ابوظبي - سيف اليزيد - مريم بوخطامين (أبوظبي)
سلّط التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي -بعد أن أصبحت الأجهزة الذكية، مثل الهواتف والساعات والمساعدات الصوتية والنظارات الذكية، وغيرها من التقنيات، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الإنسان اليومية- دائرة الضوء على مدى مساهماته في مجالات الصحة والرفاه، وتعديل أنماط الحياة بشكل إيجابي، ومراقبة المؤشرات الحيوية، ومتابعة النشاط البدني، وتحفيز المستخدم على اتباع أسلوب حياة أكثر توازناً، بما يجعله أداة استراتيجية للوقاية من الأمراض المزمنة، وتحقيق جودة حياة أفضل.
وفي ثنائية الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية، يؤكد خلف سالم بن عنبر، مدير عام جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية، أن استشراف المستقبل وتعزيز وعي المجتمع بأهم التقنيات الحديثة يشكلان ركيزة أساسية في استراتيجية الجمعية، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح أحد أهم المحركات الداعمة لجودة الحياة، خاصة في قطاع الصحة الذي يحظى بأولوية قصوى من القيادة الرشيدة، من خلال الفعاليات والمبادرات المنظمة، وعليه تسعى جمعية الإمارات للتنمية على تنظيم برامج وفعاليات تدعم الجهود الوطنية في بناء مجتمع واعٍ، قادر على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين نمط حياته، وتحقيق التوازن بين جوانب العمل والحياة الشخصية، بما يواكب تطلعات دولة الإمارات نحو الريادة العالمية.
وأشار خلف إلى أن الشراكة بين الذكاء الاصطناعي والصحة، متنوعة وذات قيمة عالية في مجالات عدة، حيث أصبحت ضرورة استراتيجية لا غنى عنها، موضحاً أنها فرصة لإعادة تعريف مفهوم «الصحة»، وتمكين كل فرد من إدارة صحته بالذكاء الاصطناعي، وتحقيق مستقبل أكثر إشراقاً واستدامة.
الصحة الذكية
وفي هذا المجال أكدت د. مريم الزعابي، مدربة معتمدة في الأنماط الصحية والحياتية، أننا نعيش في عصر تتسارع فيه الابتكارات التكنولوجية بشكل غير مسبوق، ولم يعد الذكاء الاصطناعي ترفاً علمياً أو أداةً مقتصرة على المختبرات، بل أصبح شريكاً أساسياً في تحسين جودة حياة الإنسان، وعلى رأس أولوياته: الصحة، والتي أضحت بارزة بمختلف الأدوات والتقنيات المتاحة أمام الجميع، مؤكدة أننا نعيش حالياً تحولاً جوهرياً في طرق رعاية الأفراد لصحتهم الجسدية والنفسية، لا سيما من خلال ممارسة الأنشطة البدنية، وأصبح الذكاء الاصطناعي عنصراً فاعلاً في التقييم، والتوجيه، والتحفيز، مؤسساً بذلك لعصر جديد من «الصحة الذكية».
وقالت، إن الذكاء الاصطناعي غيّر من المفهوم التقليدي للنصائح الصحية والرياضية، فبدلاً من تقديم إرشادات عامة، أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي بناء خطط تدريبية دقيقة بناءً على عوامل متعددة، مثل العمر، الوزن، التاريخ الصحي، وحتى الحالة النفسية، هذا التخصيص يقلل من الإصابات، ويعزز فاعلية التمارين، ويجعل التجربة الرياضية أكثر أماناً وجدوى، موضحة أن الذكاء الاصطناعي والأجهزة الذكية تقوم على تحليل كمّ هائل من البيانات في مجالات عدة، مثل مجال الصحة والرياضة والنشاط البدني. وهذه البيانات حين تعالجها الخوارزميات المتقدمة، تقدم صورة شاملة ومتخصصة للحالة الصحية.
وأشارت الدكتورة الزعابي، إلى أن أبرز مزايا الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة، هو قدرته على التنبؤ بالمخاطر عبر تحليل البيانات، كما يمكن توقع احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة، مثل السكري وأمراض القلب، الناتجة عن قلة الحركة، مما يتيح فرصة للتدخل المبكر وتعديل السلوكيات الصحية قبل تفاقم المشكلات. هذه القدرة الاستباقية تقلل الضغط على القطاع الصحي، وتساهم في بناء مجتمع أكثر وعياً واستدامة، مبينة أن الأجهزة الذكية أصبحت اليوم محفّزاً للسلوك الصحي، والتغيير السلوكي لم يعد تحدياً كبيراً، خاصة أن عدداً من التطبيقات الذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي وتلعب دور«المدرب الشخصي»، فتقوم بالتذكير، التحفيز، تقديم مكافآت افتراضية، وتحليل الأداء بشكل يومي، مما يساعد في رفع مستوى الالتزام، ويزيد من استمرارية الأفراد في تبنّي نمط حياة صحي ونشيط.
الإمارات.. نموذج رائد
وبينت الزعابي أن دولة الإمارات تمثل تجربة رائدة في هذا المجال، فقد أطلقت مبادرات وطنية لدمج الذكاء الاصطناعي في خدمات الصحة والرياضة، ووفرت بنية تحتية رقمية متطورة لتتبع المؤشرات الصحية. كما أدخلت تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى عيادات الطب الرياضي والمراكز التدريبية، دعماً لاستراتيجية «جودة الحياة» التي تتبناها الدولة، وفي خطوة تعكس رؤية استباقية، أعلنت وزارة التربية والتعليم إدراج مادة متخصصة في الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية، تأكيداً على أهمية تنمية وعي الأجيال الصاعدة بهذه التقنيات. لافتة إلى أن هذا الدمج بين التعليم والصحة والتكنولوجيا يعكس رؤية الإمارات لبناء مجتمع معرفي متوازن صحياً وفكرياً.
دور فعال ودقيق
ويشير المواطن سليمان الزعابي إلى أن جزءاً من نمط حياته اليومية تغيّر للجانب الإيجابي والمتمثل بنظامه الغذاء ولياقته البدنية وحتى ممارساته اليومية في الأكل والحركة ومواعيد شرب الأدوية والفيتامينات بعد اعتماده على تقنيات الذكاء الاصطناعي. بدورها قالت سمية الحمادي، إنها تتابع حالتها الصحية المتعلقة بمستويات الضغط ودقات القلب عبر الأجهزة الذكية التي كان لها دور فعّال ودقيق بالتعرف على وضعها الصحي، مؤكدة أن الأجهزة الذكية ساهمت في تنظيم وتحسين نمط الحياة لدى الأفراد.