ابوظبي - سيف اليزيد - أحمد عاطف، شعبان بلال، عبدالله أبو ضيف (القاهرة)
تعكس الزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جمهورية أنغولا، تحولاً نوعياً غير مسبوق في مسيرة التعاون بين البلدين، مما يجسد تنامي شراكتهما في مختلف المجالات، ورؤيتهما المشتركة لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الأمن والاستقرار في مختلف أنحاء القارة الأفريقية.
وتعود أهمية الزيارة إلى كونها أول زيارة دولة يقوم بها رئيس إماراتي إلى جمهورية أنغولا منذ إرساء أسس العلاقات بين البلدين في عام 1997، ما يشكل دفعة قوية لتطوير آليات التعاون المشترك، بما يخدم أولويات التنمية والازدهار، وبما يتوافق مع جهود الإمارات الرامية لتعزيز أوجه التعاون الإقليمي والدولي مع مختلف دول العالم.
وتتعاون الإمارات وأنغولا بشكل فاعل في القضايا الإقليمية والدولية، خاصة في مجالات الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، ودعم مبادرات التنمية المستدامة، من خلال التنسيق داخل المحافل الإقليمية والدولية، في ظل تقارب وجهات النظر حيال مختلف القضايا.
وشدد خبراء ومحللون على أهمية تطور العلاقات الإماراتية الأنغولية، مما يجعلها نموذجاً مهماً للتعاون البنّاء والشراكة الاستراتيجية التي تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مؤكدين أن التطور الملحوظ في علاقات البلدين ينعكس إيجاباً على تعزيز أواصر التعاون في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإنسانية.
وأوضح هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن حرص الإمارات وأنغولا على تعزيز التعاون في جميع المجالات، يعكس توجّههما الفاعل والمشترك نحو بناء شراكة استراتيجية قائمة على تبادل المصالح والرؤية الموحدة تجاه مختلف التحديات الإقليمية والعالمية.
وشدد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، الدكتور هيثم عمران، على أن الزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جمهورية أنغولا، تعكس مدى عمق الرؤية الإماراتية الرامية إلى تعزيز التعاون مع مختلف دول العالم، موضحاً أن الزيارة تأتي ضمن سلسلة التحركات الدبلوماسية الإماراتية على الساحتين الإقليمية والدولية.
وذكر عمران، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الزيارة تُجسد رغبة الإمارات في بناء شراكات استراتيجية وعلاقات متوازنة تمتد حبالها من دبلوماسية الاستقبال إلى عمق الاقتصاد المشترك، عبر تعزيز فرص التعاون في مجالات الاستثمار والبنى التحتيّة والطاقة المتجددة، مؤكداً أن الزيارة تأتي في توقيت مهم يتطلب تكثيف الشراكات الاستراتيجية مع دول القارة الأفريقية، لا سيما الدول الصاعدة اقتصادياً وتنموياً.
وأشار إلى أن أنغولا تُعد أحد أكبر منتجي النفط، وتتمتع بزخم التنمية في منطقة وسط أفريقيا، في حين تتمتع الإمارات بثقل مالي واقتصادي وسياسي ودبلوماسي، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وبالتالي تمثل زيارة صاحب السمو رئيس الدولة إلى أنغولا نقطة التقاء لمصالح استراتيجية حقيقية.
وأوضح عمران أن الإمارات، عبر هذه الزيارة، تؤكد أنها قوة بناء في عالم يزداد تعددية، وأن دورها لا يقتصر على المدّ الخليجي والعربي فحسب، بل يتعداه إلى تطوير شراكة حقيقية مع أفريقيا، مما يعزز الحضور العربي في قلب تحديات التنمية والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
وقال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي: «إن العلاقات الإماراتية الأنغولية تمثل نموذجاً مهماً للتعاون البنّاء والشراكة الاستراتيجية، حيث يتعاون البلدان بشكل فاعل بهدف تعزيز الأمن ودعم التنمية».
رؤية مشتركة
من جانبه، قال الباحث السنغالي في الشؤون الأفريقية، تيرنو بشير، إن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جمهورية أنغولا تمثل خطوة استراتيجية مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، سواء في المجالات الاقتصادية أو السياسية أو الدبلوماسية أو الأمنية، وتأتي الزيارة في سياق رؤية إماراتية تهدف إلى تنويع الاستثمارات الخارجية وتوسيع الشراكات الاقتصادية.
وأضاف بشير، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الزيارة تعكس تحوّلاً نوعياً غير مسبوق في مسيرة التعاون بين البلدين، لا سيما أنهما يرتبطان برؤية مشتركة لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الاستقرار في أفريقيا، مشيراً إلى أن أنغولا تحرص على جذب الاستثمارات الإماراتية لدعم مشاريعها التنموية.
وأشار إلى أن الإمارات وأنغولا تجمعهما علاقات تعاون وثيق، تقوم على الاحترام المتبادل والتنسيق المستمر في القضايا ذات الاهتمام المشترك، مدفوعة بإرادة قيادتي البلدين لتعزيز الشراكة الثنائية.
محطة فارقة
في السياق، قالت المحللة السياسية السودانية، لنا مهدي، إن الزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى أنغولا ستشكّل محطة فارقة في مسار العلاقات الإماراتية الأفريقية، حيث تتجاوز الزيارة الطابع البروتوكولي، وتأتي ضمن استراتيجية واضحة لبناء حضور قوي ومستدام للإمارات في أفريقيا، عبر شراكات اقتصادية وتنموية وإنسانية.
