الرياص - اسماء السيد - ايلاف من لندن: في خطوة غير مسبوقة منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015، أعلنت كل من بريطانيا، فرنسا وألمانيا تفعيل آلية "السناب باك" ضد إيران، ما يعني إعادة فرض العقوبات الأممية التي كانت قد رُفعت بموجب الاتفاق المعروف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة". القرار الأوروبي جاء بعد رفض طهران العودة إلى المفاوضات بشأن برنامجها النووي، وسط اتهامات متزايدة بانتهاكها التزامات الاتفاق.
ما هي آلية "سناب باك"؟
آلية "السناب باك" تم تضمينها في قرار مجلس الأمن رقم 2231 (2015)، الذي صادق على الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى. وتنص الآلية على أنه في حال حدوث "انتهاك جوهري" من جانب إيران، يمكن لأي طرف مشارك في الاتفاق إعادة فرض العقوبات السابقة التي أقرها مجلس الأمن، بمجرد تقديم إخطار رسمي، دون الحاجة إلى تصويت جديد.
بحسب الأمم المتحدة، تتيح هذه الآلية "إعادة فرض جميع العقوبات السابقة على إيران بشكل تلقائي"، بما في ذلك حظر الأسلحة وتقييد الأنشطة النووية والصاروخية [الأمم المتحدة].
العقوبات التي ستعود إلى التنفيذ
تشمل العقوبات التي يعاد فرضها بموجب آلية *السناب باك*:
- حظر السلاح: منع بيع أو شراء الأسلحة والمعدات العسكرية لإيران.
- البرنامج الصاروخي: حظر تطوير وإنتاج واختبار الصواريخ الباليستية.
- النفط والغاز: فرض قيود واسعة على صادرات النفط والغاز الإيرانية، التي تمثل المصدر الرئيسي لعائدات الدولة.
- العزلة الدبلوماسية: تقييد العلاقات الاقتصادية والسياسية مع طهران، مما يعمّق عزلتها الدولية.
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية
إيران تعاني أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة فرض العقوبات الأميركية. ووفقاً لتقارير *صندوق النقد الدولي*، فقد انكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة تفوق 6% في بعض السنوات، فيما انخفضت صادرات النفط بأكثر من 70% [IMF].
تفعيل آلية "السناب باك" سيؤدي إلى:
- تراجع إضافي في قيمة الريال الإيراني.
- ارتفاع التضخم الذي تجاوز 40% في السنوات الأخيرة [البنك الدولي].
- زيادة معدلات البطالة وإفلاس الشركات المحلية.
- تفاقم أزمة المعيشة للمواطنين، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتراجع القدرة الشرائية.
البعد السياسي والأمني
بحسب "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، فإن إيران واصلت تخصيب اليورانيوم بمستويات مرتفعة تتجاوز ما نص عليه الاتفاق النووي [IAEA]. هذا ما دفع القوى الأوروبية إلى تفعيل "السناب باك"، في محاولة للضغط على طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات.
من جهة أخرى، تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، حيث حذرت تقارير أمنية من أن استمرار البرنامج النووي الإيراني قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية إقليمية [رويترز].
من يدفع الثمن؟
الضحايا الحقيقيون لهذه العقوبات هم المواطنون الإيرانيون، الذين يواجهون منذ سنوات أزمة معيشية خانقة. ومع استمرار النظام في توجيه الموارد نحو مشاريعه العسكرية والنووية، يتراجع الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية.
ووفقاً لتقرير "هيومن رايتس ووتش"، فإن العقوبات الدولية السابقة ساهمت في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إيران، ما انعكس مباشرة على حياة المواطنين [HRW].
الخلاصة
إعادة تفعيل آلية "السناب باك" تمثل نقطة تحول جديدة في العلاقة بين إيران والغرب. وبينما ترى أوروبا أنها خطوة ضرورية لحماية الأمن الدولي ومنع طهران من امتلاك قدرات نووية عسكرية، يبقى السؤال الأهم: هل سيدفع النظام الإيراني ثمن هذه العقوبات عبر تغيير سياساته والعودة إلى المفاوضات، أم أن الشعب الإيراني وحده هو من سيدفع الثمن الأكبر؟
أخبار متعلقة :