بدأ النبيذ الياباني يشق طريقه بثقة إلى موائد الذوّاقة حول العالم، مستقطبًا الانتباه بنكهاته الفريدة ومقوماته المحلية. وقد شكّلت فعاليات مثل ”معرض النبيذ الياباني“ الذي أُقيم في منطقة بورغوندي الفرنسية في فبراير/شباط الماضي منصة دولية لعرض تميز هذا المشروب القادم من أراضي الشمس المشرقة. في هذا التقرير، نلتقي مع نخبة من صانعي النبيذ اليابانيين، ونستمع إلى آراء عشاقه من مختلف أنحاء العالم، لنكتشف معًا سر هذا الإقبال المتزايد.
النبيذ الياباني يجذب الأنظار
أُقيمت فعالية تذوّق النبيذ الياباني تحت عنوان ”صالون النبيذ الياباني“ في كنيسة تاريخية تقع في قلب مدينة بون، إحدى المدن الرئيسية في منطقة بورغندي الفرنسية الشهيرة عالميًا بصناعة النبيذ. وتُعد هذه النسخة الثانية من الفعالية منذ انطلاقها في عام 2023.
وأوضح إيواساكي غينكي، رئيس اللجنة التنفيذية، أن نحو 50 مصنعًا للنبيذ من اليابان شاركوا في المعرض، من بينهم 14 مصنعًا أرسلوا ممثلين للمشاركة شخصيًا في الفعالية بفرنسا، ما يعكس التزامًا متزايدًا بالترويج الدولي للنبيذ الياباني.
وشهدت الفعالية حضورًا لافتًا قُدّر بنحو 600 شخص، من بينهم ممثلون عن متاجر بيع النبيذ المحلية، وصانعو النبيذ، والعاملون في قطاع المطاعم، وهواة جمع النبيذ. كما شارك عدد من اليابانيين المقيمين في فرنسا. وبلغ عدد الحضور الذين شاركوا للمرة الأولى نحو 450 شخصًا، في مؤشر واضح على تنامي الاهتمام الفرنسي بالنبيذ الياباني وارتفاع مكانته في واحدة من أعرق عواصم صناعة النبيذ في العالم.
المنطقة المحيطة بكنيسة أوراتوار في مدينة بون (تظهر في الخلفية على الجهة اليمنى)، والتي استضافت فعالية صالون النبيذ. (© أوكيتا ياسويُكي)
أصبح فندق ديو في مدينة بون، الذي كان في السابق مستشفى مجانيًا للفقراء، من المعالم البارزة في المدينة. وقد اعتاد تمويل أنشطته من خلال إنتاج النبيذ وبيعه، مما جعله يحتفظ بعلاقة وثيقة وعميقة بصناعة النبيذ حتى اليوم. (© أوكيتا ياسويُكي)
حضرت وسائل الإعلام لتغطية صالون النبيذ الياباني، من بينها محطات تلفزيونية فرنسية، بالإضافة إلى مكتب هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية (NHK) في باريس، ما يعكس الزخم المتزايد الذي يكتسبه هذا الحدث سنويًا. ومن بين أبرز الأسماء التي عُرضت نبيذها خلال الفعالية، كان هناك حضور لافت لكبار منتجي بورغندي، مثل فيليب باكاليت، أحد روّاد النبيذ الطبيعي في فرنسا، والذي يُعرف باهتمامه بالنبيذ الياباني منذ أكثر من عقد من الزمن.
بيرتران دوغا، الرئيس الحالي لمصنع دومين كلود دوغا، وهو مصنع يمتد تاريخه في منطقة جوفري-شامبرتان إلى القرن السابع عشر، علّق قائلًا بإعجاب ”من الرائع أن نرى كيف أن لكل منطقة في اليابان أسلوبها الخاص في إنتاج عنب بينو نوار. نحن هنا، في بورغندي، مقيدون أحيانًا بإرثنا العريق، ولذلك عندما اكتشفت أن صانعي النبيذ اليابانيين يملكون حرية إنتاج النبيذ بطريقتهم الخاصة، شعرت بشيء من الحسد“.
