تخيل مصنعًا يعمل به الآلاف من العمال الذين لا يرون. يعملون مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ولا ينامون أبدا، وكلما زادت ساعات عملهم تحسن أداؤهم. لكن إذا بحثت عنهم في المكتب أو المصنع لن تجدهم، ولو فتشت في دفاتر الشركة لن تجدهم أيضا. كيف تجدهم وهم يعملون بغير أجر، ولا تتناقص قيمتهم بالاستهلاك كجرافة مثلا. هؤلاء هم وكلاء الذكاء الاصطناعي أو العمال الرقميون، وليس في قوائمنا الاقتصادية حتى الآن فئة أو مساحة تستوعبهم.
على مدى قرنين من الزمان، اعتمد الاقتصاديون على صيغة بسيطة: الإنتاج محصلة العمالة ورأس المال. العمالة تكسب الأجور ورأس المال يكسب الأرباح. لكن وكلاء الذكاء الاصطناعي يعيدون تشكيل هذا الفصل الأنيق. فالوكلاء مثل العمالة التي تصيغ رسائل البريد الإلكتروني وتحلل العقود وتكتب التعليمات البرمجية، وهم مثل رأس المال أيضا، فهم أصول مملوكة يوسع نطاقها بتكلفة صفر تقريبا. وخلاف العمال والأصول الرأس مالية، تزيد قيمتهم مع الاستخدام. إذن أين نضعهم؟
إذا صنفنا العمال الرقميين في فئة رؤوس الأموال، فإن جميع العوائد تعود إلى من يملكون العمال والنماذج التي تشغلهم، من بائعين ومستثمرين وقلة من الشركات المتقدمة. في الثمانينيات الميلادية، جرى في الولايات المتحدة تحول شبيه، حيث انخفضت حصة العمالة المحلية من عوائد الإنتاج وجنى أصحاب رؤوس الأموال ارتفاعات مطردة من الأرباح. إذا اعتبرنا العمال الرقميين عمالا، فمن يملك حقوقهم، الجهات التي توظفهم أم الشركات التي طورتهم؟ وإذا باشروا أعمالهم فمن يستلم أجورهم، المستخدمون أم الشركات المطورة؟
بناء على التصنيف تتبين لنا المشكلة، وهي مشكلة تصنيف تتبعها مشكلة توزيع الثروة في النهاية. إذا اعتبرنا الوكلاء رؤوس أموال، ذهبت قيمة التحسينات أثناء العمل لغير مستحقيها. إذا أنشأنا لهم فئة جديدة، فعلينا أن نعيد تصميم عقودنا وسياساتنا لتستوعب هذه الفئة الجديدة، بما في ذلك أرباح البيانات، وشروط الملكية المشتركة. من دون الفئة الجديدة، ستستخرج الأرباح على الوضع القائم باعتبارها رؤوس أموال تعود الأرباح لمطوري التقنية وحلفائهم.
العوائد ليست محلية بل عالمية أيضا. في الأسواق المتقدمة، يتعلق الأمر بالمساومة بين القوى العاملة والشركات. في الأسواق الناشئة، يتعلق الأمر بالسيادة. يمكن لسجلات الصحة العامة أو البيانات الزراعية أن تجعل وكلاء الذكاء الاصطناعي أذكى كما مر سابقا، وإذا كان الأمر بين الأسواق المتقدمة والناشئة، وفي غياب القواعد والسياسات المناسبة فإن العوائد الاقتصادية ستذهب إلى الخارج.
سواء أطلقنا عليهم اسم العمال أو الآلات أو أي شيء بينهما، فإن وكلاء الذكاء الاصطناعي يخلقون قيمة حقيقية. قد يكون التظاهر بأنهم غير مرئيين مناسبا لأرباح الشركات، لكنه يترك البقية بما فيهم المستخدمين والشركات الأقل تقدما أقل حظا وبالتالي أكثر فقرا.
د. زياد بن عبدالعزيز آل الشيخ – جريدة المدينة
اسماء عثمان
محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
كانت هذه تفاصيل خبر من يملك العمال الرقميين؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :