الرياص - اسماء السيد - طوكيو : اتخذ العداء الجامايكي أوبليك سيفيل الذي حقق أخيرا وعده بالتربع ملكا على عرش سباق 100 متر الأحد في بطولة العالم الألعاب القوى في طوكيو، من مواطنه أسطورة سباقات السرعة أوسين بولت مثالا له، فيما اعتبر كثيرون ان ابن الـ 24 عاما هو وريثه الشرعي.
سمح له التوقيت الذي سجله (9.77 ثوان) بالتفوق على أسماء بارزة مثل الأميركي نواه لايلز، حامل اللقب والبطل الأولمبي، الذي اكتفى بالمركز الثالث ومواطنه كيشاين تومسون صاحب الميدالية الفضية.
لكن الفوز لم يكن مفاجئا لهذا العداء الذي عاش حياة متجذرة في ألعاب القوى، وكان بولت بمثابة الأب والمحفز له لتقديم النصائح حول الحياة والجري.
لطالما كان سيفيل الأقرب للفوز على الساحة العالمية، خصوصا أنه تمكن من التغلب على لايلز في سباق 100 م خلال مناسبتين في الدوري الماسي هذا العام.
بعد وصوله إلى نصف نهائي أولمبياد طوكيو المؤجل لمدة عام بسبب فيروس كورونا (2021)، احتل سيفيل المركز الرابع مرتين في بطولتي العالم يوجين 2022 وبودابست 2023.
انتظرته جامايكا بأسرها منذ سنوات طويلة لتفجر موهبته، فوضع في طوكيو حدا للعنة التي رافقته في بطولات العالم، بعدما كان حذّر منافسيه قبل بضعة اسابيع "تخيّلوا: في أول أولمبياد لي (في عام 2021)، وصلتُ إلى نصف النهائي. في العام التالي، في بطولة العالم، حللت رابعا، وهو المركز ذاته في العام الذي تلاه. وفي العام الماضي، احتليت المركز الأخير في نهائي الأولمبياد... لذا، إذا فزت في طوكيو، فسيكون الأمر جنونيا".
صرّح سيفيل الذي يتسم بالتواضع لوكالة فرانس برس أن غيابه عن منصة التتويج في هاتين المناسبتين علّمه أن "جميع العدائين الذين تنافست معهم أقوياء للغاية، لذا عليّ أن أبذل أقصى قصاري جهدي".
وأضاف "وفي كل عام حتى الآن، كانت لياقتي البدنية تتراجع بسبب الإصابات. لذلك لم أكن في كامل لياقتي البدنية".
تأثير بولت الكبير
نشأ سيفيل في منطقة ريفية في سانت توماس، شرق كينغستون. التحق بمدرسة كالابار الثانوية، ومارس الكريكيت وكرة القدم، واستمتع أيضا بالسباحة في الأنهار.
قال "كان الأمر ممتعا للغاية لأنه أتيحت لي فرصة لتجربة بعض الرياضات لمعرفة ما اجيده أكثر. كانت ألعاب القوى هي الرياضة المناسبة لي".
أظهر ميلا للجري منذ طفولته، حتى قبل ولادته، حسب ما قالت والدته جولييت في مقابلة مع صحيفة "جامايكا ستار": "خلال فترة حملي، كان يتحرك كثيرا كما لو كان يركض. وفي طفولته، لم يستطع البقاء ساكنا، فكان يركض في كل مكان".
لكن بينما كان ينمو ويكتسب الزخم للتألق في "أم الألعاب"، توفي والده، الذي لطالما شجعه على ممارسة الرياضة، في نهاية عام 2018، ما ترك أثرا لا يُمحى في نفس المراهق.
يقول سيفيل بينما تظهر صورة والده على غلاف هاتفه "أتعايش مع هذا الواقع، مدركا أن أكبر داعم لي لن يتمكن أبدا من رؤية نجاحاتي".
انتقادات لاذعة
بعد ثلاث سنوات فقط، وتحديدا في عام 2021، ظهر الشاب سيفيل للمرة الاولى على الساحة الدولية، فبعد تأهله لأولمبياد طوكيو في سن العشرين، كاد يصل إلى النهائي.
انطلقت مسيرته في العام التالي، عندما حقق مفاجأة باحتلاله المركز الرابع في سباق 100 م في بطولة العالم في يوجين، قبل أن يكرر السيناريو ذاته في العام التالي في بودابست، ما زاد من احباطه كونه تخلف عن منصة التتويج بفارق ضئيل.
أثار فشله انتقادات لاذعة، حيث اعتقد البعض أن هذا الرياضي صغير البنية (1.70 م) كان ضعيفا جدا على تحمل ضغط النهائيات.
دافع عن نفسه، قائلا "في السنوات الأخيرة أظهرت موهبتي، لكنني لم أكن محظوظا. يعتقد الناس أن السبب هو ضعفي الذهني، لكنني أعلم أن هذا ليس صحيحا".
من ناحيته، قال بولت الذي كان شاهدا على انجاز مواطنه في طوكيو الأحد "المشكلة مع أوبليك هي أنه يتعرض للإصابات كثيرا".
أكد سيفيل أن بولت كان جزءا كبيرا من حياته، وهو الآن يتدرب باشراف غلين ميلز، الذي أشرف على المسيرة الرائعة للأسطورة الجامايكي الحائز على 11 ميدالية ذهبية عالمية وبطل أولمبي ثماني مرات.
أردف "كنا جميعا نشاهد أوسين بولت في طفولتنا!" و"أردت أن يكون ميلز مدربي... إنه شعور رائع أن أعرف أنه هو من يدربني. هو رجل ذكي للغاية".
لا يزال بولت المعتزل منذ عام 2017 يحضر جلسات التدريب للتحدث مع ميلز، في حين قال سيفيل "كان يتحدث إلينا أحيانا. إنه يفهم كل شيء عن الرياضة".
واضاف أن بولت نصحه "بإيجاد شيء يحفزني" و"قال لي إن عائلته كانت دافعه للرياضة... لطالما أرادت عائلتي أن أحقق النجاحات. لذا، من دواعي سروري: أحاول بذل قصارى جهدي لإسعاد جميع أفراد عائلتي. منذ وفاة والدي، أصبح أوسين هو المحفز لي".
توقع سيفيل أن تعود جامايكا بفضله وأكيم بلايك وتومسون يوما ما لبسط سيطرتها على سباقات السرعة.
قبل انتصاره الأحد، كان بولت آخر جامايكي يفوز بلقب سباق السرعة في عام 2015، لذا فقد مضى على هذا الإنجاز 10 سنوات.