شكرا لقرائتكم خبر علماء كاوست يثبتون كيف يمكن للطبيعة والتقنيات العميقة المتقدمة أن تبقي المدن باردة من دون كهرباء ونؤكد لكم باننا نسعى دائما لارضائكم والان مع التفاصيل
السعودية - بواسطة أيمن الوشواش - تواجه السعودية تحديات كبيرة في مجال التبريد، كما هو الحال في العديد من دول العالم. إذ يقدر أن أجهزة التكييف تستهلك نصف إجمالي الطلب على الكهرباء في المملكة، وهو مستوى غير مستدام، خصوصا في ظل التوسع العمراني الكبير الذي تشهده البلاد. واستجابة لذلك، يبتكر الباحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) حلول تبريد سلبية لا تستهلك الكهرباء، بل تعتمد على التحكم في الماء والضوء.
هذه التقنيات الجديدة تسهم في تبريد المساحات الحضرية لتمكين الناس من قضاء وقت أطول في الهواء الطلق، وتبريد الصوبات الزراعية لزيادة إنتاج المحاصيل، والمباني لخفض تكاليف الطاقة.
ارتفاع الحرارة مشكلة عالمية
تشهد درجات الحرارة ارتفاعا غير مسبوق على الصعيد العالمي. ففي مايو 2025، سجلت دولة الإمارات أعلى درجة حرارة في تاريخها بلغت 51.6 درجة مئوية. وبعد أسابيع، أودت موجات الحر في أوروبا بحياة الآلاف، فيما شهدت المملكة المتحدة أحر صيف على الإطلاق. أما في اليابان، فقد أدى انخفاض هطول الأمطار وحرارة الصيف القياسية إلى مضاعفة أسعار الأرز - الغذاء الأساسي هناك - مقارنة بالعام الماضي.
هذه الظروف المناخية الاستثنائية تحدث ضغطا هائلا على شبكات الكهرباء عالميا، ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع مستقبلا؛ إذ تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يزداد استهلاك الكهرباء الناتج عن التكييف بمعدل يتراوح بين 3 إلى 6 أضعاف بحلول 2050. وهذا الطلب المرتفع على الطاقة سيكون من الصعب تلبيته، ما يهدد ليس فقط صحة البشر، بل أيضا أمن الغذاء؛ بسبب صعوبة التحكم في مناخ الصوبات الزراعية، وإنتاج الطاقة المستدامة، إذ إن مصادر الطاقة المتجددة - كالشمس والرياح - تعتمد على أجهزة الكترونية قد تتعطل عند ارتفاع الحرارة.
وباستخدام مجموعة من التقنيات النانوية والمواد العاكسة، وتبخر الماء ونقل الحرارة، وأجهزة الاستشعار المتطورة والحوسبة الفائقة، تعمل كاوست على تطوير عدد من تقنيات التبريد السلبي التي تسمح للمدن والدول بالنمو بشكل مستدام.
استخراج الماء من الهواء
يقول البروفيسور كياوتشيانغ غان، أستاذ علوم المواد والفيزياء التطبيقية في كاوست «التبريد السلبي ينقل الحرارة من دون أي طاقة خارجية. إنه الفرق بين تشغيل جهاز التكييف وبين القفز في بحر بارد، الخيار الأخير لا يحتاج إلى كهرباء».
وبينما لا يصل الأمر حد القفز في البحر، فقد طور غان تقنية نانوية جديدة تسمح للأجهزة الالكترونية بالتبريد عبر امتصاص الماء من الهواء المحيط.
تستثمر السعودية بكثافة في الطاقة الشمسية. إذ تسجل في المتوسط أكثر من 300 يوم مشمس سنويا، ما يجعلها من بين أكثر المناطق سطوعا في العالم، ويمنحها ميزة كبيرة في استغلال هذه الطاقة المتجددة. لكن التعرض المستمر لأشعة الشمس ودرجات الحرارة المرتفعة يشكل مفارقة، إذ يعرض أجهزة توليد الطاقة الشمسية نفسها لخطر التلف. لذلك، تحتاج الألواح الشمسية إلى التبريد، وإلا فإنها ستتعرض لارتفاع حرارتها، مما يؤدي إلى تراجع كفاءتها العمرية والإنتاجية. فارتفاع درجة واحدة فقط يمكن أن يخفض أداء الخلايا الشمسية التي تشكل الألواح بنسبة تصل إلى 0.5%.
الحل الذي ابتكره غان يتمثل في استخلاص الماء من الهواء. فالمادة النانوية البلاستيكية التي طورها تمتص الرطوبة ليلا وتطلقها نهارا. وعند تثبيت هذه المادة على الخلايا الشمسية، يعمل الماء المنبعث على تبريدها في أثناء التشغيل تحت أشعة الشمس. وقد أثبتت نتائج غان أن هذه المادة تزيد عمر الخلايا الشمسية بشكل يفوق الضعف وتخفض بشكل كبير كلفة توليد الكهرباء.
