اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | الإيقاع كلغة ثانية… حوار مع كودان ري مؤلفة ”برج التعاطف طوكيو“

  • اليابان | الإيقاع كلغة ثانية… حوار مع كودان ري مؤلفة ”برج التعاطف طوكيو“ 1/5
  • اليابان | الإيقاع كلغة ثانية… حوار مع كودان ري مؤلفة ”برج التعاطف طوكيو“ 2/5
  • اليابان | الإيقاع كلغة ثانية… حوار مع كودان ري مؤلفة ”برج التعاطف طوكيو“ 3/5
  • اليابان | الإيقاع كلغة ثانية… حوار مع كودان ري مؤلفة ”برج التعاطف طوكيو“ 4/5
  • اليابان | الإيقاع كلغة ثانية… حوار مع كودان ري مؤلفة ”برج التعاطف طوكيو“ 5/5

بعد فوز الكاتبة كودان ري بجائزة أكوتاغاوا في يناير/كانون الثاني عام 2024 عن روايتها ”برج التعاطف طوكيو“، أثارت اهتمام الإعلام بتصريح ذكرت فيه أنها استعانت بالذكاء الاصطناعي التوليدي في كتابة أجزاء من القصة. ومع اقتراب صدور الترجمة الإنكليزية، التقينا بالكاتبة لنتعرف أكثر على خلفية روايتها وإيمانها العميق بقوة الكلمات.

ترجمات سريعة الظهور

بعد فوز رواية ”برج التعاطف طوكيو“ للكاتبة كودان ري بجائزة أكوتاغاوا المرموقة العام الماضي، أثارت المؤلفة جدلا حين صرحت في مؤتمر صحفي بأنها استعانت بالذكاء الاصطناعي لكتابة ”حوالي 5% من إجمالي العمل“.

تدور أحداث الرواية في نسخة بديلة من اليابان، حيث تقام فيها دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 2020 في موعدها المحدد داخل الملعب الوطني الجديد الذي صممته زها حديد، وهو مشروع ألغي في الواقع لأسباب تتعلق بالميزانية. بطل وراوي القصة هي ماتشينا سارا، المهندسة المعمارية التي تعمل على تصميم سجن جديد يحمل اسم ”برج التعاطف طوكيو“، في مجتمع ترى أنه يتسم بتسامح مفرط تجاه المجرمين. وبينما تنغمس ماتشينا في المشروع، يساورها القلق بشأن اسم البرج وفكرته ذاتها. تتمحور الرواية حول مشروع بناء البرج الذي تصفه ماتشينا بأنه ”عودة برج بابل“، وتصور عالما مليئا بلغة غير عضوية يفرزها الذكاء الاصطناعي التوليدي، وقد شوهتها الكلمات المقتبسة بالكاتاكانا والمصطلحات الجافة الخالية من المعنى الملموس. وتطرح الرواية أسئلة عميقة حول اللغة والمجتمع اليابانيين المعاصرين.

حظيت الرواية باهتمام سريع في دول أخرى عقب الإعلان عن الجائزة. وقد صدرت ترجمات لها بالفعل في كوريا الجنوبية، تايوان، فرنسا، إيطاليا، وألمانيا. ومن المقرر أن تصدر ترجمة إنكليزية بقلم جيسي كيركوود في بريطانيا في أغسطس/آب وفي الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول، على أن تصدر فيما لا يقل عن ستة أسواق أخرى، بما في ذلك روسيا.

الذكاء الاصطناعي كشريك في الإبداع

انتشرت تصريحات الكاتبة بأنها استعانت بالذكاء الاصطناعي في جزء من روايتها بسرعة وأثارت ضجة أكبر مما توقعت. تقول كودان إنها لم تخطط في البداية لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل استراتيجي. ”كل ما كنت أعرفه هو أن القصة ستدور حول العمارة واللغة. لم أعتد أن أضع الحبكة مسبقا. أبدأ الكتابة ثم أربط القصة بحياتي الشخصية أثناء تقدم العمل. هكذا أكتب دائما“.

”بدأت العمل على رواية برج التعاطف طوكيو قبل نحو عامين، في الوقت الذي كانت فيه أخبار ChatGPT تتصدر العناوين. جربته بدافع الفضول لا أكثر. كنت حينها أشعر بعدم اليقين بشأن مستقبلي ككاتبة، وبدأت بطلب النصيحة من ChatGPT. ومن هنا كانت البداية“.

(© هاناي توموكو)
(© هاناي توموكو)

”سألته: ماذا يمكنني أن أفعل كي أنهض من جديد عندما أشعر بالإحباط؟ كان سؤالا بسيطا، لكن الإجابة جاءت أعمق مما توقعت. النص الذي تلقيته كان أقرب إلى عمود استشارات يكتبه طبيب نفسي. وجدت الأمر مدهشا“.

”لكن مع استمرار التفاعل مع ChatGPT، بدأت ألاحظ الفوارق بين هذا الحوار وأي محادثة حقيقية بين شخصين، وأدركت حدود ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي. فكرت أنه لو استطعت التعبير في رواية عن شعور الانزعاج الذي انتابني من هذا التفاعل، فقد ينتج عن ذلك تفاعل كيميائي أدبي مثير. ومن هنا جاءت الفكرة“.

في الواقع، استخدمت كودان تفاعلاتها مع الذكاء الاصطناعي فقط كمادة للإجابات التي يوردها في الرواية ردا على أسئلة بطلتها. أما نسبة ”5%“ فقد خطرت ببالها خلال المؤتمر الصحفي.

”في المقابلات التي أجريتها على مدار العام الذي تلا فوزي بالجائزة، كان الناس يكررون السؤال عن هذه النسبة. ما هي الأجزاء التي تشكل الخمسة بالمائة تحديدا؟ كيف كان شعورك وأنت تستخدمين الذكاء الاصطناعي لخمسة بالمائة من روايتك؟ لم تتوقف الأسئلة، ولم أشعر يوما أنني أجبت عنها كما ينبغي. لم أظن أنني أوضحت تماما إحساسي بالمسافة الفاصلة بيني وبين الذكاء الاصطناعي“.

ثم تواصل معها محرر في مجلة الإعلانات كوكوكو، مقترحا مشروعا تعاونيا مع الذكاء الاصطناعي، بحيث تكتب هي 5% من القصة ويكمل الذكاء الاصطناعي الـ 95% الباقية. خطر ببالها أن هذا قد يمنحها والجمهور إجابة أوضح من ردودها المرتبكة في المقابلات، إذ يتيح للقراء مقارنة نسبة ”5%“ من ابتكار الذكاء الاصطناعي في برج التعاطف، مع ”95%“ من ابتكار الذكاء الاصطناعي في المشروع الجديد. ”وهكذا، ومع هذه الفكرة، قررت خوض التحدي“.

القصة القصيرة التي نتجت منشورة الآن على الإنترنت وهي بعنوان ”مطر الظل“، إلى جانب الحوار المطول والتعليمات التي أدت إلى اكتمالها. وتظهر النتائج بوضوح ما يعنيه أن يكتب الذكاء الاصطناعي رواية في هذه المرحلة من تطوره. وقد صرحت كودان في مقابلة ذات صلة بأن ”الذكاء الاصطناعي لم يبتكر أي فكرة تتجاوز كثيرا حدود الذكاء البشري“.

الكلمة في البداية

نشرت كودان منذ ظهورها الأول برواية ”موسيقى رديئة“ عام 2021 أربعة أعمال أدبية، تميز كل منها بطابع مختلف تماما عن الآخر.

”عندما أجلس للكتابة، أفكر في نوع اللغة التي تحتاجها القصة، وفي الأسلوب الأنسب لعرض الحكاية التي أود أن أرويها. لا أستطيع الانخراط في العمل ما لم أجب عن هذه الأسئلة بما يرضيني. ولهذا تكون بعض الكلمات والعبارات حاضرة في ذهني قبل أن أشرع في الكتابة“.

(© هاناي توموكو)
(© هاناي توموكو)

من أين يأتي هذا الموقف تجاه اللغة؟

”لقد عشت على هذا الكوكب 34 عاما، ومنذ طفولتي كنت أشعر أن في الحياة سرا غامضا. أظن أن هذا كان أحد الأسباب التي دفعتني لأن أصبح كاتبة. أميل إلى استخدام اللغة كوسيلة لإثبات أنني على قيد الحياة. أحول حياتي إلى كلمات وأغرق في التفكير“.

تقول كودان إن أفكار قصصها تأتي إليها بطرق مختلفة. فقد كان مفهوم عملها الثاني ”تلميذة“ هو كتابة نسخة حديثة لعام 2022 من قصة ”تلميذة“ التي نشرها دازاي أوسامو عام 1939. تصور نسخة كودان فتاة في الرابعة عشرة من العمر تبث أفكارها إلى العالم عبر موقع فيديو على الإنترنت، متناولة قضايا بيئية وعلاقتها بوالدتها.

أما في عملها الثالث، رواية ”الخيول التي تكتب قصائد“، فسباق الخيول عنصر رئيسي في القصة التي ترصد تاريخ العلاقة بين البشر والخيول، وتزدان بأسماء خيول شهيرة وتعليقات على سباقاتها. ”في تلك القصة، خطرت في بالي عبارة الخيول التي تكتب قصائد ذات يوم حين استيقظت من قيلولة. شعرت فجأة برغبة في استخدامها عنوانا لعمل أدبي. أجريت أبحاثا كثيرة، وكان سباق الخيول واحدا من موضوعات عديدة بحثت فيها لأتمكن من كتابة القصة“.

وفي حالة ”برج التعاطف“، كانت عبارة ”عودة برج بابل“ هي التي سبقت كل شيء، إذ تقول كودان إنها شعرت بضرورة استخدامها في مكان ما داخل القصة. ولتعميق فهمها لموضوعها، قرأت كما هائلا من كتب المهندسين المعماريين، وتأثرت أيضا برواية ميشيما يوكيو الشهيرة ”معبد الجناح الذهبي“ عن إحراق معبد كينكاكوجي في كيوتو.

”ميشيما كان حبي الأول“

لطالما لعب ميشيما دورا مميزا في حياة كودان. فقد شاهدت عندما كانت في الرابعة عشرة من العمر تسجيلا شهيرا لمناظرة حادة جرت في جامعة طوكيو عام 1969، واجه فيها ميشيما طلابا يساريين من ”رابطة النضال المشترك في الحرم الجامعي (زينكيوتو)“.

”لقد أحببت ميشيما حقا. كان حبي الأول! صوته وطريقته في الظهور في التسجيل أثارا في نفسي حماسا، ثم عندما قرأت رواياته انغمست بعمق وجدية في أعماله. أحببت كل شيء فيه، بما في ذلك أسلوبه النثري. لكن بما أن تعرفي الأول عليه كان من خلال مظهره وصوته، فإنني في كل مرة أعيد قراءة كتبه، أسمع صوته يتردد في رأسي“.

توقفت كودان عن الذهاب إلى المدرسة في سنتها الثالثة من المرحلة الإعدادية. كان والداها قد تطلقا، وانتقلت إلى مدرسة جديدة في سن صعبة. وترى كودان اليوم أن هذا ربما كان أحد العوامل التي جذبتها إلى ميشيما وأعماله.

”حين شاهدت ميشيما، كنت على وشك فقدان الأمل في مستقبلي. كنت قلقة من أن كثرة غيابي قد تحرمني من التخرج أو من دخول المدرسة الثانوية“.

”لقد كانت فترة عصيبة. لم يكن لدي أصدقاء ألجأ إليهم، وكان الحمل ثقيلا عليّ في سن الرابعة عشرة. لم أتحدث إلى أي طفل في مثل سني، وكانت الكتب هي وسيلتي الأهم للتواصل. وعلى مدى ما يقرب من عقد كامل، كنت أتواصل يوما بعد يوم في معظم الوقت مع أموات، وفي مقدمتهم ميشيما“.

لقد بقيت في ذاكرتها صورة طفولتها وهي تحاول يائسة إيجاد سبيل لترميم علاقة والديها الممزقة وانهيار التواصل بينهما، إلى جانب مشاعر الخيبة والفشل. وتقول ”ربما كان هذا جزءا مما جعلني شديدة الاهتمام باللغة والتواصل“.

(© هاناي توموكو)
(© هاناي توموكو)

الإيقاع أهم من المعنى الحرفي في الترجمة

أصبحت كودان في السنوات الأخيرة من رواد الصالات المتحمسين، مستلهمة مثال ميشيما الذي بدأ ممارسة كمال الأجسام بجدية عندما بلغ 30 عاما. وهي تؤمن بوجود علاقة وثيقة بين الجسد والأسلوب الأدبي، وتوقن أن أسلوبها النثري قد تغير مع ازدياد رشاقة جسدها وصقله. كما أنها عاشقة للموسيقى، تستمع إلى كل شيء من الكلاسيكي إلى الهيب هوب. وكما هو الحال في الموسيقى، تقول ”في الكتابة أيضا، الإيقاع أساسي“.

