الارشيف / اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | تحالف على المحك: كيف ستتغير العلاقات الثلاثية بين أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية في ولاية ترامب الثانية؟

  • اليابان | تحالف على المحك: كيف ستتغير العلاقات الثلاثية بين أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية في ولاية ترامب الثانية؟ 1/2
  • اليابان | تحالف على المحك: كيف ستتغير العلاقات الثلاثية بين أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية في ولاية ترامب الثانية؟ 2/2

عُقدت قمة غير مسبوقة في أغسطس/آب 2023 في كامب ديفيد، جمعت قادة كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، وأرست أسس تعاون ثلاثي لمواجهة التحديات الإقليمية. واليوم، ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتولي إيشيبا شيغيرو رئاسة وزراء اليابان، تتجه الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية الكورية المقررة في 3 يونيو/حزيران، والتي ستُكمل مثلث القيادة. الطريقة التي سيتعامل بها القادة الثلاثة مع العلاقات المتبادلة ستكون حاسمة في رسم ملامح التحالف المستقبلي، خاصة في ظل بيئة أمنية إقليمية تتسم بالغموض والتوتر.

التعاون الاستراتيجي بين اليابان وكوريا الجنوبية ضرورة وليست اختيارا

أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول في 3 ديسمبر/كانون الأول عام 2024 الأحكام العرفية، ما فجّر سلسلة من الأحداث أثارت قلقا عميقا داخل اليابان وعلى مستوى العالم بشأن الاستقرار السياسي في كوريا الجنوبية. وفي 14 ديسمبر/كانون الأول، أقدمت الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية على عزل الرئيس يون، لتنتقل صلاحيات الرئاسة إلى رئيس الوزراء هان دوك سو. لكن هان نفسه كان عرضة للعزل في 27 ديسمبر/كانون الأول، ما أدى إلى تولي نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد والمالية تشوي سانغ موك منصب الرئيس بالإنابة. وفي 24 مارس/آذار، عاد هان إلى منصبه بعد تبرئته من قبل المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية. غير أن المحكمة ذاتها أيدت في 4 أبريل/نيسان قرار عزل الرئيس يون، ما استدعى الدعوة إلى إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد للبلاد.

ومن المتوقع أن يستمر الفراغ السياسي الراهن حتى موعد الانتخابات المقررة في 3 يونيو/حزيران. وبحلول ذلك الوقت، ستكون ”الأزمة الوطنية“ في كوريا الجنوبية قد استمرت لأكثر من 6 أشهر. ويأتي هذا الفراغ في القيادة الداخلية والدبلوماسية رفيعة المستوى في وقت حرج للغاية، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، وفرض إدارته لاحقا تعريفات جمركية على كوريا الجنوبية التي يعتمد اقتصادها بشدة على التصدير.

تابعت اليابان عن كثب مجريات هذه المرحلة المضطربة في كوريا الجنوبية وسط غياب قيادة سياسية مستقرة. وفي هذا السياق، قدمت الحكومة اليابانية دعما دبلوماسيا حازما لسيؤول، ونسقت معها بشكل وثيق. كما لم يتردد الطرفان في الدفع قدما نحو تعزيز التعاون بين اليابان وكوريا الجنوبية، وكذلك في إطار الشراكة الثلاثية مع الولايات المتحدة.

وقد أعرب وزير الخارجية الكوري الجنوبي تشو تاي يول في رد مكتوب على أسئلة وجهتها صحيفة أساهي شيمبون بتاريخ 21 مارس/آذار 2025، عن تقديره لليابان والدول الأخرى التي قدمت الدعم والمؤازرة خلال هذه المرحلة الصعبة، كما عبر عن ”امتنانه الصادق“ لوزير الخارجية الياباني إيوايا تاكيشي بسبب زيارته كوريا الجنوبية في يناير/كانون الثاني من هذا العام. وعندما أيدت المحكمة الدستورية قرار عزل يون في 4 أبريل/نيسان، سارع رئيس الوزراء الياباني إيشيبا شيغيرو إلى التأكيد على أن ”هذا العام يوافق الذكرى الستين لاستعادة العلاقات بين اليابان وجمهورية كوريا، ومهما كانت الظروف، فإن تعزيز التعاون الوثيق بين البلدين سيظل في مقدمة أولوياتنا“.

فما وراء هذا التشديد على أهمية العلاقات اليابانية الكورية الجنوبية في مثل هذا التوقيت الحساس؟ أحد الأسباب الرئيسة هو أن العلاقة البناءة بين سيؤول وطوكيو باتت أكثر أهمية من أي وقت مضى على صعيد الدبلوماسية والأمن القومي لكلا البلدين. وقد عبّر تشو عن إدراكه للظروف الدولية الصعبة والتحولات الجذرية في المشهد الجيوسياسي العالمي، في ترديد لرؤية رئيس الوزراء الياباني السابق كيشيدا فوميئو بأن ”أوكرانيا اليوم قد تكون شرق آسيا غدا“. ومن هذا المنطلق، شدد الوزير على أن ”شعبي البلدين يجب أن يوقنا تماما بأن التعاون لم يعد خيارا، بل بات ضرورة قصوى“.

مرحلة متقدمة في العلاقات الثلاثية

استنادا إلى التحسن الملحوظ في العلاقات الثنائية، دفعت سيؤول وطوكيو في السنوات الأخيرة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي الثلاثي بمشاركة الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن هذا التعاون يعود في جذوره إلى الحرب الكورية في عام 1950، إلا أن أول قمة ثلاثية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان عقدت عام 1994 على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في جاكرتا، وكانت أول محاولة لإضفاء طابع رسمي على هذا التعاون الثلاثي، الذي يجمع بين اثنين من أهم التحالفات الثنائية الإقليمية للولايات المتحدة.

في عام 2019 ومع اقتراب نهاية الولاية الأولى لدونالد ترامب، برزت تطورات دبلوماسية هددت بإضعاف هذا التعاون الثلاثي. ففي ظل التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، تركزت جهود وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين على تعزيز شراكات استراتيجية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مثل مجموعة ”كواد“ الرباعية التي تضم اليابان والولايات المتحدة والهند وأستراليا، والتعاون الثلاثي مع اليابان وكوريا الجنوبية. غير أن الرئيس ترامب كان أكثر ميلا إلى الحوار مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. كما أعطى الرئيس الكوري الجنوبي آنذاك الزعيم التقدمي مون جاي إن، الأولوية للحوار بين الكوريتين على حساب التعاون الاستراتيجي مع الحلفاء والشركاء.

تزامن هذا التحول المفاجئ في أولويات السياسة الخارجية بين الدول الثلاث مع أسوأ فترة في العلاقات الثنائية بين كوريا الجنوبية واليابان. فقد شهد عاما 2018 و2019 توترات ثنائية بشأن قضية تعويض العمال الكوريين إبان الحرب، وتشديد اليابان الرقابة على صادراتها إلى كوريا الجنوبية، وإعلان سيؤول تعليق اتفاقية مشاركة المعلومات الاستخباراتية ”GSOMIA“، بالإضافة إلى حادثة اتهمت فيها السلطات اليابانية سفينة تابعة للبحرية الكورية الجنوبية بتوجيه رادار يتحكم في إطلاق النيران نحو طائرة دورية تابعة لقوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية. وقد تدهورت مشاعر الرأي العام في كلا البلدين تجاه الطرف الآخر بشكل كبير. ورغم اتساع نطاق هذه الخلافات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية بين اثنين من أهم حلفاء الولايات المتحدة، إلا أن الرئيس ترامب لم يبذل أي جهد للوساطة.

لكن هذا الواقع تغير مع تبدل القيادة في كل من واشنطن وسيؤول. فقد كان الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول – منذ توليه الرئاسة في عام 2022 – سباقا في ترميم العلاقات مع اليابان. وكان يون والرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الذي خلف ترامب، حريصين على تعزيز التعاون الثنائي بين واشنطن وسيؤول، وكذلك التعاون الأمني الثلاثي مع طوكيو. واستجاب رئيس الوزراء الياباني كيشيدا لهذه المبادرات بإيجابية، ما قاد إلى عقد قمة ثلاثية في أغسطس/آب 2023، أسفرت عن إعلان ”مبادئ كامب ديفيد“، وهي أول قمة مستقلة تجمع الدول الثلاث.

كان الاجتماع في كامب ديفيد علامة فارقة، ليس فقط لأنه ركز على الأهمية الاستراتيجية لتعميق التنسيق الأمني، بل أيضا لأنه وسع نطاق التعاون الثلاثي ليشمل قضايا تتجاوز الشؤون التقليدية المتعلقة بكوريا الشمالية وشبه الجزيرة الكورية. فقد قدم القادة هذه الشراكة الثلاثية المتجددة بوصفها إحدى الركائز الأساسية لاستراتيجياتهم في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع أخذ الصين في الحسبان. وردا على الغزو الروسي لأوكرانيا، تعهدت الدول الثلاث بدعم سيادة القانون والقيم المشتركة والنظام الدولي. وبعيدا عن المجال الجيوسياسي، اتفق القادة الثلاثة في كامب ديفيد على إقامة ”شراكة شاملة“ لمعالجة عدة قضايا والتنسيق بشأنها مثل الأمن الاقتصادي والتقني والمساعدات التنموية وتغير المناخ. كما أنشأ القادة ”أمانة تنسيق ثلاثية“ لتعزيز التشاور وتنفيذ الالتزامات المشتركة بهدف تعميق الطابع المؤسسي للعلاقة الثلاثية. وبالنظر إلى الماضي، تبدو سنوات كامب ديفيد نتيجة تقاطع نادر بين أحداث وقادة حركوا عجلة التاريخ.

التكيف مع ترامب في ولايته الثانية: تحدي الصين-تايوان

أثار تنصيب إدارة ترامب في ولايته الثانية في يناير/كانون الثاني عام 2025 مخاوف بشأن استدامة العلاقة الثلاثية، إلا أن هذا الإطار لا يزال قائما حتى الآن. وبعد زيارة رئيس الوزراء الياباني إيشيبا إلى واشنطن في أول لقاء رسمي له مع الرئيس ترامب في 7 فبراير/شباط، صدر بيان مشترك أغفل ذكر ”كامب ديفيد“، لكنه أشار إلى نية الزعيمين ”تعزيز التعاون متعدد المستويات والمتناغم بين الدول ذات التفكير المماثل“، مع التركيز على أهمية كل من ”كواد“ والتحالفات الثلاثية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان من جهة، وبين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا من جهة أخرى، وبين الولايات المتحدة واليابان والفلبين من جهة ثالثة. كما أكد الزعيمان الياباني والأمريكي على ”أهمية الشراكة الثلاثية بين اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية“، ولا سيما في معالجة القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية. وقد عُقد اجتماعان على مستوى وزراء الخارجية بين الأطراف الثلاثة لاحقا، ما يشير إلى نية إدارة ترامب الإبقاء – في الوقت الراهن – على الإطار الثلاثي الذي تأسس في عهد الإدارة الأمريكية السابقة.


رئيس الوزراء إيشيبا شيغيرو (يسار) يتلقى هدية تذكارية من الرئيس دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك عقب القمة الأمريكية اليابانية بتاريخ 7 أبريل/نيسان عام 2025 في العاصمة واشنطن (© جيجي برس)

ولكن من المرجح أن تُصاغ العلاقة بما يتماشى مع أولويات إدارة ترامب. ومن أبرز هذه الأولويات ”التحول في سياسة الصين-تايوان“ ضمن الاستراتيجية الأمريكية فيما يتعلق بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. يمكن تقسيم التوجهات داخل إدارة ترامب في الشأن الخارجي إلى قسمين: الأول يمثله نائب الرئيس جيه دي فانس، المعروف بنزعته ”الانعزالية المعتدلة“ فيما يتعلق بنشر قوات أمريكية في الخارج، والثاني يضم جمهوريين تقليديين يتبنون مواقف صارمة تجاه خصوم أمريكا الاستراتيجيين مثل الصين، ويميلون إلى تقوية التحالفات. من بين الجناح الأخير مستشار الأمن القومي مايك والتز ونائب وزير الدفاع لشؤون السياسات إلبريدج كولبي.

يشترك الجناحان في مطالبة حلفائهم بتحمل نصيبهم من العبء، والسعي لاعتماد الولايات المتحدة على مقاربة مركزة في التنافس الاستراتيجي والشؤون الخارجية. وبينما يدور كثير من الجدل حول الموقف الدفاعي الأمريكي تجاه أوكرانيا وأوروبا، لا توجد مؤشرات على نية الانسحاب أو تقليص القوات الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. بل من المحتمل أن تعزز واشنطن موقفها العسكري في هذه المنطقة، بناء على التعاون وزيادة تقاسم الأعباء مع حلفائها والدول ذات التوجهات المُماثلة.

ينعكس كيفية ارتباط هذا الأمر بالصين وتايوان في موقف وزارة الدفاع الأمريكية كما ورد في ”التوجيه الاستراتيجي الدفاعي المؤقت“ الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست في 29 مارس/آذار عام 2025. يصف وزير الدفاع بيت هيغسيث في هذه الوثيقة الصين بأنها ”التهديد الأساسي الوحيد للوزارة، ومنع استيلاء الصين على تايوان الذي لا مفر منه هو السيناريو الوحيد للوزارة لتحديد وتيرة العمل“. ويشير هذا إلى أن اندلاع حالة طوارئ تتعلق بالصين وتايوان هي محور التخطيط فيما يتعلق بالقوة، بالنظر إلى الجدول الزمني ”عام 2027“ الذي نوقش كثيرا بشأن الاستعدادات لغزو صيني لتايوان بحلول ذلك العام. ومع تركيز الولايات المتحدة على الصراع المحتمل مع الصين، فإن معظم عبء تدابير ردع روسيا وإيران وكوريا الشمالية سيقع على عاتق الحلفاء في أوروبا والشرق الأوسط وشرق آسيا.

وإذا جرى تنفيذ التوجيهات المؤقتة كما هي، فستواجه التحالفات الأمريكية مع كوريا الجنوبية واليابان، إلى جانب الشراكة الثلاثية، تحديات متزايدة. لطالما كان سيناريو ”الطوارئ المعقدة“ المتمثل في تزامن حدوث طوارئ في كوريا مع طوارئ في تايوان مشكلة، ولكن بالنظر إلى حساسية الأمر لم تتقدم المحادثات الرسمية بشأن توزيع الأدوار بين الشركاء الثلاثة. وتخشى سيؤول على نحو خاص من اعتبار طوارئ تايوان ”السيناريو الوحيد الذي يحدد إيقاع الأحداث“ وما يترتب على ذلك من تداعيات على شبه الجزيرة الكورية.

يبقى الغموض قائما كذلك لمعرفة إن كان الرئيس ترامب سيحتضن ”مجموعة المشاورات النووية الأمريكية-الكورية الجنوبية“ التي أُنشئت في عهد سلفه لطمأنة سيؤول بشأن التزام الولايات المتحدة بالردع الموسع عبر المظلة النووية في مواجهة برنامج كوريا الشمالية لتطوير الأسلحة النووية والصواريخ الذي تتزايد قدراته. كما أثار التوجيه المؤقت المذكور أعلاه مخاوف كوريا الجنوبية من عودة المناقشات السابقة عن ”المرونة الاستراتيجية“ إلى الواجهة، ما يؤدي إلى تقليص حجم القوات الأمريكية في شبه الجزيرة، أو إعادة نشر القوات الأمريكية الموجودة في كوريا الجنوبية في مناطق أخرى من المحيطين الهندي والهادئ، ما قد يجعل كوريا الجنوبية عرضة للخطر. وقد زادت هذه المخاوف من تعقيد المناقشات حول نقل السيطرة العملياتية في زمن الحرب الخاصة بالقوات العسكرية الكورية التابعة لقيادة القوات المشتركة الأمريكية الكورية الجنوبية من قائد أمريكي إلى قائد كوري، وهو أمر تأخر كثيرا. كما يواجه التحالف الأمريكي الياباني معضلة مشابهة تتمثل في كيفية الموازنة بين استجابته لحالات الطوارئ في تايوان وشبه الجزيرة الكورية مع ضمان بقاء اليابان محمية بشكل مناسب.

بالإضافة إلى ذلك، تسعى الولايات المتحدة للحصول على تعاون أوسع من حلفائها في مجالات متعددة بهدف تعزيز الردع تجاه الصين. فإلى جانب التدريبات المشتركة والتنسيق العملياتي، ترغب واشنطن في بناء سلاسل إمداد لوجستية وصناعية متكاملة، تتيح لسفن البحرية الأمريكية الحصول على خدمات صيانة وإصلاح وتجديد وتزود خلال انتشارها في المنطقة.

يمثل التعاون بين الحلفاء في بناء السفن أحد المحاور البارزة في سياسة إدارة ترامب، نظرا لمحدودية قدرات الصناعة الأمريكية الحالية. وقد تجلى ذلك بوضوح في البيان المشترك الصادر بعد اجتماع ثلاثي لوزراء الخارجية في بروكسل في 3 أبريل/نيسان. وعلى الرغم من طرح هذه المسألة سابقا في اجتماع ثلاثي عقد في يوليو/تموز عام 2024، إلا أن الأطراف الثلاثة أقرت في بروكسل بضرورة الحفاظ الجماعي على ”أسطول بحري عصري وصناعة بناء سفن قوية وقوى عاملة متينة“. ويستدعي إحراز تقدم في مجال اللوجستيات الدفاعية والتكامل الصناعي التعاون كذلك مع الفلبين، بالإضافة إلى أستراليا وبريطانيا في إطار مبادرة AUKUS.

وإذا نجح تعميق التعاون الصناعي واللوجستي بين الحلفاء الإقليميين والولايات المتحدة، فإن ذلك قد يسهم بشكل كبير في تجنب الحرب مع الصين بشأن تايوان عبر تعزيز الردع. إلا أن أسلوب الرئيس ترامب القائم على إبرام صفقات في المجال الدبلوماسي يبقي المخاطر قائمة، إذ يمكن أن يعرض الحلفاء لتقلبات مفاجئة في المشهد الجيوسياسي. ولا يزال ترامب يبدي اهتماما بالحوار مع كيم جونغ أون، وهو ما قد يؤدي إلى تهميش اليابان وكوريا الجنوبية. وفي الوقت نفسه، فإن تمسك ترامب بالتعريفات الجمركية لمعالجة ما يراه اختلالات تجارية يقوض أسس التجارة الحرة، وقد يقف حجر عثرة أمام تعزيز سلاسل الإمداد الصناعية والدفاعية.

من الواضح أن هناك حاجة ماسة إلى مناقشة هذه القضايا من منظوري الاقتصاد والأمن القومي على حد سواء، وإعادة الاستقرار إلى العلاقات الاستراتيجية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ينبغي على طوكيو وسيؤول الاستفادة من ”أمانة التنسيق الثلاثية“ وغيرها من الآليات للمضي قدما في تنسيق السياسات وضمان استمرار الحوار بشأن القضايا الساخنة المتعلقة بالأمن الإقليمي.

خيار كوريا الجنوبية: هل التحول المركزي ممكن؟

هناك عامل آخر سيؤثر بشكل كبير في قدرة التنسيق الاستراتيجي الثلاثي بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان على الاستدامة، وهو الوضع السياسي الداخلي في كوريا الجنوبية. التزم يون سوك يول خلال فترة رئاسته القصيرة بسياسة خارجية أكثر طموحا، انطلاقا من رؤيته لكوريا الجنوبية بوصفها ”دولة محورية عالمية“. ومن خلال هذه الرؤية، جعل يون من التحالف مع الولايات المتحدة الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية الكورية. أما فيما يتعلق بدور كوريا الجنوبية ضمن المنافسة الاستراتيجية الأمريكية مع الصين، فقد حول الرئيس السابق موقف سيؤول من ”الغموض الاستراتيجي“ الذي تبنته إدارة مون، إلى ”الوضوح الاستراتيجي“. كان يون يعتبر المصالح الأمنية الكورية تتجاوز حدود شبه الجزيرة، ولذلك سارع إلى توسيع الرؤية الاستراتيجية لبلاده. فقد تبنى نسخة كورية من استراتيجية منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأعلن التزام كوريا الجنوبية بالحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان، إضافة إلى التزامه بالمبادئ التي جرى الاتفاق عليها في قمة كامب ديفيد.

عندما أعلنت إدارة مون في عام 2021 عن سياستها الجنوبية الجديدة، أشارت إلى أنها ستتوافق مع الولايات المتحدة في استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ، بما يشمل مسألة مضيق تايوان. لكن الواقع كشف أن رؤية مون بقيت محصورة في شبه الجزيرة الكورية. فقد قيدت سياسة مون تجاه الصين إمكانات الانسجام الاستراتيجي مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ عندما التزم بـ ”اللاءات الثلاث“: لا لنشر إضافي لمنظومة ”ثاد“ للدفاع الصاروخي على ارتفاعات كبيرة، ولا للمشاركة في شبكة أوسع للدفاع الصاروخي بقيادة أمريكية، ولا للمشاركة في ”تحالف عسكري ثلاثي“ مع الولايات المتحدة واليابان. واقتصر التعاون بين الدول الثلاث على القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية فقط.

على الرغم من تدهور البيئة الأمنية والغزو الروسي لأوكرانيا وتعمق التعاون الأمني بين روسيا وكوريا الشمالية والتوترات عبر مضيق تايوان، إلا أنه من المحتمل حدوث تحول مفاجئ آخر في التوجه الاستراتيجي لسيؤول إذا انتقل الحكم من المحافظين إلى التقدميين. فهل سيواصل رئيس كوريا الجنوبية المقبل اتباع نهج للأمن القومي يستند إلى دور عالمي وآخر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ؟ وهل سيظل التعاون مع اليابان، سواء بشكل ثنائي أو ضمن الإطار الثلاثي مع الولايات المتحدة، يُنظر إليه في سيؤول على أنه ”أمر لا يمكن تجاهله بل ضروري للغاية“؟ مع خروج كوريا الجنوبية من حالة الفراغ القيادي، ستسعى سيؤول إلى إيجاد ”توازن“ في دبلوماسيتها بطريقتها الخاصة. ويتوجب متابعة الخيار الذي ستتخذه سيؤول في مرحلة ما بعد يون باهتمام كبير، لما قد يحمله من أهمية على صعيد التعاون الإقليمي والدولي.

من الواضح أن حزب ”قوة الشعب“ المحافظ الحاكم يواجه معركة شاقة للاحتفاظ بمنصب الرئيس، وذلك في أعقاب إعلان يون للأحكام العرفية وما أعقبه من إجراءات عزله. وسيأتي موعد الانتخابات بعد شهرين فقط من قرار المحكمة الدستورية تأكيد عزله من المنصب.

تحول التركيز الآن إلى احتمال عودة التقدميين إلى سدة الحكم. ويتصدر المرشحين المعارضين لي جاي ميونغ من ”الحزب الديمقراطي الكوري“، الذي كان قد خسر أمام يون في انتخابات الرئاسة عام 2022. ويتردد أن حجم الانقسام السياسي الحالي في كوريا الجنوبية قد أبعد المستقلين الذين يتوقون قبل كل شيء إلى عودة الاستقرار. ولهذا، يتعين على لي أن يكسب تأييد الناخبين المعتدلين إذا أراد الفوز في السباق الرئاسي. وعلى الصعيد الدبلوماسي، فإن رئيسا تقدميا يواجه أزمات وطنية متعددة لن يكون أمامه خيار سوى التعاون مع الولايات المتحدة واليابان.

يروج لي وحزبه الديمقراطي الكوري في الآونة الأخيرة لخطاب أكثر واقعية في الداخل والخارج. وتشمل هذه الواقعية الإقرار بقيمة التحالف بين سيؤول وواشنطن، وتعزيز التعاون بين كوريا الجنوبية واليابان، والتأكيد على أهمية الشراكة الثلاثية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.

لكن رغم ذلك، لا تزال مواقف التيار التقدمي غير واضحة فيما يتعلق بالصين وتحدي تايوان، وكذلك تجاه كوريا الشمالية، في ظل التغيرات المتسارعة في شبه الجزيرة الكورية. فعلى سبيل المثال، في مقابلة أجريت مؤخرا مع صحيفة واشنطن بوست بتاريخ 14 فبراير/شباط عام 2025، أعرب لي عن ترحيبه بالحوار بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. بل وذهب إلى حد التصريح بأنه سيرشح ترامب لجائزة نوبل للسلام إذا نجح في تحقيق ”اختراق كبير“ في قضايا الأسلحة النووية والصواريخ، قائلا إن ”ذلك سيعود بالنفع على الجميع“.

ورغم استمرار المخاوف، ومع حلول الذكرى الستين لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين كوريا الجنوبية واليابان، يبقى الأمل معقودا على تحول نحو الوسط السياسي ”أو الحل الوسطي“ في كوريا الجنوبية. وسيكون من الضروري أن يتجاوز البلدان معا البيئة الأمنية الصعبة.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية في 12 أبريل/نيسان عام 2025. الترجمة من الإنجليزية. صورة العنوان: من اليسار، وزير الخارجية الكوري الجنوبي تشو تاي يول، ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ووزير الخارجية الياباني إيوايا تاكيشي في اجتماع على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي ”ناتو“ في بروكسل بتاريخ 3 أبريل/نيسان عام 2025. © أ ف ب/جيجي برس)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | تحالف على المحك: كيف ستتغير العلاقات الثلاثية بين أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية في ولاية ترامب الثانية؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

قد تقرأ أيضا