تمكين المرأة في الإمارات.. من نظرية فكرية إلى نهج وطني متكامل

ابوظبي - سيف اليزيد - شهدت دولة الإمارات على مدى العقود الماضية، تحولاً جذرياً في مفهوم تمكين المرأة ليصبح نهجاً وطنياً متكاملاً تقوده سياسات واستراتيجيات شاملة من أبرزها السياسة الوطنية لتمكين المرأة 2023-2031، والتي جعلت من مشاركة المرأة المتكافئة ركيزة للتنمية المستدامة.

وفي يوم المرأة الإماراتية، تبرز مؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة في الشارقة، كمنصة وطنية تعمل على فتح آفاق المشاركة الاقتصادية والاجتماعية أمام المرأة، عبر برامج تدريبية وسياسات داعمة تسهم في تعزيز دورها في سوق العمل وريادة الأعمال. كما يكرس مجلس "إرثي" للحرف المعاصرة جهوده للحفاظ على الحرف التقليدية وتطويرها بأساليب عصرية، بما يضمن استدامتها وتحويلها إلى مصدر إبداعي واقتصادي يربط الأجيال الجديدة بجذورها الثقافية ويفتح أمامها أبواب الأسواق العالمية. ومنذ تأسيسها في 2015 بموجب مرسوم أميري أصدره صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبرئاسة قرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، وضعت "نماء " نهجاً شاملاً للتمكين يتجاوز الدعم المؤقت إلى بناء بيئة مستدامة تضمن للمرأة أدوات التأثير والمشاركة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، حيث جمعت بين السياسات والتشريعات والبرامج الميدانية، وأطلقت مبادرات نوعية مثل "ارتقاء" لتعزيز المساواة وتكافؤ الفرص في بيئات العمل، وبرنامج "الثقافة المالية" لتنمية مهارات النساء في إدارة مواردهن وغيرها من البرامج.

 

كما قدمت المؤسسة منصة "حوارات نماء"، لفتح نقاشات تفاعلية حول قضايا حياتية تدعم اتخاذ قرارات مدروسة، وأسهمت في إقرار "إجازة الرعاية" بحكومة الشارقة للأمهات العاملات لرعاية أطفالهن من ذوي الإعاقة أو الأمراض المزمنة، بعد دراسة موسعة للقوانين والسياسات لتلبية احتياجات هذه الفئة. ويعد مجلس إرثي للحرف المعاصرة نموذجاً إماراتياً في صون الحرف التقليدية وتطويرها ضمن سياقات معاصرة تدمج الهوية بالابتكار، إذ ينطلق المجلس من قناعة بأن الحرفة هي من أهم أدوات التمكين ومرآة للهوية وجسر للتواصل مع العالم، ومن خلال برامج تدريب مهني متخصصة في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا يمنح المجلس الحرفيات القدرة على تحويل مهاراتهن اليدوية إلى منتجات تحمل توقيعًا إماراتيًا تنافس في الأسواق العالمية. وبفضل شراكاته مع منصات دولية مرموقة مثل معرض لندن للتصميم وأسبوع ميلانو للتصميم، أرسى المجلس أسواقًا مستدامة للمنتجات الحرفية وأسهم في اختيار الشارقة مدينة إبداعية لليونسكو في مجال حرفة التلي، وبهذا النهج يجمع إرثي بين البعد الثقافي والاقتصادي والاجتماعي محافظاً على جوهر الحرفة كموروث ثقافي وموظفًا إياها كأداة لتعزيز حضور المرأة في مسيرة التنمية. وتؤكد جهود ومبادرات "نماء" و"إرثي" أن إعطاء المرأة الإماراتية فرصتها لإثبات ذاتها وجدارتها هو حقيقة راسخة تدعمها أرقام وإنجازات على الأرض، فالانتقال إلى نهج التمكين المؤسسي الممنهج جعل المرأة في دولة الإمارات شريكاً متكافئاً في صنع المستقبل، مدعومة بسياسات حكومية حكيمة ومؤسسات رائدة تواصل العمل الدؤوب، من الأسرة إلى المنظمات الدولية، والنتيجة هي جيل من النساء الإماراتيات القادرات على تشكيل الواقع وصناعة التغيير محلياً وعالمياً في إطار نهج تنموي مستدام تتشارك فيه كل فئات المجتمع. وبذلك تضع "نماء" و"إرثي" أسساً لتحول مفاهيمي في التمكين من كونه مطلباً تنموياً إلى كونه خياراً استراتيجياً لصناعة المستقبل، فالتمكين يتعدى حدود توفير الفرص إلى بناء منظومات مستدامة، تُعيد صياغة العلاقة بين المرأة والمجتمع بين الهوية والاقتصاد وبين التراث والمعاصرة.

أخبار متعلقة :