اخبار العالم

نخبة من المثقفين المغاربة يطلقون "نداء" للرقي الحضاري

نخبة من المثقفين المغاربة يطلقون "نداء" للرقي الحضاري

الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من الرباط: دعت نخبة من المثقفين المغاربة، في "نداء" تم تداوله الثلاثاء على مواقع التواصل الاجتماعي، جميع أفراد المجتمع إلى التحلي بقيم المواطنة والعيش المشترك، والاستعداد النفسي والأخلاقي لاستقبال ضيوف العالم الذين سيتوافدون على المغرب خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030.

وجاء في "النداء"، الذي اطلعت عليه ""الخليج 365"": "عندما يُطلق الحكم صافرة البداية في كأس العالم 2030، ستتجه أنظار العالم نحو المغرب. ستُسلط الكاميرات على روعة الملاعب، وحداثة المطارات، وبهاء الفنادق. لكن المنافسة الحقيقية، تلك التي ستحتّم الفوز أو الخسارة على المدى البعيد، لن تكون على أرضية الملعب الأخضر، بل على أرصفة شوارعنا، وفي تعاملاتنا اليومية، وفي عمق ضميرنا الجماعي"، معتبرين أن من يختزل التحدي الأكبر في "إسمنت" يُشيد أو "إسفلت" يُمدد، فإنه يغفل جوهر الأزمة، لأن الورش العمراني سينتهي حتمًا وفق الجدولة والميزانية، بينما الورش الأصعب، وهو الورش الأخلاقي والتربوي، لا يُحسم بمذكرة أمنية أو قرار إداري يعيد روح المواطنة إلى المجتمع.

وساق "النداء" نماذج من الاختلالات المجتمعية، منها مشهد الاعتداء الوحشي على رجل الإطفاء في بني ملال (وسط المغرب)، الذي "لم يكن مجرد حادث شاذ، بل صرخة مدوية تُشخّص غليانًا أخلاقيًا ينخر جسد المجتمع. إنه الوجه الأكثر قسوة لحقيقة مؤلمة"، محذرًا مما يُنتجه المجتمع يوميًا من أجيال تُشبه "قنابل موقوتة" قد تنفجر في أي وقت ومكان، كما حدث في ليلة عاشوراء الماضية، حين تحولت قوارير غاز البوتان إلى أدوات رعب، حوّلت الأحياء الشعبية في بعض المدن المغربية إلى ما يشبه ساحات حرب.

وفي خضم هذا الغليان، يواصل بعضهم الرهان على "القبضة الأمنية" كعصا سحرية. لكن الأمن الحقيقي لا يُفرض من الخارج، بل ينبع من الداخل، بحسب تعبير "النداء"، الذي أضاف أن المشكلة ليست في نقص "الرقابة"، بل في غياب "القدرة على الانضباط الذاتي". فالدولة قادرة على تأمين محيط الملعب، ولكن من سيؤمّن العقول والقلوب التي بداخله؟ الإشكال لا يكمن في خشونة الإسفلت تحت الأقدام، بل في "الإسفلت" الذي يكسو بعض العقول، فيعطلها عن الفهم والترقي.

كما استحضر "النداء" سلوكات غير لائقة من بعض ممثلي السلطة الذين يلجؤون أحيانًا إلى "الصراخ والتهديد" بدل ثقافة الصبر والإصغاء والتدبير الحكيم، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية تتحرك، والخطط الأمنية تُوضع، لكن كل ذلك يظل مجرد مسكنات إذا لم يُقترن بـ "ورش إنساني" ضخم. فلا يمكن إدارة وطن من برج المراقبة الأمني، ولا يجوز تحميل الشرطة وزر إخفاق مجتمعي.

لذلك، يؤكد "النداء" أن الاستعداد الحقيقي للمونديال يتطلب ثورة هادئة وشاملة، تُعيد للأسرة دورها في غرس القيم الحضارية، وتحول المدرسة من مصنع للحفظ إلى حاضنة لمواطنين يعرفون معنى الاحترام والمسؤولية، وتعلّم رجل السلطة فن التدبير والحكمة لا لغة التخويف، وتجعل من وسائل الإعلام منابر للقيم النبيلة بدل أبواق للرداءة.

واختتم "النداء" بالقول: "نحن لا نريد فقط أن ننظم مونديالًا ناجحًا عام 2030، بل نريد أن نؤمن مستقبل بلدنا. نريد أن تُدرَّس الأخلاق قبل الجغرافيا، وأن تكون شرطتنا مسلحة بالحكمة قبل الهراوات. ونريد دولة تدرك أن الاستثمار الحقيقي هو في البشر قبل الحجر. لذلك علينا أن نبدأ بإصلاح الإنسان، قبل أن يطلق الحكم صافرة البداية، ويكون الوقت قد فات".

Advertisements

قد تقرأ أيضا