الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من باريس: ليس مجرد إضراب، بل هو استفتاء شعبي في الشارع على فرنسا المأزومة. تستعد البلاد لمواجهة "خميس أسود"، يُتوقع أن يكون أضخم تعبئة نقابية وشعبية منذ سنوات، في وقت تقف فيه سابع أكبر قوة اقتصادية في العالم على حافة شلل متعدد الأوجه: سياسي، اقتصادي، واجتماعي.
فالمشهد السياسي مشلول بالكامل. بعد أن فشل رئيس الحكومة المستقيل فرنسوا بايرو في تمرير ميزانيته التقشفية، ما زال خلفه المُكلف، سيباستيان لوكورنو، عاجزاً عن تشكيل حكومة قادرة على نيل الثقة. يقف لوكورنو في منتصف الطريق بين مطالب اليسار بفرض ضريبة على الثروات والتراجع عن قانون التقاعد، ورفض اليمين القاطع لهذه التنازلات. على الأطراف، تتربص مارين لوبن مطالبةً بانتخابات مبكرة، بينما يسعى اليسار المتشدد بقيادة جان لوك ميلونشون إلى طرح الثقة بالرئيس نفسه.
هذه الفوضى السياسية تتزامن مع وضع اقتصادي حرج. الديون العامة الفرنسية تجاوزت 3.4 تريليون يورو (114% من الناتج القومي)، مما دفع وكالة "فيتش" لخفض التصنيف الائتماني للبلاد، وهو ما يُنذر بزيادة كلفة الديون التي تبلغ حالياً 65 مليار يورو سنوياً.
في قلب هذه العاصفة، يأتي الشارع ليقول كلمته. بدعوة من سبع من كبرى النقابات الفرنسية، من المتوقع نزول ما لا يقل عن مليون شخص للتعبير عن غضبهم من تدهور الأوضاع المعيشية. هذا الرقم الهائل، الذي يمثل خمسة أضعاف التعبئة الأخيرة، يُعيد إلى الأذهان شبح احتجاجات "السترات الصفراء"، خاصة مع هبوط شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الحضيض (17% فقط)، وشعور أكثر من نصف الفرنسيين بالقلق حيال قدرتهم الشرائية.
تحسباً للأسوأ، أعلن وزير الداخلية المستقيل، برونو روتايو، عن تعبئة 80 ألف رجل شرطة، محذراً من "مخاطر كبيرة للإخلال بالنظام العام" بسبب توقعات بتسلل جماعات يسارية متطرفة مثل "بلاك بلوك" إلى المسيرات.