كتبت: ياسمين عمرو في الاثنين 1 سبتمبر 2025 02:12 مساءً - يشهد مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الـ82 حدثًا استثنائيًا اليوم الإثنين 1 سبتمبر، عندما يستضيف كيم نوفاك، إحدى أبرز نجمات العصر الذهبي لهوليوود، لتكريمها بـ جائزة الأسد الذهبي لإنجاز العمر، ولن يقتصر التكريم على منحها الجائزة الأيقونية فقط، بل سيُعقد أيضًا مؤتمر صحفي لمناقشة مسيرتها الفنية، إلى جانب العرض الأول للفيلم الوثائقي Kim Novak’s Vertigo، الذي يُشبه خزانة أسرار عن الوسط الفني وتقاطعاته مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية في عصرها.
كيم نوفاك، البالغة من العمر 92 عامًا، ترى أن الجائزة ليست عن أدائها على الشاشة فقط، بل أيضًا عن رفضها الدائم لأن تُسيطر عليها الصناعة أو أي شخص آخر.
النجمة الأولى لشباك التذاكر في أواخر الخمسينيات بعاصمة صناعة السينما العالمية، عاشت لعقود حياة عزلة هادئة، ولهذا علّقت على تكريمها في مهرجان فينيسيا خلال مقابلة عبر «زووم»: «من المدهش أن أشعر بالتقدير وأن أحصل على هذه الهدية قبل نهاية حياتي. أعتقد أن تكريمي يأتي بقدر ما هو عن كوني صادقة مع نفسي كما هو عن التمثيل. لقد اكتمل الأمر بطريقة دائرية».
رحلة اكتشاف الذات
في الوثائقي الجديد للمخرج ألكسندر أو. فيليب، تعود نوفاك إلى ظلال ماضيها. وإذا كانت حياتها رحلة طويلة لاكتشاف الذات، فهل وجدت نفسها أخيرًا؟
«نعم»، تجيب بحزم. «أنا فخورة لأنني تمسكت بما هو مهم. بالطبع هناك أشياء كثيرة كنت أتمنى فعلها بشكل مختلف، لكنها تفاصيل يمكن أن يغفرها الله والناس».
وعن كيف ترغب أن تُذكر: «أود أن يُقال إنني كنت وفية لنفسي. أنني أبقيت معاييري عالية وعشت بها».
«فيرتيجو».. الدور الذي شكّل مرآتها الشخصية
يُعتبر أداء نوفاك في Vertigo – بدوريها كـ«مادلين»، الزوجة الغامضة الراقية، و«جودي»، الفتاة البسيطة التي استُؤجرت لتنتحل شخصيتها – من أبرز عناصر نجاح الفيلم وأحد أسباب تصنيفه كأعظم عمل سينمائي على الإطلاق.
الهشاشة التي أضفتها على الشخصيتين كانت ممكنة فقط لأنها شعرت أن القصة شخصية.
وعن ذلك علّقت: «كنت متماهية جدًا مع جودي ومادلين لأن كليهما طُلب منه أن يتغير ليصبح شيئًا لا يمثل حقيقته».
للمزيد من الأخبار: نجوم وصُناع السينما على السجادة الحمراء لعرض Frankenstein بـ مهرجان فينيسيا السينمائي 2025
مارلين مونرو أجبرتها على تغيير اسمها
وُلدت ماريلين نوفاك في شيكاغو، لوالد يعمل مراقبًا للقطارات ووالدة عاملة في مصنع، وكلاهما من المهاجرين التشيك. نشأت في حي قاسٍ وتعرضت للتنمر لأنها مختلفة. وجدت ملاذها في الفن، فدرست في معهد شيكاغو للفنون وعملت في عرض الأزياء لدعم نفسها. وخلال رحلة إلى لوس أنجلوس، لفتت انتباه شركة كولومبيا بيكتشرز التي وقّعت معها عقدًا عام 1954.
من هنا بدأت عملية «التحويل». هاري كوهن، رئيس الاستوديو الصارم، أجبرها على تغيير اسمها لأنه: «لا يمكن أن يكون في هوليوود ماريلين أخرى» (في إشارة إلى مارلين مونرو).
وأضاف بازدراء: «لن يذهب أحد لرؤية فتاة باسم بولندي».
نجحت كيم لاحقا في معركة الاحتفاظ بلقبها، لكنه أجبرها أيضًا على إنقاص وزنها، وتغيير أسنانها وشعرها، وقالت نوفاك:«استأجروا الممثل لأن لديهم شيئًا مميزًا، ثم أول ما يفعلونه هو محاولة إعطائك وجهًا جديدًا. أرادوا فم جوان كروفورد وشعر جين هارلو. بحلول الوقت الذي تغادر فيه كرسي المكياج، لم تعد أنت. كان عليّ أن أقاتل لأحتفظ بإحساسي بهويتي».
صعود سريع إلى النجومية
كانت نوفاك حيوية ومرحة وذات ذاكرة مذهلة وحس فكاهي حاضر، ما جعل الجماهير تنجذب إليها بسرعة.
انطلاقتها الكبرى جاءت مع Picnic عام 1955، حيث فازت بجائزة «غولدن غلوب». ثم توالت أدوارها الناجحة مع فرانك سيناترا في The Man with the Golden Arm وPal Joey، الذي أدت فيه الأغنية الشهيرة My Funny Valentine.
وعندما جاء Vertigo عام 1958، كانت في الخامسة والعشرين وفي قمة شهرتها. وعلى عكس المعتاد، منحها ألفريد هيتشكوك حرية إبداعية نادرة.
تتذكر نوفاك: «أكثر ما أحببته في هيتشكوك أنه سمح لك بأن تصبح الشخصية كما تراها أنت. المخرجون الأكثر ضعفًا يريدون أن يفكروا عنك ويؤدوا عنك، وبالتالي لا يتبقى لديك شيء لتقدمه».
كما ساعدها كثيرًا شريكها في البطولة جيمس ستيوارت، الذي شاركها هشاشتها العاطفية: «العمل مع جيمي كان أعظم ما حدث لي. كان يتفاعل لا يمثل، مثلي تمامًا. كنا نرتد عن بعضنا».
على العكس من ذلك، وجدت صعوبة مع ممثلين آخرين مثل كيرك دوغلاس، الذي كان «يستعرض الحركات والإيماءات طوال الوقت»، وتضيف: «كان يقول: سأريك إيقاع المشهد. كان الأمر غير طبيعي بالنسبة لي».
الحب، الفضيحة، والخيبة من هوليوود
امتد صراع نوفاك للحفاظ على ذاتها إلى حياتها الخاصة أيضًا. علاقتها مع فرانك سيناترا تخطت حدود العمل إلى الرومانسية، كما كان حال علاقتها السرية مع سامي ديفيس جونيور، التي انتهت بتهديدات بتحريض من كوهن، الذي رأى أن علاقتها برجل أسود ستكون «سيئة للأعمال».
بعد سبعين عامًا، سيُعاد تجسيد هذه العلاقة في فيلم جديد بعنوان Scandalous! من إخراج كولمان دومينغو وبطولة سيدني سويني بدور نوفاك. لكنها تعترض على العنوان: «لا أعتقد أن العلاقة كانت فضيحة. لقد كان شخصًا أحببته حقًا. كان بيننا الكثير من القواسم المشتركة، منها حاجتنا إلى أن يقبلنا الناس على ما نحن عليه. لكنني قلقة من أن يحوّلوا الأمر كله إلى أسباب عاطفية».
بعد وفاة كوهن عام 1958، بدأت العروض الرديئة تنهال عليها، ووصفتها بأنها «مؤلمة ومهينة». رغم ذلك، قدّمت بعض الأعمال الجيدة مثل Bell Book and Candle وStrangers When We Meet.
لكن بحلول منتصف الستينيات، سئمت من ضغوط الصناعة، وقالت: «كنت خائفة من أن أصبح ’كيم نوفاك‘ كصورة. مع كل دور كنت آخذ جزءًا منه بداخلي، وبدأت أفقد نفسي».
الهروب إلى أوريغون والفن
بعد أن دُمّر منزلها في «بيغ سور» بحريق ثم انهيار طيني، قررت الابتعاد تمامًا. انتقلت إلى ولاية أوريغون حيث التقت بزوجها، الطبيب البيطري روبرت مالوي، وتزوجته عام 1976.
«كان صادقًا للغاية. أمي قالت لي: يجب أن تتزوجي هذا الرجل لأنه سيدعمك. وكان ذلك صحيحًا».
هناك، بعيدًا عن عدسات الكاميرا، عادت إلى حبها الأول: الرسم. صار ملاذها من نوبات الوحدة ومنحها عزاء بعد وفاة مالوي عام 2020. تقول كيم: «الفن أنقذني. أرسم ثماني ساعات يوميًا. أفتقد روبرت كثيرًا، لكن العيش وحيدة يرضيني. تعلمت من أمي أن أكون قبطانة سفينتي».
وجدت أيضًا الراحة مع حيواناتها: «كانوا يعرفونني أكثر مما أعرف نفسي. مثل عنزي: إذا تجرأت على وضع عطر، كان يهاجمني بقرونه لأنه شعر أن ذلك ليس أنا».
الظهور النادر والاصطدام بالواقع
بقيت نوفاك بعيدة عن الأضواء، باستثناء ظهور نادر في أوسكار 2014 حيث قدّمت جائزتين. لكنها عانت من ردود فعل قاسية على مظهرها بعد عملية تجميلية لوجنتيها، وصلت إلى حد السخرية العلنية. ورغم أن الانتقادات حطّمتها حينها، قررت أن تتحدث علنًا عن التنمر والصحة النفسية.
وأضافت: «لن أتحمل أن يملي عليّ أو على الآخرين ما نفعل».
وتابعت بحدة: «الكثير من الناس لا يدافعون عن حقوقهم ولا عن ما هو مهم في الحياة، كالصدق والشرف والحرية. يجب أن نقف معًا ونرفع أصواتنا».
«متمردة في قلب هوليوود»
هذه الروح التي دفعتها لتتحدث الآن، هي نفسها التي جعلتها تواجه النظام في ذروة مجدها، إذ أسست شركتها الخاصة واحتجبت عن العمل بسبب تفاوت الأجور بينها وبين زملائها الرجال.
عند إعلان تكريمها، وصفها مدير مهرجان فينيسيا ألبرتو باربيرا بأنها: «متمردة في قلب هوليوود».
لكن، هل تحقق تقدم للنساء اليوم؟
تقول كيم: «نحقق تقدمًا، لكننا دائمًا نعود إلى الوراء. ما زال المظهر مهمًا أكثر مما يجب. السوشيال ميديا والذكاء الاصطناعي يعرضان أشياء غير حقيقية. إنهما مخرجو اليوم السيئون، يحاولون إعادة تشكيل النساء».
يمكنك التعرف إلى: الأسد الذهبي: القصة الكاملة لأرفع جوائز مهرجان فينيسيا...
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام الخليج 365»
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك الخليج 365»
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «الخليج 365 فن»