أبوظبي تختتم فعاليات «الصيد والفروسية 2025» بنجاح استثنائي

ابوظبي - سيف اليزيد - هالة الخياط (أبوظبي) 

اختتمت العاصمة أبوظبي فعاليات النسخة الـ22 من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، بعد 9 أيام من الفعاليات التي جمعت بين التراث والرياضة والابتكار والمعرفة، في حدث استثنائي أكّد مكانته كأكبر منصة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا.
وشكّل المعرض، الذي ينظم برعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس نادي صقاري الإمارات، وبتنظيم من مجموعة أدنيك، إحدى شركات «مدن»، وبالتعاون مع نادي صقاري الإمارات، تظاهرة ثقافية وتراثية غنية أعادت إحياء إرث الأجداد ورسخت قيم الهوية الوطنية، في مشهد يوازن بين الأصالة والانفتاح على العالم.
وبرهنت نسخة 2025 على أن معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية ليس مجرد حدث دوري، بل رسالة حضارية وثقافية تحمل رؤية الإمارات في صون التراث وتبني الاستدامة. فقد تمكن المعرض من تعزيز مشاركة المجتمع المحلي عبر 21 فعالية مجتمعية، وجذب شرائح واسعة من العائلات والشباب والأطفال، وتوفير منصة للتبادل التجاري والمعرفي بين أكثر من ألفي شركة عالمية، إلى جانب تسليط الضوء على أهمية التراث كجسر للتواصل بين الشعوب.
ومع ختام فعالياته، أكد المعرض مكانته كمنصة رائدة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتفتح آفاقاً جديدة لصون الهوية الوطنية، وتعزيز مكانة الإمارات كوجهة عالمية للثقافة والتراث والصيد والفروسية.

نمو قياسي 
وشهدت نسخة هذا العام توسعاً غير مسبوق، حيث استقطب المعرض 2068 شركة وعلامة تجارية من 68 دولة، بينها 11 دولة تشارك للمرة الأولى، محققاً نمواً بنسبة 21% مقارنة بالعام الماضي. كما ارتفعت المساحة الإجمالية للحدث إلى 92 ألف متر مربع، بزيادة 7% عن الدورة السابقة، مما يعكس الثقة المتنامية بالمعرض كمنصة اقتصادية وثقافية.
وعلى مدار 22 عاماً، تحول المعرض من انطلاقة متواضعة عام 2003 بمشاركة 40 شركة من 14 دولة فقط، إلى حدث عالمي شامل استقطب أكثر من مليوني زائر من 125 جنسية، ليصبح اليوم ملتقى سنوياً لعشاق الصيد والفروسية والرياضات التراثية والطبيعة.

إحياء التراث
لم يكن المعرض مجرد سوق لعرض المعدات أو منصة تجارية، بل جاء ليؤكد دوره في تعزيز الهوية الوطنية وإحياء تقاليد الأجداد. فقد توزعت فعالياته على 15 قطاعاً رئيسياً، بينها أربعة قطاعات جديدة أُضيفت هذا العام هي: الهجن، السلوقي العربي، السكاكين، ومنطقة السوق، مما منح الزوار تجربة شاملة وغنية.
ومن خلال المعارض الفنية والحرف اليدوية، وورش الصقارة، وعروض الخيول، استطاع المعرض أن ينقل للأجيال الشابة صورة متكاملة عن تراث الإمارات الأصيل، ويحفزهم على حمل الرسالة نحو المستقبل.

مزادات الصقور
أحد أبرز محطات المعرض كانت المزادات الحصرية للصقور التي وصل عددها إلى 8 مزادات، نصفها أقيم قبل انطلاق الحدث والنصف الآخر خلال أيامه. وشاركت فيها 46 مزرعة صقور محلية ودولية، أي بزيادة تفوق أربعة أضعاف عن العام الماضي.
وشهدت المزادات إقبالاً كبيراً من المشترين، وأسفرت عن بيع عشرات الطيور بقيم مالية بارزة، من بينها صفقة صقر «جير حر» بلغت قيمتها 130 ألف درهم. ولم تكن هذه المزادات مجرد صفقات، بل منصة لتبادل الخبرات بين الصقارين، وتعزيز حضور الإمارات كوجهة عالمية للصقارة.

الصقارة الإماراتية
وتجلت الصقارة كأحد المحاور الأساسية في نسخة هذا العام. فإلى جانب المزادات، شاركت شركات محلية وعالمية في عرض نخبة الطيور، مثل KH Falcons، الشاهين، وجي واي آر فالكون.
وأكد هادي المنصوري، مالك «KH Falcons»، أن الصقارة تجسد جوهر الهوية الوطنية، وليست مجرد هواية، بل رسالة ثقافية تتوارثها الأجيال.
وبين أن عمليات الاستيراد الدقيقة لبيض الصقور من أوروبا وأمريكا تُسهم في إثراء السلالات المحلية رغم تحديات المناخ.
أما «جي واي آر فالكون»، فقد استعرضت سلالات نادرة تتراوح أسعارها بين 5000 درهم وأكثر من مليون درهم، ونجحت في بيع 25 طائراً خلال المعرض.
وهذه المشاركات أبرزت كيف تحولت الصقارة من تقليد بدوي قديم إلى صناعة عالمية متكاملة تتبنى أحدث أساليب التربية والتدريب.

الورش التفاعلية
تواصلت الفعاليات التعليمية والتثقيفية عبر منصة المعرفة التي جمعت بين الترفيه والتوعية. ومن أبرز أنشطتها: ورش شرطة أبوظبي للتوعية بالسلامة المرورية، جلسات قصصية مثل «فرسان الأرض» للأطفال، وفعالية «مغامرات منصور» التي استوحت قصصها من البيئة الإماراتية.
كما شهد المعرض حلقات نقاش علمية حول «الأعلاف في نظام الإنتاج الحيواني»، «تشخيص الطفيليات»، و«ديناميكية العظام لدى الخيول».
كما أُقيمت ورش خاصة بالأطفال مثل «رحلتي في الصحراء: كتاب تفاعلي»، «الوجوه البرية: صمّم قناع حيوانك»، إضافة إلى أنشطة حول الضيافة الإماراتية، التربية الإيجابية، والذكاء الاجتماعي.

خدمات بيطرية 
أحد أبرز جوانب التميز في نسخة 2025 كان الحضور القوي للمؤسسات والشركات المتخصصة في الطب البيطري والصحة الحيوانية. وشاركت المجموعة العلمية المتقدمة في المعرض باعتبارها مركزاً بحثياً تأسس عام 1990 بتوجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وبرز كأكثر المراكز إقبالاً في الخليج، حيث يتعامل مع 1200 حالة حمل سنوياً باستخدام تقنيات نقل الأجنة، الاستنساخ، والفحص الجيني للهجن. كما يقدم خدمات تحليل العقم، الاستشارات الغذائية، أبحاث الخلايا الجذعية، وبنك جينات لحفظ السلالات.

عروض عالمية 
استقطبت منطقة الفعاليات (الأرينا) جمهوراً كبيراً بعروض متنوعة مزجت بين التراث المحلي والبعد العالمي، مثل: محاكاة صيد الصقور، العرض المنغولي للصيد بالنسور، عرض وحدة الهجانة من قوات البادية الملكية الأردنية، عروض وحدة (K9) بشرطة أبوظبي، عروض الطلق الحر وترويض الخيول العربية، جلسة تفاعلية مع الخبير علي العامري حول لغة الخيول.
واختُتمت العروض بحفل تكريم مزيون الأوصاف والخط العربي، إلى جانب عرض للخيول الفريزيان الأوروبية التي أضفت لمسة عالمية على المشهد.

السياحة البيئية 
ولم يقتصر المعرض على الأنشطة التراثية فقط، بل قدّم تجارب متطورة في قطاع سياحة الصيد والسفاري من دول، مثل الإمارات، جنوب أفريقيا، وبوتسوانا، إلى جانب أحدث معدات التخييم والرحلات.
كما عرضت شركات رائدة مثل كاراكال أسلحة بتصاميم إماراتية مبتكرة، وأدوات صيد ورماية حديثة، بما يعكس التوازن بين الحفاظ على التراث وتبني التكنولوجيا الحديثة.

مسابقات الجمال 
احتفى المعرض هذا العام بإرث السلوقي العربي من خلال مسابقة جمال خاصة نظّمها مركز السلوقي العربي. شارك فيها 64 كلباً من فئتي «عريش» و«حص»، وتم تقييمها وفق معايير دقيقة شملت الصفات الجسدية، السلوك، مهارات الصيد، والحالة الصحية. وقدمت المسابقة مشهداً ثقافياً يجسد ارتباط الإنسان الإماراتي بالسلوقي كرفيق صيد وصديق وفيّ.

نافذة للفنانين التشكيليين 
يشارك الاستاد آرت جاليري في النسخة الثانية والعشرين من المعرض، مؤكداً دوره كمنصة فنية ثقافية تجمع بين المحلية والعالمية، وتتيح للفنانين التشكيليين عرض أعمالهم أمام جمهور واسع من محبي الفن والثقافة.
وقد بدأ الجاليري نشاطه عام 2004 كمعرض شخصي للفنان محمد الاستاد، لكنه تطور اليوم ليصبح نافذة مهمة تدعم الفنانين الموهوبين وتساعدهم على الانطلاق نحو الساحة المحلية والإقليمية والعالمية. ويشارك الجاليري هذا العام بعرض 350 عملاً فنياً لـ 50 فناناً وفنانة، مع التطلع مستقبلاً لدعم أكثر من 200 فنان. وأوضح الفنان التشكيلي محمد الاستاد أن الهدف من المشاركة هو دعم الموهوبين ومنحهم فرصة للظهور على خريطة الفن التشكيلي، مؤكداً أن الجاليري يشكل الحاضنة الأولى لكل من يسعى للانطلاق نحو العالمية. 
وأضاف أن نجاح الجاليري في دعم الفنانين يأتي استلهاماً من دعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي قدّم الدعم المادي والمعنوي للفنان منذ بداياته، وزيارته لمعارضه الشخصية والمشتركة تعكس روح الدعم التي يسعى الجاليري لنقلها للمجتمع الفني والثقافي.
وتأتي مشاركة جاليري محمد الاستاد في المعرض كجزء من التزامه الوطني والثقافي والفني، مؤكداً دوره في تعزيز حضور الفنون التشكيليّة الإماراتية على المستويين المحلي والعالمي، ومنح الفنانين الشباب منصة لعرض إبداعاتهم والتواصل مع جمهور دولي من محبي الفنون.

مدربو الخيول الإماراتيون
نظّمت جمعية الإمارات للخيول العربية مسابقة خاصة لمدربي الخيول الإماراتيين، حيث استعرض المشاركون مهاراتهم في السيطرة على الخيول وأناقتهم بالزي الإماراتي التقليدي. وشهدت الفعالية حضوراً واسعاً من محبي الفروسية، وانتهت بتكريم الفائزين الذين جسدوا أصالة هذا الإرث العريق.

تحف فنية 
شهد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية مشاركة Zee Collection التي قدمت أعمالاً فنية عبر مجسمات معدنية مبتكرة صُممت من حديد البناء لتجسد مشاهد مرتبطة بالصيد والفروسية والحياة البرية.
وتُعرف الشركة بتميزها في صناعة قطع فنية مصنوعة من الحديد تُنفذ حسب الطلب، بحيث تكون كل قطعة فريدة ولا يُعاد إنتاجها مرة أخرى.
وقال تشارلز الكعدي، مدير الإنتاج في شركة «Zee Collection»: نعمل على تحويل فكرة العميل إلى تصميم ثلاثي الأبعاد، ثم نقوم بصناعة القالب ولحام الحديد قطعةً قطعة، لتخرج النتيجة عملاً فنياً فريداً يحمل بصمة شخصية لكل عميل. وكل مجسم يُنفذ مرة واحدة فقط، ليكون تحفة خاصة لا تتكرر.
وأوضح الكعدي أن الوقت المستغرق في تنفيذ المجسمات يعتمد على حجم التصميم وعدد الأشخاص المشاركين في إنجازه، حيث قد يستغرق العمل نحو 30 يوماً أو أكثر. وأضاف أن أشكال الأعمال المعروضة في المعرض تتنوع بين مجسمات صيادين، وحيوانات برية، وأعمال فنية مستوحاة من التراث، إلى جانب قطع أثاث معاصرة تحمل لمسة فنية مختلفة.
وتعكس مشاركة Zee Collection في المعرض التلاقي بين الفن والابتكار والهوايات المرتبطة بالتراث، لتمنح الزوار تجربة بصرية مميزة وتؤكد أن الحديد يمكن أن يتحول من مادة صلبة إلى منحوتات نابضة بالحياة.

أخبار متعلقة :