الرياص - اسماء السيد - زانفورت (هولندا): وجّه المرشّح الأميركي لرئاسة الاتحاد الدولي للسيارات (فيا)، تيم ماير، دعوة صريحة إلى إعادة تشكيل الثقافة السائدة في رياضة السيارات، في أعقاب سلسلة من الخلافات بين رئيس الاتحاد الحالي، الإماراتي محمد بن سليّم، وعدد من أبرز سائقي الفورمولا واحد.
وقال ماير، في مقابلة أجراها مع وكالة الصحافة الفرنسية على هامش جائزة هولندا الكبرى، إن المرحلة المقبلة تستدعي "عهدًا جديدًا من الشراكة" بين السائقين، الفرق، والمسؤولين، بعيدًا عن مفاهيم السيطرة والتسلّط، مضيفًا: "لا يتعلق الأمر بالسلطة، ولا بالجدل أو بكيفية ’السيطرة على الأمور‘، بل بـ’كيفية الخدمة‘".
وقد شهدت فترة رئاسة بن سليّم عدة مواجهات علنية مع السائقين، من بينها نقاشات بشأن اللغة المستخدمة عبر راديو الفريق، والجدل حول تطبيق صارم للوائح الملابس عام 2022. فقد شدد رئيس "فيا" حينها على الالتزام بارتداء ملابس داخلية مقاومة للحريق، وفرض إزالة المجوهرات أثناء القيادة، ما تسبب في توتر واضح مع بطل العالم البريطاني لويس هاميلتون، الذي اعتُبر في صلب تلك المواجهة.
القيود التي فُرضت على الملابس أثارت انتقادات عديدة، واعتبرها البعض تركيزًا على تفاصيل هامشية، في وقت تواجه فيه رياضة السيارات تحديات أكثر إلحاحًا. ماير علّق على ذلك قائلاً: "لا يريد المشجعون فعلاً أن يسمعوا عن الملابس الداخلية للسائقين. الطريقة الأبسط هي التوجه إليهم بالقول: ’يا شباب، هذا من أجل سلامتكم. يُرجى التأكد من ارتداء الملابس المناسبة‘، ويتم ذلك بهدوء خلال اجتماع السائقين".
من سباق الحلبات إلى صندوق الاقتراع
تيم ماير، البالغ من العمر 59 عامًا، وُلد في الولايات المتحدة وتلقى تعليمه في بريطانيا، وينتمي إلى عائلة لها جذور عميقة في رياضة السيارات. والده، تيدي ماير، ترأس فريق ماكلارين سابقًا، ولعب دورًا محوريًا في إدارة السباقات على مدى 35 عامًا.
أوضح ماير أنه في حال فوزه في انتخابات كانون الأول (ديسمبر)، سيتّبع نهجًا مختلفًا عن سلفه، قائلاً: "السائقون هم نجومنا، وليس رئيس ’فيا‘. لم يشتر أحد تذكرة قط لمشاهدة المسؤولين أثناء القيام بعملهم". وأضاف، مشيرًا إلى قدرة السائقين: "ما يقومون به لا يقل عن كونه معجزة. لا يجب معاملتهم كالأطفال بل كشركاء".
وكانت العلاقة بين ماير وبن سليّم قد تأزّمت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، عقب إقالة ماير من منصبه كمراقب للسباقات عبر رسالة نصية، على حد تعبيره. وقال ماير إن الاتحاد يُدار وفق "نظام قائم على الخوف"، مؤكدًا في الوقت نفسه أن حملته الانتخابية لا تنطلق من دوافع شخصية، وإن كان قد شعر بالغضب لقرابة أسبوعين بعد الإقالة، قبل أن يستعيد تركيزه: "بالنسبة إلي، كانت فرصة لرد الجميل وتطوير المنظمة التي أحببتها على مدى أعوام طويلة".
كما وجّه انتقادات ضمنية إلى أسلوب الإدارة الحالية، مشيرًا إلى معدل "غير معقول" في استقالة الموظفين: "لقد وظّفوا أشخاصًا ممتازين، ثم رحلوا".
إفريقيا والنساء والأقليات في قلب رؤيته
يضع ماير قضايا التنوّع والتوسّع الجغرافي في صلب حملته، وعبّر عن دعمه لفكرة إقامة سباق للفورمولا واحد في إفريقيا، مشيرًا إلى أن ذلك لن يحدث "خلال العامين المقبلين"، لكنه هدف ضروري: "هناك 1.4 مليار شخص محرومون فعليًا من حقهم في مشاهدة السباقات".
وتطرّق المرشّح الأميركي إلى التمثيل النسائي، معتبرًا أن رياضات أخرى مثل الرغبي وكرة القدم سبقت رياضة السيارات في هذا المضمار. وقال: "لقد حرمنا النساء والأقليات تمامًا من دخول رياضة السيارات"، متعهّدًا بتوسيع المشاركة النسائية "لا بشكل رمزي فقط".
وشدّد على ضرورة إشراك النساء في مسارات مهنية مختلفة داخل الرياضة، لاسيما في مجالات الهندسة، قائلاً: "لا يقتصر الأمر على رمزية وجود سائقة، بل بإحداث تغيير كامل على صعيد طريقة تفكيرنا في هذه الرياضة".
المعركة الانتخابية تقترب
مع اقتراب انتخابات كانون الأول (ديسمبر)، أعرب ماير عن ثقته في قدرته على الفوز، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن نظام التصويت "منحاز بالكامل لصالح الرئيس الحالي". ورغم ذلك، بدا مصممًا على خوض السباق حتى نهايته، واضعًا في اعتباره أن المعركة تتعلق بمستقبل رياضة السيارات بقدر ما تتعلق برئاسة الاتحاد.
أخبار متعلقة :