اليابان | أطفال اليابان يكتبون مستقبلهم: وثيقة حقوق جديدة بمشاركة صانعيها الصغار

رغم الصورة الوردية التي كثيرًا ما تُرسم لليابان، إلا أن واقع حقوق الأطفال في البلاد يكشف عن جوانب مظلمة غالبًا ما تبقى خارج الضوء. فالأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة أو يُجبرون على العيش في ملاجئ هربًا من أسرهم، يواجهون تحديات قاسية في بيئة لا تزال تقاوم التغيير. ومع ذلك، بدأ بصيص من الأمل يلوح في الأفق، حيث تنشط مجموعات محلية بالتعاون مع بالغين نشأوا في نظام الرعاية الاجتماعية، لتقديم الدعم، وتمكين الأطفال، والدفع نحو نقلة نوعية في النظرة المجتمعية والتشريعية لحقوق الطفولة في اليابان. هل ينجح هذا التحرك في رسم مستقبل أكثر عدلًا واحتضانًا للأطفال المهمشين؟

في اليابان، يُعرف الأطفال الذين نشأوا في نظام الرعاية الاجتماعية، سواء في دور الرعاية الجماعية أو الأسر البديلة، ثم انتقلوا لاحقًا إلى حياة مستقلة، باسم ”الشباب الذين غادروا نظام الرعاية“. وفي خطوة لافتة، تعاون عدد من هؤلاء الشباب مؤخرًا لصياغة وثيقة بعنوان ”إعلان حقوق الأطفال والشباب“، بهدف إيصال أصواتهم وتعزيز مشاركتهم في القرارات التي تؤثر على حياتهم بشكل مباشر.

ورغم أن حياتهم اليومية تتأثر بقرارات وسياسات حكومية، نادرًا ما يُمنح هؤلاء الأطفال فرصة إبداء الرأي أو المشاركة في صياغة تلك السياسات. وتتسع هذه الفجوة بالنسبة لمن يفتقرون إلى وجود والدين أو أوصياء، مما يجعلهم أكثر بُعدًا عن صانعي القرار والمسؤولين. لكن هذا الواقع بدأ يشهد تغييرًا ملموسًا. ففي عام 2024، شمل تعديل قانون رعاية الطفل في اليابان بندًا يتيح للأطفال الخاضعين لنظام الرعاية المشاركة في القرارات المهمة التي تؤثر على مستقبلهم، في خطوة تُعد سابقة في تعزيز حقوقهم وإشراكهم في صياغة السياسات الخاصة بهم.

حقوق مسلوبة

قام أعضاء يابانيون في التحالف الدولي للرعاية البديلة (IFCA)، وهي منظمة أسستها في الولايات المتحدة مجموعة من الأشخاص الذين عاشوا سابقًا في دور الرعاية الجماعية وأنظمة التبني، بصياغة وثيقة بعنوان ”حقوق الأطفال والشباب في الرعاية الاجتماعية“. استندت هذه الوثيقة إلى ”وثيقة حقوق الشباب في الرعاية البديلة في كاليفورنيا“، التي أُقرت عام 2001 واعتمدتها حتى الآن 20 ولاية أمريكية. عمل أعضاء التحالف على ترجمة هذا النص وتكييفه ليتناسب مع الواقع الياباني، في عملية استغرقت أربع سنوات، تضمنت استشارات مع الأعضاء الأمريكيين وجلسات دراسية بقيادة خبراء قانونيين.

نصت المادة الثانية من الوثيقة على ما يلي: ”يحق لجميع الأطفال والشباب المحتاجين إلى الرعاية الاجتماعية البديلة أن يُبلغوا بحقوقهم بطريقة تتناسب مع أعمارهم ومستويات تطورهم، وذلك من قبل موظفي رعاية الطفل.“

كما أشارت المادة الحادية عشرة إلى حق الأطفال في معرفة برنامج وخطة حالتهم الشخصية والمشاركة في صياغتها، بما يشمل قرارات الإقامة، التغييرات في مكان الإقامة، وخطط دعم الاستقلال.

تتضمن الوثيقة عدة مواد بارزة، مثل الحق في إجراء واستقبال مكالمات هاتفية ورسائل بريد إلكتروني بسرية وخصوصية، والحق في التواصل الاجتماعي مع أشخاص خارج نظام الرعاية البديلة، بالإضافة إلى الحق في الالتحاق المنتظم بالمدرسة وتجنب تغيير المدارس قدر الإمكان. عند قراءة الوثيقة، يتضح كيف كانت هذه الحقوق غالبًا مسلوبة من الأطفال في نظام الرعاية الاجتماعية.

يجري حاليًا العمل على إصدار نسخة مخصصة للأطفال الأصغر سنًا، تتضمن شروحات مبسطة على شكل كتاب مصور، على أمل أن تلقى رواجًا واسعًا بين الأطفال أنفسهم ومقدمي الرعاية، مما يسهم في إيصال المفاهيم والحقوق بطريقة سهلة ومباشرة.

واستكمالًا لهذه المساعي، قامت ناغانوساكي، مديرة منظمة IFCA Japan، بزيارة إلى ولاية كولورادو في أكتوبر/تشرين الأول الماضي برفقة عدد من الأعضاء اليابانيين، للاطلاع على كيفية تأثير ”إعلان حقوق شباب الرعاية“ في تحسين حياة من نشأوا داخل نظام الرعاية هناك. وفي هذا الصدد، تقول ساكي: ”أرغب في أن نواصل التحرك لضمان تفعيل هذا الإعلان في اليابان أيضًا.“

مصير مجهول

قادت هذا المشروع إحدى عضوات منظمة التحالف الدولي للرعاية البديلة (IFCA)، وهي لا تزال في العشرينيات من عمرها، وكانت صاحبة المبادرة في صياغة ”إعلان حقوق الأطفال في نظام الرعاية“. تقول موضحة: ”أريد أن يفهم حتى أصغر الأطفال حقوقهم عند دخولهم نظام الرعاية. فإذا كان كل ما يعرفه الطفل هو العالم الذي نشأ فيه، فقد يستسلم معتقدًا أنه عاجز عن تغيير الظروف التي وُضع فيها أو الواقع الذي فُرض عليه“.

كانت هذه الشابة قد أُخذت إلى دار حماية من قبل مركز رعاية الطفل عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، بعد أن تعرضت لسوء المعاملة على يد والدها. انقلبت حياتها العائلية رأسًا على عقب حين نُقلت من مسقط رأسها للعيش مع والدها وزوجته الجديدة. وبما أن والدها كان يحمل تصورًا مثاليًا عن الابنة النموذجية، فقد كان ينهال عليها ضربًا بلا رحمة كلما أخفقت في مطابقة هذا النموذج. ففي إحدى المرات، ضربها بمضرب غولف حتى عجزت عن الجلوس على الكرسي لأيام. ولم يلحظ أحد آثار التعنيف والكدمات الموجودة على ظهرها ومؤخرتها بسبب ملابسها.

حاولت الهرب مرات عديدة من العنف الذي كانت تتعرض له. ففي إحدى المرات، طردها والدها خارج المنزل وهي لا ترتدي سوى ملابسها الداخلية، فوجدت نفسها مضطرة إلى قضاء الليل بأكمله في الشارع. لم يكن لديها أحد تلجأ إليه أو أصدقاء تعتمد عليهم، نظرًا لانتقال عائلتها حديثًا إلى المدينة. أمضت تلك الليلة تتجول في الحي وتختبئ كلما رأت سيارة شرطة تمر. تعلق على تلك الحادثة قائلة: ”لم يخطر ببالي أبدًا أن أطلب المساعدة. كنت أعتقد أنني عاجزة عن الهرب من والدي، وأن غضبه تجاهي كان نتيجة أخطائي. لذلك وجدت نفسي مستسلمة تمامًا.“ بل إنها لم تكن على دراية بوجود نظام حماية الأطفال، أو أن هناك جهة يمكن أن تمد لها يد العون وتحميها.

تتابع حديثها قائلة: ”عندما بدأت أتعرض للعنف، كنت أشعر وكأنني خرجت من جسدي وجلست أراقب شخصًا آخر يُضرب. كان الأمر مروعًا لدرجة أنني تعلمت فصل وعيي عن جسدي لكي لا أشعر بالألم. أعتقد الآن أن نجاتي من كل ما تعرضت له كان إنجازًا بحد ذاته“.

في سنتها الأولى بالمدرسة الثانوية، تفاجأت برؤية أصدقائها يتحدثون بطريقة طبيعية وعفوية مع آبائهم، وهذا ما جعلها تتساءل: ”هل هكذا يتحدث الآباء مع أبنائهم؟“ هذا السؤال جعلها تدرك حقيقة كانت غائبة عنها: والدها لم يكن يضربها من باب التأديب، بل لأنه لم يكن يحبها.

وذات يوم، بينما كانت تقضي الوقت في منزل إحدى صديقاتها، بدأت تتلقى مكالمات متكررة من والدها، تتبعها رسائل صوتية غاضبة مليئة بالصراخ. وعندما سمعت والدة صديقتها تلك الرسائل، أصرت على أن تبقى الفتاة ليلتها هناك. في صباح اليوم التالي، اصطحبتها إلى مركز خدمات الأطفال، حيث تم وضعها تحت الحماية فورًا، لتبدأ بذلك رحلة جديدة في حياتها تحفظ لها الأمان والكرامة.

في البداية، وُضعت في منزل رعاية مؤقت، وكانت تتنقل منه إلى مدرستها لمدة ثلاثة أشهر. وبعد توفر مكان شاغر، انتقلت إلى دار رعاية جماعية. كانت خطة حالتها وبرنامج حياتها يحددان بالكامل من قبل مركز الرعاية والجهات الحكومية، دون أن يكون لها أي دور أو رأي في القرارات المتخذة.

كانت تُبلغ بالتغييرات فجأة، دون شرح كافٍ أو واضح للأسباب أو لما يمكن توقعه لاحقًا. تصف تلك المرحلة قائلة: ”لم أكن أعلم ما الذي يجري في حياتي. كان من المفترض أن أشعر بالغضب أو القلق، لكنني لا أذكر أنني شعرت بشيء. كنت قد قررت أن أرفض الإحساس، وأن أطفئ مشاعري تمامًا.“

تمكنت من عيش طفولة أقرب إلى الطبيعية في دار الرعاية. استمتعت بروتين الحياة اليومية، وتمكنت من التفاعل بشكل مريح ومتوازن مع الموظفين وبقية المقيمين في الدار. كما كانت تذهب أحيانًا للتسوق في الحي مع الأطفال الأصغر، لتختبر لحظات من الحياة البسيطة التي لم تكن متاحة لها من قبل.

وبفضل تشجيع أحد الموظفين، التحقت بدورة تدريبية في شركة أجنبية، وشرعت بعدها في أخذ دروس في اللغة الإنكليزية. لم تكتفِ بذلك، بل تطوعت لاحقًا للعمل كمرشدة للسياح الأجانب في كيوتو، وهو ما فتح لها آفاقًا جديدة.

احتكاكها بالعالم الخارجي جعلها ترى شبابًا مفعمين بالحياة والحماس، وهذا ما زرع بداخلها حلمًا جديدًا: الالتحاق بالجامعة لتصبح يومًا مثلهم، تمتلك الثقة وتكون مستقلة. لكن حلمها بالالتحاق بالجامعة اصطدم بعقبة مالية كبيرة، كادت أن تعصف بطموحاتها. غير أن أحد الموظفين في دار الرعاية، والذي آمن بإصرارها وقوتها في مواجهة التحديات، شجعها على عدم الاستسلام، وساعدها في البحث عن مصدر دعم مالي. وبفضل هذا الدعم والإصرار، تمكنت من اجتياز امتحانات القبول بسهولة، وغادرت دار الرعاية لتبدأ فصلًا جديدًا في حياتها.

طبعت حياتها الجديدة مجموعة من الصعوبات والتحديات. بدايتها كانت في صعوبة العثور على شقة للإيجار دون وجود كفيل، وهو شرط أساسي في كثير من عقود الإيجار في اليابان. كما اضطرت إلى التوفيق بين الدراسة والعمل لتغطية تكاليف المعيشة والتعليم، وهو ما شكل ضغطًا نفسيًا وماديًا كبيرين عليها.

رغم ذلك، كانت هذه التحديات وقودًا دفعها لتحمل مسؤولية تغيير الواقع الذي تعيشه فئة الأطفال ممن نشأوا في مؤسسات الرعاية. ومن هذا الدافع، بدأت رحلتها في مجال العمل المجتمعي، لتلعب لاحقًا دورًا محوريًا في التحالف الدولي للرعاية البديلة (IFCA)، وتتحول من فتاة تبحث عن مخرج إلى صوت فاعل يدافع عن حقوق الأطفال الذين شاركوها نفس المصير.

مصير مسيَّر ولا مجال للاختيار

أما الشهادة الثانية، فتعود إلى إيكيدا روي، وهو وسيط عقاري يبلغ الآن الثلاثينيات من عمره. يفتتح إيكيدا روايته بكلمات مؤثرة: ”لقد نجوت أخيرًا“، في إشارة إلى اليوم الذي التحق فيه بنظام رعاية الأطفال عندما كان في الصف الثالث الابتدائي. يروي أن والديه انفصلا حين كان في الصف الأول، فانتقل للعيش مع والدته وزوجها الجديد، إلى جانب أخ غير شقيق يكبره بثلاث سنوات. ومنذ تلك اللحظة، تحول إيكيدا إلى هدف يومي للإساءة من قبل زوج أمه، الذي لم يكتفِ بتعنيفه جسديًا بل كان يحرمه من الطعام أيضًا.

من بين الإساءات التي تعرض لها، دفع زوج أمه له بقوة نحو النافذة، مما أدى إلى تحطيم الزجاج وكاد أن يتسبب في إسقاطه من الطابق الثالث. يتذكر إيكيدا: ”مع اقتراب موعد عودته إلى المنزل، كنت أفكر فيما سيفعله بي هذه المرة. كنت أقاتل فقط لأتمكن من النجاة كل يوم“. يقول إن خدمات الرعاية الاجتماعية أخرجته من دوامة العنف وأنقذت حياته.

تغيرت حياة إيكيدا تمامًا بعد نقله إلى دار رعاية جماعية بعيدة عن بيئته السابقة. هناك، انضم إلى فريق البيسبول في المدرسة الابتدائية التابعة للدار، وكان يتناول ثلاث وجبات يوميًا، وانتهى كابوس تعرضه للتعنيف اليومي. ورغم أنه وجد الأمان والاستقرار، إلا أن هذا الأمان لم يكن كافيًا لمنحه الشعور الكامل بالحرية أو الانتماء.

واجه صعوبة في التكيف مع الحياة الصارمة المنظمة، حيث كان النظام يفرض تفاصيل الحياة اليومية بدقة، مما جعل إيكيدا يشعر بأن قراراته الشخصية لا تؤخذ بعين الاعتبار. على سبيل المثال، كان يرغب في الركض إلى المدرسة الإعدادية يوميًا، معتقدًا أن ذلك سيساعده على تقوية بنيته الجسدية، لكن طلبه قوبل بالرفض القاطع، فقد كانت هناك حافلة مخصصة لنقل الطلاب ولا مجال للتفاوض. كما كانت هناك قيود صارمة على كثير من التفاصيل اليومية. هذا ما جعله في حالة جدال دائم ومقاومة للقوانين الصارمة. عدم تجاوبهم التام مع رغباته هو ما جعله يصل إلى قناعة بأنه مجرد شيء يُدار، الأمر الذي جعله في ضرورة مغادرة الدار.


يقول إيكيدا روي: “كلما طال بقاؤك في الدار، قلّت معرفتك بالعالم الخارجي. لذلك من المهم أن تتواصل مع العالم الخارجي.” (بتصريح من غوتو إيري)

بعد أن اكتشف وجود نظام الرعاية الأسرية، بدأ إيكيدا يكرس جهوده لتحقيق حلمه في العيش ضمن أسرة بديلة والخروج من دار الرعاية الجماعية. ولعدة سنوات، سعى بإصرار لتحقيق هذا الهدف، حتى بادر بنفسه وطلب استشارة من مركز رعاية الأطفال، ليبدأ بذلك رحلة جادة نحو حياة مختلفة. وفي الصف التاسع، تحقق حلمه أخيرًا. يقول متأثرًا: ”لأول مرة، امتلكت غرفة خاصة بي، وتناولت طعامًا مطهيًا في المنزل. لقد كنت سعيدًا للغاية“.

قضى إيكيدا سنوات دراسته الثانوية الثلاث في مدينة كاواساكي، حيث عاش مع والدين بديلين يتمتعان بخبرة طويلة في رعاية الأطفال. انغمس خلال تلك الفترة في شغفه برياضة البيسبول، بدعم كامل من العائلة التي احتضنته. فقد اعتاد والداه البديلان الاستيقاظ يوميًا في الخامسة صباحًا لتحضير وجباته، كما حرصا على حضور مبارياته لتشجيعه. لا يزال يعتبرهما عائلته التي تحبه ويشعر بالامتنان للعيش معهما.

