المبادئ وقوة الدول

في عالم تتسارع فيه التغيرات وتتشابك المؤثرات، تظل الأخلاق والمبادئ وتعاليم الدين والأعراف الأصيلة الركائز الثابتة التي تحفظ للإنسان كرامته وتمنحه التوازن في ذاته وروحه وتعاملاته. فالأخلاق ليست سلوكا عابرا أو تصرفا مؤقتا، بل هي جوهر الشخصية وروح التعامل في المجتمع، وهي المعيار الحقيقي الذي يقاس به رقي الأمم وتقدمها وتحضرها واحترامها للآخرين.

• حين يتحلى الإنسان بحسن الخلق، ينعكس ذلك في أقواله وأفعاله، في لباسه ونظراته، وفي لغة جسده وفي احترامه للآخرين، وفي التزامه بما يمليه عليه ضميره ووجدانه.

• جاء الدين الإسلامي ليتمم مكارم الأخلاق، فجعل حسن الخلق عبادة، وربط بين الإيمان وكمال السلوك، وبين التقوى والرحمة والحياء. وقد أكد سيد الخلق والبشرية الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في الحديث قال ﷺ: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، ليدرك الإنسان أن جوهر وأساس الدين ليس في المظاهر فقط، بل في النية والسلوك والاستقامة.

• دعت تعاليم الدين إلى ما يهذب اللسان ويجعله لسانا طيبا عاكسا ومرآة لجمال الروح، كما أن جمال الدين يتجلى إلى اللباس المحتشم والستر والحياء، وإلى القول الطيب، والتعامل بالعدل والإحسان والرفق والصدق.

• ويأتي مع جوهر الدين..القيم العليا والمبادئ، فهي البوصلة التي توجه الإنسان في سعيه ودروب يكون فيها، وتحميه من الانحراف والانزلاق وراء الأهواء والتقلبات. التمسك بالمبادئ تجعل الإنسان كريما، ومهابا وبحضور قوي وصادق، لا يُغريه بريق المصالح ولا يخيفه توجهات الناس.

• تكسب المبادئ الإنسان ثقة بنفسه، وثباتا في القول والفعل في المواقف، وعزة وقوة في قراراته، لأنه يملك ما لا يمكن شراؤه ولا يمكن التأثير يملك الضمير الحي.

• وفي عالم متقارب التأثير والتواصل، وفي ظل الانفتاح الإعلامي وتعدد الثقافات، قد تضعف بعض القيم وتغيب ! أو قد تستبدل بمفاهيم مشوشة وهشة، ولهذا كان التمسك بالعادات والتقاليد والأعراف الأصيلة التي لا تتعارض مع الشريعة ضرورة ملحّة وذات أهمية قصوى. فالأعراف تمثل امتدادًا لهوية المجتمع وذاكرته وتاريخه الأصيل، وتحمل في طياتها حكمة الأجداد والأباء الأولين، وتجاربهم وحياتهم وتقاربهم وعلاقاتهم في صون وحفظ العلاقات وتنظيم الحياة. في حشمة اللباس، والحرص على الستر نلمس أثر العرف والدين معًا، حين يُقدّم الحياء على المبالغة، والوقار على لفت الأنظار.

• وفي التعامل، نجد قيم الاحترام والتقدير والكرم والجود، وهي صفات وأخلاق متأصلة ويحرص الآباء على تعليمها وتأصيلها في أرواح وفكر أبنائهم.. ليقينهم أن الأبناء انعكاس راق وصورة حية ونابضة عنهم واخلاقهم.

• نجد اليوم أن وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج المفتوحة والتي جعلت الناس تدخل البيوت دون استئذان ودون احترام لأوقات وظروف عبر الهواتف المحمولة والذكية، التي أصبحت في أيدي الأطفال والمراهقين دون رقابة أو توجيه، ودون قدرة على التحكم والمنع، وكان لها للأسف الدور الكبير والواضح في تآكل كثير من هذه القيم وغيابها ونسيانها وكأنها تاريخ مضى!! وأثرت سلبًا على أخلاق الأجيال الحالية وفي لغتهم ونظرتهم للأمور، كما أضعفت لغة الحوار الحقيقي داخل البيوت.

• الطفل الذي يقضي ساعات طويلة أمام الشاشة المفتوحة النوافذ تجده يتلقى محتوى بلا حدود، يفقد إحساسه بالمكان وأهمية مشاركة الأسرة الحوار والتواصل والإحساس المشترك، تجده يبحث عن القدوة والنموذج مما يراه ويسمعه، ويفتقد لمعنى الكلمة الطيبة والمجاملة وتطيب الخاطر، ومعنى الاحترام بالمنافسة والصخب.

• أصبح واجبا على الأسرة أن تعيد ضبط اللقاء الأسري و التربوي، وتستعيد للأسرة مكانتها كمصدر أول للقيم والتوجيه والمبادئ.

• التمسك بالأخلاق لا يعني العزلة والانغلاق، ولا يعارض التطور والانفتاح، بل هو الأساس الذي يُبنى عليه كل تقدم حقيقي. فما قيمة المظهر دون جوهر؟ وما قيمة النجاح إذا كان على حساب القيم؟ إن جمال الإنسان لا يُقاس بما يرتديه، بل بما يحمل في قلبه من مشاعر وصدق تعامل لطف لغة وحوار، وفي سلوكه من احترام.

• المجتمعات والدول الناجحة والقوية التي لا تتنازل عن مبادئها، وتظل وفيّة لهويتها وقيمها ولا تنساق خلف تبعية وتقليد للآخر، تبقى هي المجتمعات القادرة على أن تواكب الحداثة والتطور دون أن تفقد حضورها، وأن تنفتح على العالم دون أن تتخلى عن روحها.

• وحين يلتزم الفرد ويتمسك بدينه وأخلاقه وأعرافه، يكون قدوة في بيته، وأمانا في مجتمعه، وسفيرا لقيمه بين الناس. وهذا الالتزام لا يُفرض، بل يُغرس بالتربية، ويُعزز بالقدوة، ويُصان بالحوار والوعي. فالأخلاق تُصقل وتبنى وترعى وتزرع في البيوت، وتجد الميدان الحقيقي لها خارج محيط الاسرة في المدرسة والجامعة والعمل والمؤسسات وفي الشارع ومناحي الحياة وطرقها، وتكون مسؤولية يتشارك فيها الجميع.

• آخر جرة قلم: إننا في حاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى أن نعيد الاعتبار للقيم، ونُعلي من شأن الأخلاق، ونستحضر دائمًا أن جوهر الإنسان ليس في مظهره، بل في صدقه، واستقامته، ونُبله ومنظومة قيمة وأخلاقه ؛ فبقدر ما نتمسك بثوابتنا ومبادئنا، بقدر ما نصون كرامتنا ونحمي أجيالنا من الضياع والهشاشة والضياع دون ثوابت دين، ودون هوية تقوية، ودون مبادئ يستند عليها في زحمة المتغيرات. وتلك هي أعظم غاية وأسمى رسالة وأقوى ما تبنى عليه استراتيجية الدول لتقدمها.. تمسك الدول بهويتها الإسلامية والوطنية قوة تكسبها احترام العالم وإن اختلفوا معها..وهو ما أكسب دولة قطر قوة وحضورا دوليا في تمسكها بهويتها الإسلامية والعربية في استضافتها لكأس العالم 2022 الذي أصبح نموذجا يحتذى به..

د. سلوى الملا – الشرق القطرية

كانت هذه تفاصيل خبر المبادئ وقوة الدول لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :