ابوظبي - سيف اليزيد - أبوظبي (الاتحاد)
نظّم مركز تريندز للبحوث والاستشارات، ندوة بحثية تحت عنوان «العمل معاً لوقف تمويل الإخوان المسلمين في أوروبا»، ناقشت أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، والمتمثل في تمويل الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.
وأكّد المشاركون من خبراء وأكاديميين في مداخلاتهم، أن وقف التمويل يُعد الخطوة الأولى لتحصين المجتمعات من الاختراقات الأيديولوجية والتنظيمية، محذرين من خطورة استمرار الدعم المالي الذي تتلقاه الجماعة عبر شبكات عابرة للحدود، تحت واجهات دينية وتعليمية وخيرية.
وكان من المقرر عقد الندوة بشكل حضوري بالكامل في مقر «تريندز»، إلا أن المستجدات الإقليمية فرضت تحويلها إلى صيغة هجينة، جمعت بين الحضور الفعلي والمشاركة الافتراضية، على أن تمهّد هذه الفعالية لندوة كبرى سيُنظمها المركز في العاصمة الفرنسية باريس نهاية الشهر الجاري.
البنية الاقتصادية للتطرف
في الكلمة الافتتاحية، شدّد الدكتور محمد العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، على أن الندوة تتناول أحد أخطر التحديات الراهنة، وهو تمويل الجماعات التطرف، مشيراً إلى أن فهم البنية الاقتصادية لجماعة الإخوان المسلمين يُعد مفتاحاً لتحليل آليات نفوذها وانتشارها. وأوضح الدكتور العلي أن «تريندز» أوْلَى هذا الموضوع اهتماماً بحثياً خاصاً، مستشهداً بالدراسة الرابعة من موسوعة جماعة الإخوان، التي حملت عنوان «البناء الاقتصادي للجماعة.. شبكات المال والأعمال والتمويل»، التي سلّطت الضوء على كيفية تأسيس الجماعة شبكات مالية متشابكة، ودور هذه الموارد في تعزيز أيديولوجيتها. وأضاف: «من خلال هذه الندوة، نهدف إلى تحليل واقع تمويل الجماعات المتطرفة، وتحديد مكامن الخطر وآفاق المواجهة، وإرسال رسالة واضحة بضرورة وقف جميع أشكال الدعم المالي لهذه الجماعات، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين».
نخبة من المشاركين
شارك في الندوة عدد من الشخصيات البارزة، وهم: البروفيسور رضوان السيد، عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، والسيناتور ناتالي جوليه، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن مقاطعة أورن، والدكتور وائل صالح، مستشار شؤون الإسلام السياسي ودراسات التطرف بمركز تريندز، وقدّمت الندوة الباحثة موزة المهيري، وأدارتها الباحثة نجلاء المدفع.
إشادة بجهود «تريندز»
في الختام، أشاد المشاركون بجهود المركز في كشف البنية المالية والفكرية للإخوان المسلمين، معتبرين أن مواصلة تسليط الضوء على هذه القضايا الحساسة، يسهم في دعم صناع القرار.
الدين للسكينة وليس للصراع
في مداخلته، قدّم البروفيسور رضوان السيد قراءة نقدية لكتاب «Muslim Brotherhood: Side Glances» الصادر عن «تريندز»، مركّزاً على مفهوم السكينة في الدين، باعتبارها معياراً للحكم على أصالة التدين، مؤكداً أن الدين في جوهره جاء لتحقيق الطمأنينة النفسية والاجتماعية، وأن جماعة الإخوان تحوّله إلى أداة للصراع السياسي والأيديولوجي، محذراً من أن تمويل هذه الجماعات يُستخدم لدعم أنشطة تخريبية تحت غطاء ديني.
اختراق ناعم للمجتمع الفرنسي
ركّزت السيناتورة ناتالي جوليه، في مداخلتها على تجربتها البرلمانية في التحقيق بمصادر تمويل الإسلام السياسي في فرنسا، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، موضحة أن بعض هذه التمويلات تُوجَّه إلى مؤسسات أكاديمية وخيرية تشكّل واجهة لاختراق ناعم للمجتمع الفرنسي.
وأبدت جوليه قلقها من تمويل بعض البحوث والدراسات الإسلامية، التي قد تُستغل للترويج للإسلاموية وتبييض صورتها، داعية إلى التحقيق الشفاف وتقييد التمويلات المشبوهة.
وفي مداخلة تحليلية، أوضح الدكتور وائل صالح، أن جماعة الإخوان تمتلك شبكات مالية وتنظيمية معقدة في أوروبا، وتسيطر على عدد من المساجد والمراكز عبر واجهات دينية، مما يمكّنها من بناء اقتصاد موازٍ داخل المجتمعات الأوروبية.