إلا أن حلمه بالالتحاق بالجامعة لم يتحقق، بسبب التكلفة الباهظة للكلية التي كان يطمح في الالتحاق بها. يقول: ”كان حلمي أن أعمل في مجال متعلق بالبيسبول أو أصبح معلمًا، لكنني اضطررت للتخلي عن ذلك.“ غالبًا ما يواجه الأشخاص الذين نشأوا في نظام الرعاية تحديات كبيرة عندما يجدون عملًا، إذ إنهم مجبرون على تحقيق الاستقلال التام لأنهم لا يملكون عائلة يمكنهم الاعتماد عليها. يتعين عليهم بذل جهد كبير لتوفير الطعام واللباس والمأوى، وغالبًا ما يكون الأخير أكبر تحدياتهم في الحياة بعد مغادرتهم دار الرعاية. هذا ما وجه اهتمامه إلى العمل في مجال العقارات، وقد تمكن بعد عامين من العمل المضني في هذا المجال من تأسيس شركته الخاصة.

يؤكد إيكيدا أنه يسعى لخلق مكان يشعر فيه الناس من جميع الأجيال بالأمان ويستطيعون التجمع فيه. يقول: ”هذا ما كان عليه منزل عائلتي البديلة بالنسبة لي، وهو ما ساعدني على التواصل مع الناس قبل أن أخرج إلى العالم“. ويريد أن يعرف كل الأطفال اليوم: ”إذا استسلموا، فقد انتهى كل شيء. لذا عليهم ألا يتخلوا عن أحلامهم من أجل ضمان مستقبل جيد لهم“.

عقود من العمر مفقودة داخل دور الرعاية

أقرت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل عام 1989، واعتمدتها اليابان في عام 1994. ورغم ذلك، لا تزال اليابان متأخرة نسبيًا مقارنة بالدول المتقدمة الأخرى في معالجة حقوق الأطفال. في هذا الصدد، يشير البروفيسور الفخري في جامعة كيوتو الإقليمية، تسوزاكي تيتسو، وهو خبير في حقوق ”الشباب الذين غادروا نظام الرعاية“ في بريطانيا، إلى أن الشباب الذين غادروا نظام الرعاية في السبعينيات كانوا غالبًا ينشرون كتيبات تعترض على المعاملة التي تلقوها داخل النظام. وتابع قائلًا إنه بعد هذه الاعتراضات، بدأت الحكومة في التحول من نظام المعيشة الجماعية الموجه نحو التدريب المهني إلى نظام الرعاية المنزلية، مع التركيز بشكل أكبر على التبني والأسر البديلة كجوهر لهذا التحول. كما عملت الحكومات المحلية على إنشاء أقسام متخصصة تقدم الرعاية الاجتماعية الفردية للأطفال والبالغين على حد سواء.


يقول تسوزاكي: “إن نظام دور رعاية الأطفال يشكل مشكلة تواجه الأطفال الذين يعيشون الآن فيه. فهؤلاء الأطفال هم شباب المستقبل، وليس من المنطقي تأجيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لمساعدتهم وتضييع كل هذه السنوات من النقاش.” (© غوتو إيري)

في اليابان، تعتمد الرعاية الاجتماعية العامة على دور رعاية جماعية كبيرة تديرها مؤسسات خدمات الرفاه الاجتماعي الخاصة، بدعم من الإعانات الحكومية الوطنية المرتبطة بعدد السكان. ويوضح تسوزاكي قائلًا: ”يصعب على الشباب بناء العلاقات البينية الضرورية لتحقيق الاستقلال أثناء نشأتهم في دور الرعاية الجماعية. كما أن اليابان قد واجهت صعوبة في استيعاب أن الأطفال جزء من المجتمع، يمتلكون نفس الحقوق والفردية التي يتمتع بها البالغون“.

شهدت سنوات التسعينات محاولات علنية من طلاب المدارس الثانوية المقيمين في دور الرعاية الجماعية للمطالبة بتحسين أوضاعهم، غير أن هذه الجهود اصطدمت بتعنت إدارات تلك المرافق، مما أدى إلى إحباطها بشكل ممنهج. ومع تراجع الاهتمام العام بالقضية، تضاءلت فرص الدفاع عن حقوقهم تدريجيًا حتى تلاشت. يشير تسوزاكي إلى أن بريطانيا بدأت في إدخال تحسينات ملموسة على نظام رعاية الأطفال منذ السبعينيات، بينما لم تبدأ اليابان في اتخاذ خطوات جادة بهذا الاتجاه إلا في عام 2016، من خلال تعديل قانون رعاية الطفل الذي نص بوضوح على أن الأطفال في الرعاية هم أصحاب حقوق. ويعلق تسوزاكي بأسف: ”لقد خسرنا ما لا يقل عن أربعين عامًا من التقدم في هذا المجال“.

