كتبت: ياسمين عمرو في الخميس 11 سبتمبر 2025 07:07 صباحاً - غالباً ما تُغلّف علاقة الأجداد بالأحفاد بالحنان والدفء، ما يمنح الأطفال شعوراً بالأمان والانتماء، وفي الوقت ذاته تحتاج العلاقة إلى إدارة واعية؛ حتى لا تتحول إلى ساحة تعارض بين الأجيال، حضور الأجداد في حياة الأحفاد، ليسوا مجرد زوّار عابرين في حياتهم، ففي العديد من المجتمعات، يُعتبر وجودهم ركيزة أساسية في التربية والدعم النفسي؛ حيث تشير الإحصاءات ان 85% من الأجداد يعتنون بأحفادهم أسبوعيّاً، و30% يقومون بذلك يوميّاً، وهو رقم يعكس عمق مساهمة هذا الجيل في تربية الأبناء ومساندة العائلات.
لمزيد من التفاصيل يقوم الدكتور عثمان السكري أستاذ طب نفس الطفل بشرح دور الأجداد والفوائد النفسية والاجتماعية التي تعود على الأحفاد بجانب الاطمئنان والاستقرار النفسي، مع توضيح الحدود المقبولة لهذه العلاقة، وإدراك أضرارها أيضاً.
القيمة الإنسانية لعلاقة الأجداد بالأحفاد
العلاقة بين الأجداد والأحفاد كنز إنساني ثمين؛ فهي تمنح الطفل جذوراً راسخة وأجنحة يطير بها إلى المستقبل، هذا الكنز يحتاج إلى إدارة حكيمة، تقوم على التعاون بين الآباء والأجداد، ووضع حدود واضحة، والحفاظ على التوازن بين الحنان والانضباط.
علاقة تواصل بين الأجيال، تحمل في طياتها دفء الماضي وأمل المستقبل، شرط أن تُدار بحساسية ووعي، حتى تبقى مصدر قوة للأسرة.
أولاً: دور الأجداد المقبول والمؤثر
لا يمكن إنكار أن للأجداد مكانة خاصة في حياة الأحفاد، إذ يقومون:
نقل القيم والتقاليد: فهم حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، ينقلون تاريخ العائلة وقصصها، ويغرسون فيهم القيم التي تربّوا عليها.
الدعم العاطفي: غالباً ما يكون الجد والجدة أكثر صبراً وهدوءاً من الوالدين، وهو ما يمنح الطفل شعوراً بالاحتواء.
المساعدة اليومية: في غياب الوالدين بسبب العمل أو السفر، يتحول الأجداد إلى ملاذٍ آمن، يوفّر الرعاية والطعام والدفء.
ثانياً: الفوائد النفسية والاجتماعية للعلاقة
هذه العلاقة الغنية تمنح الطفل:
- شعوراً بالأمان والانتماء: عندما يعرف الطفل أن هناك دائماً من يحتضنه ويدافع عنه، تزداد ثقته بنفسه.
- تعزيز التواصل بين الأجيال: يتعلّم الأحفاد من قصص الأجداد وتجاربهم، بينما يجد الأجداد في الأحفاد تجديداً للشباب والأمل.
- تقوية الروابط الأسرية: العلاقة الوثيقة بين الجد والجدة والأحفاد تخلق جسراً من المودة بين جميع أفراد الأسرة.
ثالثاً: حدودالعلاقة بين الأجداد والأحفاد
رغم جمال هذه العلاقة، إلا أنها قد تحتاج أحياناً إلى رسم خطوط واضحة، منها:
احترام أسلوب الوالدين في التربية: لا يجب أن يتجاوز الأجداد قرارات الآباء، مثل قواعد النوم أو أسلوب العقاب والثواب.
تجنّب النقد غير المباشر: كأن يقول الجد للطفل، لو كنتُ والدك لفعلتُ كذا، ما يضعف صورة الوالدين أمامه.
الاعتدال في التدليل: الإفراط في تلبية رغبات الطفل قد يؤدي إلى فقدان الانضباط، أو شعوره بالارتباك بين تعليمات الأهل و الأجداد.
رابعاً: ماذا يحدث لو تعارض دور الأجداد مع تعليمات الأهل؟
الاختلاف بين الأجيال أمر طبيعي، لكن المشكلة تظهر عندما تختلف أساليب التربية؛ بعض الأجداد يميلون إلى الدلال المفرط، بينما يفضّل الأهل الصرامة والانضباط.
تتباين القيم؛ فما كان مقبولاً في زمن الأجداد قد لا يتناسب مع معايير التربية الحديثة، وقد يتشتت الطفل حين يسمع أوامر متناقضة من الطرفين، فيفقد التوازن ويبدأ بالانحياز إلى من يمنحه الامتيازات.
خامساً: كيف ينظر الطفل إلى الأجداد؟
الجد والجدة هما مصدر للحنان، اللذان يقدّمان الحب غير المشروط.، ملاذ للراحة، يجد فيه الطفل فسحة من الحرية بعيداً عن قوانين الوالدين الصارمة.
غالباً ما يروي الأجداد قصصاً تجعل الطفل يراهم بحجم أكبر من الواقع، ومن المهم ألا تتحول هذه الصورة إلى تفضيل دائم على حساب الوالدين، وهو ما يستدعي من الجميع خلق توازن صحي.
سادساً: شروط التواصل الصحي بين الأجيال
حتى تُدار العلاقة بحكمة، لا بد من:
الحوار المستمر: جلسات منتظمة بين الآباء والأجداد لمناقشة أسلوب التربية وتوضيح التوقعات.
الاتفاق على قواعد مشتركة: مثل مواعيد النوم، استخدام الأجهزة الإلكترونية، وأساليب الثواب والعقاب.
احترام الخصوصية: لكل جيل طريقته ورؤيته، والتعاون أفضل من الفرض أو النقد.
الاستفادة من الخبرة مع مواكبة العصر: الأجداد يقدمون خبرتهم، بينما يضيف الآباء معارف التربية الحديثة.
سابعاً: نصائح عملية للأسرة
تخصيص وقت مشترك، مثل زيارة أسبوعية أو نشاط عائلي يجمع الأحفاد بالأجداد. إشراك الأجداد بشكل متوازن، يمكنهم المساعدة في المذاكرة أو سرد القصص، لكن دون أن يتحولوا إلى بديل عن الوالدين، بجانب توعية الأجداد بلطف، حول التربية الحديثة وأهمية ترك مساحة للآبا، وتشجيع الاستقلالية لدى الطفل، مع الحفاظ على روابط المحبة والاحتواء.
أخبار متعلقة :