كتبت: ياسمين عمرو في الجمعة 19 سبتمبر 2025 06:58 صباحاً - تُصاب الحامل بتغيّرات جسمية نفسية كثيرة ومتراوحة الشدة والنسبة، خلال مرحلة الحمل الممتدة إلى نحو تسعة أشهر. ومن بين الأعراض النفسية المقلقة التي قد تتعرض لها الأم الحامل، الإصابة باكتئاب الحمل. وقد كثر تداوُل هذا المصطلح المقلق هذه الأيام، وإن كان ذلك لا يعني أن الحامل لا تصاب بأعراض نفسية أقل، ومنها الشعور بالقلق والتوتر بشكل دائم، وذلك لأسباب مختلفة. من الضروري أن يهتم المحيطون بالأم الحامل بصحتها النفسية تماماً كصحتها الجسدية، ويجب على الحامل نفسها أن تعرف أسباب التقلُّبات النفسية التي تتعرّض لها، ولذلك فقد التقت «الخليج 365 وطفلك» وفي حديث خاص بها، باستشارية النساء والولادة الدكتورة سلمى عبدالله؛ حيث أشارت إلى العلاقة بين الحمل والعاطفة؛ حيث إن هناك أسباباً تؤدي إلى تقلُّب نفسية الحامل، وطرقاً فعّالة للحفاظ على نفسية الحامل، من أجل صحتها وصحة الجنين، في الآتي:
أسباب حدوث التغيّرات النفسية عند الحامل
مرحلة الحمل
اعلمي أن مرحلة الحمل هي مرحلة هامة تؤدي إلى حدوث تغيّرات هرمونية في جسم الأم الحامل، وخصوصاً خلال فترة الحمل الأولى؛ أي الثلث الأول، وهو الشهور الثلاثة الأولى. حيث تؤدي هذه التغيّرات إلى شعور الحامل بمشاعر مضطربة مثل: شعورها بالعصبية والتوتر والقلق؛ بحيث تشعر بأنها غير قادرة على التحكُّم بمشاعرها. وتتساءل بينها وبين نفسها عن سبب تلك المشاعر، ويكون السبب هو تدفُّق هرمونات الحمل في جسمها بمستويات مرتفعة. كما أن حدوث تغيّرات في جسمها على مستوى هرمونات السعادة، تؤثّر بشكل فسيولوجي في جسم الحامل؛ مما يجعلها حساسة بشكل كبير وغيرِ معتاد، وتعاني من تقلُّباتٍ في المزاج بشكل سريع أيضاً. وهذه التقلبات من أعراض الحمل الشائعة والمتوقَّعة.
توقعي أن عدم حصول الأم الحامل على فترات نوم صحي؛ بحيث تكون ساعات متواصلة وكافية، يؤدي إلى زيادة شعورها بالعصبية والقلق والتوتر. وقد تتفاقم حالتها وتتحوّل إلى الإصابة بما يُعرف باكتئاب الحمل.
لاحظي أن وجود نقص في جسم الحامل في بعض العناصر والفيتامينات الهامة، يؤدي لزيادة عصبية الحامل. ومن أهم هذه الفيتامينات، هو فيتامين "د". وفي حال تعرُّض الحامل لنقصٍ في معدّله قبل الحمل وأثناء التحضير له، يؤدي إلى إصابتها بأعراض القلق والتغيّرات المزاجية التي قد تصل إلى مستويات مقلقة.
ما هو تأثير نفسية الحامل على الجنين؟
علاقة الحامل بالجنين
اعلمي أنه يجب على الحامل أن تتمتع من أجل صحتها وصحة جنينها بنفسية جيدة، وذلك بالبُعد عن كلّ مصادر ومسببات القلق والتوتر خلال مراحل الحمل الثلاث؛ فقد توصلت دراسة بريطانية حديثة إلى أن تعرُّض الحامل للتوتر أثناء فترات الحمل الثلاث؛ أيْ منذ بدء تكوُّن الجنين، يؤثّر على الطفل مستقبلاً؛ حيث تؤثّر الحالة النفسية للأم على صحته العقلية، ويؤدي ذلك إلى رفع احتمالات إصابته بالقلق وطيف التوحُّد وكذلك الوسواس القهري.
لاحظي أن المعتقد قديماً قد كان يشير إلى أن توتر وقلق الحامل، يؤثر على نفسيتها وجسمها فقط، ولكن إجراء دراسات وبحوث كثيرة، ومنها دراسة بريطانية قد تم إجراؤها في كلية "كينجز" البريطانية، قد توصلت إلى أن معاناة الأمهات الحوامل من التوتر أثناء الحمل، يؤدي إلى حدوث تغيّرات في تطوُّر وتكوُّن المادة البيضاء المسؤولة عن الجهاز العصبي عند المواليد؛ حيث يتسرّب هرمون الكورتيزول ببذخ، وهو المعروف بهرمون التوتر، من رحم الأم إلى المشيمة؛ فيؤثّر على نفسية وشخصية وقدرات ومهارات الطفل مستقبلاً.
اعلمي أن هذه الدراسة البريطانية قد أُجريت من خلال توزيع استبيان على نحو 250 سيدة خُضن تجرِبة الحمل، وقد اعترفن بأن فترة الحمل قد مرّت بهن مع مرورهن بمشاكل نفسية وأسرية، وعشن بسبب ذلك في أجواء من التوتر والقلق.
اعلمي أنه قد لوحظ ومن خلال الدراسات أيضاً، أن التوتر والقلق عند الأم الحامل، يؤديان إلى ولادة الأطفال مبكراً؛ أيْ تُعرّض الأم لخطر الولادة المبكرة، وتحديداً في الأسبوع الثالث والعشرين من الحمل إلى نحو الأسبوع الثالث والثلاثين من أسابيع الحمل؛ أيْ أنه لا تكتمل مدة الحمل لدى الأمهات الحوامل القلقات والمتعَبات نفسياً. وقد تمت دراسة سلوكيات ونفسية هؤلاء المواليد في الوقت الذي كانوا فيه أجنّة، والذين تعرضت أمهاتهم للتوتر خلال فترة الحمل. وقد توصلت إحدى الباحثات القائمات على الدراسة إلى أن هناك اكتشافاً تم التوصل إليه علمياً ولأول مرة عن دَور التوتر في انكماش وتضاؤل أو تمدد المادة البيضاء، وعلاقة انكماش المادة البيضاء وتغيّر تكوينها لدى الصغار بعد الولادة، وبين تأثير الهرمون المعروف بهرمون التوتر على المرحلة الجنينية.
نصائح هامة للحفاظ على نفسية الحامل من أجل صحتها وصحة جنينها
اعلمي أن الدراسة البريطانية التي توصّلت إلى العلاقة بين توتُّر وقلق الأم، وما يحدث من تغيّرات عقلية لدى الطفل، نصحت بضرورة مراعاة الأم الحامل لحالتها النفسية خلال فترة الحمل، والبُعد عن كلّ المؤثرات التي تسبب لها تغيّرات عاطفية، ومنها الأجواء المحيطة بها، وعلاقتها بالزوج ورفقاء العمل. كما أن على المحيطين بالأم الحامل مثل الزوج والعائلة أيضاً، أن يقدّموا الدعم النفسي الوافي لها، ومراعاة ظروفها وتقلباتها النفسية لكي تجتاز مرحلة الحمل بسلام نفسي، من أجل صحتها وصحة الجنين، سواء من الناحية الجسمية أو النفسية.
لاحظي، أنه من الضروري أن تقللي من المشروبات التي تَزيد من التوتر والقلق، والمحتوية على الكافيين بكل أنواعها، مثل القهوة والمشروبات الغازية. وتُستبدل بها مشروبات عشبية دافئة مثل مشروب شاي النعناع والبابونج واليانسون، مع عدم الاسراف في تناولها؛ أيْ شربها بالتبادل كلّ يوم.
الجأي في حال تعرُّضكِ للتوتر والقلق، إلى جلسات التفريغ النفسي مع أخصائية نفسية. حيث تساعدكِ على تجاوُز الضغوطات النفسية العادية المحيطة، وتضع لكِ خطة لتجاوُز أيّة مشكلة يمكن أن تترك أثرها على صحة حملكِ؛ لأن القلق يؤثّر على الجسد بشكل فعّال؛ مما يهدد الجنين.
اهتمي بالخروج إلى الطبيعة وممارسة رياضة المشي؛ حيث إنها من أفضل الرياضات التي يمكن أن تحسّن من نفسية الحامل، بالإضافة لفوائده الأخرى. كما تمكن ممارسة تمارين اليوجا البسيطة في المنزل، والاستماع إلى الموسيقى، وقضاء بعض الوقت في التأمل؛ لطرد المشاعر السلبية. وتوفير النوم الصحي من خلال القراءة قبل النوم، والحصول على حمام دافئ.
قد يهمكِ أيضاً: التغيّرات الهرمونية للحامل وكيفية التغلُّب على تقلُّبات المزاج * ملاحظة من «الخليج 365 نت»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب متخصص.
محررة بقسم الشؤون العربية والدولية بجريدة أخبار اليوم حاصلة على بكالوريوس إعلام – جامعة القاهرة بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف وحاصلة على دبلومة الترجمة الصحفية من الجامعة الأمريكية