الكهرباء في السودان.. بين واقع الحرب وواجب الدولة

وسط الدخان الكثيف لمعركةٍ تخوضها الدولة على جبهاتٍ عدّة، تظل حياة المواطن اليومية رهينة لأساسيات لا تحتمل التأجيل: ماء ودواء وكهرباء. وإذا كانت الحرب قد أرهقت البلاد واستنزفت طاقتها، فإن انقطاع الكهرباء بهذا الشكل الحاد والممتد لا يمكن أن يُختزل في مبرر واحد، ولا يجوز أن يمرّ مرور الكرام.
الكهرباء اليوم ليست رفاهيةً، بل هي شريان المصانع القليلة التي ما زالت تدور عجلاتها رغم الحرب، وهي عصب المستشفيات التي تتعامل مع أرواح الناس، وأداة أساسية لعمل المؤسسات الخدمية التي تدير حياة المواطن. لكن الصورة على الأرض مقلقة: مدن أساسية في الشمال ونهر النيل والخرطوم وحتى البحر الأحمر تعاني من ظلام طويل، والسبب في الغالب يتكرر في كلمة واحدة: محولات.

من حق المواطن أن يسأل:
كيف يمكن لحاوية أن تسقط على محوّل رئيسي في أوّل مطر أو أوّل عاصفة، من دون احتياطات سلامة؟
هل يُعقل أن تتوقف مدن كاملة بسبب قطعةٍ واحدة؟
هل عجزت الدولة فعلًا عن توفير محوّل جديد أو صيانة المعطوب، وهي التي تصدر الذهب من موانئها يوميًا؟
هذه الأسئلة ليست ترفًا صحفيًا ولا تسلية للجدل، بل هي صميم واجب الدولة تجاه مواطنيها. فحتى في أزمنة الحرب، تظل المحاسبة قائمة، والشفافية واجبة، والقصور الإداري لا يصبح مقبولًا لمجرد أن المدافع تصدح في مكان آخر.
الحرب ظرف استثنائي… لكن لا يجب أن تكون شماعة.
نعم، لا أحد ينكر أنّ البلاد في وضع استثنائي. الدولة تواجه حربًا شاملة، وتقاتل مليشيا متمرّدة ضربت البنى التحتية عمدًا، واستهدفت محطات الكهرباء وهددت خطوط الإمداد. لكن هل يعني ذلك أن نقبل بالإهمال أو التهاون الإداري؟
الحرب تفرض ترتيب الأولويات، لكنها لا تعني أن تتحول الخدمات الأساسية إلى “كماليات مؤجلة”.
الغياب المؤلم للمساءلة
أخطر ما يكشفه هذا الملف هو غياب المحاسبة. أين التحقيقات في الإهمال الفني؟
أين قرار الإقالة أو الاستدعاء للمسؤولين الذين تركوا حاويات ثقيلة قرب محوّل حيوي؟
لماذا لا نسمع بيانات واضحة تضع المواطن في صورة ما يجري؟
إن التهاون في مساءلة الإدارة، والسكوت على الفساد، والتغاضي عن الابتزاز والجبايات التي تخنق المواطن، كلها أخطاء ليست أقلّ خطرًا من رصاص العدو، بل تفتح ثغرة أخرى في جدار الوطن.
الكهرباء قضية أمن قومي
حين ينقطع التيار عن المستشفيات، ومصانع الدواء، ومضخات المياه، يصبح الملف ملفًّا للكهرباء والأمن معًا. الدول لا تتساهل مع مثل هذه الأزمات، لأنها تدرك أن انهيار الخدمات يعادل الهزيمة في الميدان.

ما المطلوب الآن؟

• تحقيق عاجل وشفاف حول أسباب الأعطال المتكررة، بما في ذلك حادثة سقوط الحاوية على المحوّل.

• إصلاح فوري أو استيراد محولات بديلة، مهما كلّف الأمر، فهذه ليست رفاهية.

• مراجعة كاملة لقطاع الكهرباء من حيث الإدارة والموارد وملفات الفساد المحتملة.

• تعزيز الأمن حول المرافق الحيوية، وحمايتها من أي استهداف جديد.

• إعلان خطة طوارئ واضحة، حتى يشعر المواطن أن هناك من يمسك بزمام الأمور، ويعرف ماذا سيحدث غدًا.
الحرب امتحان عسير للأوطان، لكنها أيضًا تكشف معادن الدول وحكوماتها. إذا كانت المدافع تحمي الأرض، فيجب أن يحمي العقل الإداري حياة الناس. الكهرباء اليوم مرآة لمدى جدية الدولة في رعاية مواطنيها. لا نريد تبريرات، ولا نحتمل صمتًا طويلًا.
نريد فقط كهرباءً تضيء البيوت والقلوب – وسط هذا الظلام الكبير.
السوداني

هبة علي

محررة بكوش نيوز تهتم بشتى جوانب الحياة في السودان والاقليم، تكتب في المجال الثقافي والفني، معروفة بأسلوبها السلس والجاذب للقارئ.

كانت هذه تفاصيل خبر الكهرباء في السودان.. بين واقع الحرب وواجب الدولة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :