لبنان في الحسابات الأميركية: بين حدود القوة وإغراءات التفاهم

منذ بداية الأزمة ال​لبنان​ية الأخيرة، لم يكن المشهد منفصلاً عن السياق الإقليمي الأوسع. واشنطن لم تتعامل مع لبنان يوماً كملف قائم بذاته، بل كمكوّن يتأثر مباشرة بثلاثة ملفات أساسية: الأول، المسار السوري وهو الذي يشهد صعوبات كبيرة تجعل تقديمه كمثال يُحتذى في غير مكانه، علماً ان واشنطن لا تزال تسعى للإستثمار في الساحة السورية بما يشمل الضغط السياسي والاقتصادي، ومحاولة إعادة رسم توازن القوى هناك.

الثاني، الدور الإسرائيلي نفسه الذي يقوده بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، والتي ترفض فكرة إنهاء الحروب، والثالث ملف ​التفاوض مع إيران​ وملف الحرب على عليها، إذ لا تزال كل الإحتمالات مفتوحة، دون أن نغفل عن ذكر "ملف" لبنان نفسه.

زيارة الموفد الأميركي ​توم باراك​ إلى بيروت تأتي في هذا الإطار. لم يكن هدفها مجرّد الاطلاع أو تقديم نصائح، بل اختبار جدوى الضغوط الناعمة على القوى اللبنانية، لا سيما الثنائي الشيعي، في محاولة لإحداث تباين في مقاربة الملفات الحساسة، من سلاح ​حزب الله​ إلى تطبيق القرار 1701 بشكل موسّع. الخطاب الذي رافق الزيارة أظهر "غزلاً سياسياً" واضحاً تجاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في مقابل تسريبات تحاول الإيحاء بأن الحزب يقف في موقع مغاير، وهي مقاربة سبق أن استخدمتها واشنطن في محطات سابقة دون أن تحقق أهدافها النهائية.

في لبنان يتم التعامل مع زيارة باراك وما حملته بكثير من الاستنسابية، فهناك من هم متفائلون وهناك من هم متشائمون للغاية، وبالنسبة إلى المتفائلين يعتبرون أن الولايات المتحدة تُدرك أنّ لبنان لن يرضخ بالقوة والتصعيد، وإن أي حرب واسعة النطاق قد تفتح أبواباً تؤدي إلى غير ما تُريده. لذلك، ورغم الضخ الإعلامي باتجاه التصعيد والحرب تبقى المقاربة الأميركية حالياً محكومة بمنطق "التفاهمات الناعمة": الضغط عبر الاقتصاد، الإعلام، والعلاقات الدبلوماسية، وصولاً إلى انتزاع تنازلات تدريجية من الأطراف اللبنانية، من دون دفعها إلى حافة الانهيار الشامل.

بالمقابل يرى المتشائمون أن ما تُريده أميركا لا يمكن للبنان تقديمه، فالحزب ليس بوارد تسليم السلاح بعد كل هذه المشاهد التي تأتي من سوريا، والتوسع الذي تقوده إسرائيل في المنطقة، فالحزب يعتبر أن الحرب لم تنته بعد ولا يمكن التسليم بفكرة حصر السلاح في ظل ظروف كهذه، لذلك لا بد للتصادم أن يقع عاجلاً أم آجلاً، وهو سيأخذ شكل التصعيد العسكري أو الحرب.

إسرائيل بدورها تنظر إلى الساحة اللبنانية من زاويتين متناقضتين. من جهة، تدرك أن أي مواجهة واسعة مع الحزب قد تحمل مخاطر على جبهتها الداخلية، اقتصادياً وعسكرياً، وهو ما يجعل المؤسسة الأمنية تميل إلى السياسة التي تُمارس اليوم. ومن جهة أخرى، يسعى نتنياهو إلى استثمار التوتر الدائم على الحدود لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، سواء عبر تعزيز صورته كرجل أمن أو عبر الضغط على المجتمع الدولي لتقييد قدرات حزب الله.

لكنّ إسرائيل، رغم هذا التناقض، قد لا تكون مصلحتها بحرب شاملة ضد لبنان حالياً، لذلك، يظلّ خيارها المفضل هو الإبقاء على مناخ التوتر والتهديد، من دون الذهاب إلى مواجهة مفتوحة، بانتظار تغييرات إقليمية أو داخلية تجعل شروط الحرب أكثر ملاءمة، أو تحقيق اهداف أكثر سهولة.

الخلاصة أنّ واشنطن تريد من لبنان أمرين أساسيين: أولاً، تحييد دوره عن أي مواجهة إقليمية تُضعف الاستقرار الإسرائيلي، وإنهاء حالة الخطر التي تعيشها اسرائيل من هذه الجبهة، وثانياً، إدماجه تدريجياً في منظومة تفاهمات إقليمية أوسع تشمل سوريا وإيران. غير أنّ هذه الأهداف تصطدم بعاملين: صلابة الموقف الداخلي، ومحدودية قدرة واشنطن على فرض مسار واحد على منطقة باتت أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

كانت هذه تفاصيل خبر لبنان في الحسابات الأميركية: بين حدود القوة وإغراءات التفاهم لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :