كثيرٌ من الأشخاص يداومون على العمل الليلي ولفترات طويلة، وعلى الرغم من أن العمل في الليل قد يكون ضروريًا للبعض، فإن تأثيراته السلبية على الصحة لا يمكن إغفالها، سواء من الاضطرابات في النظام البيولوجي للجسم، وزيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، إذ تعد المداومة على العمل ليلاً من العوامل التي تشكل تهديدًا صحيًا.

تأثير المداومة على العمل ليلا على القلب والأوعية الدموية

وفي هذا الصدد، أكد الدكتور علاء الغمراوي استشاري أمراض القلب، أن المداومة العمل في نوبات ليلية يشكل خطرا كبيرا على صحة القلب والأوعية الدموية، قائلا إن العديد من الدراسات الطبية أثبتت أن الأشخاص الذين يداومون على العمل ليلًا يواجهون خطرا متزايدا للإصابة بالنوبات القلبية، وذلك نتيجة للاضطراب الذي يحدث في ساعات النوم وارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول الذي يسبب ضغطا كبيرا على القلب، موضحا أن هذا الضغط المستمر على الأوعية الدموية قد يؤدي في النهاية إلى حدوث مشكلات صحية دائمة مثل الجلطات والسكتات الدماغية.

العمل الليلي واضطراب الساعة البيولوجية

وتتسبب المداومة على العمل ليلاً في اضطراب الإيقاع البيولوجي للجسم؛ مما يعطل وظائف النوم الطبيعية، مضيفا إن الجسم يمر بسلسلة من التغيرات الهرمونية أثناء الليل، مثل زيادة إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد في تنظيم النوم، ولكن العمل ليلا يوقف هذه العمليات، مما يؤدي إلى قلة النوم، وأشار «الغمراوي» إلى أن هذا الخلل في النظام البيولوجي لا يؤثر فقط على جودة النوم، بل يزيد من فرصة الإصابة بأمراض خطيرة مثل السكتات الدماغية.

تأثير العمل ليلا على التمثيل الغذائي والهرمونات

كما يؤثر أيضًا بشكل مباشر على التمثيل الغذائي في الجسم، فإن الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة أو في أوقات غير منتظمة يميلون إلى تناول الطعام في أوقات متأخرة، مما يدمر عملية الهضم والتمثيل الغذائي ويؤدي إلى زيادة الوزن، وأضاف «الغمراوي» أن اضطراب التمثيل الغذائي قد يسهم في انخفاض حساسية الأنسولين، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

الارتباط بين العمل الليلي والمشاكل النفسية

وأكد «الغمراوي»، أن العمل الليلي لا يؤثر فقط على الجسم بل له تأثيرات نفسية خطيرة أيضًا، قائلا: العمل في ساعات غير منتظمة يؤدي إلى اضطراب في المزاج وزيادة في مستويات القلق والإرهاق المزمن، وأشار إلى أن الأشخاص الذين يداومون على العمل ليلا يشعرون غالبا بعزلة اجتماعية ويعانون من مشاكل نفسية مثل الاكتئاب، وذلك بسبب اختلال التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

كيف يمكن تجنب هذه المخاطر؟

بالرغم من أن العمل ليلاً قد يكون غير قابل للتجنب في بعض الحالات، فإن اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية يمكن أن يقلل من تأثيراته على الصحة، أوصى الدكتور علاء الغمراوي، بضرورة تنظيم ساعات النوم، كما أضاف أنه من المهم الحفاظ على نمط غذائي صحي ومنتظم، والابتعاد عن تناول الطعام في أوقات متأخرة، لأن ذلك يساهم في الحفاظ على التوازن الهرموني والتمثيل الغذائي.