اخبار الخليج / اخبار الإمارات

«العالمية للأرصاد» لـ« الاتحاد»: في مجال الطقس والمناخ ضرورة لإنقاذ البشرية

«العالمية للأرصاد» لـ« الاتحاد»: في مجال الطقس والمناخ ضرورة لإنقاذ البشرية

ابوظبي - سيف اليزيد - إبراهيم سليم (أبوظبي)

أكدت الدكتورة كو باريت، نائب السكرتير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن توظيف الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم ضرورة حتمية في مجال الطقس والمناخ، ولم يعد ترفاً أو خياراً إضافياً، بل صار أداة أساسية لإنقاذ الأرواح والتقليل من آثار الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي. وأكدت أن العالم لم يعد قادراً على الاعتماد على الطرق التقليدية وحدها، لأن ما نشهده من تسارع في التغيرات المناخية يتطلب أدوات أكثر سرعة ودقة، مشيرة إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤات الجوية يفتح المجال أمام الوصول إلى معلومات دقيقة في وقت قياسي، وهو ما يمنح الحكومات والمجتمعات فرصة أكبر لاتخاذ قرارات استباقية قبل وقوع الفيضانات أو موجات الجفاف أو العواصف العنيفة.

وأضافت أن هذه النقلة النوعية في التنبؤ بالطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي تمثل «تغييراً لقواعد اللعبة»، إذ يمكن من خلال البيانات الضخمة والخوارزميات الحديثة تحسين التوقعات إلى مستوى غير مسبوق. وأوضحت أن المنظمة العالمية للأرصاد تعمل مع مختلف الشركاء على إدخال هذه التطبيقات في أنظمة الإنذار المبكر للدول الأعضاء، بما في ذلك الدول النامية والجزرية التي غالباً ما تكون الأكثر عرضة للأزمات المناخية. وجاءت تصريحاتها خلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي للأرصاد الجوية الذي استضافه المركز الوطني للأرصاد في أبوظبي، حيث اجتمع ممثلون من مختلف أنحاء العالم، من مؤسسات حكومية وخاصة وأكاديمية، لبحث سبل التعاون وتبادل الخبرات.

 

وأشادت الدكتورة باريت بالدور الذي تلعبه دولة الإمارات في تنظيم هذا النوع من الفعاليات، مؤكدة أن استضافة مثل هذا المؤتمر تعكس التزام الإمارات بدعم الحلول المبتكرة لمواجهة التغير المناخي، كما يبرز موقعُها كمنصة عالمية تجمع بين الشرق والغرب وتفتح المجال لحوار شامل حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في خدمة المناخ. وأشارت إلى أن المؤتمر أتاح فرصة نادرة لرؤية أطراف المعادلة كاملة تحت سقف واحد، حيث شاركت جهات حكومية وهيئات أرصاد وطنية وإقليمية، مثل المركز الأوروبي للتنبؤات متوسطة المدى (ECMWF) والمنظمة الأوروبية للأقمار الاصطناعية (EUMETSAT) والمركز الأفريقي للتطبيقات المناخية (ACMAD)، إلى جانب مؤسسات وطنية من آسيا وأفريقيا وأوروبا والأميركتين. وفي المقابل حضر من القطاع الخاص أيضاً عدد من الشركات الرائدة عالمياً في مجال التكنولوجيا، مثل مايكروسوفت وجوجل وإنفيديا وIBM وTomorrow.io وSpace 42، وهي شركات قدمت خبرات عملية في بناء منصات متقدمة للبيانات وتحليلها. وأما الأوساط الأكاديمية فقد كان حضورها بارزاً من خلال جامعات ومعاهد دولية، مثل معهد آلان تورينغ وجامعة شيكاغو وجامعة براون وجامعة سنغافورة والمعهد الوطني لأبحاث الفضاء في البرازيل، إضافة إلى جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي أسهمت بخبراتها المتخصصة في هذا المجال. وأكدت الدكتورة باريت أن هذا التلاقي بين الأطراف الثلاثة، الحكومات والقطاع الخاص والأكاديميات، يمثل خطوة أساسية لبناء منظومة متكاملة يمكنها أن تدفع بالتنبؤات الجوية إلى مستوى جديد، وخاصة أن التكامل بين الخبرة العلمية والقدرات التقنية والبنية المؤسسية هو ما يتيح الوصول إلى حلول عملية فعالة قادرة على مواجهة التحديات المناخية المتصاعدة. وتحدثت باريت أيضاً عن الطموحات الثمانية طويلة الأمد التي وضعتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في مجال المياه، مبينة أن الهدف هو ألا يُفاجأ أحد بالفيضانات وأن يكون الجميع مستعداً للجفاف، وأن تدعم البيانات الهيدرو-مناخية الأمن الغذائي وتساند التنمية المستدامة، مع التأكيد على ضرورة أن تكون جودة المياه معروفة ومقيمة بدقة.

وقالت إن هذه الطموحات لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تعاون دولي واسع النطاق، وتبادل مستمر للمعلومات، واستثمارات مشتركة في مجال الأقمار الاصطناعية والبنية التحتية الرقمية، وهو ما يفتح المجال أمام بناء أنظمة إنذار مبكر أكثر فعالية. وشددت على أن العدالة المناخية يجب أن تكون في صميم هذه الجهود، موضحة أن الدول الأكثر هشاشة هي التي تتحمل العبء الأكبر من الكوارث الطبيعية رغم أنها الأقل إسهاماً في الانبعاثات العالمية. وأكدت أنه لابد من ضمان وصول تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تلك الدول، حتى لا تبقى هذه الأدوات امتيازاً محصوراً بالدول الغنية وحدها، لأن التغير المناخي خطر مشترك يهدد الجميع دون استثناء.  نشيد بدور الإمارات في دعم الحلول المبتكرة لمواجهة التغير المناخي تحسين توقعات الطقس من خلال البيانات الضخمة والخوارزميات كو باريت استعرضت باريت أمثلة من كوارث السنوات الأخيرة، مثل الفيضانات المفاجئة التي شهدتها الولايات المتحدة والهند وباكستان وأوروبا، والجفاف الممتد الذي يهدد الأمن الغذائي في أفريقيا وأجزاء من الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن هذه الأزمات تؤكد الحاجة الملحة إلى التوقعات المبنية على الذكاء الاصطناعي.

وأوضحت أن هذه التوقعات تتيح للحكومات والمجتمعات أن تتحرك بشكل أسرع، سواء من خلال الإجلاء المبكر للسكان أو تحسين إدارة الموارد المائية أو الاستعداد لموجات الحرارة الطويلة. واختتمت باريت بالتأكيد أن الذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً يمكن تأجيله، بل أصبح مبدأ أساسياً يجب تبنيه على مستوى العالم. وقالت: التغير المناخي هو التحدي الأكبر لعصرنا، وإذا استُخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي بروح التعاون والتضامن، فإنها ستكون الأداة التي تمكّن البشرية من إنقاذ الأرواح وحماية الأجيال القادمة وبناء مستقبل أكثر أماناً وعدلاً واستدامة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا