القاهرة - سمر حسين - صحة

تتغير عاداتنا الغذائية يومًا بعد يوم، ويزداد وعي الناس بما تتضمنه أطباقهم، حتى أصبح البعض يراجع مكونات كل وجبة بعناية ويبحث عن الأنظمة الصحية الأنسب له، ورغم هذا الاهتمام المتزايد بالغذاء، تظهر أمراض لم تكن مألوفة من قبل، وتفرض على المصابين بها تحديات يومية في أبسط تفاصيل حياتهم، ومنها ما يعرف بـ«الداء البطني».
ما هو الداء البطني؟ ولماذا يُعد خطيرا؟
تقول الدكتورة آلاء عبدالغني، استشاري التغذية العلاجية، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إن الداء البطني هو اضطراب مناعي ذاتي يتسبب فيه تناول الغلوتين، وهو بروتين موجود في القمح والشعير والجاودار، في حدوث تفاعل مناعي يهاجم بطانة الأمعاء الدقيقة، وهذا الهجوم يؤدي إلى تلف الزغابات المعوية، وهي المسؤولة عن امتصاص العناصر الغذائية من الطعام، مؤكدة أن هذا التلف يعرقل امتصاص الفيتامينات والمعادن، مما ينتج عنه سوء تغذية ومضاعفات صحية خطيرة إذا لم يتم اكتشاف المرض مبكرًا والتعامل معه بشكل صحيح.
أعراض الداء البطني
تختلف أعراض الداء البطني بشكل كبير بين شخص وآخر، وقد تظهر بشكل هضمي أو غير هضمي، فالأعراض الهضمية تشمل الإسهال المزمن، الانتفاخ، الغازات، آلام البطن، الغثيان، وأحيانًا الإمساك أو فقدان الوزن غير المبرر، أما الأعراض غير الهضمية فهي كثيرة ومتنوعة مثل فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، هشاشة العظام، طفح جلدي حاكٍ يُسمى التهاب الجلد الهربسي الشكل، قرح الفم، الصداع، الإرهاق، مشاكل في الأعصاب مثل التنميل أو ضعف التوازن، وألم المفاصل، مضيفة أن بعض المرضى قد يعانون من ارتفاع إنزيمات الكبد أو قصور في وظائف الطحال.
الأطفال أكثر عرضة للمضاعفات
تؤكد «عبدالغني» أن الأطفال المصابين بالداء البطني غالبًا ما تظهر عليهم أعراض هضمية واضحة مثل الغثيان، القيء، الإسهال المزمن، انتفاخ البطن، أو براز شاحب كريه الرائحة، لافتة إلى أن سوء امتصاص العناصر الغذائية يؤدي إلى تأخر النمو، قصر القامة، ضعف الأسنان، فقر الدم، وصعوبات التعلم أو فرط النشاط. لهذا، تشدد على ضرورة الانتباه لأي تغير في سلوك الطفل أو نموه، واستشارة الطبيب فورًا عند ظهور الأعراض.
متى يجب زيارة الطبيب؟
تشدد على أهمية استشارة الطبيب عند استمرار الإسهال أو عسر الهضم لأكثر من أسبوعين، أو عند ظهور أعراض مثل شحوب الوجه، ضعف النمو، أو بروز البطن عند الأطفال، كما تنصح بعدم البدء في نظام غذائي خالٍ من الغلوتين دون استشارة طبية، لأن ذلك قد يؤثر على دقة التشخيص، مضيفة أن وجود تاريخ عائلي للداء البطني أو أمراض مناعية أخرى يزيد من احتمالية الإصابة، لذا يجب إجراء الفحوصات اللازمة عند الشك.
ما أسباب الداء البطني؟
السبب الدقيق للداء البطني لا يزال غير معروف تمامًا، لكن الجينات تلعب دورًا رئيسيًا، إلى جانب تناول الغلوتين وبعض العوامل البيئية مثل العدوى الفيروسية أو الضغط النفسي الشديد، وتشير إلى أن المرض قد ينشط بعد جراحة، أو ولادة، أو حتى عدوى معوية.
من الأكثر عرضة للإصابة؟
يزداد خطر الإصابة بالداء البطني لدى من لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابون بالمرض، أو يعانون من أمراض مناعية مثل السكري من النوع الأول، أو متلازمات وراثية مثل داون أو ويليام، كما أن أمراض الغدة الدرقية أو التهاب القولون المجهري تزيد من احتمالية الإصابة.
مضاعفات خطيرة في حال الإهمال
إهمال علاج الداء البطني قد يؤدي إلى سوء تغذية شديد، فقر دم مزمن، هشاشة العظام، ضعف الخصوبة، أو حتى مضاعفات عصبية مثل الصرع أو الاعتلال العصبي الطرفي، كما أن هناك خطر متزايد للإصابة بأنواع معينة من السرطان، خاصة في الأمعاء الدقيقة.
الداء البطني غير المستجيب والمستعصي
بعض المرضى قد يعانون من استمرار الأعراض رغم اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين، وغالبًا ما يكون السبب هو تناول كميات ضئيلة من الغلوتين دون قصد، وفي حالات نادرة، قد تكون هناك أسباب أخرى مثل فرط نمو البكتيريا أو مشاكل في البنكرياس، وتحتاج هذه الحالات إلى تقييم متخصص.