كتبت: ياسمين عمرو في الاثنين 25 أغسطس 2025 08:04 صباحاً - لم تتوقف أم مريم عن قراءة القصص لابنتها إلا بعد أن أتمت الثامنة، فأصبحت تجلس بجانبها لتدعمها وتساعدها على قراءة قصتها، ولاحظت أن القراءة لم تكن واجبًا مدرسيًا، بل عادة يومية اعتادت عليها الابنة بمجرد تعلمها القراءة، وبعد أعوام قليلة، ظهر تفوق مريم في القراءة والكتابة على معظم زميلاتها في الصف، وكان معلمها يتعجب دائمًا من ثقتها بنفسها وسرعة استيعابها! هنا أدركت الأم أن تلك اللحظات القليلة التي كانت تمضيها مع ابنتها لتقرأ لها، لم تكن مجرد لحظات عاطفية؛ بل كانت تحفيزاً صامتًا لبناء مستقبل أكاديمي مزدهر لها، ثم تأتي الدراسات الحديثة تؤكد أن دور الأهل في دعم التحصيل الدراسي للأطفال وبناء شخصية أكاديمية متوازنة، وتمكينهم من مواجهة تحديات التعليم، يعتمد على تلك اللحظات القريبة من قلب الطفل. لمزيد من الشرح والتوضيح كان اللقاء والدكتورة منال المرصفي، أستاذة التربية والصحة النفسية للطفل، وحديث خاص مع قارئات "الخليج 365 وطفلك" المهتمات بسبل تدعيم تحصيل الطفل الدراسي .
قواعد منزلية للنجاح
طفلة تقرأ
دعم الأمهات للتحصيل الدراسي لأطفالهن ليس واجبًا عائليًا أو جملًا وكلمات تُلقن في أذن الطفل- اعمل ولا تعمل- بل هو استثمار ذكي في مستقبل الطفل عموماً. يبدأ التخطيط لهذا الأمر، بداية من لحظة قراءة قصة قبل النوم، أو الاستماع إلى الابن الذي يروي تفاصيل يومه الدراسي، وتحفيزه لعادات تدفع الطفل للجد والاجتهاد والثقة بقدراته. أعظم درس يمكن أن تهديه الأم لطفلها هو؛ أن النجاح ليس نتيجة للحظ، بل ثمرة للجهد، والإصرار، والدعم الذي يحيط به في البيت، وبين صفحات الكتب وأحضان الأمهات، تُكتب قصص التفوق.
قصص قصيرة للأطفال تمزج بين الخيال والمعرفة.. هل تودين التعرف إليها؟
كيف تدعمين طفلك دراسيًا منذ الصغر؟
أم تساعد طفلها في تصحيح أخطائه
الدفء العاطفي أساس التفوق الأطفال الذين ينشأون في بيئة مليئة بالحب والاحتواء العاطفي يظهرون مستويات أعلى من الالتزام الدراسي والانخراط الأكاديمي. الأم التي تحتضن مشاعر طفلها وتستمع إلى مخاوفه المدرسية وتمنحه الثقة، تسهم بشكل غير مباشر في رفع درجاته. الشعور بالأمان العاطفي يفتح أمام الطفل أبواب التركيز والإبداع، بينما غياب هذا الدفء قد يجعله يعيش صراعًا نفسيًا يعيق استيعابه. الحزم وحده لا يكفي، والتدليل المفرط ليس الحل، بينما التوازن بين الحنان والحدود هو ما يزرع في الطفل الثقة. دعمي طفلك ولا تنفذي أعماله خطأ شائع يقع فيه كثير من الأمهات هو أداء الواجبات المدرسية بدلًا من الطفل، بدافع الحرص على تفوقه، هذا السلوك يضعف حس المسؤولية لديه. المطلوب أن تكوني داعمة لطفلك، أي توفري له بيئة مناسبة، وأدوات للتعلم، وتشجيعًا مستمرًا، مع ترك مساحة للطفل ليخوض تجربة التعلم بنفسه. إعطي الطفل فرصة "التمكين الذاتي" أي إعطاء الطفل فرصة لاكتشاف حلول بنفسه مع الإرشاد عند الحاجة، تجعله أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات الحياة الدراسية والعملية لاحقًا. التفوق الخليج 365 الأم لا يقوم على جمع الدرجات فقط، بل على بناء عقل قادر على التفكير والتحليل وحل المشكلات، وهذا ما يحتاجه كل طفل مقبلاً على الحياة والدراسة والصحبة.