وبما أن كودان شديدة الحرص على اللغة والأسلوب، فكيف تنظر إلى الترجمة الآن وقد باتت روايتها تصدر بلغات شتى في أنحاء العالم؟

”عندما التقيت بجيس كيركوود [مترجم برج التعاطف طوكيو إلى الإنكليزية] العام الماضي، أخبرته أنني أريده أن يعطي أولوية لإيقاع النص الإنجليزي، حتى لو ضاع بعض المعنى الأصلي“.

”ليس لديّ تحفظات كبيرة بشأن الدقة، فسهولة القراءة بالإنجليزية أهم بكثير. كان جيس قد ترجم من قبل قصة قصيرة لي بعنوان (”كوكبها، أو أقدم مغنية راب في العالم“). في تلك القصة، كان من المستحيل نقل كل الإيقاعات اليابانية إلى الإنكليزية، ولهذا فهي ليست وفيّة تماما للنص الأصلي. لكنني شعرت أنه حساس للإيقاع. وعندما أدركت أنه يفكر بجدية في المتطلبات الإيقاعية للإنكليزية، عرفت أنني أستطيع أن أثق به تماما كمترجم“.

”طوكيو تو دوجوتو“ (يسار) و ”برج التعاطف طوكيو“. من المقرر نشر الترجمة الإنكليزية في أغسطس/آب (بإذن من شينتشوشا).
”طوكيو تو دوجوتو“ (يسار) و ”برج التعاطف طوكيو“. من المقرر نشر الترجمة الإنكليزية في أغسطس/آب (بإذن من شينتشوشا).

يحظى الأدب الذي تكتبه النساء في اليابان باهتمام متزايد خارج البلاد في السنوات الأخيرة. في البداية، كانت كودان تظن أن الاهتمام الواسع بترجمة روايتها يعود إلى تلاقي ثلاثة عوامل رائجة: ”الذكاء الاصطناعي“ و ”جائزة أكوتاغاوا“ و ”كاتبة يابانية“. لكنها بعد مشاركتها في فعاليات معارض كتب في تايوان وإيطاليا هذا العام، تقول إنها انبهرت بمدى الحماس الحقيقي الذي يبديه ناشروها في الخارج تجاه أعمالها.

”دار النشر الإيطالية ليبّوكامبو التي تنشر لي مختصة عادة بالكتب المصورة وكتب الأطفال. نادرا ما تنشر روايات، وهذه كانت بلا شك المرة الأولى التي تنشر فيها عملا من اليابان. علمت أن قرار ترجمة ونشر روايتي جاء من الحماس الشخصي لمحرر شغوف بالثقافة والأدب اليابانيين. وقد جعلني ذلك أقدر حقا مدى أهمية هذا الشغف في عملية ترجمة ونشر عمل في بلد آخر“.

فأي إيقاعات ستعزفها رواية ”برج التعاطف طوكيو“ وهي تتردد بلغات العالم؟ وأي مواضيع مفاجئة ستتناولها كودان في المستقبل لإمتاع قرائها؟ إننا نتطلع إلى رحلتها الإبداعية القادمة.

أعمال مرجعية

أعمال كودان ري المشار إليها في النص:

  • رواية ”طوكيو تو دوجوتو“ ترجمها جيس كيركوود إلى الإنجليزية بعنوان ”برج التعاطف طوكيو“
  • ”كاغي نو آمي (مطر الظل)“ لم تترجم إلى الإنكليزية
  • روايتا ”سكول غيرل“ و ”واروي أونغاكو“ تُرجمتا إلى ”تلميذة“ و ”موسيقى رديئة“ من قبل هايدن ترويل، ونشرتا معا تحت عنوان ”تلميذة“
  • رواية ”شي أو كاكو أوما (الخيول التي تكتب قصائد)“ لم تترجم إلى الإنكليزية
  • ”كوكبها: أروي وا سايكو نو فيميرو رابّا“ ترجمها جيس كيركوود إلى ”كوكبها، أو أقدم مغنية راب في العالم“
  • رواية ”جوسيتو“ للكاتب دازاي أوسامو ترجمتها أليسون ماركن باول إلى الإنكليزية بعنوان ”تلميذة“
  • رواية ”كينكاكوجي“ للكاتب ميشيما يوكيو ترجمها إيفان موريس إلى الإنجليزية بعنوان ”معبد الجناح الذهبي“

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بقلم كيمي إيتاكورا من Nippon.com ومنشورة بتاريخ 18 يوليو/تموز عام 2025، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: كودان ري على سطح مبنى شينتشوشا في حي شينجوكو بطوكيو. © هاناي توموكو)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | الإيقاع كلغة ثانية… حوار مع كودان ري مؤلفة ”برج التعاطف طوكيو“ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا