الارشيف / اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | الاستحمام والطهارة في اليابان... حين تتداخل النظافة مع مفاهيم القومية والهوية

  • اليابان | الاستحمام والطهارة في اليابان... حين تتداخل النظافة مع مفاهيم القومية والهوية 1/3
  • اليابان | الاستحمام والطهارة في اليابان... حين تتداخل النظافة مع مفاهيم القومية والهوية 2/3
  • اليابان | الاستحمام والطهارة في اليابان... حين تتداخل النظافة مع مفاهيم القومية والهوية 3/3

من الينابيع الساخنة في الجبال إلى أحواض الاستحمام المنزلية، لطالما ارتبطت الهوية اليابانية بعشق الطهارة والنظافة. غير أن هذا التقليد العريق الذي يمتد لقرون، لم يظل حكرًا على العادات اليومية فحسب، بل تحول في العصر الحديث إلى أداة سياسية وأيديولوجية. فقد باتت النظافة تُقدَّم لا كعادة صحية فحسب، بل كرمز للفضيلة الأخلاقية والانضباط المجتمعي في سردية اليابان عن ذاتها.

الاستحمام اليومي

ظهر في ربيع عام 2024 تعبير ”مجتمع إلغاء الاستحمام (فورو كيانسيرو كايواي)“، وبدأ بالانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي في اليابان. فقد قرر بعض الشباب أن الاستحمام يوميا لا يستحق العناء، ولجأوا إلى تلك الوسائل لإعلان اعتزالهم هذه العادة.

تقول كاواباتا ميكي ”إن فكرة أن بإمكانك ”إلغاء“ استحمامك اليومي لا تبدو منطقية إلا إذا كان من المسلمات أصلا أن الاستحمام كل يوم هو أمر طبيعي“. وتتابع قائلة ”أردت أن أستكشف مصدر هذه الفكرة، وكيف نشأت وتبلورت“.

ربما لدى كثير من الناس في اليابان ذكريات من الطفولة لآبائهم وهم يحثونهم على الإسراع في الدخول إلى حوض الاستحمام قبل موعد العشاء، وما زالوا حتى اليوم يشعرون بأنهم يفضلون الاسترخاء في حمام دافئ على الاكتفاء بحمام دش سريع، حتى عندما يكونون في سفر بعيد عن منازلهم.

تتذكر كاواباتا كيف كانت تتساءل في طفولتها عن سبب إصرار والديها على إدخالها إلى الحمام كل مساء. وقد لعبت هذه التجارب المبكرة دورا في قرارها أن تركز في أبحاثها على عادات الاستحمام.

تقول ”شعرت أن هذه العادات قد أثرت بعمق في المعايير اليابانية للنظافة. أردت أن أبحث عن جذور هذا الاعتقاد بأن اليابانيين هم شعب يعشق الاستحمام بالفطرة، وأنهم أنقياء الجسد والروح، وأن أعود إلى الوراء لأفهم كيف تشكلت هذه العادات“.

هل الإفراط في الاستحمام مضر بالصحة؟

تُظهر التقاليد المحلية في أنحاء البلاد أن الناس كانوا يستحمون في الينابيع الساخنة الطبيعية منذ زمن مبكر. ومع دخول البوذية في منتصف القرن السادس، بدأت المعابد في أنحاء اليابان بإنشاء مرافق للاستحمام والحمامات البخارية، وكانت متاحة ليس فقط للرهبان والراهبات، بل أيضا للحجاج الزائرين. وأصبح بإمكان المستحمين تقديم التبرعات لهذه المرافق التابعة للمعابد البوذية، ليكسبوا الأجر والفضيلة من خلال مساهماتهم المالية.

تطورت هذه الحمامات البسيطة لاحقا إلى أنشطة تجارية، وبدأت ”الحمامات العامة (سينتو)“ في الازدهار خلال فترة إيدو (1603–1868). وقد افتتح أول حمام سينتو في مدينة إيدو عام 1591، أي بعد عام واحد من دخول توكوغاوا إياسو إلى البلدة القلعة التي ستصبح لاحقا أكبر مدن اليابان. وبحلول القرن السابع عشر، تُظهر السجلات وجود حمام عام تقريبا في كل حي من أحياء العاصمة الشوغونية.

تقول كاواباتا ”إن تأسيس نظام الحكم الشوغوني في إيدو أدى إلى انطلاق مشاريع عمرانية ضخمة، وتدفقت أعداد كبيرة من العمال من مختلف أنحاء البلاد إلى المدينة. ولم تكن إيدو وحدها، فقد شهدت أوساكا وكيوتو الأمر نفسه مع تقدم حركة التمدن. وكانت الحمامات تُعرف عموما في ذلك الوقت باسم ”يويا“ (湯屋)، ويُكتب بالحرف نفسه الذي يعني ”المياه الساخنة 湯“ مثل كلمة سينتو (銭湯). وكانت الحمامات البخارية هي الأكثر شيوعا. وكان الناس يستحمون باستمرار، راغبين في التعرق وتنظيف أجسادهم من أدران الحياة اليومية، ليخرجوا بشعور من النظافة والانتعاش“.

وفي منتصف فترة إيدو، كتب المفكر الكونفوشيوسي الجديد كايبارا إكيكين في كتابه ”يوجوكون (وصايا للحفاظ على الصحة)“ أن الاستحمام بالماء الساخن يشجع على التعرق، ما يؤدي إلى استنزاف مصدر الطاقة الحيوية المعروف باسم ”كي“. وقد وجّه تحذيرا حازما من مخاطر الإفراط في الاستحمام. ”بمعنى آخر، كان الناس يستحمون بكثرة إلى درجة دفع إلى إصدار تحذيرات من المبالغة في ذلك“.

كانت أغلب حمامات فترة إيدو تُبنى على طراز يُعرف باسم ”زاكوروغوتشي“، حيث كانت هناك حواجز خشبية تفصل منطقة الاغتسال عن حوض الاستحمام نفسه. وكان في هذا الحاجز فتحة من الأسفل تؤدي إلى الحمام، وكان على الناس الانحناء للدخول، من أجل الحفاظ على البخار داخل المكان.

أما في جهة الاستحمام من داخل زاكوروغوتشي، فكانت العتمة شديدة لدرجة أن البعض لم يكن يلاحظ الأشياء الطافية في المياه. وبسبب عدم توفر شبكة أنابيب مياه جارية، لم يكن يُغير ماء الاستحمام في كثير من الأحيان.

صورة تُظهر المدخل المنخفض لزاكوروغوتشي في حمام عام، كما ورد في كتاب ”الحكمة والحماقة مختلطان في حكايات جديدة عن الحمامات“ للكاتب سانتو كيودين. (بإذن من مكتبة البرلمان الوطنية)
صورة تُظهر المدخل المنخفض لزاكوروغوتشي في حمام عام، كما ورد في كتاب ”الحكمة والحماقة مختلطان في حكايات جديدة عن الحمامات“ للكاتب سانتو كيودين. (بإذن من مكتبة البرلمان الوطنية)

قواعد الاستحمام المختلط

كان من الشائع طوال معظم فترة إيدو أن يستحم الرجال والنساء معا في حمامات ”يويا“ العامة. ومع مرور الوقت، بدأت تثار مخاوف من أن هذه العادة قد تكون ”مخلة بالآداب العامة“، ما أدى إلى محاولات متكررة لتنظيمها، بما في ذلك الحظر الذي فُرض على الاستحمام المختلط خلال إصلاحات كانسي (1787–1793) من قبل ماتسودايرا سادانوبو، أحد كبار مستشاري الشوغونية.

”يعتقد بعض الباحثين أن الهدف الحقيقي من هذه القواعد كان فرض السيطرة على الفقراء في المدن، والذين غالبا ما كانوا يستخدمون الحمامات الواقعة في أحياء ”باسوي“ الهامشية في أطراف المدينة. وفي وقت كانت فيه أعمال الشغب والاحتجاجات العنيفة تندلع بسهولة بعد مواسم حصاد سيئة أو نقص الأرز، ربما رأت السلطات في الحمامات كأداة لمراقبة العناصر المشاغبة وإدارتها“.

وعندما بدأ الغربيون بالوصول إلى اليابان في منتصف القرن التاسع عشر، أبدوا إعجابا شديدا بعادة الاستحمام اليومي لدى اليابانيين، واعتبروها دليلا على النظافة والصحة العامة. لكنهم في الوقت نفسه صُدموا من التراخي في التعامل مع العري وانتشار ظاهرة الاستحمام المختلط. وقد ساهم هذا الانزعاج في تعزيز الدعوات إلى الإصلاح، لكن حتى في ذلك الحين، ظلت عملية زوال الاستحمام المختلط بطيئة.

وفي عام 1879، أصبحت حكومة طوكيو أول سلطة محلية تضع مجموعة شاملة من الأنظمة الخاصة بالحمامات العامة، والمعروفة باسم ”يويا توريشيماري كيسوكو“. وقد شملت هذه القوانين تنظيم التراخيص، وقواعد الوقاية من الحرائق، وحظر الاستحمام المختلط. وبحلول أواخر عصر ميجي (1868–1912)، كانت أنظمة مماثلة قد طُبقت في مختلف أنحاء البلاد، وأصبحت الحمامات تخضع لإشراف الشرطة. وبدأت الحمامات العامة تتجه نحو التحديث، ليس فقط في طريقة تشغيلها، بل أيضا في مظهرها الخارجي.

نقاء الجسد والروح

كان عامة الناس في إيدو يستحمون باستمرار للتخلص من أدران الحياة اليومية. لكن الأمر لم يكن مجرد مسألة نظافة. ففي عمله الصادر عام 1802 بعنوان ”الحكمة والحماقة مختلطان في حكايات جديدة عن الحمامات“، وصف سانتو كيودين كيف اعتاد الناس أن يتجمعوا في الحمامات في نهاية كل عام، ليزيلوا عن أجسادهم أدران 12 شهرا مضت. ويؤكد أن تطهير الجسد يؤدي إلى تنقية العقل، ويزيل الرغبات الدنيئة والارتباطات الدنيوية.

تقول كاواباتا ”مع تطور الثقافة خلال القرون الثلاثة من فترة إيدو، أصبح فعل الاستحمام مرتبطا ارتباطا وثيقا بمفهوم طهارة ونقاء الروح“.

وبعد استعادة ميجي عام 1868، بدأ يُنظر إلى الاستحمام على نحو متزايد باعتباره فضيلة أخلاقية. وفي هذه المرحلة بدأ يتبلور الخطاب الحديث الذي يصف اليابانيين بأنهم ”أمة عشاق الاستحمام“.

وتتابع كاواباتا ”مع بداية القرن العشرين، بدأ يظهر نمط معين من الخطاب: حيث بدأ الناس يفتخرون بأن لليابان تقليدا قديما في الاستحمام يعود إلى العصور القديمة، وأن جميع طبقات المجتمع الياباني تستحم بانتظام، على عكس الغرب، حيث كان حتى النبلاء لا يستحمون إلا نادرا. وأصبح يُنظر إلى الاستحمام بوصفه أمرا جيدا بطبيعته، وعكست العادات اليابانية حقيقة أن الشعب يتميز بنظافته وصحته بشكل فريد“.

وقد اكتسب هذا الخطاب زخما متزايدا بعد بروز اليابان كقوة كبرى في أعقاب انتصاراتها العسكرية على سلالة تشينغ الصينية بين عامي 1894 و1895، ثم على الإمبراطورية الروسية بين عامي 1904 و1905.

”كيف تمكنت أمة صغيرة الحجم من هزيمة قوى عظمى كروسيا والصين؟ بدأ السياسيون والمفكرون يبحثون عن إجابات في مفاهيم مثل بوشيدو، وفيما يُفترض أنه شخصية الشعب الياباني، بل وحتى في عادة الاستحمام المنتظم. وقد صيغت الكثير من هذه الأفكار ضمن مقارنة ضمنية مع الغرب، وكانت تمثل ردا على النظرة الغربية المتعالية تجاه آسيا في ذلك العصر، وعلى الهلع العنصري المتمثل فيما سمي بالخطر الأصفر“.

وكان من اللحظات المفصلية في ربط الطهارة بالشخصية الوطنية صدور ”مرسوم التعليم (كيوئيكو تشوكوغو)“ عن الإمبراطور ميجي عام 1890. وقد هدف هذا المرسوم إلى توحيد الأمة من خلال التوجيه الأخلاقي، لكنه كُتب بلغة موجزة ومجردة كانت عسيرة الفهم على معظم الناس. ولتوسيع نطاق تأثير الرسالة، نُشرت كتب أكثر وضوحا عن الأخلاق العامة بأعداد كبيرة، وكان لها تأثير واضح.

تقول كاواباتا ”كانت الحكومة بحاجة إلى منظومة من القيم الوطنية لتوحيد الشعب روحيا، وكان تشجيع الوطنية وتعزيز الولاء للدولة والإمبراطور في أوجهما. وقد أدى ذلك إلى بروز فكرة الأخلاق الوطنية، التي يُفترض أنها تستند إلى الشخصية الوطنية. وبطبيعة الحال، نشأت نقاشات حول ما تعنيه هذه الشخصية فعلا. وقد تم التركيز على سمة النقاء كأحد الصفات الإيجابية. وأشار الناس إلى بوشيدو كمثال، حيث يستطيع الساموراي الذي تنازل عن ولائه أن يُثبت نقاءه الروحي من خلال أداء سيبوكو. وقد انعكس هذا في مفهوم النقاء الجسدي والعادة الوطنية في الاستحمام المنتظم“.

”كان الناس يرون أن القذارة الجسدية تؤدي إلى تدنيس الروح. واستشهدوا بالأساطير القديمة، مثل قصة الإله إيزاناغي، الذي تطهر بالمياه ليزيل ما علق به من دنس بعد عودته من العالم السفلي. وفي فترة إيدو، كانت فكرة تطهير الروح من خلال غسل ”أدران القلب“ جزءا من الثقافة بالفعل، وربما كان ذلك أحد الأسباب التي جعلت الناس أكثر استعدادا لتقبل هذه الأفكار“.

الزوجات والأمهات والنظافة في المنزل

كانت كتب ”التدريب الأخلاقي (شوشين)“ التي أصدرتها الحكومة تعلم الأطفال في المدارس أن الحفاظ على النظافة والصحة ليس مجرد أمر يعود بالنفع على الفرد، بل هو أيضا من أجل خير الأمة. وقد استُخدمت هذه الكتب منذ عام 1904 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية. أما في المنزل، فكانت مسؤولية النظافة اليومية تقع على عاتق الزوجات والأمهات، اللواتي كان عليهن التأكد من أن أطفال الأمة يحصلون على حمامهم اليومي.

(الصورة من Nippon.com)
(الصورة من Nippon.com)

وبعد الحرب الصينية اليابانية، شُجعت النساء على تجسيد المثال الأعلى المعروف باسم ”الزوجة الصالحة والأم الحكيمة (ريوساي كينبو)“. وقد نُشرت كتب عديدة تقدم نصائح للنساء بشأن كيفية إدارة شؤون المنزل، وكانت هذه الكتب تؤكد باستمرار على أهمية استحمام الأطفال. وكان يُنتظر من النساء أن ينقلن تقاليد الاستحمام اليابانية إلى الجيل التالي، وأن يربين أطفالا نظيفين وأصحاء، ليكونوا رعايا مخلصين للإمبراطورية.

”إذا نظرنا إلى هذه المسألة ضمن السياق التاريخي الأوسع لسعي النساء نحو نيل حقوقهن الكاملة، فمن المرجح أن بعض النساء قبلن هذا الدور عن طيب خاطر، باعتباره وسيلة لتأكيد قيمتهن في المجتمع. لكن هذا الدور التاريخي للأمومة في خدمة الدولة، الذي قبلته كثير من النساء وترسخ في داخلهن، ما زال له أثر مستمر حتى اليوم. أعتقد أن آثاره تتجلى في كثير من التحديات التي نواجهها اليوم، ومنها ”العمل الخفي“ غير مدفوع الأجر الذي لا تزال كثير من النساء يقمن به في الظل“.

الحمامات العامة والمواطنون الصالحون

في الوقت الذي كان فيه كثير من اليابانيين العاديين يفتخرون بعادة الاستحمام بوصفها تقليدا وطنيا، بدأ البيروقراطيون والمصلحون الاجتماعيون – منذ مطلع القرن العشرين تقريبا – يستلهمون أفكارهم من حركة الحمامات العامة في الغرب. وقد برزت هذه الحركة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وركّزت على توفير حمامات عامة في المناطق الحضرية للمهاجرين والعمال والفقراء.

”ارتبط الاستحمام في كل من الغرب واليابان بمفاهيم الطهارة الروحية والنظام الاجتماعي والطبقية. في اليابان، كان يُقال للناس إن الاستحمام يساعدهم على أن يكونوا رعايا مخلصين للإمبراطور. أما في الغرب، فكان التركيز على تحويل الناس إلى مواطنين صالحين“.

