اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

الدبلوماسية.. وتدني مستوى الخطاب

  • الدبلوماسية.. وتدني مستوى الخطاب 1/3
  • الدبلوماسية.. وتدني مستوى الخطاب 2/3
  • الدبلوماسية.. وتدني مستوى الخطاب 3/3

كانت الدبلوماسية مع ميلادها منذ قرون، عنواناً للتوازن والانضباط في القول والفعل لتجنيب الشعوب مخاطر الصراعات وبالتالي فإنه ورغم بعض الاستثناءات النادرة، فقد حافظت الدول والممالك والإمبراطوريات على احترامها للأعراف الدبلوماسية، إيماناً منها بأن العمل الدبلوماسي يظل يمثل الحل الأخير عندما تفشل كل الخيارات الأخرى بما فيها العمل العسكري وتكمن المفارقة الحالية في أن العلاقات الدبلوماسية في عصرنا الراهن،

شهدت تراجعاً غير مسبوق وتدنياً خطِراً في مستوى الخطاب الذي يتم تداوله أثناء التواصل بين قيادات سياسية تنتمي إلى قوى عظمى ودول إقليمية فاعلة، ووصلت بعض التصريحات السياسية إلى درجة من التراجع يمكن نعتها بأنها أقوال سفيهة لا تراعي أخلاقيات الخطاب الدبلوماسي الذي يُفترض أن يسود في العلاقات الدولية. بالنسبة لمفهوم «الدبلوماسية» هناك من جعلها مرادفة للسياسة الخارجية مثل هنري كسينجر واستعملها البعض في حالات أخرى، كما يقول برتراند بادي، للإشارة إلى وظيفة يتم القيام بها من طرف فاعلين يحملون صفات خاصة وفي مثل هذه الحالات فإن ماهية الدبلوماسية تكون موجّهة نحو تطوير العلاقات السلمية بين الدول، أو تكون بمثابة الوظيفة المزدوجة المتعلقة بالتمثيل والتواصل اللذان أصبحا ضروريين بفعل سيادة واقع الفصل بين أفراد الجنس الإنساني في سياق دول مختلفة معرّفة على أساس مفهوم السيادة ومبدأ العلاقة مع الخارج ويصف الباحث الفرنسي آلان مانك الدبلوماسية بأنها «فن الإمساك بمربعات البلاط المتصدع» وهذا النوع من الدبلوماسية الذي يحتفظ بشيء من الغموض وغياب التحديد، يستطيع أن يتجاوز الكثير من الوضعيات الصعبة وقد تمكَّنت فعلاً «دبلوماسية البلاط المتصدع» بحسب مانك، من منع صراعات كثيرة كانت قاب قوسين أو أدنى من الانفجار ونجحت بذلك السياسة القائمة على الحصافة من تجنب كسر «مربعات البلاط». ويمكن القول:

إن ما يحدث الآن هو مخالف تماماً لمبادئ الدبلوماسية كما صاغها سياسيون كبارٌ أسهموا في تحقيق السلام في مناطق عديدة من العالم، إذ إن بعض التصريحات لا تعمل فقط على «تهشيم البلاط»، بل إنها تبدو وكأنها تصب الزيت على النار بشأن ملفات دولية معقدة، ويذهب الباحث إتيان دو فلويراك إلى أن الدبلوماسية أضحت في خطر نظراً لأن الأقوياء يتفوّهون بألفاظ نابية تعبّر عن خشونة غير مبررة، الأمر الذي يُعرِّض السلم الدولي للخطر. ونستطيع أن نلاحظ أن الساحة العالمية تتحول بشكل تدريجي إلى ما يشبه مسابقة تتعلق بدبلوماسية الأسوأ، من خلال انتشار ألفاظ غير مهذبة وممارسات غير أخلاقية وقانون دولي يجري الدّوسُ عليه يومياً وتصبح بذلك الممارسة الدبلوماسية هشة وغير قادرة على مواجهة تدني مستوى الخطاب السياسي. ويضيف دو فلويراك أنه في الكواليس المغلقة للعواصم الكبرى، فإن الكياسة والمجاملات تظل تمثل الخيط غير المرئي الذي يُبقي العالم على مسافة معقولة تقيه من خطر السقوط في الفوضى وقد يتطلب الأمر للسقوط في السيناريو الأكثر مأساوية، قيام أحد الفاعلين بالتلفظ بعبارة غير لائقة أو أن يقوم بتصرف خشن نحو زملائه لكي يتجه الوضع نحو الكارثة. ويجسِّد الرئيس الأمريكي بمواقفه حالة دبلوماسية غريبة من نوعها، فقد سبق وأن دار بينه وبين رئيس كوريا الشمالية سنة 2017 حوار ساخن علّق من خلاله ترامب على التجارب النووية التي كان يجريها كيم جون آن وخاطبه قائلاً: «أليس هناك شيء أفضل يقوم به هذا الشخص في حياته؟»، وقال له أيضاً إن كوريا الشمالية ستشهد النار والغضب كما لم يشهده العالم من قبل، ورد عليه الرئيس كيم لا حقاً واصفاً إيّاه ب«العجوز المضطرب»، ويعلم الجميع كيف تطورت بعد ذلك الأحداث بين الرجلين ويمثل في اعتقادنا لقاء ترامب بزعماء 5 دول إفريقية إحدى المحطات الأكثر تدنياً في تاريخ العلاقات بين الدول، فقد خاطب ترامب ضيوفه بكثير من الاستعلاء، وأبان عن جهل كبير بتاريخ دولة أسسها العبيد الأمريكيون الذين تحرّروا من الرق، كما أن لقاءه بالرئيس الأوكراني في البيت الأبيض كان غير لائق، حيث بدا للجميع وكأن زيلينسكي تمت دعوته للبيت الأبيض لتتم إهانته أمام كل وسائل الإعلام الدولية. وتميّز الرئيس الروسي بوتين في هذا المجال بطريقة استقباله للرئيس الفرنسي ماكرون واضعاً بينه وبين ضيفه طاولة كبيرة وصل طولها إلى 6 أمتار، ليؤكد له المستوى المتدني للعلاقات بين البلدين، في السياق نفسه عندما رد الرئيس أردوغان على تصريحات غير لائقة بشأن المسلمين كان قد أطلقها الرئيس ماكرون، قال الرئيس التركي لماكرون عليك بداية أن تقوم بإجراء فحوصات بشأن صحتك العقلية.

صفوة القول: إنه سواء تعلق الأمر بالدبلوماسية التي تحرص على المحافظة على مربعات البلاط المتصدع أو الدبلوماسية التي تفتقد لروح المسؤولية وتخاطر بأرواح الملايين، فإن شعوب العالم تطمح لبلورة دبلوماسية ذات مرجعيات حضارية عريقة تحرص على المفاوضات وعلى التوافق لتجنيب الأمم ويلات الحروب.

الحسين الزاوي – صحيفة الخليج
756007452f.jpg

صورة اسماء عثمان

اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.

كانت هذه تفاصيل خبر الدبلوماسية.. وتدني مستوى الخطاب لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

قد تقرأ أيضا