الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من واشنطن: في طرح مثير يكشف عن تغيرات محتملة في موازين القوى بالقطب الشمالي، اقترح ضابط أميركي بارز أن تسعى بلاده لشراء جزر كوماندر الروسية، الواقعة على حدود بحر بيرينغ في شمال المحيط الهادئ، لتعزيز قدراتها في تعقّب الغواصات الصينية التي قد تحاول التسلل إلى المحيط المتجمد الشمالي.
ونقلت شبكة RT الروسية الاقتراح الذي تقدم به المقدم جيفري فريتس من قيادة المساعدات الأمنية الأميركية في إستونيا، والذي نُشر في مجلة Breaking Defence، حيث شبّه فريتس هذا المقترح بصفقة شراء ألاسكا من روسيا عام 1867، والتي تحوّلت لاحقًا إلى ركيزة استراتيجية في أمن الولايات المتحدة ومواردها. وكتب: "الولايات المتحدة تقف اليوم عند مفترق مماثل، قد يعزز أمنها ويعيد تأكيد قيادتها في منطقة القطب الشمالي الآخذة في التحول بسرعة".
فريتس اقترح شراء الجزر مقابل 15 مليار دولار بطريقة سلمية وعملية، مؤكداً أن هذه الجزر تُعد نقطة استراتيجية حيوية لرصد أي نشاط تحت سطح البحر، خصوصًا من قبل الغواصات الصينية القادرة على حمل صواريخ باليستية بعيدة المدى، من طراز JL-3، والتي قد تصل إلى مدن أمريكية كبرى مثل نيويورك وواشنطن من تحت جليد القطب الشمالي، وتقليل وقت التحذير الأمريكي إلى أقل من 15 دقيقة.
وبحسب فريتس، فإن الموقع الجغرافي لجزر كوماندر يجعلها مثالية لمراقبة الطريق المحتمل الذي تسلكه هذه الغواصات من قاعدة "جيانغغ تشوانغ" قرب تشينغداو الصينية، عبورًا بمضيق بيرينغ. كما أشار إلى إمكانية بناء "درع سونار" مشترك مع جزر ألوشيان الأمريكية، من شأنه أن يحول بحر بيرينغ إلى منطقة مراقبة دائمة تُغلق الباب أمام أي دخول غير مكتشف إلى القطب الشمالي.
واعتبر فريتس أن هذه الجزر تمثل "نقطة خنق بحرية" مثالية، حيث توفر بيئة صوتية مستقرة وكمية جليد معتدلة تسمح بمراقبة عالية الدقة للنشاط تحت الماء، وهو ما يميزها عن الجزر القطبية الأخرى الأكثر تجمدًا. غير أنه أقر بصعوبة قبول روسيا بهذا المقترح، نظرًا لموقع الجزر الحيوي قرب مضيق بيرينغ، وارتباطها بالفخر القومي الروسي والسيادة الإقليمية، فضلًا عن قربها من قاعدة أسطول المحيط الهادئ الروسي في كامتشاتكا.
الرد الروسي لم يتأخر، وجاء حادًا وساخرًا. المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، وصفت الاقتراح بأنه لا يستحق حتى التعليق، مضيفة: "بيع الوطن الأم في روسيا يُعد من أفظع الجرائم قانونًا وضميرًا". ثم تابعت بسخرية لاذعة: "إذا كان لدى فريتس 15 مليار دولار، فالأجدر به سداد جزء من الدين القومي الأمريكي".
الطرح الأميركي، وإن بدا نظريًا في الوقت الحالي، يعكس بوضوح حجم التوتر الجيوسياسي في المناطق القطبية، وتحوّل القطب الشمالي إلى ساحة جديدة لصراع القوى الكبرى، حيث تختلط اعتبارات الأمن العسكري بالمصالح الاقتصادية والمناخية والرمزية.