”اليابانيون المتخصصون في الصحة العامة الذين سافروا لمعاينة الأوضاع في الغرب، عادوا ليطالبوا بإنشاء حمامات عامة بوصفها جزءا من السياسات الاجتماعية، كما دعوا الحكومة إلى تقديم الدعم لتكون هذه الحمامات في متناول الجميع. وقد أدى ذلك إلى نظام بنت فيه الحكومة تلك المرافق، التي باتت تُدار لاحقا كشركات خاصة. وقد أسهم هذا النموذج من الشراكة بين القطاعين العام والخاص في ازدهار بناء الحمامات العامة الجديدة، ولا سيما في المدن الكبرى“.

ففي كيوتو مثلا، شُيّدت خلال العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين حمامات عامة في مناطق ”بوراكومين“، التي كانت تقليديا تعاني من التمييز الشديد. وقد أُديرت هذه الحمامات من قبل مجموعات تمثل السكان المحليين. ولم تسهم هذه المشاريع في تحسين الصحة العامة فحسب، بل وفرت أيضا فرص عمل في المناطق المهمشة اجتماعيا، وساعدت على تحسين البنية التحتية من خلال إدخال شبكات أنابيب مياه.

كما شُيدت حمامات عامة في أماكن كان الاستحمام المنتظم فيها أقل شيوعا، مثل مجتمعات الآينو في هوكّايدو، وفي أوكيناوا، وفي مستعمرات اليابان في تايوان وكوريا.

”استُخدمت عادات الاستحمام ومفاهيم النظافة أحيانا لتبرير التمييز والاندماج. فبدون اعتبار للفروقات الثقافية والعادات والبيئات المختلفة، كان الناس ينبذون الآينو أو سكان أوكيناوا بسهولة باعتبارهم ”قذرين“ لمجرد أنهم لا يتبعون تقاليد الاستحمام السائدة في اليابان الأم“.

”أما في المستعمرات، فقد ترافقت الجهود الرامية إلى تعزيز الاندماج والنظافة مع ممارسات تمييزية قائمة على الفصل، بما في ذلك تخصيص مرافق منفصلة لليابانيين والسكان المحليين“.

النظافة والنقاء

تقول كاواباتا إن مفهوم النظافة كان عملية لإزالة كل ما يُعد خروجا عن المألوف، وكأنه وسيلة لتطهير المجتمع من ”الشوائب“.

”أصبح من المعتاد تدريجيا بعد الحرب أن يمتلك الناس حمامات خاصة بهم في منازلهم، وأصبح الاستحمام اليومي هو القاعدة. وقد ازدادت معايير النظافة قوة عما كانت عليه قبل الحرب، حتى أصبحت متأصلة في الوعي الجمعي، وتُمارس بلا وعي تقريبا“.

ولا تزال هذه المعايير الراسخة تظهر في المجتمع حتى اليوم. ففي أثناء جائحة كوفيد-19، ازداد التركيز على ارتداء الكمامات وغسل اليدين، كما ظهرت ممارسات إقصاء وتمييز، مثل ظاهرة ما يسمى بـ ”شرطة ضبط النفس (جيشوكو كييساتسو)“ التي كانت تراقب الأفراد والشركات، والمضايقات الموجهة للعاملين في المجال الصحي باعتبارهم مصدرا محتملا للعدوى.

”في المراحل الأولى من الجائحة، حين كانت أعداد الإصابات والوفيات في اليابان منخفضة مقارنة بالغرب، ادعى بعض السياسيين أن ذلك يعود إلى تفوق الأخلاق العامة والنظافة لدى اليابانيين. وهذا في جوهره إحياء لنفس المنطق الذي استُخدم قبل أكثر من قرن، حين نُسبت انتصارات اليابان على روسيا والصين إلى الروح الجماعية والانسجام الجمعي لدى اليابانيين“.

ويكشف النظر في تاريخ الاستحمام والنظافة عن مجموعة واسعة من القضايا: الجنس، وسلطة الحكومة، والتمييز، والإقصاء. كما يمكن أن يدفعنا هذا التاريخ إلى إعادة التفكير في القيم التي نظنها من المسلمات.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 4 يونيو/حزيران عام 2025، بقلم كيمي إيتاكورا من Nippon.com. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: رسم لحمام عام في شيمودا بمحافظة شيزوؤكا عام 1854 بريشة ويليام هاين. بإذن من المركز الدولي للدراسات اليابانية)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | الاستحمام والطهارة في اليابان... حين تتداخل النظافة مع مفاهيم القومية والهوية لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا