ابوظبي - سيف اليزيد - وائل بدران (أبوظبي)
أكد معالي محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، أن دولة الإمارات، قدمت نموذجاً إنسانياً استثنائياً في دعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة خلال هذه المرحلة الحرجة، حيث تحركت براً وبحراً وجواً لإغاثة المدنيين وتقديم المساعدات العاجلة، وافتتحت المستشفيات الميدانية، من بينها مستشفى العريش العائم كجزء من عملية «الفارس الشهم 3» الإنسانية الإماراتية، واستقبلت آلاف الجرحى والمرضى، وواكبت باهتمام كبير كل تفاصيل المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت العدوان.
وأوضح معالي محمد بن أحمد اليماحي، في حوار خاص مع «الاتحاد»، أن هذا الدور يعكس النهج الأصيل للقيادة الإماراتية بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في مساندة القضايا العربية والإنسانية، كما يجسد قيم التضامن والعطاء التي تميز سياسة الإمارات الخارجية، ما يشكل رافداً أساسياً يعزز من الموقف العربي الجماعي تجاه القضية الفلسطينية.
وقال اليماحي: «إن الأيادي البيضاء لدولة الإمارات ستظل ممدودة، وهي عقيدة راسخة واستراتيجية متجذرة، وضع أسسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار على نهجه أبناؤه الكرام»، مضيفاً، أن البرلمان العربي يعتبر أن الجهود الإماراتية نموذج عملي لما ندعو إليه دائماً من تكامل الأدوار بين العمل الرسمي والبرلماني والإنساني.
وتابع: بينما يقوم البرلمان العربي بالتحرك السياسي والدبلوماسي لتوحيد الموقف العربي وكشف الجرائم الإسرائيلية أمام العالم، تأتي المبادرات الإنسانية الإماراتية لتترجم هذا الموقف إلى فعل ملموس يخفف معاناة الشعب الفلسطيني، ويؤكد أن الدعم العربي ليس مجرد شعارات، بل التزام عملي في الميدان.
وأوضح أنه من هذا المنطلق، فإن البرلمان العربي يثمن عالياً هذه المبادرات الإماراتية، ويعتبرها جزءاً من منظومة العمل العربي المشترك، ورسالة واضحة بأن الشعب الفلسطيني ليس وحده، وإنما تحيطه أمته العربية بالدعم والإسناد على كل المستويات.
وقال اليماحي: ندرك تماماً أن العدوان المستمر على غزة خلق واقعاً مأساوياً يتطلب تحركاً عربياً شاملاً ومتكاملاً، يجمع بين البعد السياسي والإنساني والإغاثي وإعادة الإعمار، لذا يضطلع البرلمان العربي بمسؤولية قيادة جهد برلماني عربي منظم يدعم القضية الفلسطينية على جميع المستويات.
وأضاف أن البرلمان العربي يعمل على توحيد الموقف البرلماني العربي، وتوصيله بوضوح إلى مختلف المنظمات والاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية، من أجل الضغط لوقف العدوان، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، مؤكداً الحرص على أن تبقى القضية الفلسطينية حاضرة بقوة على الأجندة الدولية، باعتبارها مفتاح استقرار المنطقة.
أما على الصعيدين الإنساني والإغاثي، فذكر أن البرلمان العربي يواكب التحركات العربية في هذا الاتجاه، ويدعو إلى مضاعفة المساعدات، وتكثيف الضغط الدولي لفتح الممرات الإنسانية المستدامة لإغاثة أهالي غزة، وتوفير كل أشكال الدعم الطبي والمعيشي العاجل لهم.
وشدد معالي محمد بن أحمد اليماحي على أن الدور العربي في دعم القضية الفلسطينية محوري وهام، فهي القضية المركزية للشعب العربي والدول العربية، لافتاً إلى أن الدول العربية تحركت بمختلف مؤسساتها الرسمية والبرلمانية والحقوقية لإدانة جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وأوضح، يمكننا القول، إن الموقف العربي الموحد الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني هو ما حال دون تصفية القضية الفلسطينية كما كان يخطط الاحتلال.
