ابوظبي - سيف اليزيد - أحمد مراد (غزة، القاهرة)
انهالت منشورات إسرائيلية على الفلسطينيين، الذين يعيشون وسط أنقاض مدينة غزة، أمس، وهي تحمل أمراً بإخلاء المدينة، بعد أن قالت إسرائيل إنها على وشك شن هجوم على المنطقة للقضاء على حركة حماس، مما أثار حالة من الذعر والارتباك بين السكان.
وأنذر متحدث عسكري باسم الجيش الإسرائيلي، في منشور على شبكات التواصل الاجتماعي، سكان غزة والمتواجدين في كل أحيائها، من المدينة القديمة وتفاح شرقاً وحتى البحر غرباً بالإخلاء الفوري باتجاه منطقة المواصي جنوباً، مضيفاً أنّ الجيش مصمّم على حسم المعركة، وسيعمل في منطقة مدينة غزة بقوة كبيرة، كما عمل في مختلف أنحاء القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي أمس، إنه سيتحرك بقوة كبيرة في مدينة غزة، حيث كثّف بالأسابيع الأخيرة عملياته العسكرية في غزة.
ويتوقع سكان المدينة، البالغ عددهم زهاء مليون نسمة، هجوماً شرساً منذ أسابيع بعد أن وضعت الحكومة الإسرائيلية خطة لتوجيه ضربة قاضية لـ«حماس»، فيما تقول إنهما آخر معقلين للحركة الفلسطينية.
وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من سكان المدينة المغادرة الآن، وقال إن القوات الإسرائيلية تنظم صفوفها وتتجمع هناك لإجراء «مناورة» برية، مضيفاً «أقول لسكان غزة اغتنموا هذه الفرصة وأصغوا إليّ جيداً، تم تحذيركم، غادروا الآن!».
وأثارت أوامر الإخلاء مخاوف سكان مدينة غزة، حيث قال بعضهم إنه لا خيار أمامهم سوى المغادرة إلى الجنوب، بينما قالت الغالبية العظمى إنها ستبقى في المدينة لأنه لا يوجد أي مكان آخر آمن، ولا توجد أي مؤشرات حتى الآن على نزوح جماعي.
وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أمس، في بيان، أن أوامر جيش الاحتلال بإخلاء مدينة غزة بالكامل، وما يرافقها من قصف متواصل للأبراج والمباني السكنية تحت ذرائع واهية، تمثل جريمة خطيرة وتجاوزاً صارخاً لكل الخطوط الحمراء.
ومنذ فجر أمس، قتل 17 فلسطينياً وأصيب آخرون، في غارات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة.
وأوضح السفير الفلسطيني السابق لدى القاهرة، بركات الفرا، أن النزوح المتكرر يشكل معاناة بالغة القسوة لأهالي غزة، إذ إنهم يُجبرون على الرحيل كلما استقروا في مكان ما، جراء تواصل العمليات العسكرية.
وشدد الفرا، في تصريح لـ«الاتحاد»، على خطورة تزايد معدلات نزوح أهالي القطاع، مما يعمق تداعيات الأزمة الإنسانية، إذ يُفقد الناس أمنهم واستقرارهم، ويضاعف معاناتهم اليومية، من فقدان المأوى، وانعدام الخدمات الأساسية، إلى تشتت الأسر وتفاقم أوضاعهم الصحية والمعيشية.
وأشار إلى أن الخطر الأكبر يكمن في محاولات دفع السكان قسراً نحو الجنوب، في مخطط يستهدف تهجيرهم خارج القطاع، وهو ما يتطلب يقظة كاملة، وتصدياً حازماً لمشروع التهجير.
وقال الدبلوماسي الفلسطيني، إن السلطات الإسرائيلية تعمل على تنفيذ مخطط متكامل لتهجير أهالي غزة، عبر إجبارهم على النزوح القسري بشكل متكرر، مما يجعل المجتمع الدولي مطالباً بالتحرك الفوري لوقف المخطط الإسرائيلي، والعمل على حماية مئات الآلاف من الأسر الفلسطينية، وضمان استقرارها على أراضيها من دون نزوح أو تهجير.
من جهته، شدد الباحث بالمركز الفلسطيني للدراسات، الدكتور خليل أبو كرش، على أن غزة تشهد تزايداً مقلقاً في معدلات النزوح، مما يجعل الأزمة الإنسانية أكثر تعقيداً وخطورة يوماً بعد يوم، موضحاً أنه مع استمرار العمليات العسكرية وما يصاحبها من قصف وهدم متواصل، تتفاقم معاناة المدنيين الذين يفقدون مساكنهم، ويُجبرون على النزوح.
وقال أبو كرش، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن تقارير المنظمات الدولية تؤكد وجود سياسة ممنهجة للتجويع، حيث تغلق إسرائيل المعابر، وتمنع دخول المساعدات الإنسانية بالكميات الكافية، مما يحرم مئات الآلاف من أبسط مقومات البقاء، مؤكداً أن استمرار هذه السياسات يعني أن كارثة غزة لا تتوقف عند نزوح جماعي، بل تتحول إلى مأساة مركبة تشمل نزوح وفقر وتجويع وانهيار شامل للظروف المعيشية، مما يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف التدهور الإنساني غير المسبوق.