ابوظبي - سيف اليزيد - جمعة النعيمي (أبوظبي)
أكدت ربى يوسف الحسن، مدير عام الشؤون الاستراتيجية واستشراف المستقبل في دائرة التمكين الحكومي بأبوظبي، أهمية التقرير الذي طرحته الدائرة بعنوان «الاتجاهات الناشئة في إدارة المواهب 2024 - 2040»، إذ يكشف عن رؤى استشرافية ومحاور مبتكرة قد تغير مفهومنا الحالي لبيئات العمل التي نعرفها اليوم.
وأوضحت أن التقرير يتتبع 16 اتجاهاً ناشئاً من شأنها إحداث 5 تحولات محورية قد تعيد رسم ملامح الوظائف وإدارة المواهب حول العالم، ونحن لسنا أمام تحسينات إدارية أو توصيات ثانوية، بل تحولات جذرية تشمل كل شيء من طريقة التوظيف، ومفهوم المسار المهني، وأشكال المكاتب وأنماط القيادة وآليات اتخاذ القرار وحتى آليات التلعيب «استخدام تصميمات مستمدة من الألعاب التفاعلية في سياقات غير ترفيهية، بهدف التحفيز، وتسهيل أداء المهام، وتحسين تجربة المستخدم».
فرص وتحديات
وقالت الحسن في حوار لـ «الاتحاد»: «في زمن تتسارع فيه التحوّلات ويختلط فيه الممكن بالمحتمل، لم تعد فكرة مستقبل العمل فكرة مؤجلة أو طرحاً نظرياً، بل أصبحت واقعاً قيد التشكل، حاضراً في صورة إشارات وفرص وتحديات تدق أبواب المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة».
وقالت: «علينا الاستمرار في سعينا المتواصل نحو استشراف المستقبل من خلال فهم أبعاد الواقع الحالي، ورسم مسارات مستقبلية تجعل أهدافنا أقرب، ومجتمعاتنا أكثر اتساقاً مع ما يحمله المستقبل من تغييرات».
المفاهيم
وقالت ربى الحسن: «إن ما يثير الانتباه هنا ليس فقط غرابة بعض هذه المفاهيم، بل واقعيتها المتزايدة في كل يوم، والتي تدعونا إلى طرح السؤال الأهم: كيف يمكن أن تتهيأ حكوماتنا، ومؤسساتنا، وحتى نحن كأفراد، لعالم جديد تتحول فيه بيئة عمل بشكل كبير عما اعتدنا عليه».
ولفتت مدير عام الشؤون الاستراتيجية واستشراف المستقبل في دائرة التمكين الحكومي بأبوظبي، إلى أن التقرير يعتبر جزءاً من جهود دائرة التمكين الحكومي - أبوظبي لاستشراف المستقبل، عبر إجراء البحوث والدراسات التي تعزز جاهزية الدائرة والجهات الحكومية على مستوى إمارة أبوظبي لمتغيرات الغد، مما ينعكس على وضع وتصميم خطط ومشاريع وسياسات استراتيجية واستباقية، تُمكّن حكومة أبوظبي من تشكيل وبناء المستقبل بفعّالية وكفاءة.
مكاتب العمل
وأشارت ربى الحسن إلى أن تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)، شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، ونستطيع الآن رؤية ما تحمله هذه التقنيات من إمكانات واعدة قادرة على تحويل المكاتب الافتراضية من مجرد بديل اضطراري إلى خيار استراتيجي يعزز من كفاءة التعاون ويقلل إحساس العزلة لدى الموظفين العاملين عن بُعد، وربما تجعل هذه التقنيات فكرة العمل في المكاتب التقليدية مجرد ذكرى قديمة من الماضي.
الذكاء الاصطناعي
وقالت ربى الحسن: «يطرح التقرير نموذجاً فريداً يعتمد على الشراكة التكاملية، ومن المتوقع أن تأخذ هذه الشراكة طابع زمالة وظيفية تتيح للموظفين تكليف وكلاء وأدوات الذكاء الاصطناعي بالمهام المتكررة والروتينية، ما يفسح للموظف المجال لإحراز مزيد من النجاحات في محاور أكثر احتياجاً للتفكير والمهارة البشرية، فضلاً عن توفير مزيد من الوقت والموارد والتركيز على تلبية احتياجات الفرق، حيث يدفع هذا التعاون نحو مزيد من التفاعل والإنتاجية والإبداع، إلى جانب تعزيز رضا الموظفين والمديرين». وتابعت: «استكمالاً للأثر المتوقع لاستمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن نشهد اختفاء الإدارة الوسطى في بيئات العمل، والانطلاق نحو مزيد من الحرية في اتخاذ القرارات. ويُعرف ذلك باسم العمل الجماعي المستقل (الهولقراطية)، ويعتبر أسلوباً إدارياً يتيح للفرق التحكم في احتياجاتها، وتحديد إيقاعات العمل، وتقليل التأخيرات البيروقراطية الناتجة عن غياب التسلسلات التنظيمية المتطورة. كما ويشير (إلغاء الإدارة الوسطى)، إلى نهاية أقسام الإدارة التقليدية، مع تحديد الفرق بحسب الأدوار بدلاً من الألقاب، وتقسيم المهام بوساطة الذكاء الاصطناعي بناءً على قواعد محددة مسبقاً، ما يمنح الفرق استقلالية أكبر».
التقاعد المبكر
يناقش التقرير اتجاهاً ناشئاً بين الشباب، وهو سعيهم للتقاعد المبكر، بعد تركيزهم على الادخار الكافي لتحقيق الاستقلال المالي مدى الحياة، بدلاً من متابعة مسيرة مهنية طويلة، وذلك عند سن الأربعين. يتماشى هذا الاتجاه مع فكرة تحقيق «الاستقلال المالي» مبكراً عبر تأمين الوظائف التي تقدم أعلى أجور، حيث يميل الشباب إلى تحقيق أقصى استفادة من دخولهم من أجل تأمين فترة تقاعد أطول. وقالت «لم يعد بإمكاننا التفكير في المسارات المهنية أو بيئات العمل أو المهارات بالطريقة نفسها، في ظل ما تطرحه التغييرات المتسارعة من فرص وإمكانات، ويجب على الحكومات والمؤسسات الكبرى أن تتولى زمام المبادرة، وألا تكتفي بتحديد الاتجاهات الناشئة والمتطورة فقط، بل عليها الذهاب بعيداً نحو الاستجابة الاستباقية لتلك التحولات، حتى تضمن مواكبة بيئات عملها لهذه المستجدات، وتعزيز الاستفادة منها في صُنع الأثر لمليارات الأشخاص حول العالم».
ضريبة الروبوتات
وأوضحت ربى الحسن أن التقرير يناقش بعض الاتجاهات كعوامل غير محتملة، لكن يمكنها صناعة تأثير كبير حال حدوثها، ويتمثل أحد تلك العوامل في ضريبة الروبوت، التي قد تفرضها الحكومات على الشركات عند استبدالها للوظائف البشرية. يؤكد مؤيدو هذه الضريبة، ومنهم مؤسس شركة مايكروسوفت الذي انتقل إلى العمل الخيري بيل غيتس، أنها ستعزز العدالة الاجتماعية وستحافظ على الإيرادات الضريبية للحكومات. وأشارت: «ما دام دخل الموظف البشري خاضعاً للضرائب، يجب فرض ضريبة مماثلة على الروبوت الذي يقوم بالعمل ذاته». ولفتت ربى الحسن إلى أن هناك منتقدين يرون أن ضريبة الروبوتات قد تُشكل عائقاً للابتكار والنمو الاقتصادي الذي يمكن تحقيقه من خلال دمج الروبوتات في عملية الإنتاج.
أخبار متعلقة :