وأضافت مهدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن أنغولا دولة ذات ثقل اقتصادي وسياسي في أفريقيا، وتُعد بوابة رئيسية إلى أسواق واعدة وفرص استثمارية ضخمة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والزراعة، وهو ما ينسجم مع طموحات الإمارات في توسيع نطاق التعاون الاقتصادي، ودعم التنمية المستدامة التي تحتاجها شعوب القارة الأفريقية.
وأشارت إلى أن العلاقة بين الإمارات وأفريقيا ارتبطت عبر عقود بالثقة والاحترام المتبادل، فقد بادرت الدولة، في أصعب الأوقات، إلى مدّ يد العون للشعوب الأفريقية لمواجهة الكوارث الطبيعية والتخفيف من تداعيات النزاعات، حيث امتدّ دورها إلى بناء المستشفيات والمدارس وشقّ الطرق ودعم الزراعة، وهي خطوات ملموسة تركت بصمتها في الذاكرة الأفريقية، ورسّخت صورة الدولة باعتبارها حليفاً يُعتمد عليه في أوقات الشدة والرخاء.
آفاق جديدة
قال الباحث في العلاقات الدولية، محمد خلفان الصوافي، إن العلاقات الإماراتية الأفريقية لم تعد تصنّف في إطار علاقات صداقة تقليدية، بل تطورت خلال السنوات الأخيرة لتصبح علاقات استراتيجية ذات أبعاد متعددة، يتصدرها البعد الاقتصادي.
وأضاف الصوافي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تمكنت من بناء شبكة واسعة من العلاقات مع نحو 50 دولة أفريقية، وهو رقم يعكس جهداً دبلوماسياً ممنهجاً، ورؤية قيادية واضحة وممتدة، تقوم على الانفتاح وبناء الثقة المتبادلة. وأشار إلى أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى أنغولا تمثل دفعة قوية لمسار الشراكة الإماراتية الأفريقية، وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون، بما يتسق مع «رؤية الإمارات للخمسين عاماً القادمة»، والتي تضع في أولوياتها أن تكون السياسة الخارجية مساهماً مباشراً في دعم النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة للدولة.
شراكات تنموية
أوضح أستاذ العلاقات الدولية الصومالي، الدكتور حسن شيخ علي، أن الدعم الذي تقدمه الإمارات للدول الأفريقية يعكس تحوّلاً استراتيجياً في علاقات القارة مع العالم، مشيراً إلى أن الدولة لم تكتفِ بالمساعدات الإنسانية الطارئة، بل مضت نحو بناء شراكات تنموية طويلة الأمد، تستهدف البنية التحتية والطاقة والزراعة والتعليم، وهي مجالات تشكّل العمود الفقري لأي نهضة اقتصادية مستدامة.
وذكر شيخ علي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن هذا التوجّه الإماراتي يعزّز مكانة الدولة بوصفها قوة فاعلة على الساحة الدولية، ويمنح الدول الأفريقية نموذجاً مختلفاً للشراكة، يقوم على الاحترام المتبادل ونقل الخبرات وتبادل المصالح، لا على المعادلات التقليدية للمساعدات المشروطة.
وأشار إلى أن هذا النهج يسهم في تمكين الشباب الأفريقي، ويفتح آفاقاً جديدة للتنمية، مما يرسّخ صورة الإمارات كدولة تبني السلام والاستقرار عبر التنمية الحقيقية لا عبر التدخلات المؤقتة.
وقال خبير العلاقات الدولية: «إن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تمثّل امتداداً عملياً للرؤية الإماراتية الرامية لتعزيز التعاون مع مختلف دول العالم، وتعكس إيمان القيادة الإماراتية بأهمية القارة الأفريقية في معادلات الاقتصاد والسياسة العالمية».
نموذج استثنائي
أكدت الدكتورة هبة البشبيشي، خبيرة الشؤون الأفريقية، أن الاهتمام الإماراتي بالقارة الأفريقية يمثل تحولاً استراتيجياً لافتاً، حيث استطاعت الدولة خلال العقدين الماضيين أن تقدم نموذجاً مختلفاً يقوم على الشراكة الإنسانية والتنموية، بعيداً عن أنماط المساعدات التقليدية، منوهة بأن هذا التحول يعكس وعياً إماراتياً بخصوصية القارة الأفريقية وتحدياتها، ورؤية واضحة لمساعدتها على استغلال مواردها وتجاوز أزماتها.
وأوضحت البشبيشي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تنظر إلى أفريقيا كشريك حقيقي في بناء الاستقرار والتنمية، مشيرة إلى أن المبادرات التي تقودها الدولة اليوم، سواء في مجالات التنمية الاقتصادية أو الطاقة أو البنية التحتية أو العمل الإنساني، تجسد هذا التوجه وتعطي بعداً عملياً لالتزامها بدعم الشعوب الأفريقية.
وأشارت إلى أن ما يميز الدور الإماراتي هو إدراكه العميق للتحديات المعقدة التي تعيشها القارة الأفريقية، من نزاعات مسلحة وأزمات إنسانية واقتصادية، والعمل على مواجهتها بسياسات وقائية تستهدف تجفيف منابع الأزمات، بدلاً من انتظار انفجارها، مؤكدة أن التجربة السودانية الأخيرة تعكس الحاجة الملحة إلى هذا النوع من المقاربات التي تسعى الإمارات إلى ترسيخها عبر التنسيق المستمر مع الدول الأفريقية.
أخبار متعلقة :