اخبار الخليج / اخبار الإمارات

منتدى تريندز السنـوي حول الإسلام السياسي يدعو لخريطـة طريق شاملة لمكافحـة التطـرف

  • منتدى تريندز السنـوي حول الإسلام السياسي يدعو لخريطـة طريق شاملة لمكافحـة التطـرف 1/2
  • منتدى تريندز السنـوي حول الإسلام السياسي يدعو لخريطـة طريق شاملة لمكافحـة التطـرف 2/2

ابوظبي - سيف اليزيد - طه حسيب (أبوظبي)

 تحت عنوان «مشتركات العنف: مقاربات حديثة لأنماط التطرّف المؤدلج»، وبمشاركة خبراء عرب وأجانب، خصص مركز تريندز للبحوث والاستشارات، المنتدى السنوي الخامس حول الإسلام السياسي، لبحث قواسم مشتركة تجمع بين أنواع التطرف المؤدلج.
وانعقد المنتدى تحت شعار «معاً نجابه التطرف بالمعرفة». 
واستنتج المشاركون أن مواجهة التطرّف تتطلب مقاربات شاملة متعددة المستويات، لا تقتصر على الحلول الأمنية وحدها، بل تشمل الأبعاد الفكرية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب تعزيز القيم الديمقراطية وسيادة القانون. المنتدى شهد الإعلان عن فوز جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بجائزة تريندز العالمية لمكافحة الفكر المتطرف في دورتها الأولى. 
ودعا المتحدثون في جلسات المنتدى إلى ضرورة الفصل بين المظالم الحقيقية والاستغلال الأيديولوجي لها، وفتح مسارات مدنية بديلة تمنح الشباب فرصاً للقيادة والابتكار، إلى جانب حماية المؤسسات التعليمية من التدين الحركي عبر تدريس مهارات التفكير النقدي وتفكيك السرديات التي تبرر العنف.
 وناقش المنتدى دور الفضاء الرقمي، داعياً إلى التصدي للمحتوى المتطرف على «الإنترنت».

 

 

 

 

سرديات التعايش

وفي كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور محمد العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن المنتدى أصبح منصة عالمية مهمة لرسم خرائط معرفية جديدة تكشف عن الخيوط الخفية، التي يتقاطع عندها العنف بين تيارات تبدو متباعدة مثل: الإسلاموية، واليمين المتطرف، واليسار الراديكالي. ويرى العلي أن المنتدى نقطة انطلاق نحو أفقٍ تتراجع فيه سرديات العنف أمام سرديات التعايش والإنسانية المشتركة.
 واستنتج الدكتور العلي أن مواجهة الفكر المتطرف تحتاج إلى خريطة طريق عالمية تستند إلى تحالفاتٍ فكريةٍ، وسياسيةٍ، واسعة.

 

في كلمته الرئيسية، أكد الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، أن الوعي بخطر الأيديولوجيات المغلقة بدأ يزداد، خاصة وأنها تحوّل الدين إلى مشروع صدام وإقصاء، وقال الظاهري: إن «الإخوان» بذرة أنبتت معظم فروع التطرف المعاصر، فالإخوان منذ عام 1928 زعموا أن الخلافة ركن من أركان الدين والحاكمية أصلاً من أصوله، لكن الإسلام- حسب الظاهري- دين عبادة وقيم وأخلاق، ولم يقدم الإسلام نظرية سياسية. وأضاف الظاهري أن «الإخوان» انتزعوا الدين من رسالته الأخلاقية والروحية وحولوه إلى نسق أيديولوجي قائم على الخطاب المضلل، ورسموا صورة مشوهة لا تفضي إلا للعنف والدم، بينما الإسلام باب رحب يفضي إلى مكارم الأخلاق ويصون كرامة الإنسان، الإسلام يحثنا على بناء الأوطان وإشاعة السكينة لا بث الرعب. ووصف الظاهري «الإخوان» بأنهم لا يحملون ذرة وفاء للأوطان، ولا هوية لهم ولا جذور، ولا يدركون معنى الانتماء والتضحية، ويبيعون الأوطان بثمن بخس في أسواق الأيديولوجيا، ومشروعاتهم حملت مهمتين: تشويه صورة الإسلام وزعزعة استقرار الأوطان، وسلوكهم- حسب الظاهري- يربط الإسلام بالتطرف والعنف، ويضع المسلمين في قفص الاتهام، لا يريدون أمناً ولا سلاماً، ويغذون مشاريع الانقسام ويتم استخدامهم في تمزيق الداخل وتشويه الدين في الخارج، يصورون أنفسهم بأنهم ضحايا لكنهم عاقّون لأوطانهم، ويستخدمون خطاب المظلومية سلماً يصلون به لغاياتهم، وخطاب المظلومية حيلة مكرورة وورقة ضغط يستخدمونها لنشر أكاذيبهم، يصنعون الأزمات وينتجون الفوضى، ومواجهتنا لهم دفاع عن جوهر الإسلام وعن عقيدتنا النقية وعن مبادئنا وقيمنا وأوطاننا ومجتمعاتنا، والرد على الإخوان يتم بوعي راسخ وعزيمة ثابتة تحفظ قدسية الإسلام وسلامة الوطن.

ليام فوكس

أكد السير ليام فوكس، وزير الدفاع البريطاني السابق، في كلمته بالجلسة الرئيسية، أن مصطلح «المتطرفين الدينيين» غير دقيق، فهم ليسوا رجال دين، بل أشخاص يوظفون الدين لتحقيق أهداف سياسية وسلطوية.  وحذر من مخاطر التطرف في أوروبا، مؤكداً أن السماح للتعصب بالانتشار جعل الغرب، خصوصاً بريطانيا، ملاذاً لجماعات، مثل الإخوان، الذين استغلوا المساجد للتحريض.

التواصل الاجتماعي وتضخيم المظالم 


تحت عنوان «من الإسلاموية إلى اليمينية المتطرفة»، عقد المنتدى جلسة رفيعة المستوى أدارها بول كروكشانك، رئيس تحرير مجلة CTC Sentinel - مركز مكافحة الإرهاب، الأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت، واستهلها فيّاز موغال، مؤسس ومدير منظمة Faith Matters - المملكة المتحدة، حيث أوضح أن التطرف ينشأ من دمج المظالم الواقعية (مثل التهميش والبطالة) مع صراعات الهوية، ويتعزز عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تضخم المظالم. 

من جانبه، دعا ضرار بالهول الفلاسي، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي والمؤسس المشارك «مجموعة المجلس»، إلى ضرورة منع مصادر تمويل «الإخوان» خاصة في أوروبا.
كما طرحت السيناتورة نتالي جوليه، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، فكرة أن العنف هو خيط مشترك بين الإسلام السياسي والحركات اليمينية المتطرفة، موضحة البعد المالي المشترك بينهم، مثل هياكل التمويل الغامضة، وإساءة استخدام المنظمات الخيرية والأصول المشفرة.

التجربة الإيطالية 

عن «أصول التطرف وأسباب نشوئه»، انطلقت الجلسة الأولى التي أدارها عبدالعزيز الشحي، نائب رئيس قطاع البحوث في تريندز، بمشاركة البروفسور أليساندرو فيراري، أستاذ قوانين الدولة والأديان والقانون المقارن للأديان بجامعة إنسوبريا الإيطالية، الذي قدم التجربة الإيطالية كنموذج للتوازن بين حماية النظام العام واحترام التعددية الدينية.
أما الدكتور رضوان السيد، فدعا لمواجهة التطرف بقراءة جديدة للتاريخ، واعتبار الدولة الحديثة ضرورة وطنية. 
وأكد الدكتور وائل صالح، مستشار شؤون الإسلام السياسي والتطرف في «تريندز»، ضرورة الكشف عن المشتركات التنظيمية والسلوكية بين أنماط التطرف المختلفة، موضحاً أن العنف المؤدلج خيار بنيوي في الإسلاموية واليمين المتطرف واليسار الراديكالي، تشترك هذه التيارات في بنية ذهنية مغلقة، وآليات تعبئة عاطفية، ورؤية ثنائية للعالم، واستعراض رمزي للعنف، مع تغذية متبادلة أحياناً بين التيارات المختلفة. وختم داعياً إلى تفكيك الأفكار المؤسسة للتطرف وبناء استراتيجيات تربوية وثقافية تعزز التعدد والنقد والمواطنة.
 وشدد البروفسور باتريس برودور، أستاذ مشارك بمعهد الدراسات الدينية بجامعة مونتريال، على ضرورة تكامل الجهود السياسية والدينية والتعليمية والمجتمعية لمكافحة التطرف.

تفكيك أسس التطرف

سلطت الجلسة الثانية الضوء على «تفكيك الأفكار المؤسسة للتطرف»، وأدارها محمد الظهوري، مدير إدارة الدراسات السياسية المتقدمة بتريندز، بمداخلات بدأها سباسيمير دومارادزكي، أستاذ مساعد قسم القانون ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بجامعة وارسو، حيث أوضح كيفية تفكيك الأسس الفكرية للتطرف عبر دراسة التجارب الأوروبية.
بدوره، أكد محمد خلفان الصوافي، باحث في العلاقات الدولية، أن التطرف المؤدلج لم يعد ظاهرة هامشية، بل يمتد لكل الأيديولوجيات، بما فيها القومية والنازية، فيما شدد مشاري الذايدي، كاتب رأي ومحلل سياسي بصحيفة الشرق الأوسط، على أهمية دراسة أصول التطرف بشكل منهجي.

مقاربات جديدة 

خصص المنتدى جلسته الثالثة لطرح «مقاربات جديدة لمجابهة التطرف»، أدارت الجلسة شمسة القبيسي، باحثة في إدارة الإسلام السياسي في «تريندز»، وقدم خوسيه بيدرو، زميل باحث معهد العلوم الاجتماعية بجامعة لشبونة، دراسة حول التطرف المتبادل بين الحركات الهوياتية والإسلاميين في أوروبا، مؤكداً أهمية تفكيك الدعاية ومعالجة جذور المخاوف المجتمعية.
أما الإمام محمد التوحيدي، نائب رئيس المجلس الإسلامي العالمي لعلماء الدين، فأكد أن «الإخوان» يمثلون منبعاً رئيسياً للتطرف الحديث، مستغلين النصوص الدينية لتبرير العنف.
 
«سلسلة التوريد» الفكرية

جاءت الجلسة الرابعة بعنوان «نحو وعي مجتمعي بمشتركات التطرف»، وأدارها محمد الملا، مؤسس ورئيس شبكة ديوان الملا، وتضمنت مداخلات بدأت بالسيد عمر البشير الترابي، المدير العام بالإنابة ورئيس التحرير بمركز المسبار للدراسات والبحوث، الذي تحدث عن «سلسلة التوريد» الفكرية والتنظيمية للتطرف، مشيراً إلى دور اختراق التعليم والعمل الخيري في تشكيل قاعدة اجتماعية للتطرف، فيما أشار الكاتب السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي، إلى أن التطرف برز بأشكال مختلفة عبر التاريخ، محذراً من دعوى «التطرف المضاد» التي استغلتها جماعة الإخوان المسلمين.

 بدوره، لفت حمد الحوسني، باحث رئيسي ومدير إدارة الإسلام السياسي في «تريندز»، إلى الخطر المركب للإخوان على الدين والدولة والمجتمع، مما جعلهم يصنفون كتنظيم إرهابي في دول عدة. أما أسامة الدليل، رئيس قسم الشؤون الدولية بجريدة الأهرام المصرية، فشدد على ضرورة استخدام مصطلحات دقيقة مثل «الإجرام السياسي المتأسلم» بدل «الإسلام السياسي»، ودور الإعلام في مواجهة هذه الظواهر.

واختتمت الجلسة بتأكيد المحلل الاستراتيجي الأردني اللواء المتقاعد صالح المعايطة، احتكار جماعات الإسلام السياسي الدين وإقحامه في السياسة، وتحويل بعض المساجد إلى مراكز للتجنيد.

وصفة للمكافحة

في حوار خاص لـ«الاتحاد»، استنتج ليام فوكس، وزير الدفاع البريطاني السابق، أنه إذا أردنا التعامل مع التطرف والأيديولوجية التي تقف وراءه، فعلينا مواجهته من عدة جوانب مختلفة. فأولاً، على الحكومات أن تكون مستعدة لمعالجة مصادر تمويله، وأن نستخدم جميع الأدوات المتاحة لدينا للقضاء على تدفق الأموال. وثانياً، علينا التعامل مع التطرف ضمن معركة أيديولوجية، فلا يمكننا ببساطة أن نقف مكتوفي الأيدي، ونسمح للمتطرفين بالسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل التعبير. علينا التصدي لهم. وعلينا أن نوضح بشكل جلي، على سبيل المثال، لجماعات مثل ما يسمى بـ«الإخوان المسلمين»، أنهم لا علاقة لهم بالإسلام. هؤلاء- يؤكد فوكس- ليسوا متطرفين دينيين، بل متطرفون يستخدمون الدين كغطاء. 

وثالثاً، يؤكد فوكس ضرورة التعامل مع بيئات التجنيد التي يعتمد عليها هؤلاء المتطرفون. فهم يُجندون- حسب فوكس- أتباعهم من بين الساخطين والمحبطين وغير المتعلمين، والمهمشين اقتصادياً، مؤكداً: علينا أهمية توفير نصيب أكبر من الاستقرار المالي لضمان مستقبل أفضل لهم.
وأخيراً، يدعو فوكس إلى إطلاق العنان لقوة النساء في مخاطبة النساء الأخريات داخل هذه المجموعات، لضمان ألا يُعاملن كمواطنات من الدرجة الثانية أو كملكية للرجال. 

مساحات الحوار


 استنتج البروفسور باتريس برودور، أستاذ مشارك بمعهد الدراسات الدينية في جامعة مونتريال، أنه إذا أردنا دراسة جذور التطرف العنيف، فعلينا أن نفهم أن هناك أسباباً تاريخية أدت إلى تفسيرات مختلفة للتاريخ، تفسيرات متجذرة في الصدمات والمخاوف وانعدام الأمن والغضب، وأن هذه المشاعر بحاجة إلى معالجة، وإلى أن تُحترم وتُسمع في مساحات للحوار.

وأكد برودور أن مساحات الحوار تتيح للناس مشاركة فهمهم الخاص والذاتي للواقع بطريقة تعود بالنفع على الجميع، وتساعد على فهم أفضل للأشخاص الذين غالباً ما يأتون من خلفيات متنوعة جداً، ولديهم أيضاً رؤى دينية و/أو أيديولوجية مختلفة تماماً. 

وحسب برودور، ما لم نخصص وقتاً للقيام بذلك، ونمارس الإصغاء المتعاطف، فلن يحدث أي تحول حقيقي؛ لأننا متمسكون بمواقفنا وننخرط في جدال حول من المخطئ ومن المصيب. ولكن عندما نتحاور تتعزز الثقة المتبادلة، التي تؤدي إلى تعاون أكبر، وهو ما يقودنا إلى معالجة أفضل للقضايا المشتركة التي نواجهها معاً في مجتمعنا.

Advertisements

قد تقرأ أيضا