اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

«لتس غو».. في «الصين»!

  • «لتس غو».. في «الصين»! 1/3
  • «لتس غو».. في «الصين»! 2/3
  • «لتس غو».. في «الصين»! 3/3

كنت أقف عند إشارة للمشاة في مدينة غوانزو الصينية الصاخبة. الناس متكدسون ينتظرون الضوء الأخضر، وكل شيء يوحي بسرعة إيقاع هذه المدينة التي لا تهدأ. بجانبي كان هناك شاب صيني بملابس مستوحاة من الپوپ الأميركي: قبعة مقلوبة، قميص واسع بألوان زاهية، وحذاء رياضي من ماركة عالمية. وما إن أضاءت الإشارة حتى التفت إلى أصدقائه الصينيين وضحك قائلا بالإنجليزية: «لتس غو». انطلقوا مع الآخرين، لكن الكلمة البسيطة ظلت ترن في ذهني أكثر من وقع خطواتهم، كأنها مرآة لواقع ثقافي لا تستطيع السياسة ولا الرقابة أن تمحوه.

الصين، بكل قوتها التكنولوجية الهائلة، وبمنصاتها المحلية العملاقة التي تنافس كبريات شركات وادي السيليكون، لم تستطع أن تمنع شابا من أن يستعير كلمة إنجليزية ليعبر بها عن لحظة عابرة. فالثقافة ليست أوامر تفرض من الأعلى، بل تيارات تتسلل عبر الموسيقى والأفلام والألعاب واللغة. ورغم الحجب والجدران الرقمية، إلا أن الأجيال الجديدة تجد طريقها لتقول ما تريد، ولتعيش عالما مفتوحا لا تحده الشعارات السياسية ولا القوانين الصارمة.

ونحن نعيش تجربة قريبة في الكويت، جرى منع لعبة «روبلوكس» بدعوى الحماية. وما حدث لم يكن إغلاقا للعبة، بل كان فتحا لأبواب أكثر خطورة. نسبة كبيرة من الأطفال، ومنذ نعومة أظفارهم، تعلموا كيف يستخدمون برامج «في بي إن» للتحايل على الحظر. لم تمنع اللعبة في الحقيقة، بل وضعت أجيالا صغيرة على عتبة عالم غير مراقب، مليء بما يفوق خطورة اللعبة نفسها. المنع هنا صنع كارثة تربوية: أطفال يتعلمون منذ الصغر أن الالتفاف على القوانين هو الحل، وأن الطريق إلى الترفيه يمر عبر أبواب مجهولة لا يعرفون أين تقودهم.ثقافة المنع كثيرا ما تأتي بنتائج عكسية. فهي تعلم الأجيال أن يبحثوا عن الطرق الملتوية، وتدفعهم إلى فضاءات أشد خطرا مما كان يراد حمايتهم منه. الرقابة الصارمة قد تسكت كلمة هنا أو تخفي صورة هناك، لكنها لا تستطيع أن تقتل الرغبة الإنسانية في الانفتاح والتجريب والتعلم.

المشهد الصغير في «غوانزو» وقرار المنع في الكويت يصبان في معنى واحد: الأجيال الجديدة لن تتوقف عند حدود يرسمها الكبار. هم يقولون «لتس غو» بطريقتهم، يفتحون النوافذ مهما أغلقت الأبواب. والتحدي الحقيقي أمامنا ليس في المنع، بل في صناعة بيئة رقمية وثقافية تسمح بالانفتاح الآمن، وتمنح الحرية مع المسؤولية، فلا نترك أبناءنا في مواجهة مجهول يربيهم أكثر مما نربيهم نحن.

بدر سعيد الفيلكاوي – الأنباء الكويتية
01269c1e98.jpg

صورة اسماء عثمان

اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.

كانت هذه تفاصيل خبر «لتس غو».. في «الصين»! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا