شكرا لقرائتكم خبر عن مَن قتل صالح… ومَن قتل الرواية؟ والان مع التفاصيل
عدن - ياسمين التهامي - فارس العدني
ثماني سنوات مضت على مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، والرواية التي اعتاد الناس ترديدها عن “الزعيم الذي قاوم حتى الرمق الأخير” بدأت تتآكل. لم تكن تلك الرواية تفصيلاً عابرًا في قصة نهاية صالح، بل كانت جوهرية في إعادة ترميم صورته السياسية، وبناء أسطورة جديدة للزعيم الجمهوري، الذي قُتل في منزله وهو يواجه المليشيا بشجاعة.
لكن يومًا ما… لا بد للحقيقة أن تنطق، وإن جاء صوتها من خارج حسابات الصمت الطويل.
في تصريح مفاجئ، كسر مدين صالح – نجل الرئيس الراحل – حاجز الرواية، وقالها ببساطة جارحة: والدي لم يُقتل في منزله، بل في الطريق إلى قريته، بعد أن غادر صنعاء أثناء انهيار التحالف مع الحوثيين. لم يكن في موقع قتال، بل في موقع انسحاب.
هذه الشهادة تُسقط الرواية التي استُخدمت لثماني سنوات كوسيلة لتجميل نهاية مأساوية، ولملمة صدمة السقوط، وبث روح رمزية في قواعد المؤتمر الشعبي العام. فالصورة التي ظلّت عالقة في أذهان أنصاره: زعيمٌ يقاتل من مترسه حتى النهاية، لا يعرف الهروب… تنهار اليوم أمام رواية أبنائه.
لقد قال مدين الحقيقة كما هي…
فـالبسطاء، الصادقون بالفطرة، لا يُجيدون تزوير الوقائع، حتى وإن كانت تداعياتها عليهم ثقيلة.
وفي اعترافه، سقطت سردية الزعيم الذي قُتل في منزله ومترسه، والذي لا يعرف الفرار.
لكن الأهم من السؤال عن “مكان مقتله”، هو السؤال عن “توقيت كشف الحقيقة”…
لماذا الآن؟
لماذا كُتمت الرواية الحقيقية لثماني سنوات؟
ولماذا لم يُذكر طارق صالح، الذي يقدَّم اليوم بوصفه “الامتداد السياسي والعسكري للزعيم”، بينما أشار مدين إلى نفسه وشقيقه صلاح فقط باعتبارهما من بقيا مع والده حتى اللحظة الأخيرة؟
هل كان الصمت حفاظًا على السردية؟ أم لأن الحقيقة لم تكن في مصلحة أحد؟
هل غاب طارق فعلاً عن المشهد الأخير؟ أم غُيّب ذكره عمداً؟
الأسئلة كثيرة… والإجابات ما زالت مغلقة في أدراج السياسة، والمصالح، والحسابات الشخصية.
لكن الأكيد أن ما قاله مدين – حتى لو لم يُكمل الرواية – قد هزّ الأسطورة… وأعاد فتح ملف لم يُغلق يومًا.