ورغم القلق الأولي بشأن مدى تقبل الجمهور الفرنسي للنبيذ الياباني في واحدة من أعرق مناطق النبيذ في العالم، جاءت ردود الفعل إيجابية بشكل لافت. فقد أعرب العديد من الزوار عن تقديرهم للطابع الياباني الفريد في إنتاج النبيذ، الذي يتسم بالنقاء والرقة، حتى عند استخدام نفس أنواع العنب المستخدمة في بورغندي، مثل بينو نوار. كما أبدى الحضور اهتمامًا خاصًا بالأصناف المحلية اليابانية مثل Muscat Bailey A وDelaware.
وعلّق أحد هواة جمع النبيذ من سكان المنطقة قائلًا ”نوع النبيذ الذي أتذوقه الآن يُدعى Black Queen، وهو يحمل طابعًا لم أختبره من قبل. أرغب فعلًا في إضافة بعض من زجاجاته إلى مجموعتي الخاصة في المنزل.“
تجدر الإشارة إلى أن الملكة السمراء (Black Queen) هو صنف عنب هجين تم تطويره في اليابان، ويتميّز بلونه العميق ونكهته الغنية التي تميل إلى التوابل، على غرار Muscat Bailey A، أحد أبرز الأصناف التي تعكس هوية النبيذ الياباني المتجددة.
بهذا، لم ينجح النبيذ الياباني فقط في تجاوز حدود الجغرافيا، بل اقتحم واحدة من أكثر الأسواق نخبوية وتقاليدًا، مؤكدًا أن الابتكار المحلي قادر على منافسة الإرث العريق حين يُقدّم بصدق وجودة.
ساهم أفراد الجالية اليابانية المقيمة في منطقة بورغوندي في تنظيم هذا الحدث، حيث قدّموا للزوار 600 زجاجة نبيذ تمثّل 139 علامة مختلفة. (© أوكيتا ياسويُكي)
التعبير عن الخصائص الفريدة للنبيذ الياباني
نال نبيذ (دوماين تاكاهيكو سوغا) الذي ذُكر في مقال سابق أكبر قدر من اهتمام الزوار. فقد أصبحت أنواع نبيذ مثل (نانا-تزو-موري بينو نوار) و(نانا-تسو-موري بلانك دو نوار) معروفين جيداً في فرنسا.
وشملت مصانع النبيذ الأخرى التي حظيت باستقبال جيد في الفعالية مثل (ناغومي فاينياردز) التابعة لشركة ناغانو إنفينتشر، ومصنع (فيرمير) في نيغاتا، ومصنع (كيتاني واين) في نارا.
يقول آيك توشيهيرو من نبيذ ناغومي: ”يبدو أن موقف الجمهور قد تغير بشكل ملحوظ بين المرة السابقة وهذه المرة، من مجرد الفضول تجاه النبيذ الياباني إلى الإعجاب الحقيقي به”. وأضاف أن هناك العديد من الأسئلة العملية المتعلقة بشراء النبيذ. كما أن نبيذ آيك مدرج حاليًا ضمن قائمة النبيذ في مطعم تشاكيسيايسكي أكيشي الحاصل على نجمة ميشلان في باريس منذ آخر فعالية تذوق النبيذ الياباني.
وعلق هوندا تاكاشي من مصنع فيرمير قائلًا: ”إن المشاركة في هذا الحدث تمثل فرصة لعدد كبير من المهنيين، بما في ذلك صانعي النبيذ في بورغوندي، لتذوق نبيذنا وتقديم ملاحظاتهم. أود أن أستفيد من ذلك لتحسين منتجاتنا. وإذا توافرت فرص لإبرام صفقات تجارية، فأنا أطمح إلى أن تتم بشكل مفتوح وحر“.
كما شارك كيتاني كازوتو من مصنع كيتاني واين في كلا الحدثين، مشيرًا إلى قيمة المشاركة بقوله ”استنادًا إلى التقييمات الفرنسية التي حصلنا عليها في فعالية العام الماضي، قررنا تعزيز حموضة أنواع النبيذ التي ننتجها، وحاولنا تطبيق تقنيات مثل تقسيم أوقات الحصاد لتحقيق ذلك”.
بعض الزوار يستمعون إلى شرح المنتجات في جناح دومين تاكاهيكو. (© أوكيتا ياسويُكي)
على اليسار، صحفي متخصص في تغطية النبيذ الياباني يشارك حديثه عن هذا المشروب الفريد. وعلى اليمين، إتيان دي مونتيل، صانع نبيذ من بورغوندي يصنع أيضًا في هوكايدو، حيث كان يشارك في تقديم النبيذ خلال الحدث. (© أوكيتا ياسويُكي)
قدّم ياناسي ميتسورو، رئيس الطهاة ومالك مطعم (باريس ميت آند واين فيرتوس)، بعض الملاحظات حول التذوق قائلاً ”تميزت العديد من أنواع النبيذ بنكهات فريدة تعكس بوضوح خصائص التربة والمناخ التي تؤثر على نكهة النبيذ الياباني. أشعر برغبة كبيرة في تقديم بعض هذه الأنواع في مطعمي في باريس. الكثير من الباريسيين يحبون اليابان، وأعتقد أنهم سيبدون اهتمامًا كبيرًا“. وقد أبرم ياناسي صفقة سريعة مع مصنع ناغومي للنبيذ لتوفير نبيذهم في مطعمه.
كما شارك أوكا نوريوكي، رئيس متجر النبيذ الهولندي (غوبي غوبي) المتخصص في النبيذ الياباني، في الفعالية. كان جناح متجره هو الوحيد الذي باع النبيذ فعليًا خلال الحدث، وقد نفدت مخزونات النبيذ بسرعة. ويبدو أن نموذج العمل الفريد لـ(غوبي غوبي) سيكون له دور مهم في زيادة الوعي وقبول النبيذ الياباني في المستقبل.
الدافع والتشجيع لصانعي النبيذ
بعد انتهاء التذوق، قام العديد من المنتجين المشاركين في الفعالية بجولة في ثمانية مصانع نبيذ بارزة، من بينها (دومين ليفلايف) و(دومين دوجاك) و(ميزون فيليب باكاليت). وشرح الراعي إيواساكي قائلاً:
”تُعتبر فرصة زيارة مصانع النبيذ المحلية من الركائز الأساسية لزيادة الوعي وتقييم النبيذ الياباني، وهو أحد الأهداف الرئيسية لصالون النبيذ الياباني”. وقد شارك المشاركون بعد تجربتهم الحافزة هذه، مشاعر التشجيع والدعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من اليسار: آيك توشيهيرو من نبيذ ناغومي، وأوكا نوريوكي من متجر غوبي غوبي، وصانع النبيذ إيواساكي غينكي. (© أوكيتا ياسويُكي)
قضى إيواساكي غينكي في بورغوندي سبع سنوات يدرس فنون صناعة النبيذ ويبني شبكة علاقاته، مما أسهم مباشرة في تخطيط وتنظيم فعالية صالون النبيذ الياباني. عاد إيواساكي منذ ذلك الحين إلى وطنه في محافظة توتشيغي، حيث يستعد لبدء صناعة النبيذ هناك. ويبدو أن الانتشار السريع للنبيذ الياباني يعود بشكل كبير إلى أنماط الحياة ونماذج الأعمال التي يتبعها شباب مثل إيواساكي، الذين يمتد عملهم ويزدهر عبر الحدود الوطنية.
يقول إيواساكي إن حلمه هو تنظيم فعاليات مماثلة في المدن الكبرى حول العالم، مثل برشلونة، لتعزيز حضور النبيذ الياباني دوليًا.
وتنمو شهرة النبيذ الياباني على الصعيد الدولي بسرعة وعمق، إلى جانب ازدياد الوعي به في الداخل. وكما يسلط العديد من الزوار الأجانب الضوء على مناطق ونقاط جذب لا يعرفها كثير من اليابانيين، كذلك تذكرنا هذه الانطباعات الخارجية بقيمة النبيذ الياباني
(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان الرئيسي: أصحاب المطاعم المحليين يتذوقون النبيذ الياباني باهتمام. © أوكيتا ياسويوكي)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | عنب اليابان... ثمار جديدة من أرض الشمس المشرقة تدهش عشّاق النبيذ حول العالم! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :