اخبار اليمن

القاضي قطران:اسرة صالح وقعت في الفخ وهو قتل بهذه الطريقة

القاضي قطران:اسرة صالح وقعت في الفخ وهو قتل بهذه الطريقة

شكرا لقرائتكم خبر عن القاضي قطران:اسرة صالح وقعت في الفخ وهو قتل بهذه الطريقة والان مع التفاصيل

عدن - ياسمين التهامي - كتب/عبدالوهاب قطران

الكلمة الأخيرة التي لا بد من قولها بحق الزعيم اليمني الراحل علي عبدالله صالح، هي أن ما جرى مؤخرًا في "وثائقي قناة العربيةالسعودية " لم يكن عملاً توثيقيًا بريئًا، بل محاولة سياسية خبيثة لإعادة تشكيل وعي الناس وتزوير خاتمة رجل لا تزال ذاكرة اليمنيين تحتفظ له بمشهد أخير مغاير تمامًا.

لقد رسخت في وجدان الشعب اليمني صورة لرئيسهم الأخير وهو يقاتل ببسالة حتى آخر لحظة، وسط منزله، في قلب عاصمته، لا هاربًا ولا متخفيًا، بل صامدًا في وجه الجماعة  التي انقلبت عليه. وقد حاول خصومه منذ لحظة استشهاده – ويفشلون حتى الآن – أن يصوروه على أنه قُتل هاربًا في طريق مأرب. واليوم، تعيد قناة العربية – بطريقة ناعمة ماكرة – تكرار تلك الرواية، لكن عبر أدوات أكثر تأثيرًا: عبر شهادة نجله مدين!

للأسف، وقعت أسرته في الفخ، وسجّل ابنه شهادته، فتم توظيفها في السياق الذي أرادوه: إفراغ اللحظة الأخيرة من معناها البطولي، ونزع الشرف عن النهاية التي ترسّخت في الوعي الجمعي.

لكن السؤال الجوهري هنا: منذ متى كان انتقال القائد من موقع إلى آخر جريمة أو جبنًا؟

ألم يُعلّمونا في كتب السيرة النبوية والتاريخ أن النبي محمد ﷺ، حين علم أن قريش عقدت العزم على اغتياله وهو نائم، أعد خطة دقيقة، وخرج سرًا مهاجرًا مع صاحبه أبو بكر؟ ألم يدخلا غار ثور؟ ألم يخدع خطتهما قريش بأكملها؟ هل اتهمه أحد بالفرار؟ أم أن هذا الحدث أصبح واحدًا من أعظم التكتيكات في تاريخ الرسالات؟


وقبل ذلك، ألم يخرج نبي الله موسى من المدينة خائفًا يترقّب حين جاءه النذير يحذّره من مؤامرة لقتله؟ ألم يعتبر خروجه إنقاذًا لرسالته ولحياته؟ ثم عاد بعد سنين أقوى، وهزم الطاغية فرعون؟

فلماذا، إذن، عندما يتّخذ صالح قرارًا بالخروج من منزله في ظروف انقلابية بالغة الخطورة، يُعتبر ذلك جبنًا؟ لماذا لا يُقرأ خروجه من صنعاء إلى قريته "حصن عفاش" بسنحان على أنه خيار عسكري تكتيكي مشروع، ولو فشل في تنفيذه؟

صالح خرج، نعم، لكنه واجه كمائن في الطريق، ونجا من بعضها، واستشهد في الأخير، واقفًا وبسلاحه في يده، لا في زنزانة ولا في صفقة إذعان. وهذا يكفي ليقال عنه إنه قاتل حتى النفس الأخير.

هل يُلام رجل قاتل؟ هل يُخوَّن رجل حاول مقاومة الموت؟ هل نلغي كل تاريخ الزعماء إذا خانتهم رصاصة في الطريق؟

الزعيم صالح ليس قديسًا، لكنه لم يكن خائنًا ولا جبانًا. ومن المعيب أن يُدان لمجرد أنه لم يُقتل في المكان الذي يحب خصومه أن يروه يُقتل فيه.

ثم، وهذا للتاريخ أيضًا، سبق وأن اتُّهِمتُ شخصيًا بتمجيد "الهالك عفاش"، ضمن تهم ملفقة صاغها جهاز مخابراتي متورم، واليوم، أقولها بصوت عالٍ: ليس تمجيدًا أن تقول الحقيقة، بل هو وفاءٌ للوعي، ودفاعٌ عن سردية وطنية لا يحق لأحد تزويرها.

والله من وراء القصد.

قد تقرأ أيضا