تأثير كفاءة الأهل الذاتية
طفلة تذاكر باستقلالية وحدها
قدرات الطفل وحدها لا تحدد نتائجه الدراسية، بل أيضًا ثقة الأهل في أنفسهم، عندما يشعر الوالدان وخاصة الأم، بأن لديهما القدرة على دعم تعلم أطفالهم، فإن هذا ينعكس بشكل مباشر على تحصيل الطفل. في مادة الرياضيات مثلًا، وتعد من أكثر المواد إثارة للقلق بين الأطفال، وُجد أن إحساس الأهل بكفاءتهم في شرح المفاهيم الأساسية، أو حتى مجرد مرافقة الطفل خلال المذاكرة، يزيد من فرص نجاحه بشكل ملحوظ. هل تصدقين؟ لقد أثبتت الأبحاث أن الأمهات اللواتي يثقن في أنفسهن ينقلن هذه الثقة إلى أطفالهن، فيتضاءل الخوف من الأرقام والمعادلات، ويحل محله شعور بالقدرة والإنجاز.
الخلفية التعليمية للأم تحفز على نجاح طفلها
من الحقائق المؤكدة أن مستوى تعليم الأم يرتبط مباشرة بفرص نجاح الطفل الدراسي؛ كل سنة إضافية من تعليم الأم ترفع احتمالية التحاق طفلها بالتعليم الثانوي بنسبة ملحوظة. هذا التأثير لا يقتصر على المعرفة الأكاديمية التي تملكها الأم، بل يمتد إلى القيم التي تنقلها إلى أبنائها؛ من حب للتعلم، احترام الوقت، الإصرار على إتمام المهام، وأهمية الاستقلالية في التفكير. الأم المتعلمة غالبًا ما تكون أكثر وعيًا بأهمية البيئة التعليمية المحفزة، فتوفر كتبًا وألعابًا معرفية، وتفتح حوارًا مع الطفل حول ما يتعلمه، وتشجعه على التساؤل والنقاش.
التفاعل المعرفي المبكر يعد الأساس الأول
"الخليج 365" التعليم يبدأ في البيت قبل المدرسة، والأطفال الذين يقرأ لهم أهاليهم بانتظام في سنواتهم الأولى، يحققون نتائج دراسية أعلى بنسبة تقارب 30% في الاختبارات الأساسية مقارنة بغيرهم. القراءة بصوت مرتفع، الحديث مع الطفل عن الصور والقصص، والإجابة على أسئلته، كلها أنشطة بسيطة لكنها تُنشئ عقلًا نشطًا وقدرة لغوية متقدمة. هذه المهارات التعليمية واللغوية المبكرة تمثل حجر الأساس لفهم المواد الدراسية المختلفة لاحقًا، من الرياضيات إلى العلوم واللغات.
دور الأهل لتدعيم التحصيل الدراسي للأطفال
طفل يستكمل واجباته المدرسية
رغم أن التركيز الأكبر يكون عادة على دور الأم، فإن الدراسات تشير إلى أن للأب أيضًا تأثيرًا مهمًا في المسار الدراسي للطفل، إلا أن الأدوار ليست متماثلة بل متكاملة. لكن الأم غالبًا ما تكون مصدر الدعم العاطفي والمتابعة اليومية، بينما يميل الأب إلى لعب دور النموذج في الانضباط والطموح العملي، فحياته وسلوكه وحتى توجيهاته لها أثرها على الطفل. تأثير الأم يكون أكثر وضوحًا، خاصة في المراحل العمرية المبكرة، حيث يشكّل حضورها وتفاعلها المستمر حجر الأساس لتقدّم الطفل لاحقًا في التعليم الجامعي والمستقبل المهني
ممارسات البيت تتحول لقوة تحفز الطفل
طفلة تحمل الكتب
نعم هذه الممارسات الصغيرة في البيوت قد تتحول إلى قوة للطفل والمجتمع؛ مجتمعٌ تُدرك أمهاته قيمة الحوار، وتشجع على التعلم، والاحتفاء بأي انجاز، هو مجتمع يزرع بذور التقدم في المستقبل. دعم الأمهات للتحصيل الدراسي لا يُترجم فقط في درجات أعلى للأطفال، بل في بناء جيل قادر على التفكير النقدي، والإبداع، والمنافسة في سوق عالمي يتطلب الكفاءة والمعرفة تواجه الكثير من الأمهات تحديات كبيرة: ضيق الوقت بسبب العمل، ضعف الثقة في قدرتهن على متابعة المناهج الحديثة، أو حتى قلة الموارد التعليمية. لكن الدعم لا يتطلب موارد كبيرة، أحيانًا يكفي تخصيص عشر دقائق يوميًا للحديث مع الطفل عن دروسه، أو قراءة قصة قصيرة معه، أو الثناء على جهده. هذه الممارسات الصغيرة تتراكم لتصنع فرقًا كبيرًا. هناك ضرورة بأن تتحول العلاقة بين البيت والمدرسة إلى شراكة حقيقية، فعندما تدعو المدرسة الأهل للمشاركة في العملية التعليمية، وتقدم لهم أدوات إرشادية، فإن ثقتهم بدورهم تزداد، وينعكس ذلك على الأطفال. ولأن الأم غالبًا هي الأكثر تواصلاً مع المدرسة، فإن إشراكها في هذه العملية يعزز التفاهم بين الطرفين، ويخلق جسرًا متينًا بين تعليم الطفل في البيت وتحصيله في الصف الدراسي.