوائية، ودعم قدراتها التشغيلية والبحثية. كما كشفت عن ارتفاع عدد الأدوية المصنعة في الدولة بشكل ملحوظ، وتم التوسع في عدد الأصناف الدوائية المصنعة محلياً، لتشمل أصنافاً دوائية متقدمة ومبتكرة.
وأكدت أن الصناعات الدوائية والطبية تمثل قطاعاً حيوياً لتحقيق استدامة المنظومة الصحية وتعزيز جاهزيتها لمواجهة التحديات المستقبلية، مشيرة إلى ما حققته المؤسسة في مجال استدامة المنظومة الدوائية الإماراتية، وفق رؤية عالمية في مجال الرعاية الصحية.
وأعلنت الكعبي عن تحقيق قفزة نوعية في تسجيل الأدوية المبتكرة خلال عامي 2024 - 2025، مشيرة إلى أن المؤسسة عملت على الاستثمار في التقنيات الحديثة وإيجاد حلول متطورة تسهم في تحسين منظومة الرعاية الصحية واستدامتها. ولفتت إلى أن المؤسسة أعدت دراسة شاملة لتحديد حاجة الدولة من الأدوية، وأصدرت قائمة وطنية للأدوية الأساسية، بالتنسيق مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع والجهات الصحية الأخرى سواء الاتحادية أو المحلية، وهو ما يضمن توفر مخزون استراتيجي دوائي وفق الأولويات الوطنية.
التنسيق والتعاون
حول تنسيق مؤسسة الإمارات للدواء مع الجهات الصحية الاتحادية والمحلية والجهات الاقتصادية والجمركية، أجابت الدكتورة فاطمة الكعبي بأن مؤسسة الإمارات للدواء تقوم بدور محوري في تعزيز الأمن الدوائي والصحي من خلال توفير الأدوية والمستحضرات الطبية، وتطبيق معايير جودة عالية.
وقالت الدكتورة فاطمة الكعبي: «تمثل الشراكة مع الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد علامة فارقة في مسار تطوير العلاجات الموجهة لمرضى التصلب المتعدد التقدمي، حيث أثمر هذا التعاون اعتماد أول علاج يستهدف بشكل مباشر آليات تقدم الإعاقة بعيداً عن الانتكاسات». وأضافت: «يعكس تبني هذا التوجه العلمي المتقدم والشراكة الفعالة ريادة دولة الإمارات في تسريع الوصول إلى الابتكارات العلمية، ويمثل التزام مؤسسة الإمارات للدواء بتحسين جودة حياة المرضى، ويعزز فرص الوصول إلى علاجات قائمة على أدلة علمية راسخة». وشددت على أن اعتماد عقار «تولبروتينيب»، ثمرة جهود تكاملية بين المؤسسة وشركائها الدوليين في دعم الابتكار العلمي وتطبيقه العملي لخدمة المرضى، مؤكدة أن مؤسسة الإمارات للدواء تؤمن بأهمية تسريع الإجراءات التنظيمية في المجالات التي تشهد احتياجاً طبياً كبيراً. ويأتي هذا الإنجاز ليؤكد جاهزية المنظومة الصحية في الدولة لمواكبة التطورات العلمية المتسارعة، وتوفير علاجات نوعية تُسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز الأمن الصحي الوطني
وبينت أن المؤسسة لديها منظومة متكاملة، من بين محاورها التنسيق الفعال مع الجهات العالمية والمحلية المختصة وبالمعنية العاملة في المجالات المرتبطة بمهام واختصاص مؤسسة الإمارات للدواء.
الحضور العالمي
وعن تواجد مؤسسة الإمارات للدواء على الصعيد الدولي، ذكرت أن مؤسسة الإمارات للدواء، لديها تعاون مع شركاء عالميين، حيث وقعت مع الكثير منهم اتفاقيات الاعتراف المتبادل بشهادة التصنيع الدوائي الجيد وتبادل المنتجات والتطوير بمجال شبكات الإمداد الدوائي، مؤكدة أن المؤسسة تسعى لأن يكون لديها حضور متميز وملهم في المناسبات والمشاركات العالمية والعلمية.
وثمنت الكعبي جهود ودعم وزارة الخارجية، لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات وعقد الشراكات مع الدول الصديقة والشقيقة، حيث أسفر هذا الدعم الكبير عن التمكن من تبادل الخبرات والنقل المعرفة في المجالات المرتبطة بالقطاع الدوائي.
نهج شامل لترسيخ الأمن الدوائي
تواصل مؤسسة الإمارات للدواء تنفيذ خططها الاستراتيجية لترسيخ الأمن الدوائي والمساهمة في الارتقاء بالخدمات الصحية في الدولة، ضمن نهج شامل ومتكامل لتطوير الأطر التنظيمية، وتقديم الدعم الفني للمصنعين المحليين، وتشجيع الاستثمار في البحث والتطوير، وفتح آفاق جديدة للتعاون العلمي مع المؤسسات العالمية.
كما تواصل المؤسسة تنفيذ التزامها الاستراتيجي بدعم الأمن الدوائي، من خلال توسيع قدرات التصنيع المحلي، واستقطاب الاستثمارات النوعية، وتطوير بيئة تنظيمية مرنة وفعالة تعزز من تنافسية الدولة إقليمياً وعالمياً. وتعكس رؤية المؤسسة توجهات الدولة في تنويع الاقتصاد وبناء منظومة صحية قائمة على التكنولوجيا والمعرفة.
وفي المرحلة المقبلة، تواصل المؤسسة تعزيز الشراكات الدولية، ودعم الملكيات الفكرية، وتطوير البنية الرقمية والذكية لتسجيل وتقييم الأدوية.
أخبار متعلقة :