القاهرة - سمر حسين - صحة
لم يعد مرض الخرف مقتصرًا على كونه خللاً في الذاكرة أو تراجعًا في القدرات الذهنية فقط، بل كشفت دراسات وتقارير طبية حديثة، من بينها تقرير منشور في صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أن الأعراض المبكرة قد تبدأ بتغيّرات في الشخصية والسلوك قبل أن يظهر أي ضعف في الذاكرة أو الوعي.
وأشار التقرير إلى أن هناك تغيّرات غير مبررة في سلوك الفرد، كالعصبية المفاجئة، أو الانسحاب الاجتماعي، أو فقدان المبادرة في النشاطات اليومية، وقد تكون علامة تحذيرية أولى على الخرف، خصوصًا في الحالات المبكرة، ويؤكد التقرير أن هذا النوع من التغيرات قد يظهر قبل فقدان الذاكرة بفترة طويلة، وهو ما يستوجب الانتباه الطبي.
تغيرات في السلوك قبل الذاكرة
في هذا الصدد، يقول الدكتور وحيد مصطفى، استشاري الطب النفسي، لـ«الوطن»، إن من أبرز العلامات التي قد يلاحظها المحيطون بالمريض، الانسحاب الاجتماعي، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، والاندفاع في اتخاذ قرارات غير معتادة، وهذه التغيرات ليست فقط جزءًا من الشيخوخة الطبيعية، بل قد تكون مؤشرًا مبكرًا لاضطراب معرفي عميق مثل الخرف.
ويشير الدكتور «مصطفى»، إلى أن فقدان الذاكرة لا يظهر فجأة، بل تسبقه في أحيان كثيرة تحولات واضحة في نمط التفكير والتصرفات، مضيفا أننا نلاحظ في العيادات ازدياد حالات تظهر فيها أعراض مثل العدوانية المفاجئة، الحساسية الزائدة، أو الإهمال في المظهر الشخصي، وكلها تغيرات لم تكن معتادة في سلوك الشخص من قبل.
أنواع الخرف المرتبطة بالسلوك
وفقًا للدكتور وحيد مصطفى، فإن الخرف الجبهي الصدغي «Frontotemporal Dementia» هو النوع الأكثر ارتباطًا بتغيرات الشخصية، وفي هذا النوع من الخرف، تكون الأعراض المبكرة في السلوك واضحة جدًا، وقد يتأخر فقدان الذاكرة، ويعاني المريض من ضعف القدرة على الحكم الاجتماعي، والتصرف باندفاع، وأحيانًا السلوك غير اللائق.
أهمية التدخل المبكر
التدخل في المراحل المبكرة من ظهور التغيرات السلوكية يمكن أن يساعد في تقليل تطور الأعراض، ويقول «مصطفى» إن العلاج الدوائي وحده لا يكفي، بل من المهم جدًا إدماج المريض في جلسات علاج سلوكي ودعم نفسي، مع تثقيف العائلة حول كيفية التعامل مع تلك التغيرات.
إشارات يجب ألا تُهمل
وأكد الدكتور وحيد مصطفى أنه من بين أبرز التغيرات السلوكية التي يجب الانتباه لها: اللامبالاة المفاجئة تجاه أحداث الحياة، التصرف بطرق غير معتادة أو متهورة، تكرار النسيان في المهام اليومية، صعوبة اتخاذ القرارات، فقدان الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية.
متى تذهب للطبيب؟
يؤكد استشاري الطب النفسي أن أي تغير ملحوظ ومستمر في السلوك، خاصة بعد سن الخمسين، يستدعي تقييمًا نفسيًا وسلوكيًا شاملًا، لا يعني كل تغيير أننا أمام خرف مبكر، لكن استبعاد الأسباب المحتملة يتيح لنا فرصة التدخل الصحيح في الوقت المناسب.
أثر الخرف على الحياة اليومية
عندما نتحدث عن تغيرات سلوكية في بداية الخرف، فإننا لا نتحدث فقط عن المزاج، بل عن قرارات تؤثر على حياة المريض ومحيطه، من هنا، تبدأ رحلة التراجع الاجتماعي والمهني، وربما المالي.
فالخرف ليس فقط فقدانًا للذاكرة، بل رحلة تبدأ أحيانًا بإشارات دقيقة تمر دون ملاحظة، فالتغيرات في الشخصية والسلوك، وإن بدت بسيطة أو ظرفية، قد تكون المفتاح لفهم بداية المرض.