كما يستخدم البروفيسور كيم تشون نغ، أستاذ علوم وهندسة البيئة في كاوست، استراتيجية مشابهة لاستخلاص الماء من الهواء، لتبريد المباني بطريقة مستدامة. نغ هو أستاذ وخبير في التبريد بالتبخير غير المباشر (IEC). حيث يتم إدخال الهواء الخارجي إلى المبنى عبر سطح رطب، ما يؤدي إلى تبخر الماء. وتعمل هذه العملية على تبريد الهواء وزيادة رطوبته. بعد ذلك يتدفق الهواء عبر مبادل حراري ليمتص الحرارة من الهواء الداخلي الأكثر دفئا، ما يؤدي إلى تبريد الجو الداخلي من دون نقل أي من الرطوبة الخارجية.
لكن في المناطق شديدة الحرارة، لا يكون التبريد السلبي عبر تقنية (IEC) وحده كافيا للتعامل مع رطوبة الهواء المدخل، وبالتالي لا يمكن أن يحل محل أجهزة التكييف التقليدية التي تعتمد على ضغط البخار الميكانيكي (MVC). للتغلب على هذا التحدي، طور البروفيسور نغ أنظمة هجينة تجمع بين تقنيتي IEC وMVC، تحقق أداء أجهزة التكييف التقليدية نفسه مع خفض استهلاك الطاقة بشكل كبير. في الواقع، أظهرت أبحاثه أن تحديث المباني في السعودية بهذه الأنظمة الهجينة يمكن أن يقلل من استهلاك الكهرباء السنوي بنسبة 33%.
لكن هناك عقبة. إذ يعتمد نظام IEC على وجود سطح رطب، مما يعني ضررورة توفر الماء. وهذا يعني أن الاعتماد على IEC-MVC الهجينة - رغم مساهمتها في تقليل الطلب على الكهرباء - قد يسبب مشكلات أخرى تتعلق بالاستدامة في مناطق مثل الشرق الأوسط، حيث إنتاج المياه ونقلها مكلف جدا. لكن نظام MVC ينتج الماء بشكل طبيعي، وهو ما يفسر ملاحظة المارة أحيانا لقطرات ماء متساقطة من مكيفات المباني. في الأنظمة الهجينة، يتم جمع هذا الماء وإعادة استخدامه للحفاظ على السطح الرطب. وأثبت نغ أن هذه الأنظمة يمكن أن تلغي الحاجة إلى أي مصدر إضافي للمياه في مدن رطبة مثل جدة، ما يبرهن على جدوى هذه الحلول في مناخات حارة تشهد نموا عمرانيا متسارعا.
عكس الضوء بعيدا
هناك طريقة أخرى للتبريد، تتمثل في إعادة توجيه الضوء. فالشمس لا تزودنا خلال النهار بالضوء فقط، بل بالحارة أيضا. ولو نظرنا إلى الألواح الشمسية لوجدنا أنها تحول نحو 20% من الضوء الذي تمتصه إلى طاقة فقط، بينما يتحول الباقي إلى حرارة. وينطبق الأمر نفسه على المصابيح الكهربائية.
عادة ما توجه المصابيح إلى الأسفل لإضاءة الأرض. لكن البروفيسور غان طور تقنية نانوية جديدة تقلب المفهوم رأسا على عقب، إذ تعكس الأشعة تحت الحمراء (المسببة للحرارة وغير المرئية) نحو السماء مباشرة، بينما تعكس الضوء المرئي مجددا إلى الأرض. النتيجة: مستوى الإضاءة نفسه، لكن بجهاز أكثر برودة بما يقارب 5 درجات وعمر أطول بنسبة 25% تقريبا، ومن دون أي تكلفة إضافية.
وتعد تقنية غان لثني الضوء أيضا حلا لمعضلة الزراعة. إذ تعتمد النباتات على ضوء الشمس للنمو، لكن ليس على كامل الطيف الشمسي، إذ إن الباقي منه - شأنه شأن الأجهزة الالكترونية الأخرى - يولد حرارة غير مرغوب فيها. ونظرا لمناخها، تعتمد السعودية بشكل كبير على استيراد الغذاء، لكنها تسعى إلى تقليل هذا الاعتماد عبر التوسع في مجال الصوبات الزراعية والمستنبتات المحمية التي تحتاج إلى درجات حرارة ثابتة للمحاصيل. لذلك تجهز هذه الصوبات عادة بمراوح وأجهزة تكييف كثيفة الاستهلاك للطاقة والمياه. وللتقليل من هذا العبء، طور غان تقنية نانوية أخرى لتغطية البيوت المحمية تمنع دخول الأشعة غير المفيدة لنمو النباتات، بحيث تسمح على نحو انتقائي بمرور الضوء النافع وتعكس الضار منه إلى الخارج. وقد أسهمت هذه التقنية في خفض حرارة التربة بشكل كبير، وزيادة موسم النمو في المملكة بنسبة تقارب 50%، ومضاعفة إنتاج المحاصيل الزراعية بنحو 3 أضعاف.
مدن أكثر برودة
الاستراتيجيات السابقة تسهم في تحسين والوحدات على نطاق فردي فقط، مثلما يستبدل شخص سيارته التقليدية بسيارة كهربائية. لكن يبقى أثرها محدودا ما لم تعتمد على نطاق واسع. لذلك، ينظر علماء كاوست أيضا إلى تصميم المدن بأكملها، وليس المباني فقط.
تعد ظاهرة «الجزر الحرارية الحضرية» تهديدا خطيرا لصحة الإنسان. وهي نتيجة لعوامل التصميم العمراني، مثل كثافة المباني والأسطح المرصوفة وقلة المساحات الخضراء. النتيجة: امتصاص المناطق الحضرية لحرارة أكثر واحتفاظها بها، ما يجعلها أدفأ بعدة درجات من المناطق الريفية المحيطة. هذا الارتفاع في الحرارة يزيد الطلب على التبريد، ويفاقم تلوث الهواء، ويرفع المخاطر الصحية خلال موجات الحر. ولهذا يعتبر التخطيط العمراني السليم عنصرا أساسيا لتمكين المملكة من تحقيق أهدافها الطموحة في النمو. ويعتمد هذا التخطيط على البيانات، وهنا يأتي دور كاوست.
يقول البروفيسور سامي الغامدي، الأستاذ المشارك في علوم وهندسة البيئة في كاوست «نعمل على بناء توائم رقمية للمدن، ونستخدم نماذج رياضية متقدمة للتنبؤ بأفضل الممارسات لإضافة المساحات الخضراء، واختيار مواد البناء، وغيرها من التدابير لخفض درجات حرارة المدن مع تقليل استهلاك الطاقة والمياه».
التوائم الرقمية هي نسخ افتراضية للمدن تتيح للعلماء تحليل التأثيرات الحضرية لمشاريع عمرانية ضخمة - مثل تغيير أسطح المباني أو إضافة عدد من الأشجار في حي سكني - قبل تنفيذها في أرض الواقع. ومن خلال أجهزة استشعار متقدمة، يجمع الغامدي بيانات مناخية لتغذية نماذجه الحسابية التي تشغل على حاسوب كاوست العملاق، الأسرع من نوعه في جامعات الشرق الأوسط. وتحاكي هذه النماذج تأثير استراتيجيات مختلفة على جودة الحياة الحضرية، وتوجه تصميم المدن للـ100 سنة المقبلة، بما يشمل كيفية توفير مناطق الظل، وإنشاء الحدائق، وتصميم المباني.
يتوقع الغامدي أن تسهم أبحاثه في جعل المدن حول العالم أكثر ملاءمة للمشاة وراكبي الدراجات ووسائل النقل العام، فضلا عن حماية التنوع البيولوجي والبنية التحتية.
ويضيف «يمكن للمتنزهات والمواد العاكسة والمناطق الظليلة أن تجعل المدن أكثر قابلية للعيش حتى مع ارتفاع درجات الحرارة. لكن لا يمكننا البناء فقط في الأماكن التي يرغب الناس بالسكن فيها، بل نحتاج إلى علم جيد وبيانات دقيقة لبناء مدن مستدامة».
تقنيات عميقة لدعم التبريد الحضري
ومن بين المساهمات المتميزة الأخرى في مجال تبريد المناطق الحضرية تأتي من شركة «سديم»، وهي شركة تقنيات عميقة تأسست في كاوست. إذ تجمع بين تقنيات الأقمار الاصطناعية وإنترنت الأشياء ونماذج الذكاء الاصطناعي لتمكين العلماء وصناع القرار من التنبؤ وتحليل ظاهرة الجزر الحرارية، إضافة إلى تقييم أثر استراتيجيات التخفيف من تبعات تغير المناخ.
تستخدم منتجات سديم بالفعل في 7 دول. ويقول الرئيس التنفيذي مصطفى موسى إن نجاح الشركة وقدرتها على تقديم خدماتها داخل المملكة لم يكن ليتحقق من دون دعم كاوست.
ويضيف «كانت كاوست عنصرا أساسيا بالنسبة لنا. فقد أتاحت لنا تطوير نماذجنا الأولية واختبار تقنياتنا في حرمها الجامعي. ودونها كنا حتما سنتوجه لخارج المملكة لتأسيس شركتنا».
من حلول الطبيعة إلى الحلول الرقمية
مع ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، أدركت العديد من الدول أهمية التبريد لجعل المدن ملائمة للعيش. ومع ذلك، فإن بناء المزيد من المكيفات ليس خيارا مستداما. تقدم كاوست مجموعة من الحلول المتنوعة، بدءا من الحلول الطبيعية مثل استخراج الماء من الهواء أو حرف ضوء الشمس، وصولا إلى الحلول الرقمية التي تعتمد على أحدث أجهزة الاستشعار والتقنيات الحسابية.
هذه الابتكارات تمكن المملكة من تحقيق النمو والازدهار في عالم أكثر حرارة، وتضعها في مقدمة جهود التطوير العالمية في مجال التبريد المستدام.
كانت هذه تفاصيل خبر علماء كاوست يثبتون كيف يمكن للطبيعة والتقنيات العميقة المتقدمة أن تبقي المدن باردة من دون كهرباء لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على مكه وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :