اخبار الخليج / اخبار الإمارات

«منتدى هيلي» يقرأ تحولات المشهد العالمي

  • «منتدى هيلي» يقرأ تحولات المشهد العالمي 1/6
  • «منتدى هيلي» يقرأ تحولات المشهد العالمي 2/6
  • «منتدى هيلي» يقرأ تحولات المشهد العالمي 3/6
  • «منتدى هيلي» يقرأ تحولات المشهد العالمي 4/6
  • «منتدى هيلي» يقرأ تحولات المشهد العالمي 5/6
  • «منتدى هيلي» يقرأ تحولات المشهد العالمي 6/6

ابوظبي - سيف اليزيد - طه حسيب (أبوظبي)

تحت عنوان «إعادة ضبط النظام العالمي: التجارة والتكنولوجيا والحوكمة»، نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بالشراكة مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، «منتدى هيلي» في نسخته الثانية في أبوظبي.
فعبر جلسات حوارية تفاعلية تمتد على مدار يومين، يناقش المنتدى بحضور ومشاركة نخبة من القادة ورواد الابتكار وصانعي السياسات، أبرز القضايا الجيوسياسية والجيواقتصادية والجيوتكنولوجية.
فعاليات المنتدى تتضمن 20 جلسة يشارك خلالها سبعون متحدثاً من ثلاثين دولة. 
ويحلل المنتدى تغير موازين القوى، والهوة الرقمية والرسوم الجمركية وتحولات الطاقة والمناخ.

وفي الكلمة الترحيبية، أكد الدكتور سلطان النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن انعقاد النسخة الثانية من «منتدى هيلي» نتاج للجهد المشترك بين المركز وأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، في إطار سعيهما إلى مواكبة المستجدات العالمية، التي تتشعب مجالاتها لتلامس الجوانب الجيوسياسية، والجيواقتصادية، والجيوتكنولوجية. مؤكداً أن الفعاليات ترسم رؤية مستقبلية للتعاون البنّاء، ووضع حلول نحن في مسيس الحاجة إليها لمستقبل الأجيال القادمة.

وأكد نيكولاي ملادينوف، مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، أن فعاليات المنتدى تمدُّ الجسور من جديد بإقامة حوار حقيقي، وخلق منصة تلتقي فيها وجهات النظر لاستشراف مسارات جديدة لإعادة ضبط النظام العالمي.

بدأت فعاليات المنتدى بكلمة لمعالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة، أكد خلالها أنه في خضم الحروب، والتوترات التجارية، وأزمة المناخ، تبرز الإمارات منارةً للازدهار والاستقرار، فبفضل قدرتها على التكيف، تمكنت الدولة من تنويع اقتصادها، وسجلت أرقاماً قياسية في التجارة غير النفطية. وأشار بن طوق إلى أنه خلال
الفترة من 2021 إلى 2024 سجل اقتصاد الإمارات نمواً سنوياً بمعدل متوسط يبلغ 4.9 في المائة، وحقق الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي أداء استثنائياً، مسجلاً معدل نمو سنوي متوسط قدره 6.4% خلال الفترة نفسها. وأضاف بن طوق: «واصلت تدفقات  الاستثمار الأجنبي المباشر تسجيل أرقام قياسية عاماً بعد عام، ففي عام 2024 ارتفعت هذه الاستثمارات بنسبة تقارب 50% لتصل إلى 45.6 مليار دولار، ما ضمن لدولة الإمارات مكاناً بين أكثر من 10 وجهات عالمية لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر». وأوضح بن طوق أن الإمارات تمضي في التحول من كونها مستهلكاً ذكياً للتكنولوجيا  إلى أن تصبح مُمكّناً ومنتجاً للتقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي. وقال: «وإذ نقف اليوم عند مفترق طرق في سياق إعادة ضبط النظام العالمي، فإننا نبني اقتصاداً تتكامل فيه الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع ضمن منظومة تعاونية متكاملة، اقتصاداً يوظف فيه رأس المال الأجنبي لدفع الابتكار.. اقتصاداً تعد فيه استراتيجية المناخ عنصراً لا يقل أهمية عن التجارة». 

وقدمت معالي لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، كلمة استنتجت خلالها أن الافتراضات التي كانت ذات يوم ركائز أساسية للنظام الدولي لم تعد قائمة، فالوقوف بلا حراك في أوقات انعدام اليقين لا يجلب الأمان، وأن الغاية من إعادة ضبط النظام العالمي هي إعادة صياغة النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. وأضافت «إن أهم معتقداتنا الأساسية هو أن مستقبل فلسطين هو حجر الزاوية لمستقبل سلمي في الشرق الأوسط، وعندما وقّعت الإمارات اتفاقات إبراهيم للسلام منذ 5 سنوات لم يكن مجرد حدث دبلوماسي أو تعزيزاً للعلاقات الثنائية مع إسرائيل، لكن كان تجسيداً لاعتقادنا أن عدم الثقة قد يؤثر على التعايش، وأن أطفال المنطقة يستحقون مستقبلاً مختلفاً عن ما عاشوه في الماضي». وأوضحت نسيبة في كلمتها: «كنا نأمل حدوث تكامل بين إسرائيل والمنطقة والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، لكن اليوم يتم اختبار كل هذه الآمال، ضم إسرائيل الأراضي الفلسطينية سيقوِّض ما تنطوي عليه اتفاقات إبراهيم، وبالنسبة لدولة الإمارات هذه ليست مسألة سياسية فقط، إنها مسألة مبادئ وأيضاً تمثل خطاً أحمر». 
وأوضحت نسبية أن الإمارات تحافظ على أواصر علاقاتها التاريخية مع أوروبا وآسيا والهند من أجل منصات جديدة للتعاون.
وتحت عنوان (تحولات جيوسياسية: الواقع الجديد)، انطلقت الجلسة الرئيسة الأولى، التي أدارها نيكولاي ملادينوف.
شارك في الجلسة ويليلي نهلابو، السفير السابق لجنوب أفريقيا لدى الولايات المتحدة الأميركية، ونافتيج سارنا، السفير السابق للهند لدى الولايات المتحدة الأميركية، ومارثا كوكي، سفيرة المكسيك السابقة لدى الولايات المتحدة الأميركية، وكاترين آشتون، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية سابقاً. واستنتجت آشتون أن على أوروبا تعزيز مرونتها بتوطيد التعاون بين دولها، فمن الضروري أن تُدرك الدول الأوروبية أن القارة يقع على عاتقها مسؤوليات ضخمة على الصعيد الداخلي لمواجهة التحديات الاقتصادية من جهة، وتلك المتعلقة بالأمن القومي والدفاع من جهة أخرى.
وأوضح يليلي نهلابو: «أفريقيا اليوم الغنية بالموارد، شعوبها لا تزال تعاني الفقر، وهذا تناقض خطر».
وقال نهلابو: «تعتزم أفريقيا في عالم متعدد الأقطاب أن تقرر لنفسها -لا أن يقرَّر لها، وأن تدير مواردها المعدنية بنفسها إدارة مسؤولة». 
من جانبها، أشارت السفيرة مارثا كوكي إلى أن الديمغرافيا والاقتصاد سيتغيران في الأعوام الخمسة والعشرين المقبلة، مع تصدر الصين والهند وإندونيسيا والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا ودول الخليج ونيجيريا المشهد، وأضافت أن القوى الوسطى تعمل على تعزيز الحوار بينها في إطار مجموعة العشرين أو مجموعة «بريكس».

لماذا هيلي؟
يحتفي «منتدى هيلي»، الذي يحمل اسم منطقة «هيلي» التاريخية في مدينة العين بإمارة أبوظبي، بالإرث العريق لهذه المنطقة التي كانت ملتقى حضارياً وثقافياً وتجارياً يعود تاريخه إلى العصرين البرونزي والحديدي. واستناداً إلى هذا الإرث العريق، يجمع المنتدى نخبةً من قادة الفكر والخبراء من شتى أنحاء العالم، يمثِّلون طيفاً واسعاً من الرؤى ووجهات النظر الفريدة. واستُلهِمَ العنصر الأساسي لشعار المنتدى من الشكل الهرمي للنافذة الموجودة على أهم أثر تاريخي في منطقة «هيلي»، التي تحمل رمزيةً خاصةً، وتعكس الهدف من المنتدى كنافذة للفكر والحوار.

اضطرابات دائمة
أوضح كريستيان كاردونا أن الصدمات كانت دورية في الماضي، ويمكن التنبؤ بها، واحتواؤها، سواء تعلق الأمر بتحقيق النمو، أو تباطؤ وتيرته، أو حدوث الأزمات المالية، أو حتى اندلاع الحروب، فقد كانت جميعها مؤقتة. أما اليوم - يشير كاردونا - تغيرت أنماط التاريخ تغيراً جذريّاً، وباتت الاضطرابات دائمة، وذات طابع بنيوي ومنهجي، وتغير مسار الاقتصاد العالمي.
ويرى كاردونا أن أوروبا تواجه رياحاً معاكسة اقتصاديّاً: تراجعاً في التنافسية، وزيادة في الاعتماد على الخارج، وفقداناً للمكانة. وبرغم ذلك، ينبغي النظر على حد قوله إلى ما هو أبعد من السلبيات الآنية، والتركيز على إعادة تشكيل السياسات. وأوضح كادونا أن  الحرب أجبرت أوروبا على تسريع وتيرة تحولات طال انتظارها في السياسات المتعلقة بقطاعي الصحة والصناعة.
واستنتج موهان كومار أن الهند تنظر إلى علاقتها بالولايات المتحدة بصفتها علاقة استراتيجية بالغة الأهمية، وتعتمد فيها نهجاً يقوم على الحوار من دون مواجهة، أو تنازل. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية؛ فإن المحادثات مستمرة، بما يضمن بقاء الشراكة الثنائية بناءة، مع السعي إلى معالجة التوترات التجارية والتداعيات الاقتصادية الأوسع على كلا البلدين.
وأوضح كومار أن الاستراتيجية الطويلة المدى للهند في تنويع شراكاتها التجارية عبر إيجاد أسواق بديلة، وتعزيز اقتصادها المحلي الواسع، وتسريع وتيرة إبرام اتفاقيات التجارة الحرة، ولا سيما مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويعكس هذا النهج القائم على «التحوط الاستراتيجي المتعدد»، التزام الهند بتقليل المخاطر، وضمان مرونة اقتصادية على المستوى العالمي.

جلسات حوارية متزامنة
شهدت فعاليات اليوم الأول جلسات حوارية متنوعة ومتزامنة  تتساءل عن «إعادة تشكيل موازين القوى في عالم جديد» و«الصراعات الإقليمية غير المحسومة» و«القوى الوسطى ودبلوماسية الوساطة» و«الشراكات الاستراتيجية والتحالفات»، و«ساحات تنافس جديدة: المعادن الحرجة ودبلوماسية الممرات الاقتصادية» «وما بين الرسوم الجمركية وفك الارتباط والاتجاهات المستقبلية» و«الخليج ومعضلة التوازن الاقتصادي» و«النمو الأخضر وتعزيز التحول الطاقي». 

دور القوى الوسطى 
في مداخلته بالجلسة الأولى، أوضح السفير نافتيج سارنا، أنه استنتج في ظل مشهد جيوسياسي تتزايد فيه العدائية، ويضيق فيه الهامش الدبلوماسي، ندافع عن سياسة الاستقلال الاستراتيجي، ونتخذ قراراتنا وفق مصالحنا الوطنية، مع بناء علاقات متوازنة مع القوى الكبرى والمناطق المختلفة، والقيام بدور فاعل في المنتديات المتعددة الأطراف، مثل «الحوار الأمني الرباعي»، و«منظمة شنغهاي للتعاون»، ومجموعة «بريكس». ولدى سارنا قناعة بأن القوى الوسطى ستستفيد من قدراتها، ومواقعها الجغرافية، وعلاقاتها، وتحالفاتها مع غيرها من قوى الوسطى. والمستقبل يتجه نحو قيام ائتلافات وتحالفات تتعامل مع قضايا محددة، لأن المؤسسات التقليدية مثل الأمم المتحدة تجد صعوبة في التكيف مع تصاعد التنافس الجيوسياسي، وتحولات موازين القوى. وتسعى بلدان الجنوب العالمي إلى صوت فاعل في ظل هذا الصراع على النفوذ، وإذا ما توحدت، فستكون قادرة على معالجة قضايا التهميش والتمثيل، والتأثير في رسم ملامح النظام الدولي.

تحولات الشرق الأوسط
خصص المنتدى الجلسة الثانية: للتحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. أدار الجلسة د. سلطان النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وشارك في مداخلاتها د. بشر الخصاونة، عضو مجلس الأعيان، رئيس الوزراء، وزير الدفاع الأردني سابقاً، ود. عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني السابق، ومعالي هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق. 
وأكد الخصاونة أن هناك حاجة إلى نظام إقليمي يتضمن مساراً سياسيّاً، وآخر عسكريّاً، إضافة إلى مسار يُعنى بالتكنولوجيا. ويجب أن يركز هذا النظام على المنَعَة الوطنية للدول. وأوضح الخصاونة أن هذا النظام الإقليمي الذي ندعو إليه قد يشمل إسرائيل، شريطة أن تبدي استعدادها للانخراط فيه، وذلك بقبولها فكرة حل الدولتين. واستنتج الدكتور عبدالله حمدوك أن الأزمة السودانية هي الكبرى مقارنة بأزمتي غزة وأوكرانيا، ويحتاج حلها إلى وقفٍ لإطلاق نار مُراقَب إقليميّاً ودوليّاً، ودعم حوار داخلي شامل.
من جانبه، أكد معالي هوشيار زيباري أن النزاعات في هذه المنطقة مترابطة، ذلك أن الصراعات في غزة ولبنان وسوريا واليمن تؤثر في بعضها بعضاً، مؤكداً أن بناء الدولة الوطنية يتطلب دستوراً توافقياً يمثل جميع المكونات، وحصر السلاح بيد الدولة، إضافة إلى نظام مدني وفيدرالي، ما يعكس توجه المنطقة نحو مؤسسات مستقرة بعيداً عن الطائفية.

واقع غير اعتيادي
سلطت الجلسة الثالثة الضوء على الواقع غير الاعتيادي للتحولات الجيواقتصادية، وأدارت الجلسة لينا حسب الله، وشارك فيها معالي الدكتور كريستيان كادونا، وزير اقتصاد مالطا السابق، ومعالي الدكتور كابودي فاييمي، وزير تطوير المناجم وصناعة الصلب السابق في نيجيريا، وموهان كومار، المفاوض التجاري السابق لدى منظمة التجارة العالمية. والسفير تشانغ جيون، المندوب الدائم السابق للصين لدى الأمم المتحدة، أمين عام منتدى بوآو الآسيوي.  واستنتج كايودي فاييمي أن حالة الاضطراب العالمية الراهنة تُمثل فرصة لتحقيق استقلالية جماعية، تتجاوز العلاقات الثنائية بين نيجيريا، وكل من الولايات المتحدة والصين والهند، مع ضرورة اضطلاع الاتحاد الأفريقي بدور فاعل. وأضاف أن هذه المرحلة الانتقالية تتسم بعدم اليقين، إذ غالباً ما تتفاعل الدول الأفريقية بشكل فردي مع التحولات العالمية. 
وأكد السفير تشانغ جيو أن حرب الرسوم الجمركية تهديد بالغ، إذ تُقوض الاقتصاد العالمي، وتُعرض الحوكمة الاقتصادية والنظام الاقتصادي العالمي للخطر.

 

Advertisements

قد تقرأ أيضا