ابوظبي - سيف اليزيد - نيويورك (الاتحاد)
انطلقت أمس، فعاليات المؤتمر الدولي بشأن التسوية السلمية لقضية فلسطين، وتنفيذ حل الدولتين، برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، وبمشاركة العشرات من زعماء العالم، في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وانعقد المؤتمر عملاً بقرار الجمعية العامة رقم 7981، والذي دعا إلى جمع الدول الأعضاء والمراقبين تحت سقف واحد، لدفع مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي قدماً، وشهد حضوراً دولياً واسعاً شمل قادة ورؤساء حكومات ووزراء خارجية من مختلف القارات.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال المؤتمر اعتراف بلاده بدولة فلسطين.
وقال: «منذ يوليو الماضي تسارعت الأحداث بشكل مخيف، ولذلك تقع على عاتقنا مسؤولية حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمان، ولذلك ووفاء لالتزام بلادي بتعهداتها أعلن أن فرنسا تعترف بدولة فلسطين».
وأضاف: «هذا الاعتراف هو تأكيد أن الشعب الفلسطيني ليس زائداً عن الحاجة، الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا ينتقص من حقوق الشعب الإسرائيلي، وهذا هو الحل الوحيد الذي يسمح بالسلام لإسرائيل».
وأردف الرئيس الفرنسي: «حان وقت السلام، لأننا على وشك أن نفقد القدرة على تحقيقه».
بدوره، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود إن تنفيذ حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل، والعادل في الشرق الأوسط.
وأضاف في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال المؤتمر: «ندعو بقية الدول إلى اتخاذ الخطوة التاريخية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية».
وركز المؤتمر على ثلاثة محاور رئيسية: أولها إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وتأمين ما يُعرف بـ«اليوم التالي»، بما يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية.
وتمثل المحور الثاني في تمكين دولة فلسطين ذات السيادة والقابلة للحياة اقتصادياً، لتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل وإنهاء الصراع المستمر منذ عقود، وأما المحور الثالث فيسعى لتفعيل إعلان نيويورك والقرارات الدولية ذات الصلة، ووضع آليات واضحة لمتابعة التنفيذ على أرض الواقع.
وتوقع مراقبون أن يشكّل المؤتمر محطة رئيسية في طريق إعادة إحياء المسار الدبلوماسي نحو حل الدولتين، خاصة مع الزخم الدولي المتصاعد في الأسابيع الأخيرة، والذي برز على شكل اعترافات رسمية جديدة بدولة فلسطين.
وتأتي القمة، التي سبقت انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط تضاؤل احتمالات وقف إطلاق النار بعد ما يقرب من عامين من اندلاع الحرب في القطاع.
وصادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر على إعلان من 7 صفحات يحدد خطوات ملموسة ومحددة المدة، ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين.
ولم يحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعشرات المسؤولين الفلسطينيين القمة، إذ رفضت الولايات المتحدة، إصدار تأشيرات لهم.
وقالت وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية فارسين أغابكيان شاهين: «العالم ينادي بصوت عال بدولة فلسطينية، وعلينا تحقيق ذلك، الآن عليهم إبداء ماهية هذه الإجراءات».
وأعلنت بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال أمس الأول، اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية، لتنضم إلى أكثر من 147 دولة اعترفت سابقاً بفلسطين كدولة ذات سيادة.
ويُنتظر أن تتبعها دول أخرى، ما يمنح الجهود الأممية زخماً إضافياً في مواجهة التحديات المعقدة.
من جانبه، قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون إن إسرائيل والولايات المتحدة قاطعتا قمة «حل الدولتين»، فيما قال مسؤولون إسرائيليون إن إسرائيل تدرس احتمال الرد على ذلك بضم جزء من الضفة الغربية، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات ثنائية محددة ضد باريس.
بدورها، حذرت الإدارة الأميركية أيضاً من عواقب محتملة على من يتخذ إجراءات ضد إسرائيل، بما في ذلك فرنسا.
وقال البعض إن هناك شروطاً، بينما قال آخرون إن توطيد العلاقات الدبلوماسية سيكون تدريجياً، ويعتمد على مدى تقدم السلطة الفلسطينية في وعودها بالإصلاح.
وتمنح تطورات المؤتمر زخماً وخطوة إضافية في عملية إعادة ترتيب الأولويات الدولية، وتأكيد الالتزام بمسار سلام شامل ينهي الصراع، ويوفر إطاراً واضحاً للحل وفق المرجعيات الدولية.
وأكدت السعودية، مراراً، على أن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو الأساس لأي استقرار حقيقي منشود في منطقة الشرق الأوسط، إذ تسعى الرياض من خلال المؤتمر إلى وضع مسار عملي ملزم لإنهاء الاحتلال وتحقيق الأمن والسلم الإقليمي.
ويدعو مؤتمر نيويورك إلى آليات إلزامية لتطبيق القانون الدولي من خلال وضع مسار عملي قابل للتنفيذ لإنهاء الاحتلال ويحقق الأمن والسلم الإقليمي، بالإضافة إلى دعم الدولة الفلسطينية اقتصادياً وسياسياً.