الارشيف / اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بعد يون: التعاون لمواجهة هزة ترامب

اليابان | العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بعد يون: التعاون لمواجهة هزة ترامب

في الثالث من يونيو/حزيران 2025، تتجه أنظار المنطقة إلى جمهورية كوريا التي تستعد لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد 6 أشهر من الاضطرابات السياسية التي بلغت ذروتها بإعلان الأحكام العرفية وعزل الرئيس يون سوك يول. ومع تصاعد حظوظ المرشح اليساري بالفوز، يلوح في الأفق تحوّل محتمل في سياسات البلاد الخارجية، خصوصًا تجاه اليابان. فماذا يعني هذا التغيير في خضم واقع دولي مرتبك، تعصف به تداعيات ما يُعرف بـ”فوضى إدارة ترامب الثانية“؟ وهل يمكن أن تشكل التحولات السياسية في سيول فرصة لتقارب جديد، أم بداية لفصل أكثر توترًا في العلاقات اليابانية الكورية؟

في 4 أبريل/نيسان 2025، أيّدت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية بالإجماع قرار عزل الرئيس يون سوك يول وعزله من منصبه. وفي غياب رئيس منتخب ديمقراطيًا، ستُجرى انتخابات خلال 60 يومًا لتحديد الرئيس القادم لجمهورية كوريا الجنوبية.

هناك قلقٌ يُثار كثيرًا هنا من أن تغيير القيادة سيُمثّل خطوةً كبيرةً إلى الوراء في العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية. وكان الرئيس يون سوك يول، المحافظ، يدعو إلى تعزيز العلاقات مع اليابان، متخذًا موقفًا تصالحيًا بشأن النزاعات التاريخية التي أفسدت العلاقات الثنائية لفترة طويلة، بما في ذلك مطالب تعويض العمال الكوريين الذين أجبروا على العمل القسري من قِبل الإمبراطورية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. في المقابل، فإن المرشح الأبرز للرئاسة هو لي جاي ميونغ، من الحزب الديمقراطي، السياسي الذي يميل إلى اليسار والذي طالما اتخذ موقفًا متشددًا تجاه مثل هذه القضايا في الماضي. مما يثير مخاوف من تدهور العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل حاد في ظل حكومة يسارية برئاسة لي جاي ميونغ. ورغم أن هذه المخاوف لها ما يبررها، فمن المهم أن ندرك أن أهمية المظالم التاريخية والنزاعات الإقليمية التي أثرت على العلاقات الدبلوماسية بين سيؤول وطوكيو قد تراجعت. ويعود ذلك إلى التغيرات الكبيرة في الساحتين المحلية والدولية، حيث أصبحت قضايا السياسة الخارجية الأخرى أكثر إلحاحًا

انقسام حاد بين الحكومة والمعارضة

دعونا نلقي نظرة أولًا على الوضع الداخلي. أول عامل يجب مراعاته هنا هو الاستقطاب الأيديولوجي المتصاعد، حيث ينقسم الرأي العام في كوريا الجنوبية بشكل حاد بين المعسكرين المحافظ والليبرالي، كما ظهر واضحاً في المظاهرات الحاشدة والحماسية التي قام بها كل من المؤيدين والمعارضين لعزل يون. وقد عكست سياسات الأحزاب السياسية في البلاد هذا التوجه، متخذةً طابعًا أيديولوجيًا متزايد الوضوح يهدف إلى حشد الناخبين الأساسيين. وللنجاح في الانتخابات التمهيدية للحزب وسط هذا الاستقطاب الحاد بين اليسار واليمين، يجب أن يُظهر المرشحون دعمهم لأحد طرفي الطيف السياسي، وأن يبتعدوا عن الوسط. ونتيجة لذلك، اتسعت الفجوة بين سياسات الحزب الحاكم والمعارضة، مما جعل الحوار البنّاء بينهما شبه مستحيل.

في ظل هذه الظروف، سوف تواجه الإدارة القادمة، بغض النظر عن انتمائها للمعسكر المحافظ أو الليبرالي، مهمة شاقة تتمثل في كسب تأييد كافٍ من المعارضة لدفع أجندة متماسكة عبر المجلس التشريعي. وهي نفس المشكلة التي واجهت الرئيس المعزول يون، نظرًا لامتلاك الليبراليين أغلبية في الجمعية الوطنية. حتى لو كان الفائز في الانتخابات المقبلة ينتمي لمعسكر المحافظين، فسيواجه صعوبات مماثلة، على الأقل حتى عام 2028، موعد الانتخابات التشريعية المقبلة.

هناك أيضاً نقطة أخرى يجب أخذها في الاعتبار، وهي أنه في ظل البيئة السياسية الحالية، من غير المرجح أن يركز السياسيون في كوريا الجنوبية على العلاقات الخارجية كقضية انتخابية رئيسية. فبالرغم من اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية بعد أقل من شهرين، لم تتوحد الأحزاب المحافظة بعد خلف مرشح واحد، مما يجعل من المستحيل تحديد ملامح برنامج انتخابي. أما في المعسكر الليبرالي، فقد انشغل لي جاي ميونغ بمهاجمة الإدارة لدرجة أنه لم يتمكن من صياغة سياسات ملموسة بشأن القضايا المحلية التي تهم الناخبين أكثر من غيرها، ناهيك عن الشؤون الخارجية. على أي حال، لا تُعدّ طوكيو من أهم أولويات السياسة الخارجية لكوريا الجنوبية. بدليل عدم إجراء نقاش جوهري حول العلاقات مع اليابان في آخر دورتين انتخابيتين رئاسيتين، ومن المرجح ألا يتم إجراء مثل هذا النقاش هذه المرة أيضًا.

هذا يعني أن سياسات كوريا الجنوبية تجاه اليابان ستُحدد بعد الانتخابات الرئاسية، وليس خلالها. ويجب أن تأخذ هذه السياسات في الاعتبار التغيرات المقلقة على الساحة الدولية.

تداعيات سياسات ترامب على المنطقة

أول ما يثير القلق على الصعيد الدولي هو تأثير سياسات ”أمريكا أولاً“ التي تنتهجها حكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ففي ظل الإدارة الحالية، تتجه أمريكا بسرعة نحو الحمائية الاقتصادية والانعزالية، وهو اتجاه يتجسد في الرسوم الجمركية المتطرفة التي فرضها ترامب.

علاوة على ذلك، في مجال الأمن، تحولت واشنطن من سياسة تعزيز النظام الدولي القائم على التعاون مع الدول ذات التوجهات المتشابهة إلى سياسة تصعيد الضغط على الأصدقاء والحلفاء في محاولة لتخفيف العبء المتصور لتلك الشراكات. باختصار، في عهد ترامب، تعمل الحكومة الأمريكية نفسها على تقويض النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

يجدر القول إنه ليس لكوريا الجنوبية شريك أهم من الولايات المتحدة التي تعد حليفتها منذ عام 1953. وبتخليها عن دورها القيادي في المجتمع الدولي، تترك الولايات المتحدة السياسة الخارجية لسيؤول بلا دفة. ولما كانت كوريا الجنوبية تحتل موقعًا جيوسياسيًا محفوفاً بالمخاطر، مع وجود كوريا الشمالية المعادية خلف المنطقة المنزوعة السلاح الضيقة مباشرةً، والصين التي تلوح في الأفق عبر البحر الأصفر، فإن تقليص الولايات المتحدة لوجودها الإقليمي بشكل كبير، سيؤدي إلى تقويض أمن كوريا الجنوبية بشكل خطير.

كوريا الجنوبية بين مطرقة الصين وسندان كوريا الشمالية

سيؤثر انسحاب الولايات المتحدة هذا على العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بعدة طرق.

أولًا، سيؤدي إلى أن تحيد سياسة كوريا الجنوبية الدفاعية عن مسارها، مما سيقوّض الآلية التي تحافظ على توافق سياسة كوريا الجنوبية الأمنية مع سياسة اليابان. فحتى الآن، بُنيت سياسات الدفاع لكلا البلدين حول استراتيجية البنتاغون الإقليمية. ولهذا السبب، تطورت سياساتنا الأمنية بشكل متزامن على الرغم من خلافاتنا السياسية، بما في ذلك تلك التي تعود إلى نزاعات تاريخية. لكن إذا انفصلت الولايات المتحدة عن المنطقة وتوقفت عن تقديم التوجيه فيما يتعلق بالسياسة الأمنية، فستضطر اليابان وكوريا الجنوبية إلى صياغة سياساتهما الدفاعية الخاصة بشكل مستقل، ودون تشاور وتنسيق وثيقين، مما ستنتج عنه سياسات غير متناغمة. ثانيًا، سيحرم انسحاب الولايات المتحدة بلدينا من وسيط مهم. فلطالما تدخلت واشنطن لتهدئة التوترات بين اليابان وكوريا الجنوبية والتي قد تهدد بتقويض التعاون الأمني في المنطقة، وخير مثال على ذلك هو التقارب الذي توسطت فيه إدارة باراك أوباما بين رئيس الوزراء شينزو آبي والرئيسة بارك كون هيه (2013-2017). لكن بات من المشكوك فيه أن تتولى إدارة ترامب الدور نفسه. هذا يعني أن طوكيو وسيؤول ستضطران إلى تسوية خلافاتهما، وهي مسألة ملحة لكل من كوريا الجنوبية، في ظل انقساماتها الداخلية المتفاقمة، ولحكومة اليابان الليبرالية الديمقراطية الضعيفة.

ومن التطورات الرئيسية الأخرى على الصعيد الدولي، التغيير في سياسة كوريا الشمالية تجاه جارتها الجنوبية. فمنذ نهاية عام 2023، تخلت بيونغ يانغ رسميًا عن هدف إعادة التوحيد السلمي، وأصبحت تُصنّف كوريا الجنوبية دولة معادية. وقد كان لهذا التغيير تأثير مباشر على السياسة الخارجية لليسار في كوريا الجنوبية، الذي لطالما دعا إلى الحوار القائم على إمكانية إعادة التوحيد السلمي. كما لم يعد خيار التواصل مع الصين، الذي تبنّته الرئيسة بارك كون هيه في البداية، واقعيًا في ظلّ تصاعد المشاعر العامة المعادية للصين منذ عام 2016، عندما شنّت الصين هجومًا اقتصاديًا على كوريا الجنوبية ردًا على قرار سيؤول بنشر منظومة الدفاع الصاروخي (ثاد) الأمريكية في أراضيها. وفي هذا السياق أيضًا، ثمة غموض كبير يحيط بالسياسة الخارجية لسيؤول في المستقبل.

ضرورة نبذ الخلافات والتعاون المشترك

من هذا المنظور، يبدو جليًا أن الأولوية القصوى لليابان وكوريا الجنوبية اليوم ينبغي أن تتمثل في إعادة النظر في سياساتهما الخارجية وتحديد إطار العلاقة الثنائية ضمن تلك الاستراتيجيات، بدلاً من السعي لحل مظالم تاريخية عفا عليها الزمن. لكن كيف ينبغي لليابان وكوريا الجنوبية إعادة بناء سياساتهما الأمنية مع مراعاة تراجع الوجود الأمريكي؟ يبدو جليًا أن كلا البلدين سيحتاجان إلى تعزيز قدراتهما الدفاعية مع تكثيف التعاون والتنسيق بينهما. إذا كان الأمر كذلك، فقد تضطر كوريا الجنوبية إلى التخلي عن معارضتها الفطرية لأي تعزيز عسكري من جانب اليابان، بل وحتى قبول إمكانية مراجعة دستور اليابان الذي ينبذ الحرب.

وينطبق الأمر نفسه على العلاقات الاقتصادية بين البلدين. فإذا استمرت الولايات المتحدة في نهج الحمائية الاقتصادية، يجب على اليابان وكوريا الجنوبية حماية مصالحهما المشتركة من خلال العمل معًا لدعم نظام تجارة حرة يعمل دون مشاركة أمريكية. ولتحقيق هذه الغاية، قد تحتاج اليابان إلى تبني موقف أكثر إيجابية تجاه فكرة عضوية كوريا الجنوبية في اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ. وقد تحتاج أيضًا إلى إعادة النظر في قبول انضمام الصين، التي أبدت اهتمامًا واضحًا بالانضمام. ربما يتوقف مستقبل منطقة آسيا والمحيط الهادئ على قدرة اليابان وكوريا الجنوبية على إظهار قيادتهما الإقليمية من خلال مواجهة هذه التحديات.

الواضح في جميع الأحوال أن اليابان وكوريا الجنوبية لم يعد بإمكانهما تحمل تبعات الخلافات حول الولاية القضائية الإقليمية والتفسير التاريخي التي تُفسد العلاقات الثنائية. في ظل هذه الظروف، لا شيء أقل فائدة من تصنيف حكومة كوريا الجنوبية بين مؤيدة أو معادية لليابان، بل إن المهم الآن هو تأكيد مواقف البلدين كعضوين مسؤولين ومستقلين في المجتمع الإقليمي والدولي، وإعادة بناء العلاقات الثنائية وفقًا لذلك.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: معارضو الرئيس يون سوك يول يحتفلون بقرار المحكمة الدستورية بتأييد عزله، سيؤول، 4 أبريل/نيسان 2025. © أفلو/ جيجي برس)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بعد يون: التعاون لمواجهة هزة ترامب لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

قد تقرأ أيضا