ثمة أيام تبدأ بثقلٍ لا يُطاق، كأنك تجرُّ خلفك سلسلة من الأسئلة المؤجلة والقرارات المعلّقة التي ظللت تهرب منها طويلاً. تسير كأنك تحمل على ظهرك حجارة لا يراها أحد، لكنك تشعر بثقلها في كل خطوة أو تنهيدة، بل في كل لحظة صمت تفرض نفسها عليك في زحام اليوم، حتى يجيء ذلك الصباح المختلف. صباح لا يختلف في ملامحه عن غيره من الصباحات، لكنك تستيقظ فيه بروحٍ أخرى، لا لأنك أصبحت أكثر قوة فجأة، ولا لأن الأمور أصبحت أوضح، بل فقط لأنك تعبت من المماطلة.
تنهض من سريرك وفي قلبك شيء يشبه الحسم. لا هو يقين تام، ولا هو اندفاع أعمى. إنه فقط قرار. القرار المؤجل منذ أسابيع أو شهور أو ربما سنوات. القرار الذي كنت تراقبه من بعيد وتتمنى لو أن أحداً آخر يتخذه عنك، أو أن الحياة تعفيك منه بطريقة ما. لكن لا أحد أتى بدلاً عنك، ولا الحياة منحتك معجزة. فقط أنت وحدك أمام المرآة، بوجهك الشاحب من القلق، وعينيك التي باتت تعرف ثقل الانتظار.
حسناً.. اتخذت القرار ببساطة، من دون أن يرفّ جفن، بصوت داخلي خافت بالكاد تسمعه، وربما برسالة واحدة أرسلتها في لحظة هدوء، أو مكالمة قصيرة وضعت فيها نقطة النهاية، أو حتى بحركة عادية جداً كانت إعلاناً صامتاً عن بدء صفحة جديدة. لكنك تعرف جيداً ما فعلت. تعرف أن شيئاً ما تغير إلى الأبد.
ومع أنك لا تعرف إلى أين سيقودك هذا القرار، إلا أنك تشعر بشيء من الخفة. كأنك أخيراً وضعت حقيبة ثقيلة عن كتفيك. لقد حررت نفسك من الانتظار الطويل.
تمضي اليوم بوجه أكثر صفاء وبخطى أكثر ثباتاً وصمت أقل توتراً. ليس لأنك مرتاح تماماً، بل لأنك أنهيت مرحلة الإنكار.. ومضيت.
لكن لا شيء سهل. الخفة التي تشعر بها لا تلغي الغصة تماماً، فربما كان القرار يعني خسارة، أو فراقاً، أو تخلياً عن حلم قديم، أو حتى مواجهةً كنت تتهرب منها.
والغصة هنا لا تعني الندم، لكنها اعتراف مؤلم بأنك اخترت طريقاً تعرف أنه ليس معبّداً، وأنك وافقت على أن تخوض معركتك من دون ضمانات.
ومع ذلك، فإن في هذه الغصة ما يشبه النُبل. إنها دليل على أنك لم تتخذ قرارك بتهوّر، بل بشجاعة فيها حسٌ عميق بالمسؤولية، وأنك لم تكن تافهاً أو لا مبالياً، بل صادقاً مع نفسك إلى الحد الذي جعلك تختار ما تعتقد أنه الأصح، ولو كان مؤلماً. الغصة تذكّرك بأنك إنسان، وأن المشاعر لا تُلغى بجرّة قلم، ولا تختفي بقرار واحد.
والذين اعتادوا تأجيل قراراتهم، يعرفون هذا الشعور جيداً. يعرفون كم من الوقت يمكن أن يضيع في التفكير والتردد وصناعة المبررات وإقناع النفس أن “الوقت لم يحن بعد”. يعرفون مرارة العيش على الهامش، في منطقة رمادية، لا قرار فيها ولا انسحاب، ويعرفون أيضاً أن الحياة لا تنتظر، وأن الأبواب لا تظل مفتوحة إلى الأبد.
والشجاعة ليست في أن تكون متأكداً من كل شيء، بل في أن تختار، وأن تتحمل نتيجة اختيارك.
وما أجمل تلك اللحظة، حين تمضي في يومك بعد أن اتخذت قرارك، وتشعر بأن العالم لم يعد ثقيلاً كما كان.
ربما لا تزال غصتك حاضرة، لكنها لا تشلّك. بل تعلّمك أن تمضي، وأن تنظر للأمام، وأن تتنفس بعمق، وتقول في سرك: “لقد فعلتها. أخيراً فعلتها «.
سعدية مفرح – الشرق القطرية
كانت هذه تفاصيل خبر لقد فعلتها.. أخيراً! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.