الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من باريس: تعيش فرنسا حالة أقرب إلى الغليان منذ أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) حينما هاجمت حماس إسرائيل، حيث ينقسم الرأي العام الفرنسي ما بين مؤيد لغزة بشدة، وما بين مناصر لإسرائيل بقوة، وكما يقولون :"الحرب في غزة والتوتر في باريس".
وترتفع وتيرة التوتر بالنظر إلى وجود أكبر عدد من اليهود في أوروبا الغربية في فرنسا، حيث يقدر عددهم بحوالي نصف مليون، كما أن عدد المسلمين في فرنسا يصل إلى 5 إلى 6 ملايين مسلم بنسبة 10% من سكان البلاد.
وفي الوقت الذي كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعترف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، كانت هناك 80 مدينة فرنسية أو أكثر تلوح بالأعلام الفلسطينية.
فقد رفعت أكثر من 80 بلدية في فرنسا العلم الفلسطيني، الاثنين، قبل ومع اعتراف الرئيس إيمانويل ماكرون بالدولة الفلسطينية، في تحد لتحذير الحكومة من القيام بذلك. واعترف ماكرون لاحقا بالدولة الفلسطينية في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لينضم إلى دول أخرى في خطوة أثارت غضب إسرائيل.
رُفعت الأعلام الفلسطينية في قاعات البلديات في كبرى المدن الفرنسية، بما في ذلك ليون ونانت ورين وبيزانكون، في تحد لأمر وزير الداخلية برونو ريتيلو. وحتى في باريس، رفع أعضاء المجالس البلدية اليساريون العلم لمدة 30 دقيقة في قاعة المدينة، رغم معارضة رئيسة البلدية الاشتراكية آن هيدالغو.
وقالت وزارة الداخلية إن 86 بلدية في أنحاء البلاد رفعت العلم الفلسطيني، وكان زعيم حزب الجمهوريين اليميني، ريتيللو، قد أرسل منشورا الأسبوع الماضي يطالب فيه السلطات العامة بـ"الحياد" ويدعو إلى إحالة أي قرار برفع العلم الفلسطيني إلى المحاكم.
توترات اجتماعية وسياسية
وقد أبرزت هذه المواجهة التوترات الاجتماعية والسياسية في فرنسا منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أشعل شرارة الحرب على غزة.
تعد فرنسا موطنا لأكبر عدد من السكان اليهود في أوروبا الغربية، حوالي نصف مليون شخص، فضلا عن جالية مسلمة كبيرة حساسة لمحنة الفلسطينيين في غزة. وقالت ناتالي أبير، رئيسة بلدية رين الاشتراكية، في بيان: "مسؤوليتنا هي رفض الصمت وبذل كل ما في وسعنا، هنا والآن، لوضع حد لهذا الرعب".
وقد أمرت محكمة ضاحية مالاكوف الباريسية ذات الإدارة الشيوعية بدفع غرامة قدرها 150 يورو (175 دولارا أمريكيا) عن كل يوم تعرض فيه العلم.
هذا ليس علم حماس
ورفعت ضاحية سان دوني الباريسية، العلم الفلسطيني في احتفال حضره زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فوري، الذي قال إنه كتب إلى ماكرون يطلب فيه إلغاء أمر ريتيللو.
وقال "هذا العلم ليس علم حماس، بل هو علم النساء والرجال الذين لديهم أيضا الحق في الحرية وتقرير المصير". وبدا وزير الخارجية جان نويل بارو حذرا من الانجرار إلى النقاش حول ما وصفه بأنه "يوم تاريخي للسلام".
وقال لقناة تي إف 1 التلفزيونية: "لا أريد أن يتم استغلاله في جدال سياسي، لتقسيمنا في وقت نحتاج فيه، أكثر من أي وقت مضى، إلى الاتحاد لنكون أقوياء".
تم عرض العلمين الفلسطيني والإسرائيلي، بالإضافة إلى صور السلام المتمثلة في حمامة وغصن زيتون، في برج إيفل، الذي تم إضاءته احتفالا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقالت رئيسة بلدية العاصمة الفرنسية، إيدالغو، على مواقع التواصل الاجتماعي: "تؤكد باريس التزامها بالسلام، الذي يتطلب أكثر من أي وقت مضى حل الدولتين".
ولكن زعيم حزب فرنسا المتمردة اليساري المتشدد جان لوك ميلينشون هاجم بشدة عرض العلم الإسرائيلي على المعلم الباريسي، قائلا إن "الحزب الاشتراكي يخون الجميع في وقت واحد".
واعترافًا بردود الفعل العاطفية التي أثارها قراره، والتي تضمنت غضبًا من داخل المجتمع اليهودي في فرنسا، نشر ماكرون مقطع فيديو على X يوم الأحد قال فيه إن فرنسا تريد السلام ووقف إطلاق النار الفوري والإفراج دون تأخير عن الرهائن الـ48 المتبقين المحتجزين في غزة.
أخبار متعلقة :