الرعاية العقلية تأتي أولاً

في المقابل، لا تزال مرافق الحماية المؤقتة، التي تُستخدم كملاجئ طارئة للأطفال المحتاجين إلى رعاية عاجلة وحماية فورية، تتحرك ببطء نحو تبني نهج يضع حماية حقوق الطفل في صميم أولوياته. يشير ساكاناشي يوجي، وهو محاضر في جامعة ميجيرو ومتخصص في دراسة أنظمة دعم الأطفال، بما في ذلك دور مديري الصحة النفسية في هذه الملاجئ، إلى أن: ”الأطفال الذين تعرضوا لسوء المعاملة وسُلبت منهم أبسط حقوقهم، يحتاجون في المقام الأول إلى رعاية نفسية مناسبة، قبل أن يتمكنوا من التعبير عن أفكارهم أو الدفاع عن أنفسهم. وهي خطوة لا تقل أهمية عن توفير مكان آمن لإيوائهم، بل تُعد حجر الأساس في عملية التعافي وبناء حياة جديدة أكثر استقرارًا وأمانًا“.


يشارك ساكاناشي معلومات حول حملة الشريط البرتقالي لحقوق الطفل، خلال فعالية نظمتها جامعة ميجيرو. (© غوتو إيري)

غالبًا ما يُظهر الأطفال في ملاجئ الطوارئ أنماطًا سلوكية مضطربة، تكون في جوهرها انعكاسًا لصدمات الإساءة التي تعرضوا لها في مراحل مبكرة من حياتهم. يوضح ساكاناشي يوجي الأمر قائلًا: ”إن الأطفال الذين مروا بتجارب مروعة هم في الواقع غالبًا ما يكونون أقل قدرة على طلب المساعدة، لأنهم اعتادوا في مراحل مبكرة من أعمارهم على الطاعة تحت وطأة السيطرة، ووجدوا فيها وسيلتهم الوحيدة للبقاء ومقاومة التعنيف الذي كانوا يتعرضون له على الدوام“.

ويضيف: ”وقبل أن يتمكن هؤلاء الأطفال من استيعاب حقوقهم أو المطالبة بها، يجب أن يعمل كل من البالغين والأطفال سويًا على تخطي حالة العجز عن التعبير عن الرأي والمشاعر. فهؤلاء الأطفال يحتاجون إلى رعاية نفسية متخصصة تساعدهم على فهم ذواتهم وصياغة مشاعرهم بالشكل الصحيح والتعبير عنها بوضوح وصدق. إن هذه الخطوة أساسية في مسار التعافي، تمامًا كما هو توفير مكان آمن لإيوائهم“.

في الواقع، لم يتح لمعظم أعضاء طواقم الملاجئ فرص كافية لاكتساب المعارف وتعلم المهارات الخاصة المطلوبة لتقديم رعاية فعالة. كما يفاقم نقص الكوادر، الذي يقابله زيادة في أعداد الأطفال الملتحقين بدور الرعاية، من صعوبة أداء هذه المهمة الحساسة. بعد استماع ساكاناشي يوجي لشهادات من الأطفال والموظفين في الميدان، يقترح فكرة مفادها ضرورة التركيز على الطفل كوسيلة ملموسة وناجعة تساهم في دعم تطور الطفل والموظفين على حد سواء. يؤكد قائلًا: ”إن الخطوة الأولى نحو تحقيق الرعاية النفسية وتعليم الحقوق تبدأ من فهم عميق يتمحور حول الطفل، يمنحه شعورًا بأنه هو من يقود حياته ويتحكم في مصيره.“ وقد بدأت الحكومة مؤخرًا تعترف بأهمية دمج الدعم النفسي مع تعليم الحقوق داخل ملاجئ الطوارئ، وشرعت في تنفيذ استطلاعات ميدانية بهدف تطوير هذا التوجه.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. بمساعدة تحريرية من باور نيوز. صورة العنوان الرئيسي © غوتو إيري)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | أطفال اليابان يكتبون مستقبلهم: وثيقة حقوق جديدة بمشاركة صانعيها الصغار لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :