ابوظبي - سيف اليزيد - آمنة الكتبي (أبوظبي)
تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة، شقيقتها المملكة العربية السعودية، احتفالاتها بيومها الوطني الـ95 الذي يصادف 23 سبتمبر، وذلك وسط احتفاء رسمي وشعبي كبير بالمناسبة تجسيداً لعمق العلاقات الأخوية التي تربط القيادتين والشعبين الشقيقين.
وتجسّد العلاقات الإماراتية السعودية صورة استثنائية من الشراكات العربية، التي تترسّخ جذورها في التاريخ وتتعزّز أركانها بالرؤية المشتركة للمستقبل.
وتشكّل العلاقات بين البلدين نموذجاً فريداً للأخوة الراسخة، المبنية على حسن الجوار والمصالح المشتركة، فما يجمع دولة الإمارات والمملكة من أواصر الأخوة والعلاقات المتميزة ما يشكل نموذجاً يحتذى به عبر مسيرة حافلة بالعطاء والعمل المشترك.
وحدة التاريخ
رسّخت العلاقات الإماراتية السعودية عبر العقود الماضية نموذجاً متفرداً في التعاون الخليجي والعربي وانطلقت هذه الروابط من أسس متينة تشمل وحدة التاريخ والمصير المشترك واللغة والدين، وتواصلت عبر تنسيق سياسي واستراتيجي يشمل مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية، وجسّد مجلس التنسيق السعودي – الإماراتي الذي تأسّس عام 2016 الشراكة المؤسسية بين البلدين، وعمل على تطوير مسارات التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وترجمة الرؤى المشتركة إلى مبادرات عملية عززت من قوة العلاقة الثنائية ودعمت مسيرة التنمية.
جميع المجالات
كما تشهد العلاقات بين الدولتين الشقيقتين تطوراً هائلاً وتقدماً كبيراً في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية استناداً إلى أسس تاريخية صلبة تعززها روابط المصير المشترك وتحكمها وحدة الرؤى والأهداف، كما وتشكل العلاقات الإماراتية السعودية عبر التاريخ ركيزة قوية للأمن الخليجي والعربي بالنظر إلى تطابق وجهات نظر البلدين الشقيقين تجاه قضايا المنطقة من خلال تعاونهما البنّاء والمثمر لما فيه صالح الشعوب الخليجية والعربية نحو مزيد من الاستقرار والازدهار.
وتحرص دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي على دعم العمل الخليجي المشترك وتبني المواقف التي تصب في وحدة الصف وبما يعود بالخير على شعوب دول المجلس ويمكنها من مواجهة الأخطار والتحديات الإقليمية والدولية، كما وتعكس العلاقات التاريخية القوية بين البلدين والشعبين الشقيقين طموحاتهما كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة في تعزيز الشراكة الاقتصادية، حيث تشهد العلاقة التجارية والاقتصادية بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية نمواً مطرداً، وتعد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة العربية السعودية.
إنجازات اقتصادية
وسجلت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والسعودية نمواً مطرداً، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين في النصف الأول من عام 2025 نحو 91 مليار درهم (25 مليار دولار)، محققاً نمواً بنسبة 21.3% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، و17.9% مقارنة بالنصف الثاني من العام ذاته، وبلغ حجم التجارة غير النفطية في عام 2024 أكثر من 151.5 مليار درهم (41.2 مليار دولار)، بزيادة 10.5% على عام 2023، وبارتفاع نسبته 33.7% مقارنة بعام 2019. وحلّت السعودية في المركز الثالث عالمياً كشريك تجاري للإمارات، والأول عربياً.
كما جاءت الإمارات في المرتبة الثانية عالمياً والأولى عربياً كشريك تجاري للمملكة في السلع غير النفطية، واستحوذت على نحو 15% من صادرات السعودية غير النفطية إلى العالم، وامتد التعاون الاقتصادي إلى قطاعات الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية والخدمادت اللوجستية والسياحة، إضافة إلى المشاريع الكبرى المرتبطة بـ«رؤية السعودية 2030» والاستراتيجيات التنموية للإمارات.
احتفالات وطنية
شهدت دولة الإمارات فعاليات متعددة احتفاءً باليوم الوطني السعودي، حيث تزيّنت المعالم البارزة بألوان العلم السعودي، وامتلأت اللوحات الرقمية على الطرق بعبارات التهاني، كما شاركت مراكز التسوق في تنظيم فعاليات خاصة بهذه المناسبة، كما تم إطلاق مبادرة ختم خاص على جوازات السعوديين القادمين إلى الدولة، في تعبير رمزي عن الأخوة والوفاء.
وتؤكد مشاركة الإمارات للمملكة احتفالاتها بهذه المناسبة، خصوصية ومتانة العلاقات بين قادة وشعبي البلدين الشقيقين، التي باتت تمثل عمقاً حقيقياً للعمل الخليجي والعربي والإقليمي، وأحد أهم مرتكزات الاستقرار والنماء والازدهار في المنطقة، وتوطدت العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وامتدّت لتصل إلى الشراكة الكاملة، وتواصل قيادتا البلدين برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية، تعزيز تلك العلاقات، وضمان الارتقاء بها إلى أعلى المستويات، كما تنعكس العلاقات المثمرة بين الدولتين بشكل إيجابي، على واقع التنمية الشاملة والمستدامة في الإمارات والسعودية، بمختلف المجالات، بما في ذلك التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والاستثمار المشترك، والتنسيق والتشاور.
دور إقليمي ودولي
عزّزت مواقف الإمارات والسعودية المشتركة من مكانة البلدين كركيزة أساسية للعمل الخليجي والعربي، وأسهم التنسيق الثنائي في دعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتوحيد الجهود في القضايا العربية والإسلامية، وتبني سياسات متوازنة تدعم السلم والأمن الدوليين، وأكدت العلاقات بين البلدين أن الشراكة الاستراتيجية تمثل مرجعاً للعمل العربي المشترك ونموذجاً يحتذى به للعلاقات بين الدول الشقيقة.
العلاقات الثقافية
تجسّد العلاقات الثقافية بين البلدين، مستوى الترابط الجغرافي والاجتماعي بين شعبيهما، وتعزّزت هذه العلاقات عبر قنوات متعددة، أبرزها قطاع التعليم الذي شهد في البدايات التحاق طلاب الإمارات إلى السعودية، بمدارس مكة المكرمة والإحساء والرياض، في حين تستقبل الجامعات والمعاهد الإماراتية اليوم عدداً كبيراً من الطلاب السعوديين، كما تمثلت العلاقات الثقافية بين البلدين في مستويات عدة، سواء من خلال إقامة العديد من الاتفاقيات والبرامج المشتركة، أو على مستوى التداخل الثقافي بين المؤسسات الجامعة، التي تعمل في هذا السبيل، والمبدعين والمثقفين في البلدين، وذلك ضمن رؤية ترتكز إلى أن العلاقة بين البلدين الشقيقين، تعززها علاقة شعبين لهما امتداد وتاريخ وموروث ثقافي واجتماعي وجغرافي واقتصادي.
المستقبل
ركزت الرؤية المشتركة للإمارات والسعودية على بناء مستقبل قائم على الابتكار والتنمية المستدامة، من خلال التعاون في مجالات الفضاء، الذكاء الاصطناعي، الطاقة النظيفة، والاقتصاد الرقمي. وتتماشى هذه التوجهات مع «رؤية السعودية 2030» واستراتيجية الإمارات للخمسين عاماً المقبلة، بما يضمن استدامة النمو الاقتصادي ورفاهية الأجيال القادمة.