وأضاف: نعمل على توحيد الخطاب البرلماني العربي، ونقله بوضوح إلى البرلمانات الإقليمية والدولية، لفضح الممارسات الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي، والتأكيد على أن الدعم العربي لفلسطين ليس ظرفياً، وإنما هو التزام تاريخي وسياسي وأخلاقي لم ولن يتغير.
ونوّه إلى أن قوة الموقف العربي الجماعي تكمن في وحدته، وفي إصراره على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد شأن داخلي أو نزاع إقليمي، بل قضية عدالة وحرية وحقوق إنسان، ستظل في صميم وجدان الأمة حتى ينال الفلسطينيون كامل حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس. وشدد اليماحي، على ضرورة بذل المزيد من الجهود نحو وقف إطلاق النار والامتناع عن العنف، وتحقيق السلام بالمنطقة العربية والذي لن يتحقق دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من كافة الأراضي العربية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها مدينة القدس.
تحركات دولية
وقال رئيس البرلمان العربي، إن الدبلوماسية البرلمانية أصبحت اليوم ركيزة أساسية في العمل الدولي، فهي تعزز الموقف الرسمي وتمنحه بعداً شعبياً ومصداقية إضافية، مؤكداً أن البرلمان العربي، باعتباره ممثلاً للإرادة الشعبية العربية، يتحرك بالتوازي مع الدبلوماسية الرسمية للدول، ويكمل دورها من خلال فتح قنوات تواصل مباشرة مع البرلمانات الوطنية والإقليمية والدولية، وهي قنوات قد لا تكون متاحة دائماً للدبلوماسية الحكومية التقليدية.
وأوضح أن الدبلوماسية الرسمية العربية تقوم بدورها المطلوب في الدفاع عن قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، عبر التحركات في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، كاشفاً أن دور البرلمان العربي يكمل هذه الجهود، من خلال بناء قوى ضغط برلمانية داعمة للموقف العربي، وتوضيح حقيقة ما يجري في منطقتنا للرأي العام العالمي، بعيداً عن التضليل الذي تمارسه بعض القوى. وذكر أن البرلمان العربي يقوم بدور مهم في تعبئة الرأي العام البرلماني والشعبي الدولي، وهو ما يضع ضغوطاً إضافية على الحكومات وصنّاع القرار في العالم لاتخاذ مواقف أكثر عدلاً وإنصافاً تجاه قضايا الأمة، ومن هنا، فإن الدبلوماسية البرلمانية لا تحل محل الدبلوماسية الرسمية، بل تعمل جنباً إلى جنب معها، فتمنحها قوة مضاعفة، وتؤكد للعالم أن الموقف العربي متكامل على المستويين الرسمي والشعبي.
وفي ختام حواره الخاص مع «الاتحاد»، أفاد معالي محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، بأن التكامل بين الدبلوماسيتين الرسمية والبرلمانية يشكل أداة استراتيجية فاعلة لرفع صوت العرب في المحافل الدولية، والدفاع عن مصالحهم وقضاياهم العادلة.
آليات مؤسسية
قال رئيس البرلمان العربي، في حواره الخاص مع «الاتحاد»: «إن البرلمان العربي يسهم اليوم بدور محوري في توحيد المواقف العربية من خلال كونه منصة برلمانية جامعة تعبّر عن إرادة الشعب العربي إزاء مختلف القضايا المصيرية»، مؤكداً العمل على صياغة مواقف موحّدة تجاه التحديات الإقليمية والدولية عبر آليات مؤسسية، تبدأ بالمناقشات داخل اللجان المتخصصة بالبرلمان، والتي تشمل أربع لجان دائمة ولجاناً فرعية، إضافة إلى لجنة فلسطين، وهي الوحيدة التي يرأسها رئيس البرلمان العربي بصفته، ثم ينتهي عمل اللجان بصدور قرارات وتوصيات تمثل الموقف الجماعي للبرلمانيين العرب.
وشدد على أن في مقدمة التحديات التي تواجه عالمنا العربي اليوم، الممارسات العدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وتابع: حرص البرلمان العربي على أن يكون في طليعة الجهات التي تتحرك لكشف تلك الجرائم في المحافل الدولية، والتأكيد على الموقف العربي الثابت في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفض أية محاولات لتصفية قضيته العادلة.
وقال اليماحي: «وصلت جرائم الاحتلال إلى التعدي على سيادة دولة عربية تقوم ببذل جهود حثيثة في الوساطة من أجل إنهاء الحرب، وهي دولة قطر، مضيفاً: عقدنا اجتماعاً طارئاً مع رئيس البرلمان الأفريقي في القاهرة عقب هذا العدوان الغاشم، وأصدرنا في نهاية الاجتماع بياناً مشتركاً نعبر فيه عن نبض الشارعين العربي والأفريقي تجاه هذه الجرائم المستمرة التي يقوم بها كيان الاحتلال دون محاسبة دولية.
وتابع أن البرلمان العربي يقوم بتعزيز التشاور والتنسيق مع المنظمات الإقليمية والدولية، الأمر الذي يمنح الموقف العربي قوة وتأثيراً أكبر في الدفاع عن قضايا أمتنا العربية، مؤكداً الحرص على إيصال رسالة واضحة بأن أمن المنطقة واستقرارها يبدأ من حل سياسي عادل ومستدام للقضية الفلسطينية، وأن الموقف العربي في هذا الشأن موحّد لا يقبل المساومة. ونوّه اليماحي إلى أن البرلمان العربي يعمل على بناء جسور تواصل مع البرلمانات الإقليمية والدولية، بما يساهم في عرض الرؤية العربية بشكل موَّحد، ويعزز من حضور الصوت العربي في النقاشات العالمية.
التنمية المستدامة
أكد معالي محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، على أن البرلمان يضع ملف تمكين الشباب والمرأة في صدارة أولوياته، إدراكاً منه أن الاستثمار في الطاقات البشرية هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة وبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للأمة العربية.
وقال إن البرلمان العربي يهتم بإتاحة الفرصة للأجيال الصاعدة للمشاركة الفاعلة في صياغة القرار العربي، لافتاً إلى أهمية العمل على دعم قضايا التعليم والتدريب والتوظيف، بما يضمن تأهيل الشباب لمتطلبات سوق العمل الحديث، ويحد من التحديات المرتبطة بالبطالة والهجرة.
وأضاف: «فيما يخص المرأة العربية، فإننا نولي أهمية خاصة لتمكينها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، عبر مبادرات نوعية متخصصة، فضلاً عن تشجيع مشاركة المرأة في الحياة العامة والبرلمانية، إيماناً بدورها المحوري في بناء المجتمعات وتعزيز قيم الاستقرار والتنمية».
وفي إطار مواكبة أهداف التنمية المستدامة 2030، قال معاليه، إن البرلمان العربي يعمل على دعم التشريعات والسياسات التي تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتوازنة، وتعزيز التعاون العربي–العربي في مجالات الأمن الغذائي، والتحول الرقمي، والطاقة المتجددة، والتعليم النوعي، مضيفاً: نسعى إلى تكوين شراكات فاعلة مع البرلمانات والمنظمات الدولية المعنيَّة لتحقيق الأهداف الأممية المشتركة للتنمية المستدامة.
وتابع: «إن رؤيتنا في البرلمان العربي تقوم على أن تمكين الشباب والمرأة ليس خياراً تكميلياً، بل ضرورة استراتيجية لضمان مستقبل عربي أكثر قوة وقدرة على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل».
ونوّه إلى أن من أبرز المؤسسات الفاعلة التي تدعم المرأة في عالمنا العربي «الاتحاد النسائي العام»، وذلك بسبب الدعم اللامحدود الذي تقدمه دولة الإمارات والقيادة الرشيدة وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات» رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية.
وذكر معالي محمد بن أحمد اليماحي أن الاتحاد النسائي العام أحد أبرز المؤسسات المعنية بتمكين المرأة ودعمها في العالم العربي، حيث نجح منذ تأسيسه في تحقيق إنجازات نوعية أسهمت في تعزيز دور المرأة ومشاركتها في مختلف المجالات.
وعمل الاتحاد على دعم وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار، وتشجيع مشاركتها في البرلمانات والمجالس المحلية، إلى جانب تنظيم برامج تدريبية لبناء قدراتها القيادية.
أخبار متعلقة :